أصوات مرعبة وانفجارات عنيفة لا تتوقف منذ 13 يوما في جباليا شمال قطاع غزة، فقد ادخل جيش الاحتلال الإسرائيلي سلاحا جديدا تسبب في استشهاد وإصابة مئات الفلسطينيين ونسف مربعات سكنية بأكملها.

ورغم أن جيش الاحتلال لم يترك سلاحا إلا استخدمه خلال حربه على غزة، إلا أنه اعتمد خلال الأيام الماضية أسلوبا جديدا ضمن خطته لتهجير وإبادة سكان شمال القطاع، وهي الروبوتات والبراميل المتفجرة في جباليا.

وفي بداية حملتها العسكرية على غزة استخدمت إسرائيل الروبوتات المفخخة، وهي بحسب مصدر أمني فلسطيني عبارة عن آليات إسرائيلية عسكرية محملة ببراميل (تزن أطنانا) من المتفجرات تتحرك بين المنازل والمربعات السكنية، ويتحكم بها جيش الاحتلال عن بعد.

لكن هذا السلاح المدمر لم يكن كافيا لقادة الاحتلال الذين دفعوا بسلاح البراميل المتفجرة، والتي تنقلها جرافات عسكرية إسرائيلية ليلا على شكل خزانات مياه لداخل المناطق السكنية التي يحاصرها الاحتلال ويمنع وصول المياه والغذاء إليها منذ بداية حملته العسكرية، ثم يقوم بتفجيرها لاحقا وسط المدنيين.

ويؤكد المصدر الأمني أن الاحتلال يلجأ إلى استخدام هذا النوع من الأسلحة لإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية في صفوف المواطنين، ضمن حرب إبادتها على القطاع، مشيرا إلى أن لهذه الأسلحة الجديدة قدرة تفجيرية هائلة، فهي قادرة على تدمير حارة سكنية كاملة.

وفي الوقت نفسه، كثف جيش الاحتلال استخدام الطائرات المسيرة "كواد كابتر"، التي حولها من أداة للتصوير والمراقبة لسلاح فتاك ومباغت يشارك في إعدام الفلسطينيين ميدانيا باستهدافهم المباشر بالرصاص الحي والقنابل المتفجرة.

ولا تكتفي قوات الاحتلال بذلك، فقامت بتفخيخ مئات المنازل ونسفها، في حين يجري تدمير البعض الآخر على رؤوس ساكنيه بالقصف الجوي والمدفعي.

ومنذ تصعيد الإبادة الإسرائيلية شمال القطاع في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أطبق الجيش الإسرائيلي حصاره على جباليا، وحاول منع الأهالي من النزوح إلى مدينة غزة المجاورة، وأمرهم بالنزوح فقط عبر شارع صلاح الدين إلى جنوب القطاع.

تطهير عرقي

وبعد رصده لآثار الانفجارات التي تسببها الروبوتات والبراميل المتفجرة، قال مراسل الجزيرة في غزة أنس الشريف إن ما يحدث في محافظة شمال غزة وفي القلب منها مخيم جباليا ليس اجتياحاً أو عملية عسكرية، بل أكبر عملية تطهير عرقي في العصر الحديث.

وأضاف في تغريدة على حسابه بموقع إكس، تخرج آليات الاحتلال ليلاً وتزرع البراميل المتفجرة وسط المنازل ثم تعاود الاختباء، لا قتال حقيقي ولا مواجهات.

وأردف قائلا "قوة التدمير أبادت ٤٠٠ إنسان ودمرت مئات المنازل وإن استمرت العملية على هذا النحو سيهدم ما تبقى من الشمال على رؤوس سكانه".

بدورها، حملت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الإدارة الأميركية المسؤولية عن الإبادة التي تنفذها إسرائيل في شمال غزة، قائلة إن "جرائم إبادة جماعية مكتملة الأركان تحدث في شمال غزة" في إطار ما يعرف بـ"خطة الجنرالات".

وتهدف "خطة الجنرالات" إحكام الحصار على شمال قطاع غزة، وقطع المساعدات الإنسانية عن مئات الآلاف من الفلسطينيين داخله، ومنعهم من الحصول على الطعام والشراب، واعتبار من سيبقى داخله مقاتلين، ما يعني إمكانية استهدافهم وقتلهم بعد إعلان المنطقة"عسكرية مغلقة".

