واشنطن- مع صعود رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا ذي التوجهات القومية الفاشية، ارتفعت درجة التمسك بجذور "الهندوتفا".

والهندوتفا هي أيديولوجية قومية هندوسية متعصبة ظهرت أوائل القرن الـ20، وتُصر على أن الهوية الوطنية للهند تبنى حول الهندوس الذين يعتبرونها أرضهم المقدسة. ولذلك فإن المسلمين والمسيحيين، الذين تقع أماكنهم المقدسة في الشرق الأوسط، يُعدون مواطنين من الدرجة الثانية.

وكشف استطلاع حديث للرأي عن وصول تأثيرات سلبية لأيديولوجية الهندوتفا تمس الجالية المسلمة الأميركية الهندية في صور مختلفة، إذ قال 80% من المسلمين الهنود إنهم تعرضوا للتمييز والإسلاموفوبيا من أبناء وطنهم من الهنود الهندوس في أميركا.

آثار ضارة

ويُمثل الهنود ثاني أكبر مجموعة مهاجرة في الولايات المتحدة بعد المكسيكيين، ووصل عددهم إلى أكثر من 4 ملايين شخص. ويعكس هؤلاء الفسيفساء الهندية المتنوعة، من هندوس وسيخ ومسلمين وتاميل، وغيرهم من الأقليات التي تعج بها الهند. وتشير تقديرات إلى أن نسبة المسلمين ضمن إجمالي الهنود داخل أميركا تقترب من 15%.

وفي حين أن الغالبية من الهنود هم من الجيل الأول من المهاجرين، فإن نسبة متزايدة وُلدت ونشأت في الولايات المتحدة. ورغم النجاح المهني والتعليمي والمالي الواسع الذي يتمتع به عديد من الأميركيين الهنود، فإن هذا لم يحصنهم من أمراض التمييز والاستقطاب والتنافس حول مسائل الانتماء والهوية والطبقة الهندية.

وأجرى المجلس الإسلامي الأميركي الهندي استطلاعا جديدا حول "الآثار الضارة" للقومية الهندوسية على الجالية المسلمة الأميركية الهندية.

وكشف الاستطلاع، الذي شارك فيه 950 مسلما أميركيا هنديا لتقييم تصوراتهم عن قومية هندوتفا وتأثيرها على حياتهم في الولايات المتحدة، نتائج مزعجة، من أهمها:

أفادت غالبية كبيرة من المستطلعة آراؤهم بأنهم تعرضوا للمضايقة أو التمييز أو التحيز من الأصدقاء الهندوس على مدار العقد الماضي. ذكر 80% منهم أنهم يشعرون براحة أقل في التجمعات الأميركية الهندية منذ صعود حزب بهاراتيا جاناتا الهندي للحكم. أبلغ 48% منهم عن تعرضهم للتحرش على وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية بسبب ديانتهم الإسلامية. وافق 94% منهم بشدة على أن قومية هندوتفا تشكل تهديدا للأقليات الدينية، خاصة المسلمين والمسيحيين، في كل من الهند والولايات المتحدة. تضامن

ويُعد المجلس الإسلامي الأميركي الهندي منظمة مناصرة غير ربحية مقرها واشنطن العاصمة أسسها عام 2002 مسلمون أميركيون من أصول هندية، ولها فروع في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ومن أهم قيمها:

الدفاع عن الحقوق الأساسية والمدنية، والحفاظ على الروح التعددية والديمقراطية المنصوص عليها في دستوري الولايات المتحدة والهند. تسهيل زيادة التفاهم بين الأديان والجاليات المختلفة في الولايات المتحدة بهدف حماية المجتمع والمؤسسات الأميركية من تسلل الأيديولوجيات المثيرة للانقسام والكراهية. زيادة الوعي بالهند من أجل تحسين العلاقات الثقافية والتجارية بينها وبين واشنطن.

من جانبه، عبر مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، الاثنين الماضي، في حسابه على منصة إكس عن تضامنه مع مجتمع الهنود المسلمين في الولايات المتحدة.

