مع تواتر الأخبار عن انتشار المتحور الجديد من فيروس كورونا «إى جى 5»، الذى يطلق عليه البعض اسم «إيريس»، أجد الوعى واللاوعى يقصفان كل جبهاتى دون رحمة أو شفقة، يقصفان جبهات شخوص لم تتعافَ بعد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التى أصابتها فى حرب «كوفيد» السابقة، ثم أجد همساً خفياً يصرخ فى رأسى بسرعة الانضمام إلى جبهات نظريات المؤامرة، وطوابير التشكيك.
منذ أيام قليلة نشرت الصحف خبراً تحت عنوان «اسمه X فقط.. جديد المرض المرعب الذى استنفر العلماء»، ومن الوهلة الأولى تعتقد أن الخبر يحتوى على معلومات محددة، تعرف من خلالها- على أقل التقديرات- كينونة هذا المرض المرعب الذى ينتظرنا أو ننتظره، لتكتشف أن الخبر كله غموض فى غموض، وكأنه إعلان إثارة عن «شاور جيل» لإزالة القشرة وليس مرضاً يهدد بإزالة حياة الملايين!
وبعد أن تقرأ العنوان بشغف محاط بتركيز عميق، تجد أن بدايات الخبر أغرب من عنوانه، وجاء فيها: «بعدما أدرجته منظمة الصحة العالمية على قائمة الأوبئة العالمية، على الرغم من الغموض الذى يلف كيفية ظهوره وانتشاره، استنفر بعض العلماء حول العالم من أجل التوصل إلى لقاح لهذا المرض الذى أطلق عليه اسم إكس».. هذه الجمل السابقة عبارة عن حاصل جمع عدد من الألغاز المضروب بعضها فى بعض، المقسومة على نفسها، لتكون نتيجة المعادلة علامة «ما لا نهاية» من الغموض!
ثم تجد نفسك المنهكة، التى انضمت إلى طوابير المشككين دون أن تدرى، تتساءل: كيف تدرج منظمة الصحة العالمية المرض «إكس» على قائمة الأوبئة العالمية، قبل أن يبدأ وينتشر ويأخذ لقب الجائحة.. «هيه الألقاب بالساهل كده»!
ثم تكتشف فى سياق الخبر أن علماء بريطانيين بدأوا تطوير لقاحات ضد الجائحة المقبلة والناجمة عن هذا «الإكس» الغامض فى مختبرات «بورتون داون» شديد الحراسة، ثم تضيف رئيسة وكالة الأمن الصحى فى بريطانيا «دام جينى هاريز» جرعة من الضبابية على هذا «الإكس»، وتقول إن ما نحاول القيام به هو التأكد من أن البلاد مستعدة فى حال انتشر مرض «إكس» الجديد، ونأمل أن نتمكن من منع الوباء، ولكن إذا لم نستطع فعلينا التحرك، ولهذا بدأنا بالفعل فى تطوير لقاحات وعلاجات للقضاء عليه!.. ما هذه الألغاز؟ وأى لقاحات تلك التى يتم تطويرها للقضاء على وباء ما زال غامضاً لا نعرف اسمه؟!
ثم تأتى خاتمة الخبر، وتبدأ شفرة هذا «الإكس» اللعين فى الحل، لنعرف أن بعض العلماء كانوا أوضحوا سابقاً أن مرض «إكس» يمكن أن يتطور عن تحوُّر فى فيروسات الإنفلونزا، مثل التحوُّر الذى أدى إلى ظهور الحصبة الإسبانية الفتاكة، التى قضت على نحو 25 مليون شخص فى مطلع القرن العشرين، ثم تتضح الرؤية أكثر فأكثر بتواتر الأخبار عن المتحور «إى جى 5» ومدى خطورته، وسرعة انتشاره، وعدد الدول التى أصابها. وبناء على ما سبق يكون هذا «الإكس» المرعب هو ذاك المتحور الجديد الذى ما زالت أخباره تتسارع وتتصارع معنا فى انتظار الجديد عنه أو منه!
هذا الوضع الضبابى السابق يغذى نظريات المؤامرة بشكل كبير، ويجعل النوايا تزداد سوءاً نحو أى وباء قد يظهر، لتضرب رأسك من جديد موجات من الحيرة، وطوفان من الأسئلة، هل هذا الوباء تم تصنيعه ثم تسريبه وإطلاقه عن عمد أم لا؟ هل هى حرب بيولوجية أم لا؟ هل هى خطة لتقليل أعداد البشر وإعادة التوازن للأرض أم لا؟ هل هناك شركات أدوية عالمية تسعى إلى تحقيق الأرباح على حساب الأرواح أم لا؟ فيض من الأسئلة يجرف إليك ذكريات الإغلاق والركود والعزلة والضبابية وجشع البعض باستغلال الأزمات، والمتاجرة فيها والمتاجرة بها.
فى النهاية.. تقول «ديبورا ماكينزى» فى كتابها «كوفيد 19 الوباء الذى ما كان يجب أن يظهر»: لا تكترث الفيروسات بالحدود أو الهويات أو الأيديولوجيات البشرية، بل بالخلايا البشرية فحسب، وتتساءل: هل نهتم بهزيمتها بما فيه الكفاية لنوحِّد قوانا؟
أخيراً.. سواء توحَّدنا ضد هذه الفيروسات أم لا، أريد أن أخبر هذا العالم المتحد أو المتوحد وهذا «الإكس» اللعين بأن: «الكحول لا يزال فى جيبى»!
حفظ الله الجميع من كل سوء.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكحول انتشار المتحور الجديد فيروس كورونا إي جي 5 إيريس
إقرأ أيضاً: