النقص المتوقع في إمدادات النفط قد يؤجّج الصراعات عالميا.. كيف ذلك؟
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على المخاوف من النقص المحتمل في النفط، وتأثيراته على النزاعات العالمية؛ إذ قد يؤدي تقليص الإنتاج في بعض الدول إلى ارتفاع الأسعار وزيادة التوتّرات بين الدول المستهلكة وتصاعد المنافسة بين القوى الكبرى، ما يزيد بدوره من عدم الاستقرار الجيوسياسي.
وأوضح الموقع، خلال التقرير الذي ترجمته "عربي21": "نعيش اليوم في عالم مليء بالصراعات، ويعاني من مشكلة "عدم كفاية الموارد"، لكن الغريب أن نقص النفط في هذه المرحلة يظهر في صورة ارتفاع في أسعار الفائدة وليس ارتفاعًا في أسعار الطاقة".
وبحسب الموقع، فإنه "لا توجد إجابة بسيطة لتفسير مسار الأحداث، وينتهي الأمر بتبني وجهات نظر متباينة حول كيفية التعامل مع الوضع الحالي". فيما حاول التقرير تقديم تفسير جزئي لما تنطوي عليه معضلة الطاقة، وكيف يمكن أن تؤدي إلى صراعات أو حتى حروب كبرى.
وأشار الموقع إلى أن: "أسعار النفط كانت منخفضة بشكل كبير قبل سنة 1973 تقريبا، وبمجرد أن ارتفعت انهار معدل نمو الاستهلاك، لأن السلع والخدمات النفطية لم تعد في متناول الجميع، وتم تقليل استهلاك النفط لأن الإمداد منخفض التكلفة أصبح محدودا".
وأردف: "بما أن ارتفاع أسعار النفط في سنتي 1973 و1974 أدّى إلى انخفاض نمو استهلاك النفط، فقد أدّى أيضًا إلى تحول التضخم والركود إلى مشكلة أكبر بكثير".
تغيرات أسعار الفائدة.. ما السّبب؟
ذكر الموقع أن ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي حتى سنة 1981، وكانت القدرة الشرائية للعمال خلال هذه الفترة تتزايد بسرعة، وذلك بسبب ارتفاع المعروض من النفط منخفض التكلفة، لكن ارتفاع أسعار الفائدة جعل تمويل المشتريات أكثر تكلفة، كما أدّى أيضًا إلى كبح ارتفاع أسعار الأصول مثل المنازل والأسهم لأن عددًا أقل من المشترين كان بإمكانهم تحمل تكاليفها.
وخلال العقود الأربعة التي تلت سنة 1981، أدّى خفض معدلات الفائدة إلى زيادة القدرة على شراء المنازل والمزارع، ما ساهم في ارتفاع أسعارها، وأصبحت إعادة تمويل الرهون العقارية بمعدلات فائدة منخفضة وسيلة شائعة لزيادة القوة الشرائية في الولايات المتحدة، وقد ساهمت هذه التغييرات في نمو الاقتصاد، لكنها أخفت المشاكل المتزايدة المرتبطة بتكاليف النفط العالية.
عدم كفاية الإمدادات وارتفاع أسعار الفائدة
أوضح الموقع أن: "البيانات تشير إلى أن إنتاج النفط الخام عالميا (نسبة إلى عدد السكان) وصل في حزيران/ يونيو 2024 إلى أدنى مستوى منذ حزيران/ يونيو 2022، وأقل بكثير مما كان عليه في 2019، وهو العام الذي شهد ذروة إنتاج النفط العالمي".
وأضاف: "رغم أن العديد من الناس يعتقدون أن نقص النفط هو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، إلا أن الوضع الحالي يعكس مشكلة في القدرة على تحمل التكاليف، فالكثير من الشباب مثقلون بالديون، بينما يعمل العديد من حاملي الشهادات الجامعية في وظائف ذات أجور منخفضة. نتيجة لذلك، يظل الطلب منخفضًا ولا يشجع على تطوير آبار النفط الجديدة".
"ارتفعت أسعار الفائدة بشكل حاد منذ سنة 2020، وزادت مستويات الديون الحكومية حول العالم، لكن هذه الديون لم تؤدِ إلى زيادة مماثلة في السلع والخدمات، وتكمن المشكلة في أن إمدادات النفط اللازمة لإنتاج هذه السلع والخدمات لم ترتفع بما فيه الكفاية، وهذا أدى بدوره إلى حدوث التضخم" وفق التقرير نفسه.
