الحرة:
2024-10-17@17:38:06 GMT

عاملات الفلاحة بتونس.. عملة صعبة مقابل أجر زهيد

تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT

عاملات الفلاحة بتونس.. عملة صعبة مقابل أجر زهيد

" 5 أكتوبر 2023، لا يفارق هذا التاريخ مخيلتي، فذكرى أحداثه المأساوية تلازمني كظلي، كنا 7 عاملات فلاحيات على متن شاحنة، حين تعرضنا لحادث سير نجمت عنه وفاة عاملة في عين المكان، بينما فقدت أخرى بصرها، والبقية أصبن بكسور وجروح بليغة".

بنبرة مثقلة بالحزن وحمدٍ يتوالى على لسانها الثقيل، تحدثت فاطمة المنصري (34 سنة) وهي عاملة فلاحية من محافظة سيدي بوزيد (وسط غرب تونس) عن الفاجعة التي أفقدتها القدرة على تحمل الأثقال والأشغال الشاقة، عقب كسور في أنحاء متفرقة من جسدها.

تستعرض فاطمة هذه الذكرى وهي تستعد لبدء يوم من العمل المضني في حقول الزيتون التي تمثل فرصة لها وللمئات من النساء أمثالها لتأمين مورد رزق ينتهي بانتهاء موسم الجني الذي انطلق قبل أيام.

ويصف الفلاحون الزيتون بأنه ذهب تونس الأخضر، بالنظر إلى الأرباح المهمة التي يدرها هذا القطاع، والتي من المنتظر أن ترتفع هذه السنة، في ظل توقعات بأن يصل محصول زيت الزيتون لهذا العام إلى 340 ألف طن، أي بزيادة بنحو 130 ألف طن عن الموسم الفارط والذي قدر فيه الانتاج بنحو 210 آلاف طن.

وتشير إحصائيات رسمية إلى أن تونس حققت الموسم الماضي من عائدات تصدير زيت الزيتون ما يفوق 5 ملايير دينار (نحو 1.7 مليون دولار)، غير أن هذه العائدات من العملة الصعبة تخفي وراءها أزمة تشغيل هش لما يفوق 600 ألف عاملة في القطاع الفلاحي، وفق إحصائيات غير رسمية.

أرباح على ظهور النساء

ينص القانون التونسي على ألّا يقل الأجر الأدنى الفلاحي المضمون في اليوم عن 16.5 دينار (نحو 5.5 دولار) بنظام 48 ساعة في الأسبوع. غير أن شهادات عدة لنساء يعملن في القطاع تؤكد أن هذا التنصيص يبقى حبرا على ورق ولم يجد طريقه إلى التنفيذ.

تقول فاطمة لـ "أصوات مغاربية": "تبلى أجسادنا في العمل الفلاحي، ومقابل 10 ساعات من العمل نحصل على أجرة زهيدة لا تتجاوز عتبة الخمسة عشر دينارا على أقصى تقدير (نحو 5 دولارات).

وتؤكد أنها لا تُحصِّل من هذه الأجرة سوى 10 دنانير، إذ يقتطع "الوسيط" ثمن نقلها في شاحنة مكتظة تصل أحيانا حمولتها إلى ما يزيد عن 20 عاملة. وتضيف: " لولا ظروفنا الاجتماعية القاسية، لما عرضنا حياتنا للخطر ولما تكبدنا عناء التنقل لعشرات الكيلومترات في ظروف قاتلة".

وعن وضعية النساء العاملات في القطاع الفلاحي بتونس، تقول حياة عطار، المكلفة بملف العاملات الفلاحيات بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة رقابية غير حكومية)، إن  العمل في هذا القطاع يعتبر من أشقى وأصعب الأعمال من حيث الجهد المبذول ومن حيث القدرة على المقاومة ومجابهة تحديات التغييرات المناخية والتكيف مع العوامل الاقتصادية والاجتماعية .

وتضيف في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الفلاحة أقل الأنشطة دخلا من حيث الأجر الذي تتحصل عليه اليد العاملة، النسائية بشكل خاص، وهى أحد ابرز أوجه الهشاشة وغياب الحماية الاجتماعية للعمالة بشكل عام. 

شاحنات الموت

في 2019، سنت الحكومة التونسية قانونا يتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعملة والعاملات في القطاع الفلاحي لتفادي حوادث السير المروعة التي أودت بحياة عشرات العاملات، إلا أن هذا القانون لم يتم الالتزام به بحسب ما تؤكده ناشطات حقوقيات.

وفي هذا الصدد، تؤكد حياة عطار أنه بالإضافة الى المخاطر التي تحيط بالعاملات، سواء داخل فضاء العمل او في الطريق إليه، فإن الفواجع التي تخلفها شاحنات النقل العشوائي أو ما يصطلح على تسميتها في تونس ب"شاحنات الموت" قد تضاعفت.

