الحرة:
2025-04-26@12:12:17 GMT

عاملات الفلاحة بتونس.. عملة صعبة مقابل أجر زهيد

تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT

عاملات الفلاحة بتونس.. عملة صعبة مقابل أجر زهيد

" 5 أكتوبر 2023، لا يفارق هذا التاريخ مخيلتي، فذكرى أحداثه المأساوية تلازمني كظلي، كنا 7 عاملات فلاحيات على متن شاحنة، حين تعرضنا لحادث سير نجمت عنه وفاة عاملة في عين المكان، بينما فقدت أخرى بصرها، والبقية أصبن بكسور وجروح بليغة".

بنبرة مثقلة بالحزن وحمدٍ يتوالى على لسانها الثقيل، تحدثت فاطمة المنصري (34 سنة) وهي عاملة فلاحية من محافظة سيدي بوزيد (وسط غرب تونس) عن الفاجعة التي أفقدتها القدرة على تحمل الأثقال والأشغال الشاقة، عقب كسور في أنحاء متفرقة من جسدها.

تستعرض فاطمة هذه الذكرى وهي تستعد لبدء يوم من العمل المضني في حقول الزيتون التي تمثل فرصة لها وللمئات من النساء أمثالها لتأمين مورد رزق ينتهي بانتهاء موسم الجني الذي انطلق قبل أيام.

ويصف الفلاحون الزيتون بأنه ذهب تونس الأخضر، بالنظر إلى الأرباح المهمة التي يدرها هذا القطاع، والتي من المنتظر أن ترتفع هذه السنة، في ظل توقعات بأن يصل محصول زيت الزيتون لهذا العام إلى 340 ألف طن، أي بزيادة بنحو 130 ألف طن عن الموسم الفارط والذي قدر فيه الانتاج بنحو 210 آلاف طن.

وتشير إحصائيات رسمية إلى أن تونس حققت الموسم الماضي من عائدات تصدير زيت الزيتون ما يفوق 5 ملايير دينار (نحو 1.7 مليون دولار)، غير أن هذه العائدات من العملة الصعبة تخفي وراءها أزمة تشغيل هش لما يفوق 600 ألف عاملة في القطاع الفلاحي، وفق إحصائيات غير رسمية.

أرباح على ظهور النساء

ينص القانون التونسي على ألّا يقل الأجر الأدنى الفلاحي المضمون في اليوم عن 16.5 دينار (نحو 5.5 دولار) بنظام 48 ساعة في الأسبوع. غير أن شهادات عدة لنساء يعملن في القطاع تؤكد أن هذا التنصيص يبقى حبرا على ورق ولم يجد طريقه إلى التنفيذ.

تقول فاطمة لـ "أصوات مغاربية": "تبلى أجسادنا في العمل الفلاحي، ومقابل 10 ساعات من العمل نحصل على أجرة زهيدة لا تتجاوز عتبة الخمسة عشر دينارا على أقصى تقدير (نحو 5 دولارات).

وتؤكد أنها لا تُحصِّل من هذه الأجرة سوى 10 دنانير، إذ يقتطع "الوسيط" ثمن نقلها في شاحنة مكتظة تصل أحيانا حمولتها إلى ما يزيد عن 20 عاملة. وتضيف: " لولا ظروفنا الاجتماعية القاسية، لما عرضنا حياتنا للخطر ولما تكبدنا عناء التنقل لعشرات الكيلومترات في ظروف قاتلة".

وعن وضعية النساء العاملات في القطاع الفلاحي بتونس، تقول حياة عطار، المكلفة بملف العاملات الفلاحيات بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة رقابية غير حكومية)، إن  العمل في هذا القطاع يعتبر من أشقى وأصعب الأعمال من حيث الجهد المبذول ومن حيث القدرة على المقاومة ومجابهة تحديات التغييرات المناخية والتكيف مع العوامل الاقتصادية والاجتماعية .

وتضيف في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الفلاحة أقل الأنشطة دخلا من حيث الأجر الذي تتحصل عليه اليد العاملة، النسائية بشكل خاص، وهى أحد ابرز أوجه الهشاشة وغياب الحماية الاجتماعية للعمالة بشكل عام. 

شاحنات الموت

في 2019، سنت الحكومة التونسية قانونا يتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعملة والعاملات في القطاع الفلاحي لتفادي حوادث السير المروعة التي أودت بحياة عشرات العاملات، إلا أن هذا القانون لم يتم الالتزام به بحسب ما تؤكده ناشطات حقوقيات.

وفي هذا الصدد، تؤكد حياة عطار أنه بالإضافة الى المخاطر التي تحيط بالعاملات، سواء داخل فضاء العمل او في الطريق إليه، فإن الفواجع التي تخلفها شاحنات النقل العشوائي أو ما يصطلح على تسميتها في تونس ب"شاحنات الموت" قد تضاعفت.

وتشير المتحدثة إلى أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية قد رصد منذ سنة 2015 وفاة أكثر من 64 شخصا بين نساء وأطفال، كما خلفت حوادث النقل العشوائي أكثر من 915 جريحا، لافتة إلى أن أكثر من نصف الحوادث المسجلة تم رصدها بعد إصدار القانون عدد 51 لسنة 2019.

تغول الوسطاء

وتثير ظاهرة تغول الوسطاء (أصحاب شاحنات النقل) امتعاض الكثير من العاملات في القطاع الفلاحي، بسبب ما يعتبرنه التحكم في مسار تشغيلهن في هذا القطاع.

وفي هذا الخصوص، تقول حسناء (اسم مستعار) لـ"أصوات مغاربية": إن الوسطاء وبحكم توليهم مهمة نقل العاملات الفلاحيات، باتوا يتحكمون في عملية تشغيل النساء في الحقول، حيث يفرض الكثير منهم على من ترغب في العمل أن تتعهد بالتنقل في شاحناتهم مهما كانت الظروف على أن يتم اقتطاع 5 دنانير يوميا (نحو 1.7 دولار)".

وتتابع حسناء في هذا السياق "بتنا نعرف الوسطاء أكثر من أصحاب الضيعات فمسألة التشغيل باتت بأيديهم، وأمام وضعيتنا الاجتماعية القاسية نقبل بكل هذا التعسف".

في المقابل يؤكد الوسطاء بأن هذا الواقع فرضه الفلاح، حيث يتم التواصل مع الوسطاء من أجل توفير العاملات وتأمين عملية تنقلهن إلى أماكن عملهن.

وفي هذا السياق، يؤكد محجوب (اسم مستعار) أنه بحكم عمله كوسيط، يطلب منه الفلاحون التكفل بتوفير العدد المطلوب من العمالة ونقلهم طيلة فترة العمل، نافيا أي تدخل في تحديد الأجور أو الضغط على النساء بشأن التنقل في الشاحنات.

ويقول لـ "أصوات مغاربية": نحن أيضا نعرض أنفسنا للخطر وللملاحقة القضائية عند وقوع أي حادث سير ولكن ليس أمامنا حل آخر سوى المجازفة لتوفير قوت عائلاتنا، إذا لم ننقل العمالة للفلاحيين فمن سينقلهم إذن؟".

فشل الدولة

"إلى اليوم لم يغادر ملف العاملات في القطاع الفلاحي خانة الشعارات، دون تحقيق أي إنجاز أو تقدم ينصف هذه الفئة الواسعة من التونسيين المهمشين"، هكذا تشخص عضو الجامعة العامة للفلاحة (نقابة فلاحية منضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل) نادية البرقاوي، وضعية النساء العاملات في الفلاحة.

وبخصوص سياسة الدولة بشأن هذا الملف، تقول نادية البرقاوي لـ"أصوات مغاربية" إن تواصل "تهميش العاملات في القطاع الفلاحي يعكس فشل الدولة في وضع حد لهذه الانتهاكات، إذ كان من المفروض على السلطات التونسية تشديد الرقابة على المشغلين والحرص على تطبيق القانون على المخالفين من أجل تحسين ظروف العمل وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمالة".

وتوضح بأن أغلب النساء هنّ عاملات بصفة يومية أو موسمية يعملن في أراض فلاحية ومزارع كبرى، لفائدة أرباب عمل مختلفين، لذلك، تحتاج النساء العاملات في القطاع الفلاحي في تونس اليوم إلى اهتمام كبير وتحسين ظروفهن سواء من حيث الأجر، والأمان أو حتى تلك المرتبطة بالتغيّرات المناخية.

وحاول موقع "أصوات مغاربية" الحصول على موقف من ممثلي وزارة الشؤن الاجتماعية بتونس بخصوص هذا الموضوع، إلا أن مكتب الإعلام لم يرد على اتصالاتنا الهاتفية.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد تعهد في 13 أغسطس 2024، بمناسبة اليوم الوطني للمرأة، وخلال تنقله إلى بعض محافظات البلاد للاطلاع على وضعية النساء العاملات في القطاع الفلاحي، تعهد بتوفير حافلات نقل لهذا الصنف من العمالة فضلا عن تأمين التغطية الصحية وتحسين الأجور.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النساء العاملات فی أکثر من فی هذا أن هذا من حیث

إقرأ أيضاً:

857 ألفا إجمالي قوة العمل الوطنية.. و41% منهم يعملون في محافظتي مسقط وشمال الباطنة

ضمن الجهود المستمرة لتعزيز التشغيل والمصادر المستدامة لتوفير فرص العمل للمواطنين، يأتي انطلاق مشروع "مسح أرباب العمل" لعام 2025 والذي يستهدف رصد مدى مواءمة مخرجات التعليم العالي مع التطورات والتخصصات المطلوبة في سوق العمل. ويمثل هذا المسح خطوة مهمة لدعم اتخاذ القرار وتحديد السياسات الخاصة بسوق العمل بناء على بيانات دقيقة وإحصائيات حول التخصصات والمهارات المطلوبة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، حيث يتضمن المشروع مسحا لمختلف المؤسسات التي قامت بتوظيف خريجي مؤسسات التعليم العالي خلال الفترة من عام 2018 حتى عام 2025، ويساهم المسح في إيجاد حلول للمشكلات الهيكلية في سوق العمل ومن أبرزها ارتفاع عدد الأيدي العاملة الوافدة وعدم التوافق بين العرض والطلب ووجود تخصصات غير مطلوبة في سوق العمل.

ووفق الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، بلغ إجمالي قوة العمل الوطنية في نهاية مارس من عام 2025 نحو 857 ألف مواطن من بينهم حوالي 388 ألف مواطن يعملون في القطاعات الحكومية و469 ألف مواطن يعملون في القطاع الخاص والقطاعين العائلي والأهلي. وتشير الإحصائيات الخاصة بسوق العمل حاليا إلى انخفاض نسبة الباحثين عن عمل في سلطنة عُمان من 3.3 بالمائة في نهاية 2024 إلى 3 بالمائة في نهاية شهر مارس الماضي، وسجلت محافظة الظاهرة أعلى معدل، حيث تبلغ نسبة الباحثين عن عمل في المحافظة 5.5 بالمائة، بينما كانت النسبة الأدنى في محافظة مسقط وبلغت 1.3 بالمائة، وتكشف الإحصائيات عن أن أعلى معدلات البحث عن عمل هي بين فئة الشباب من عمر 15 عاما وحتى 29 عاما، كما تشير الإحصائيات إلى استمرار ارتفاع نسبة الإناث بين الباحثين عن عمل، حيث تبلغ نسبة الإناث 8.6 بالمائة مقابل نسبة 1.6 بالمائة للذكور، وفي توزيع الباحثين عن عمل حسب التعليم، فإن أعلى معدلات البحث عن عمل هي للحاصلين على دبلوم التعليم العام ودبلوم التعليم العالي والبكالوريوس، كما يوضح توزيع قوة العمل في المحافظات استحواذ محافظتي مسقط وشمال الباطنة على النسبة الأعلى للتوظيف، حيث يعمل في محافظة مسقط أكثر من 191 ألف مواطن، وفي شمال الباطنة 162 ألفا بإجمالي نحو 354 ألف مواطن. وتعزيزا لجهود التوظيف والتشغيل، تواصل حكومة سلطنة عُمان خطة الإحلال في القطاع العام ودعم التعمين وتنافسية الكوادر الوطنية في القطاع الخاص، وقد تم توجيه 10 ملايين ريال عماني من المخصصات الإنمائية في ميزانية 2024 لدعم مبادرات تشغيل الباحثين عن عمل في القطاع الخاص وتنفيذا للتوجيهات السامية، تم رفع هذه المخصصات في ميزانية 2025 إلى نحو 50 مليون ريال عماني، إضافة إلى المبالغ المحصلة من تحويل نسبة 1.2 بالمائة من قيمة فواتير ومشتريات قطاع النفط والغاز والوحدات الحكومية والشركات التابعة لجهاز الاستثمار العماني.