وأكد: "تسعى الحكومات حول العالم الآن، لإضافة برامج جديدة مموّلة بالديون لدعم اقتصاداتها، لكن هذا الإنفاق الإضافي لا ينتج عنه زيادة في السلع والخدمات، مما يؤدي إلى استمرار ارتفاع التضخم وتدهور الاقتصادات".
واسترسل: "تحاول الحكومات أيضًا خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، لكنها لن تتمكن من ذلك دون التأثير سلبًا على الديون، وفي هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية، تعمل أسعار الفائدة المرتفعة الناتجة عن نقص إمدادات النفط قليل التكلفة كعائق أمام النمو الاقتصادي".
تعتيم على نقص النفط الخام منخفض التكلفة
أشار الموقع إلى أن "الزيادات الكبيرة في أسعار النفط خلال فترة السبعينات أدّت إلى وعي فوري بوجود مشكلة نفطية في العالم، لكن استمرار النمو الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط بعد ذلك، جعل البعض يعتقد أن مشكلة النقص قد اختفت، بالإضافة إلى وجود موارد نفطية كبيرة يمكن استخراجها بالتكنولوجيا الحالية إذا كانت الأسعار مرتفعة".
وأوضح: "بناءً على نموذج مختلف يتعلّق بمدى وفرة الاحتياطات، يمكن أن نستنتج أنه إذا استمرت دول العالم في استخراج الوقود الأحفوري كما في السابق، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، مما يؤثر بدوره على المناخ".
"لكننا نواجه حاليًا مشكلة نقص خطيرة، ليس في النفط الخام فحسب، ولكن في الفحم أيضًا؛ حيث انخفض استهلاك الفحم عالميًا بالنسبة لعدد السكان منذ سنة 2012" استطرد التقرير.
وتابع: "يبدو أن مشكلة الفحم مشابهة لمشكلة النفط؛ حيث يوجد الكثير من الفحم في باطن الأرض، لكن الأسعار لم ترتفع بما يكفي للبدء باستخراج الفحم الأعلى تكلفة"، مبرزا أن "أي شخص ينظر إلى هذا الوضع سيقول أننا نحتاج إلى بديل للنفط والفحم لتعويض النقص في إمدادات الطاقة الحالية، والسؤال الآن، هو كيف يمكن تقديم هذه القضية للجمهور بشكل مقبول؟".
أبرز التقرير: بطريقة ما، تم وضع خطة لتأطير المشكلة على أنها مشكلة تغير في المناخ، وكان لهذا النهج عدة مزايا:
أ. قد يؤدي هذا النهج إلى إيجاد بعض البدائل للنفط والفحم.
ب. سيجد هذا الخيار قبولا لدى الناس لأنهم يتحملون طواعية ارتفاع الأسعار وانخفاض إمدادات الطاقة أثناء التحول المأمول.
ج. سيتيح هذا النهج فرصًا استثمارية ضخمة للشركات، بما في ذلك شركات النفط والغاز، وربما يتبع ذلك تحقيق أرباح أعلى.
د. ستُظهر الاقتصادات نموًا أكبر في الناتج المحلي الإجمالي بسبب زيادة الدين المستخدم في تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، مما يوفر فرص عمل جديدة.
هـ. تناول الموضوع من منظور التغير المناخي بدلًا من سردية نقص النفط الخام، يهمل أهمية انخفاض أسعار الطاقة في الحفاظ على القدرة الشرائية للسلع، كما يتجاهل أيضًا أهمية الكمية الإجمالية الكافية من منتجات الطاقة للحفاظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي.
و. عندما أُعلن عن أهداف انبعاثات الكربون في بروتوكول كيوتو سنة 1997، أدّى ذلك إلى نقل الصناعة من الولايات المتحدة وأوروبا إلى الصين ودول آسيوية أخرى. وقد ساعد استخدام الفحم الرخيص والعمالة منخفضة التكلفة في زيادة الإنتاج العالمي للسلع منخفضة التكلفة. وكان من المأمول أن تستفيد الشركات الغربية من هذا التحول، حيث كانت موارد النفط والفحم لديهم تتناقص.