وتشير المتحدثة إلى أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية قد رصد منذ سنة 2015 وفاة أكثر من 64 شخصا بين نساء وأطفال، كما خلفت حوادث النقل العشوائي أكثر من 915 جريحا، لافتة إلى أن أكثر من نصف الحوادث المسجلة تم رصدها بعد إصدار القانون عدد 51 لسنة 2019.

تغول الوسطاء

وتثير ظاهرة تغول الوسطاء (أصحاب شاحنات النقل) امتعاض الكثير من العاملات في القطاع الفلاحي، بسبب ما يعتبرنه التحكم في مسار تشغيلهن في هذا القطاع.

وفي هذا الخصوص، تقول حسناء (اسم مستعار) لـ"أصوات مغاربية": إن الوسطاء وبحكم توليهم مهمة نقل العاملات الفلاحيات، باتوا يتحكمون في عملية تشغيل النساء في الحقول، حيث يفرض الكثير منهم على من ترغب في العمل أن تتعهد بالتنقل في شاحناتهم مهما كانت الظروف على أن يتم اقتطاع 5 دنانير يوميا (نحو 1.7 دولار)".

وتتابع حسناء في هذا السياق "بتنا نعرف الوسطاء أكثر من أصحاب الضيعات فمسألة التشغيل باتت بأيديهم، وأمام وضعيتنا الاجتماعية القاسية نقبل بكل هذا التعسف".

في المقابل يؤكد الوسطاء بأن هذا الواقع فرضه الفلاح، حيث يتم التواصل مع الوسطاء من أجل توفير العاملات وتأمين عملية تنقلهن إلى أماكن عملهن.

وفي هذا السياق، يؤكد محجوب (اسم مستعار) أنه بحكم عمله كوسيط، يطلب منه الفلاحون التكفل بتوفير العدد المطلوب من العمالة ونقلهم طيلة فترة العمل، نافيا أي تدخل في تحديد الأجور أو الضغط على النساء بشأن التنقل في الشاحنات.

ويقول لـ "أصوات مغاربية": نحن أيضا نعرض أنفسنا للخطر وللملاحقة القضائية عند وقوع أي حادث سير ولكن ليس أمامنا حل آخر سوى المجازفة لتوفير قوت عائلاتنا، إذا لم ننقل العمالة للفلاحيين فمن سينقلهم إذن؟".

فشل الدولة

"إلى اليوم لم يغادر ملف العاملات في القطاع الفلاحي خانة الشعارات، دون تحقيق أي إنجاز أو تقدم ينصف هذه الفئة الواسعة من التونسيين المهمشين"، هكذا تشخص عضو الجامعة العامة للفلاحة (نقابة فلاحية منضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل) نادية البرقاوي، وضعية النساء العاملات في الفلاحة.

وبخصوص سياسة الدولة بشأن هذا الملف، تقول نادية البرقاوي لـ"أصوات مغاربية" إن تواصل "تهميش العاملات في القطاع الفلاحي يعكس فشل الدولة في وضع حد لهذه الانتهاكات، إذ كان من المفروض على السلطات التونسية تشديد الرقابة على المشغلين والحرص على تطبيق القانون على المخالفين من أجل تحسين ظروف العمل وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمالة".

وتوضح بأن أغلب النساء هنّ عاملات بصفة يومية أو موسمية يعملن في أراض فلاحية ومزارع كبرى، لفائدة أرباب عمل مختلفين، لذلك، تحتاج النساء العاملات في القطاع الفلاحي في تونس اليوم إلى اهتمام كبير وتحسين ظروفهن سواء من حيث الأجر، والأمان أو حتى تلك المرتبطة بالتغيّرات المناخية.

وحاول موقع "أصوات مغاربية" الحصول على موقف من ممثلي وزارة الشؤن الاجتماعية بتونس بخصوص هذا الموضوع، إلا أن مكتب الإعلام لم يرد على اتصالاتنا الهاتفية.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد تعهد في 13 أغسطس 2024، بمناسبة اليوم الوطني للمرأة، وخلال تنقله إلى بعض محافظات البلاد للاطلاع على وضعية النساء العاملات في القطاع الفلاحي، تعهد بتوفير حافلات نقل لهذا الصنف من العمالة فضلا عن تأمين التغطية الصحية وتحسين الأجور.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النساء العاملات فی أکثر من فی هذا أن هذا من حیث

إقرأ أيضاً:

التخطيط: إجراءات حكومية لتسهيل وتعجيل الانتقال إلى تنظيم العمل

الاقتصاد نيوز - بغداد

أعلنت وزارة التخطيط، الأربعاء، عن إجراءات حكومية لتسهيل وتعجيل الانتقال الى تنظيم العمل، فيما حددت شرطاً للترشيح الى مجلس تطوير القطاع الخاص.

وقالت وكيل الوزارة للشؤون الإدارية هناء إبراهيم في كلمتها خلال المؤتمر الوطني حول العمل غير المنظم والمسارات نحو العمل اللائق في العراق، وتابعته "الاقتصاد نيوز"، إن "هذا المؤتمر المهم الذي يبحث في ظاهرة من الظواهر الاقتصادية التي تهدد اقتصاديات العديد من البلدان وهي ظاهرة الاقتصاد أو العمل غير المنظم والتي تشكل تحدياً أساسياً للاقتصاد الوطني بسبب تأثيره في مجمل المتغيرات الاقتصادية، إضافة الى ما يتركه من ترسبات في البنى الاجتماعية للمجتمع".

