مخطيء من يظن أن الحقد الإثيوبى الدفين على مصر وليد اللحظة بل إشكالية متأصلة منذ قديم الأزل لها أسباب سيكولوجية عصية على الفهم، ففى عام 1680 أعتقد «ملكهم هايمونت» بأن رجال الديوان المصرى أساءوا عن قصد معاملة مجموعة من التجار الأحباش كانوا فى القاهرة لينفجر جلالته غضباً ويقرر كتابة رسالة تهديد جوفاء إلى عبد الرحمن باشا والى مصر العثمانى آنذاك يقول فيها، إن مياه النيل هى سلاحى فى معاقبتكم فقد وضع الله ينابيع هذا النهر العظيم وبحيراته فى أيدينا وبهذا يمكننا إنزال الأذى بكم وقت ما نشاء!!
هذه النية المبيتة للإضرار الجسيم بشريّان حياة المصريين مطبوعة فى جينات الإثيوبيين يتوارثوها جيلاً بعد جيل فهم كانوا فقط يتحينون الفرصة المناسبة لتحويل أحلامهم المريضة إلى واقع ملموس و للأسف أتتهم على طبق من فضة خلال احداث 25 يناير التى هزت أركان الدولة بعنف، لكن بعد مجهود مضنى من المؤسسات الوطنية تمكنت الدولة من استعادة عافيتها لتتعامل مع هذا الملف الشائك و الحساس بشكل صبور ومختلف لاسيما بعد تدخل أطراف دولية وإقليمية كانت تريد استدراج القاهرة إلى مستنقع حرب مياه عبثية تستنزف مقدراتها لكنها كانت حكيمة و صبورة بشكل مثير بالرغم من الاستفزازات الموجهة بل و كان لها نظرةً أكبر من فكرة تحدى بناء وتشغيل السد فالمشكلة أكبر وأعمق بكثير فهناك خطأ استراتيجى كبير بدأ منذ محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا 26 يونيو 1995، والتى على ما يبدو كان لها تأثير سلبى على اهمية القارة السمراء فى السياسة الخارجية المصرية و لعقود طويلة دخلنا مرحلة الغياب المصرى الغير المبرر عن منطقة حوض النيل بشكل خاص وأفريقيا بشكل عام، وفى العقد الأخير تغيرت الرؤية وأعادت مصر رسم حضورها بحزمة من مسارات التعاون على الأصعدة كافة، خصوصاً بعد تنامى الدور الإثيوبى، و أظهرت حضوراً وتموضعاً جديداً بالمواقف والأفعال فى منطقة ذات أهمية جيوسياسية دولية تشرف على طريق الملاحة والتجارة تتنافس بها قوى دولية عديدة،
تعتبر القاهرة إريتريا بلد فى غاية الأهمية منذ استقلالها عن إثيوبيا 1992 و رئيسها المعمر أسياس افورقى شخص موثوق به تربطنا به علاقات قديمة على مستويات مختلفة بالاضافة انها الجار الجنوبى الشرقى للسودان التى تعانى تأزما خطيرا بالجبهة الداخلية وذلك الصراع السياسى الممتد بين الجيش السودانى وميليشيا الدعم السريع منذ أكثر من عام ونصف حتى الآن وهى كذلك الجار الشمالى الشرقى لإثيوبيا المتعنتة فى مفاوضات مراحل مدة وتوقيتات مراحل ملء خزان سد النهضة الذى يؤثر على الأمن المائى المصرى كأحد أهم مقومات الأمن القومى لذا انعقدت قمة أسمرة لتبرهن على ضرورة ملحة لتغيير الوضع الجيوسياسى لمنطقة القرن الإفريقى التى تضم 4 دول هى الصومال وجيبوتى وإريتريا وإثيوبيا
و اللافت تصريحات الرئيس فى ختام القمة إن مصر«لن تدخر جهداً ولن تبخل بالمشورة فى خدمة أهداف ومصالح وتطلعات دول وشعوب منطقة القرن الأفريقى من أجل مستقبل أكثر أماناً واستقراراً وازدهاراً».
لاشك أن القاهرة تدرك جيداً أهمية التعاون العسكرى وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع إريتريا و الصومال وأنها وضعت يدها على شفرة الدخول إلى تعديل موازين القوى فى منطقة القرن الأفريقي، ولصالح حماية مصالحها الحيوية الخاصة، وحماية الصومال وإريتريا من أى مهددات أمنية تعصف بمصالحهما واستقرارهما مستقبلاً و بحسب تقديرات المحللين فإن إثيوبيا هى أكبر خاسر من هذا التعاون الثلاثى الجديد هذا التواجد المصرى هو استدعاء حتمى للتوازن فى القوى، بعد توغل إثيوبى خطير له أطماع توسعية سيؤثر مستقبلا على التجارة الدولية وحرية الملاحة فى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وبالتالى على قناة السويس، تعمل القاهرة بجد ملحوظ على إقامة علاقات متميزة مع كينيا وأوغندا والسودان وجنوب السودان لا ترتكز فقط على البعد الأمنى والعسكرى وإنما تمتد لأبعاد اقتصادية وتجارية وثقافية وهذا هو السبيل الحقيقى لتعزيز النفوذ الذى يضمن حماية مصالح مصر الحيوية وأمنها القومى .
يقول وارن بينس، الرئيس المؤسس لمعهد القيادة الإدارية بجامعة جنوب كاليفورنيا، «تكمن قدرة القيادة فى تحويل الرؤى إلى حقيقة».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة جنوب كاليفورنيا قمة أسمرة مياه النيل
إقرأ أيضاً:
لاريجاني: حزب الله أصبح ينتج الصواريخ بشكل مستقل
قال علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد علي خامنئي، إن "المسؤولين العسكريين الإيرانيين يخططون لخيارات مختلفة للرد على إسرائيل". وأضاف أن "حزب الله أصبح ينتج الصواريخ بشكل مستقل". وتابع قائلاً: "استبعاد حزب الله من المشهد السياسي في لبنان ليس مطروحًا".