ووصفت الحركة ما يجري في شمال غزة بأنه أحد أكثر الخطط العسكرية وحشية وانحطاطاً ونازية في التاريخ الحديث.

وطالبت حماس المجتمع الدولي بإجراءات فعالة لفرض قرارات تحمي المدنيين في غزة. كما دعت الدول العربية والإسلامية لتحرك عاجل وفوري للضغط على إسرائيل.

تدمير ممنهج

بدوره، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن جيش الاحتلال ينفذ عمليات توغل ليلية إلى المناطق السكنية في شمال غزة، ويرسل روبوتات وبراميل ثم يفجرها عن بعد، وصفا ما يحدث بـ"التدمير الممنهج لمعسكر جباليا".

وشدد الخبير العسكري على أن جيش الاحتلال يدخل ليلا ثم يتراجع صباحا خشية أسلحة المقاومة النهارية، مؤكدا أنه إذا بقي العالم صامتا سيصل الجيش الإسرائيلي إلى اللحظة التي يدمر فيها مخيم جباليا بالمطلق.

من جانبه، أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن استخدام جيش الاحتلال لروبوتات وبراميل مفخخة محملة بأطنان من المتفجرات خلال عمليات التدمير والقتل التي ينفذها شمال غزة يعد محظورا بموجب القانون الدولي، لأنها من الأسلحة ذات الطابع العشوائي التي لا يمكن توجيهها أو حصر آثارها فقط بالأهداف العسكرية.

وأكد المرصد في بيان أن هذه الأسلحة تحدث أضرارًا واسعة النطاق في المنازل والمباني المحيطة وخسائر كبيرة بالأرواح، في وقت يتعطل بالكامل تقريبًا عمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني، باستثناء نطاق ضيق في بعض الأحياء.

وأشار المرصد إلى أنه وثق تفجير الجيش الإسرائيلي روبوتات في مناطق (القصاصيب، والتوام، والزهراء، وبئر النعجة) في جباليا، لافتا إلى أن الروبوت الواحد يتسبب في تدمير 7 منازل على رؤوس سكانها دفعة واحدة.

وحذر الأورومتوسطي بأن من ينجو من القتل والقصف المباشر يبقى مهددًّا بالموت جوعًا أو عطشًا، حيث تمنع القوات الإسرائيلية إدخال أي مساعدات لشمال غزة، كما قامت بتدمير وحرق المخابز هناك، بالإضافة إلى تجريف ما كان متبقيًا من آبار المياه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات جیش الاحتلال فی شمال غزة فی جبالیا

إقرأ أيضاً:

الاحتلال دمر 70% من مباني مخيم جباليا بشكل كامل بعد اجتياحه للمرة الثالثة

دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي نحو 70 بالمئة من المنازل والمباني في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، هو ما حوله إلى "مدينة الأشباح"، بعد أن كان "أحد أكثر الأماكن ازدحاما في العالم" قبل بدء حرب الإبادة الإسرائيلية الحالية.

وقال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، إن هذا التدمير جاء خلال عمليته العسكرية التي بدأت هناك في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، بخلاف العمليتين السابقتين خلال الحرب المستمرة منذ 443.

وكانت المرة الأولى التي يجتاح فيها جيش الاحتلال مخيم جباليا في كانون الأول/ ديسمبر 2023، والثانية في أيار/ مايو 2024.

وأضاف هرئيل: "خلال زيارة قصيرة للمخيم، كان من الممكن رؤية أنه حتى في المباني القليلة المتبقية، لحقت بها أضرار ملحوظة".


وأكد أنه من الصعب مقارنة مواقع حزب الله "العملاقة" التي فجرها جيش الاحتلال في قرى جنوب لبنان، ومحور فيلادلفيا الموسع في رفح جنوب قطاع غزة، بما حدث خلال الشهرين ونصف الشهر الماضيين في مخيم جباليا، "من حيث شدة ونطاق الدمار".