وبينت أنه "يمثل أنشطة وأعمالاً غير خاضعة للرقابة الحكومية وبالتالي لا يسهم في الإيفاء بما يتوجب على أنشطته من مستحقات مالية، بالإضافة الى ما يميز هذه الأنشطة من مرونة في ساعات العمل والموقع وبما يسهل على الأفراد التكيف مع ظروفهم الشخصية في العراق".

وأضافت أن "القطاع غير المنظم يشكل ظاهرة معقدة ومتعددة الجوانب، إذ تضم مجموعة متنوعة من الانشطة والمعاملات والأفراد في ظل عدم قدرة الاقتصاد على توفير وظائف منظمة كافية"، مشيرة إلى أن "هذا التعقيد يدفع بهذه الفئات الى أن تكون أكثر هشاشة أثناء التعرض الى الأزمات، وهذا ما حدث ابان الازمة المزدوجة لوباء كوفيد 19 التي كان لها الأثر الكبير لاسيما بين العمال غير المنظمين".

وتابعت أن "المشكلة تصبح أكثر تعقيداً في ظل مجتمع فتي مثل المجتمع العراقي، حيث تشكل هذه الفئة النسبة الأكبر من السكان وبلغت حوالي 63‎%،وبلغت نسبة العاملين في القطاع غير المنظم 68‎% من إجمالي العاملين"، لافتة إلى أن "مسببات هذه الظاهرة متعددة منها ما يرتبط بالأفراد أنفسهم سواء كانوا عاملين أو شركات ومنها ما يرتبط بمضمون منظومة القوانين والتشريعات المرتبطة بها".

وأكدت أن "الحكومة الحالية حرصت على تهيئة جميع الظروف الملائمة لتسهيل وتعجيل الانتقال الى تنظيم العمل في إطار الاقتصاد الريعي المنظم من خلال مراجعة العديد من القوانين والتشريعات وتقديم الكثير من الحوافز والتسهيلات لأصحاب العمل والعمال بالتسجيل الرسمي، وآخرها إقرار قانون الضمان الاجتماعي الذي صوت عليه البرلمان في أيار 2023 ودخل حيز التنفيذ والذي أدخل إصلاحات بعيدة المدى على نظام الضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص"، منوهة بأن "القانون يوسع بشكل كبير التغطية القانونية لنظام العمل الاجتماعي ويشمل فئات كثيرة متنوعة".

وأشارت الى أن "خطة التنمية الوطنية (2024-2028) شخصت كذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة في الاقتصاد وجعلتها من بين المستهدفات الرئيسة وهو خلق سوق عمل منظمة محمية ومعززة للنمو الاقتصادي، كما حرصت وزارة التخطيط على إجراءات عديدة لاختيار ممثلين لمجلس تطوير القطاع الخاص، وأحد الشروط للترشيح والاختيار هو معيار تسجيل للعاملين في الضمان الاجتماعي".

وأكملت، أنه "تمّ الاجتماع مع ممثلي تطوير القطاع الخاص ورفعت العديد من الاسماء بالنسبة لممثلي تطوير القطاع الخاص على هذا المعيار لأنه لا يوجد ضمان اجتماعي للمتقدمين كممثلين لتطوير القطاع الخاص رغم انهم معرفون بالقطاع الاقتصادي لأن الأسماء ترفع لعدم وجود ما يؤيد وجود عمال مضمونين اجتماعيا وهذا ما يعكس توجهات الحكومة ورئيس الوزراء في التشجيع على تنظيم هذا القطاع".

مقالات مشابهة

  • تقضي باحتلال مرحلي لقطاع غزة.. ما خطة الجنرالات التي بدأت إسرائيل تنفيذها؟
  • مختص : لن نقبل بوجود أي مواطن عاطل عن العمل في تخصص طبي .. فيديو
  • التخطيط: إجراءات حكومية لتسهيل وتعجيل الانتقال إلى تنظيم العمل
  • صدور قرار بتوطين 4 مهن صحية
  • حكومة غزة: حملة الإحتلال على شمال القطاع منذ 11 يوما قتلت أكثر من 342 فلسطينيا أغلبهم من النساء والأطفال
  • هل سيصل المغاربة بثمن زهيد…وزير الفلاحة يرخص بإستيراد اللحوم من الخارج بـ40 درهم للكيلوغرام
  • تعزيزًا لجهودها في التنمية.. “ريف السعودية” يحتفل باليوم العالمي للمرأة الريفية
  • مغادرة أم وصول؟ حشدٌ لعاملات إثيوبيات داخل مطار بيروت (فيديو)
  • وزير النقل: نشر الجزاءات التي يحصل عليها المقصرون في العمل بلوحة الإعلانات