وقد أكد بيان ميزانية العام الجاري على مواصلة الحكومة لخطة التوظيف في القطاعين العام والخاص، وضمن قطاعات العمل الحكومية، ترتفع نسبة التعمين في الجهاز الإداري للدولة، ويشهد قطاع التعليم تعزيزا مستمرا لنسب التعمين، وتشمل خطة التوظيف خلال العام الجاري 4000 وظيفة في قطاع التعليم، وكانت وزارة التربية والتعليم قد أوضحت انه خلال السنوات الأربع الأولى من الخطة الخمسية العاشرة تم تعيين 15 ألف معلم ومعلمة من العُمانيين، مقارنة مع 6 آلاف و800 معلم ومعلمة تم تعيينهم في الخطة الخمسية التاسعة، ليصل إجمالي عدد العُمانيين الذين تم تعيينهم في وظيفة معلم خلال الخطة الخمسية العاشرة 2021-2025 إلى ما يزيد عن 19 ألف معلم ومعلمة.

وفي القطاع الصحي، تبلغ نسبة التعمين نحو 55 بالمائة، حيث يعمل بالقطاع 30602 موظف عماني من إجمالي عدد العاملين البالغ 55163 موظفًا، وتبلغ نسبة التعمين 69 بالمائة في وزارة الصحة، حيث إجمالي العاملين يتجاوز 39 ألفا من بينهم أكثر من 27 ألفا من العمانيين والذين يمثلون 96 بالمائة من الإداريين الصحيين و100 بالمائة من المضمدين الطبيين و99 بالمائة من الأيدي العاملة الإدارية المساعدة. ويعد القطاع الخاص العماني هو المصدر الأهم للتشغيل في سلطنة عُمان، وتعتمد جهود التشغيل بشكل رئيس على إيجاد فرص العمل الجديدة في قطاعات التنويع الاقتصادي ورفع معدلات التعمين في مختلف القطاعات ودعم أنشطة رواد الأعمال، ورغم انخفاض نسب التعمين بشكل عام في القطاع الخاص، هناك عديد من القطاعات التي ترتفع فيها نسب التعمين بشكل كبير ومنها النفط والبنوك والاتصالات، فيما تتراوح معدلات التعمين بين المتوسطة والمنخفضة في قطاعات مثل الصناعة والسياحة.

وكان من أهم السياسات لدعم التشغيل تنفيذ السياسة الوطنية للمحتوى المحلي (2024-2030) والتي تهدف إلى إيجاد منظومة وطنية لتنظيم ومتابعة المحتوى المحلي في كافة القطاعات، بهدف توفير فرص عمل للمواطنين، وتوطين الصناعات، وتطوير وتبني رواد الأعمال وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، وضمن مبادرات التوظيف التي تهدف إلى توفير فرص للباحثين عن عمل ومواكبة تطورات سوق العمل وظهور أنماط العمل الجديدة التي تتسم بالمرونة للعاملين وأصحاب العمل. شملت المبادرات التي تم طرحها لتعزيز المهارات وفرص التوظيف مبادرة 2000 عقد عمل والتي استفاد منها نحو 2000 باحث عن عمل، ومبادرة "ساهم" والتي استفاد منها ما يقارب 5000 باحث عن عمل، كما وفرت مبادرة "المليون ساعة" ما مجموعه مليون ساعة عمل بنظام العمل الجزئي في الوحدات الحكومية التي لديها فرص عمل شاغرة بنظام الساعات واستفادت منها 22 جهة حكومية وحوالي 1222 باحثا عن عمل.

مقالات مشابهة

  • الإحصاء: 2.113 مليون عاطل عن العمل خلال عام 2024
  • وزير العمل: القطاع الخاص شريك يستطيع منحي نتائج مبهرة
  • بدون ألقاب على القبر.. كاردينال النمسا: دفن البابا فرنسيس غدًا في نعش خشبي زهيد
  • تقرير للبنك الدولي: 83% من الشركات المغربية خارج القطاع الرسمي
  • «المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
  • 857 ألفا إجمالي قوة العمل الوطنية.. و41% منهم يعملون في محافظتي مسقط وشمال الباطنة
  • الصليب الأحمر: غزة تواجه كارثة إنسانية بعد توقف المستشفيات عن العمل
  • أسعار العملات المشفرة مقابل الدولار
  • اختتام معرض إثراء للتوظيف في العين
  • والي سنار يؤكد مراجعة السياسات الاستثمارية واتخاذ الإجراءات المناسبة