وقالت منسقة الأبحاث والمناصرة في المجلس فرح عفيفي إن هذا الاستطلاع "يؤكد أن الإسلاموفوبيا المستوحاة من الهندوتفا قد أثرت منذ فترة طويلة ليس فقط على المسلمين داخل الهند، لكن وصلت تأثيراتها على الهنود المسلمين في الولايات المتحدة".

وأضافت "نحث المدافعين وصانعي السياسات على الاهتمام بتوصيات الاستطلاع والعمل على ضمان حماية المجتمعات المسلمة الأميركية الهندية".

قلق

وأعرب المشاركون في الاستطلاع عن قلقهم إزاء التأثير المتزايد للقومية الهندوسية داخل الولايات المتحدة، ووافق 90% على أن القومية الهندوسية "تشكل تهديدا للمسلمين في الولايات المتحدة". في حين رأى 86% أن هذه القومية "تشكل تهديدا للديمقراطية في البلاد".

أما بالنسبة لكيفية تأثير الهندوسية على سياسة واشنطن، فقد ذكر أحد التقارير أن "المتطرفين الهندوس يتسللون إلى الحكومة الفدرالية، وحكومات الولاية بصفتهم ممثلين منتخبين، وبشكل خطير إلى الجامعات الأميركية بصفتهم أعضاء هيئة تدريس، وفي لجان قبول الطلاب بها". وذكر آخر أن "الهندوتفا تؤثر على الطريقة التي يصوت بها الهندوس الأميركيون في أميركا".

وأعرب بعض المستطلعة آراؤهم عن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات ضد القومية الهندوسية في الولايات المتحدة وخارجها. وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك لربطها بحركات عالمية أخرى. وقال أحدهم "إن الهندوسية تسير جنبا إلى جنب الصهيونية للقضاء على الإسلام والمسلمين حول العالم". وقال مشارك آخر إنها "تماما مثل النازية، فإن الهندوتفا متجذرة كأيديولوجية تفوق تحاول التحريض على العنف".

ويمثل الانقسام بين أطياف الجالية الهندية الأميركية تحديا للحزب الديمقراطي، فقد كان الأميركيون الهنود كتلة تصويت موثوقة للحزب، حيث دعموا الرئيس جو بايدن بنسبة 74% في انتخابات 2020. وتعهدت رموز الجالية الهندية بتقديم دعم استثنائي لترشح كامالا هاريس كونها ذات جذور هندية (من جهة الأم).

في الوقت ذاته، يشهد الحزب الجمهوري كذلك انفتاحا مع وصول هنديين اثنين للتنافس في السباق التمهيدي، وهما نيكي هيلي حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة، ورجل الأعمال الشاب فيفيك راماسوامي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الولایات المتحدة الأمیرکیة الهندیة

إقرأ أيضاً:

مهجرون برازيليون من أميركا للجزيرة نت: كبلونا بالأصفاد وعاملونا بقسوة

ساوباولو- "لقد كبلوني بالأصفاد قبل الرحلة بـ50 ساعة، كانت السلاسل والأصفاد بقدمي ويدي وجسدي كله، مما تسبب لي بآلام شديدة، وعندما طلبت منهم تخفيفها، نهروني بفظاظة، وأصعدوني إلى الطائرة"، هذا جزء من شهادة جيفرسون فاوستينو، مهجر برازيلي من أميركا، للجزيرة نت.

وفاوستينو واحد من 88 برازيليا الذين تم ترحيلهم في 24 من يناير/كانون الثاني الجاري، من الولايات المتحدة الأميركية، بوصفهم مقيمين غير شرعيين على أراضيها بحسب الحكومة الأميركية.

وكانت الطائرة الثانية للمهجرين في الشهر ذاته، وقد توقفت في مطار مدينة ماناووس عاصمة ولاية أمازونيا بسبب عطل طارئ، ليظهر ركابها مكبلين بالأصفاد، وهو ما اعتبره وزير حقوق الإنسان البرازيلي ماكاي إيفاريستو انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان.