عدم كفاية الموارد ونشوب الصراعات
أضاف الموقع أن: "الدول المنتجة لا تحصل على أسعار جيدة للنفط المصدر، بينما تُستخدم عائدات النفط لدعم تطوير حقول جديدة وتوفير إيرادات ضريبية للحكومات لتقديم الخدمات لمواطنيها".
وتابع: "إذا كانت أسعار النفط تتراوح بين 100 و150 دولارًا للبرميل، سيكون لدى المصدرين الإيرادات الإضافية اللازمة لدعم اقتصاداتهم. وهذه واحدة من الأسباب الرئيسية وراء الاضطرابات في روسيا ودول الشرق الأوسط."
إلى ذلك، اعتبر الموقع أن "انخفاض أسعار النفط المنخفضة هي قضية عدم كفاية؛ حيث يساهم نقص الوقود الأحفوري في إبطاء نمو إمدادات السلع والخدمات المرتبطة بها. وقد يكون المنتجون، أكثر من المستهلكين، هم من يتخلفون عن ركب الاقتصاد العالمي".
وأبرز: "تميل أسعار تصدير الغاز الطبيعي إلى الانخفاض الشديد، فقد كانت الأسعار المنخفضة للغاز إلى أوروبا سببًا رئيسيًا لرغبة روسيا في تحويل صادراتها نحو الصين ودول آسيوية أخرى، حيث قد تكون الأسعار أعلى. كما أن منتجي الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة غير راضين عن الأسعار ويسعون لإزاحة روسيا كمصدر أول للغاز إلى أوروبا".
وأكد التقرير أن "الاقتصادات المتقدمة قد خفّضت مستوى التصنيع بسبب تراجع موارد النفط والفحم. وبدلاً من ذلك، انتقلت نحو بيع الخدمات. فقد بدأت الولايات المتحدة الابتعاد عن التصنيع لأول مرة في سنة 1974، بعد أن اكتشفت أن مواردها من النفط غير الصخري تتناقص، وحدث تحول آخر بعد بروتوكول كيوتو في سنة 1997".
وفي الوقت نفسه، ارتفعت الإنتاجية الصناعية في "الاقتصادات غير المتقدمة" (مثل الصين وروسيا وإيران) بشكل كبير، وأصبحت الآن تتجاوز إنتاجية الاقتصادات المتقدمة (مثل الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا واليابان وأستراليا). فما يتوفر من النفط يُستهلك بشكل متزايد من قبل "الاقتصادات الأخرى غير المتقدمة".
وبحسب التقرير، يبدو أن الاقتصادات المتقدمة تتأثر سلبيًا بشكل أكبر بكثير من الاقتصادات الأقل تقدمًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن التصنيع يعد ضروريًا، بينما يمكن التخلص من الخدمات بسهولة أكبر.
وحسب المصدر ذاته، فإن "الفقراء في العالم هم الأكثر تأثرا بظاهرة عدم كفاية الموارد ويتفاقم العجز عن توفير النفقات الضرورية، في حين يجني الأغنياء المزيد من الثروات والنفوذ، وهو من العوامل التي تساهم في تفاقم الصراعات".
كذلك، إن تراجع قدرة الولايات المتحدة، القوة العالمية الرائدة، على الدفاع عن الدول الحليفة مثل أوكرانيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي وتايوان وأعضاء الاتحاد الأوروبي، في ظل اعتماد الصناعة الأمريكية على خطوط إمداد عالمية تضم دولا غير مستقرة، يعتبر -وفقا للموقع- من عوامل انعدام الاستقرار عالميا ويضيف بؤر صراع جديدة.
التحول إلى الطاقات البديلة لا يسير كما كان مخططا له
أكد الموقع، أنه: "رغم زيادة الطاقة الناتجة من الرياح والطاقة الشمسية في الولايات المتحدة، إلا أنها لم تضف إلى نصيب الفرد من إمدادات الكهرباء، وذلك بسبب التكاليف المرتفعة، بالإضافة إلى أنه غالبًا ما تكون هذه الطاقة غير متوفرة عند الحاجة".