وشبه هرئيل جباليا بـ"مدينة أشباح"، قائلا: "في الخارج يمكنك رؤية مجموعات من الكلاب تتجول بحثًا عن بقايا الطعام".

وتدير الفرقة 162 مدرعات أربعة ألوية قتالية في جباليا وفي مدينتي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال) المجاورتين، وفق "هآرتس".

وبحسب هرئيل، يتولى عز الدين حداد، قائد الجناح العسكري لحركة حماس في شمال قطاع غزة، تنسيق جهود مواجهة جيش الاحتلال في المخيم.

وقال إن حماس تخوض معاركها هناك عبر مجموعات صغيرة مكونة من أربعة أو خمسة أفراد مسلحين بأسلحة خفيفة وصواريخ آر بي جي ومتفجرات وعبوات ناسفة.

ومنذ بدء الاجتياح الأخير في أكتوبر الماضي، قُتل 35 جنديًا من جيش الاحتلال في القتال داخل المخيم وحوله وجُرح المئات منهم، وفق هرئيل.

وبحسب محلل "هآرتس"، فبعد أن تكبدت القوات الإسرائيلية عددا كبيرا نسبيا من القتلى والجرحى، خاصة عند دخول المنازل المفخخة، تم اعتماد طريقة مختلفة للعملية، وهي اعتماد حركة "أبطأ وأكثر حذرا مما يترك دمارا هائلا، لكنه يقلل من عدد القتلى في صفوفه".

وأشار إلى أن ما يحدث في مخيم جباليا، يأتي على خلفية "خطة الجنرالات"، والتي تهدف إلى إخراج جميع السكان المدنيين الفلسطينيين من شمال القطاع وجنوبه حتى محور نتساريم في مدينة غزة.


و"خطة الجنرالات" هي خطة اقترحها مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي اللواء احتياط "غيورا أيلاند"، ودعمها العشرات من كبار الضباط الحاليين والسابقين بالجيش، وتهدف إلى سيطرة "إسرائيل" على توزيع المساعدات الإنسانية من خلال فرض حصار على شمال قطاع غزة وتهجير سكانه، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".

ووفق الخطة، فإن كامل المنطقة الواقعة شمال ممر نتساريم (وهي محل إقامه جيش الاحتلال وسط قطاع غزة لفصل شماله عن جنوبه)، أي مدينة غزة وجميع أحيائها، ستصبح منطقة عسكرية مغلقة.

وبعبارة أخرى، فإن جميع السكان في المنطقة، والذين يقدر الجيش عددهم بنحو 300 ألف شخص، سيضطرون إلى المغادرة فورا عبر ممرات يزعم الجيش أنها "آمنة"، وفق ذات المصدر.

ولا يثق الفلسطينيون في ما تعتبره "إسرائيل" ممرات أو مناطق آمنة؛ إذ سبق أن نزحوا قسرا إلى مناطق صنفتها آمنة، ثم تعرضوا بشكل مستمر لقصف إسرائيلي أسفر عن شهداء وجرحى ودمار هائل.

وفي 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اجتاح جيش الاحتلال مجددا شمال قطاع غزة، بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، بينما يقول الفلسطينيون إن تل أبيب ترغب في احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة خلّفت قرابة 153 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال دمر 70% من مباني مخيم جباليا بشكل كامل بعد اجتياحه للمرة الثالثة
  • استشهاد 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على جباليا شمال غزة
  • استشهاد 5 فلسطنين في قصف على جباليا البلد شمال غزة
  • شهداء في جباليا والاحتلال ينسف المنازل بجنوب غزة وشمالها
  • البرد القارس يقتل رضيعة في خانيونس.. والاحتلال يكثّف عمليات نسف المنازل
  • البرد القارس يقتل رضيعة في خانيونس.. والاحتلال يكثيف عمليات نسف المنازل
  • تكثيف عمليات نسف المنازل في قطاع غزة.. وارتفاع حصيلة الشهداء
  • تكثيف عمليات نسف المنازل في قطاع غزة وسط قصف جوي ومدفعي
  • طائرات الاحتلال تلقي قنابل على جباليا شمال غزة
  • جيش الاحتلال ينسف منازل سكنية في مخيم جباليا شمال غزة