ووفقا لما صرحت به وزارة العدل البرازيلية، فقد أمر الرئيس لولا دا سيلفا طائرة تابعة للقوات الجوية البرازيلية بنقل البرازيليين إلى مطار كونفينس الدولي في مدينة بيلو هوريزونتي عاصمة ولاية ميناس جيرايس.

أما الطائرة الأولى، فكانت قد وصلت إلى البرازيل في العاشر من الشهر الجاري وعلى متنها 100 مواطن برازيلي، أي قبل أن يغادر الرئيس الديمقراطي جو بايدن منصبه.

البرازيليون الذين كانوا على متن طائرة التهجير أصبحوا في عهدة السلطات البرازيلية (مواقع التواصل) معاملة لا إنسانية

ورغم أن وزير العدل البرازيلي ريكاردو ليفاندوفسكي كان قد صرّح قبل أيام أن البرازيل لن تسمح بتقييد مواطنيها أثناء ترحيلهم حفاظا على كرامتهم، وأن بلاده سترسل طائرة خاصة لإجلاء مواطنيها، فإن الولايات المتحدة تجاهلت تصريحاته، وتعاملت مع المواطنين البرازيليين وفقا للقوانين الأميركية.

إعلان

وأفادت سفارة الولايات المتحدة في برازيليا بأن المواطنين البرازيليين الذين كانوا على متن رحلة العودة أصبحوا في عهدة السلطات البرازيلية، وقالت إنها على اتصال مع السلطات البرازيلية بشأن ما حدث.

يقول سينفال دي أوليفير (مهجر برازيلي) لقد صعدنا إلى الطائرة مكبلين بالأصفاد، وقد أوقفوا أجهزة التكييف عن العمل، فأصيب العديد منا بالإغماء لأننا لم نعد نستطيع التنفس، وبدأ الأطفال بالبكاء والصراخ. كانت المعاملة قاسية جدا، لم يقدموا لنا الطعام طوال 10 ساعات، مع أن بعضنا لم يتناول طعامه منذ أكثر من 20 ساعة قبل الرحلة.

ويضيف دي أوليفيرا، عندما وصلنا إلى بنما للتزود بالوقود، اعتقدنا أن الشرطة الفدرالية البرازيلية تنتظرنا هناك، فحاولنا الاستنجاد بهم لإخراجنا من الطائرة، وعندما نهضنا من مقاعدنا للوصول إلى مخرج الطوارئ، بدؤوا بضربنا بوحشية، في حين قال الطبيب المرافق للرحلة "أنتم محظوظون لأننا لم نقيدكم بالمقاعد، عليكم الالتزام بتعليماتنا".

ويتابع دي أوليفيرا، لقد طرحنا على عناصر الشرطة الأميركية على متن الرحلة عدة أسئلة، ماذا لو تعرضت الطائرة لمشكلة ما؟ كيف ستفكون قيود 88 راكبا، في حين أن أعدادكم لا تتجاوز 6 عناصر؟ لقد دخلنا الأجواء البرازيلية فلماذا لا تلتزمون بالقوانين البرازيلية؟ فكانت الإجابة بأنهم لا يكترثون لا لمصيرنا ولا للقوانين البرازيلية.

فاوستينوجيفرسون، مهاجر رحل من تكساس، يضيف ضمن شهادته للجزيرة نت أن صوت محرك الطائرة كان يصدر ضجيجا عاليا، وكانت تبدو كسيارة قديمة، مما تسبب بحالة رعب بين الركاب.

وقال المتحدث ذاته إن المعاملة كانت مهينة للغاية "لم يقبلوا فك قيودنا أثناء استخدام حمامات الطائرة، ومنعونا من إغلاق أبوابها، وأجبرونا على استخدامها لثوان معدودة فقط" مؤكدا أن كل ما فعلوه معهم كان مهينا وكأنهم مجرمون، اعتقلوهم وطردوهم دون أن يسمحوا لهم بحمل شيء من متعلقاتهم الشخصية.