وأشار إلى أن "الحكومات تُدرك أنه لزيادة إمدادات الكهرباء لدعم السيارات الكهربائية واحتياجات الذكاء الاصطناعي، يجب إضافة مصادر أخرى بجانب الرياح والطاقة الشمسية. وفي الولايات المتحدة، يشمل ذلك زيادة توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي وإعادة تشغيل محطات الطاقة النووية المغلقة".
واعتبر الموقع أنه: "في خضم الجهود للتخلي عن الوقود الأحفوري بطرق أخرى، عدا عن الرياح والطاقة الشمسية، يبدو أن تحقيق النجاح المأمول ما زال بعيد المنال".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي النفط الولايات المتحدة الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة النفط الطاقة الشمسية الذكاء الاصطناعي امدادات الكهرباء المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الولایات المتحدة السلع والخدمات أسعار الفائدة ارتفاع أسعار أسعار النفط النفط الخام الموقع أن نقص النفط عدم کفایة ارتفاع ا منخفض ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
النفط يستقر مع تقييم الأسواق لتوقعات خفض الفائدة
استقرت أسعار النفط عند التسوية أمس مع تقييم الأسواق لحجم الطلب من الصين وتوقعات خفض أسعار الفائدة بعد أن أظهرت بيانات تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت ستة سنتات، أو 0.08%، لتصل عند التسوية إلى 72.94 دولار للبرميل. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ثمانية سنتات، أو 0.12%، إلى 69.46 دولار للبرميل.
وحقق الخامان القياسيان انخفاضا أسبوعيا قدره 2.5%.
وتراجع الدولار عن أعلى مستوى في عامين أمس ، لكنه يتجه صوب تحقيق مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي بعد أن أظهرت بيانات تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة بعد يومين من خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة كما كان متوقعا.
ويؤدي انخفاض الدولار إلى جعل النفط أقل كلفة لحاملي العملات الأخرى، كما أن خفض أسعار الفائدة قد يحفز النمو الاقتصادي ويعزز الطلب على الخام.
وتباطأ التضخم في الولايات المتحدة على أساس شهري في نوفمبر بعد أن أظهر تحسنا طفيفا في الأشهر القليلة الماضية، مما دفع المؤشرات الرئيسية في وول ستريت إلى الارتفاع في تعاملات متقلبة أمس .
وقالت مؤسسة الصين للبترول والكيماويات (سينوبك) المملوكة للدولة في توقعاتها السنوية للطاقة التي أصدرتها الخميس الماضي إن واردات الصين من النفط الخام قد تبلغ ذروتها في عام 2025 وإن استهلاك الصين من النفط سيبلغ ذروته بحلول عام 2027 مع ضعف الطلب على الديزل والبنزين.
وقال إمريل جميل الباحث في مجموعة بورصات لندن إن تحالف أوبك بلس، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها، سيحتاج لضبط الإمدادات لرفع الأسعار وتهدئة تقلب السوق جراء المراجعات المستمرة لتوقعاته لنمو الطلب. وخفض تحالف أوبك بلس مؤخرا توقعاته لنمو الطلب العالمي على النفط في عام 2024 للشهر الخامس على التوالي.
ويتوقع بنك جيه.بي. مورجان انتقال سوق النفط من التوازن في عام 2024 إلى تحقيق فائض قدره 1.2 مليون برميل يوميا في عام 2025، فضلا عن زيادة الإمدادات من خارج تحالف أوبك بلس بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا في عام 2025، وبقاء إنتاج منظمة أوبك عند مستوياته الحالية.
وذكر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اليوم أن الاتحاد الأوروبي ربما يواجه رسوما جمركية إذا لم يقلص التكتل العجز المتزايد مع الولايات المتحدة من خلال إجراء معاملات تجارية ضخمة في النفط والغاز مع واشنطن.
وفي خطوة قد تؤدي إلى تقليص العرض، ذكرت بلومبرج أن مجموعة السبع تدرس سبل تشديد فرض سقف الأسعار على النفط الروسي، مثل فرض حظر تام أو تقليص سقف السعر.
وتجاوزت روسيا سقف 60 دولارا للبرميل الذي فرض عليها في عام 2022 بواسطة "أسطول الظل" من السفن، والذي استهدفه الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بمزيد من العقوبات في الأيام القليلة الماضية.