في مؤشر على التوتر القادم بين إدارتي الرئيس دونالد ترامب ونظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.. الحكومة البرازيلية نددت "بالمعاملة المهينة" التي تعرض لها 88 مهاجرا غير نظامي من مواطنيها خلال ترحيلهم من الولايات المتحدة مقيدي الأيدي والأقدام

للمزيد: https://t.co/CYeCjUGKQ1 pic.twitter.com/BqQQzujUat

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) January 26, 2025

إعلان أسباب الترحيل

وعن أسباب ترحيله، يقول سينفال دي أوليفيرا إنه أمضى في ولاية لويزيانا 33 عاما، 11 عاما منها لم يكن يقيم بشكل شرعي، وفيما بعد حصل على الإقامة الدائمة، أو ما يعرف بالبطاقة الخضراء، فأصبح وجوده قانونيا، بحسبه. ودي أوليفيرا لديه ابنة من مواليد الولايات المتحدة تبلغ من العمر 29 عاما الآن.

ويتابع أوليفيرا: لقد تم اعتقالي هناك لمدة 3 سنوات بتهمة غسيل الأموال، وعندما حضرت إلى المحكمة الفدرالية، قرّرت أن أستسلم لقدري وأختار العودة إلى بلادي.

ويفيد أوليفيرا، أنه تم تجميع ما مجموعه 92 مواطنًا برازيليا في ولاية لويزيانا بالولايات المتحدة لتنفيذ إجراءات الترحيل.

في حين يقول جيفرسون فاوستينو، إنه تم احتجازه في تكساس لأنه يقيم بشكل غير قانوني، وأخذوه مباشرة إلى السجن. ويضيف أن المعاملة كانت قاسية وفظيعة والطعام في غاية السوء.

لقد أبقوه في السجن لمدة 60 يوما، كان يعاني خلالها من آلام حادة في المعدة، ولم يهتموا لأمره، يتابع فاوستينو.

 

أميركا اللاتينية ترفض

لم تقتصر رحلات الترحيل عن الأراضي الأميركية على المواطنين البرازيليين، فقد شملت تلك الإجراءات العديد من دول القارة، وهو ما دفع الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو لرفض دخول الطائرات القادمة من الولايات المتحدة التي كانت تنقل المهاجرين المرحلين إلى البلاد في 24 يناير/كانون الثاني الحالي.

وكتب بيترو على صفحته في منصة إكس: "المهاجر ليس مجرما ويجب أن يعامل بالكرامة التي يستحقها الإنسان، ولهذا السبب قمت بإعادة الطائرات العسكرية الأميركية التي كانت تنقل المهاجرين الكولومبيين".

ولم تسمح المكسيك أيضا لطائرة عسكرية أميركية بالهبوط في البلاد، في حين صرحت وزارة الخارجية، أن لديها علاقات جيدة للغاية مع الولايات المتحدة الأميركية، وأنه عندما يتعلق الأمر بعمليات الإعادة إلى الوطن، ستستقبل المكسيك أبناءها بأذرع مفتوحة.

إعلان

يذكر أنه منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مسؤولياته، وقع على سلسلة من الأوامر التنفيذية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وزيادة وتيرة ترحيل الأجانب غير الشرعيين في الولايات المتحدة الأميركية.

مقالات مشابهة

  • تقرير حكومي: العنصرية الهندوسية وكراهية النساء تغذي التطرف في بريطانيا
  • واشنطن بوست: ترامب يهدد دولة تلو الأخرى بالأسلحة الاقتصادية الأميركية
  • مهجرون برازيليون من أميركا للجزيرة نت: كبلونا بالأصفاد وعاملونا بقسوة
  • درع صاروخي شامل.. ترامب يأمر بإنشاء القبة الحديدية الأميركية
  • تشاغوس أرخبيل استأجرته أميركا وهاجمت منه العراق وأفغانستان
  • أميركا تكشف عن أول تفشٍّ لسلالة إنفلونزا الطيور إتش5 إن9 بين الدواجن
  • أميركا تكشف عن أول تفش لسلالة من إنفلونزا الطيور
  • مئات المهاجرين يزحفون نحو أميركا عبر المكسيك
  • اقتراح جديد قد ينهي حظر تيك توك في أميركا
  • رئيس كولومبيا يردّ على ترحيل مهاجرين من أميركا