فلسفة الإرهاب الإجرامي وعقيدة التطرف الإمبريالي
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
يمانيون/ كتابات/ إبراهيم محمد الهمداني
رغم التباين الشديد والتناقض الحاد، بين أيديولوجيا التدين اليهودي المتطرف/ المتشدد، وأيديولوجيا الصهيونية العلمانية الانتقامية المنحلة، إلا أنهما قد اجتمعتا على واحدية نزعة التطرف والإرهاب الإجرامي وممارسة العنف، سواء أكان في مرجعيته العنصرية الدينية، بوصفه أمرا إلهيا مقدسا، موجها إلى “شعب الله المختار” ـ شعب إسرائيل خاصة، واليهود عامة ـ يوجب عليهم ممارسة “العنف المقدس”، ضد الآخرين الأغيار “الغوييم”، بدون ضوابط أو حدود، أو كان في مرجعيته الصهيونية العلمانية العدائية، بوصفه فعل الضرورة المنطقي، الذي تفرضه طبيعة دور الكيان الوظيفي الاستيطاني، وبذلك تلاشت مكامن الصراع بين الديني والعلماني، حيث اتحدت إرادة “يهوه/ أدوناي”، مع أحلام وأطماع “هرتزل”، وأصبح “إسرائيل” صهيونيا، وأصبحت القومية “اليهوديّة”، هوية الشعب وشعار الكيان، دينيا وبراغماتيا، وبعد عشرات السنوات، من العداء والقطيعة التاريخية، انصهر تدين “إسرائيل” مع مادية “يهوذا”، على أرض فلسطين العربية، في كيان وظيفي استيطاني عنصري واحد، أسهمت الأيديولوجيا الإمبريالية ـ ممثلة في بريطانيا العظمى ـ في إنضاج ملامحه العنصرية المتعالية، من خلال إعلان “وعد بلفور”، وتهيئة البيئة الخصبة لنمو وتعاظم نزعته الاستعلائية الأنانية، تحت شعار “الحق الإلهي” و”أرض الميعاد”، وتمكينه من ممارسة أنشطته العدائية، وسلوكياته الإجرامية التوحشية، بتقديم الدعم العسكري تسليحا وتدريبا، لعصابات المستوطنين المغتصبين، وتوفير الغطاء السياسي اللازم، في منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي.
يمكن القول إن سلوكيات التطرف الإسرائيلي، والعنف والإجرام والتوحش، وتنفيذ المجازر وحرب الإبادة، بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، وعمليات الإذلال والقهر، واغتصاب الأرض والعرض، والسعي لاستئصال الآخر/ الفلسطيني من الوجود، كان ترجمة فعلية لحقيقة العدو الإسرائيلي، وطبيعته الإجرامية التوحشية، التي لا تقبل التعايش مع الآخرين مطلقاً، ولا ترى فيهم غير حيوانات بشرية، خلقوا لخدمة اليهودي وإيناسه، لذلك يجب عليه أن يبقي وجودهم محدودا، حسب ما تقتضيه الحاحة إلى خدماتهم، والانتفاع بهم وتسخيرهم، وما زاد عن ذلك، يجب القضاء عليه، والتخلص منه، قبل أن يصبحوا مصدر قلق وإزعاج لليهود، ولا فرق بين أن تكون عمليات إبادتهم، استجابة لأمر “رب الجنود” الدموي المتوحش، الذي قال لهم ـ حسب زعمهم ـ حين دخلوا مدينة أريحا:- “اقتلوا كل من في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم بحد السيف”، أو أن تكون تطبيقا لطروحات فلسفية وضعية، ارتكزت على مبدأ القوة، في صناعة التاريخ، كما في قول جابوتنسكي – فيلسوف العنف اليهودي – “أنت عندما تضرب الفولاذ بمطرقة، فإن الجميع يتهيبون صوت الدوي، وعندما تستعمل القفاز، فإن أحدا لا ينتبه إلى وجودك… إن الأحذية الثقيلة هي التي تصنع التاريخ”، وهو ما يؤكد ما ورد في “بروتوكولات حكماء صهيون”، بالقول:- “يجب أن يكون شعارنا كل وسائل العنف والخديعة.. والعنف والحقد هما وحدهما العاملان الرئيسيان في قوة الدولة”، وعلى ذلك الأساس، وضع “بن غوريون” حكمة الخلاص، بقوله:- “إسرائيل لا يمكن أن تعيش إلا بقوة السلاح”، واستلهم “موشيه دايان” – وزير الحرب الأسبق – روعة الحرب، في أنها “تكمن في إبادة الرجل الضعيف”؛ ذلك لأن “إله إسرائيل”، وآباء الصهيونية والماسونية، قد آمنوا بالحرب، بوصفها التعبير الفعلي الوحيد، لتحقيق قيمة الوجود، وبدونها لا معنى لوجودهم، وأن القوة هي السبيل الوحيد، لتحقيق الهيمنة وإخضاع الشعوب، “لأن العالم لا يشعر مع المذبوح، ولكنه يحترم الذين يحاربون”، كما يقول “بيغن”، تلميذ جابوتنسكي.
لم تعد فلسفة العنف والإرهاب الإجرامي والعنصرية، هي القاسم المشترك بين اليهودي المتدين والصهيوني العلماني، ممثلا في كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، بل قد امتدت مقولاتها، إلى ما هو أبعد من ذلك، حتى أصبحت الدين الرسمي للقوى الاستعمارية في الشرق والغرب، ولا فرق بين دور أمريكا وأخواتها، وشراكتها الإجرامية الفعلية، في حرب الإبادة والمجازر الجماعية، بحق أبناء غزة ولبنان، وعمليات الاغتيالات والعربدة الإسرائيلية، ودور روسيا وأخواتها في تحالف “البريكس”، في صمتها وتغاضيها، عن كل ذلك الإجرام، وعدم اتخاذها موقفا إنسانيا، على المستوى السياسي، على الأقل، في مجلس الأمن الدولي.
لم يكن المعسكر الغربي الرأسمالي، الملاذ الآمن للشعوب العربية، من تبعية المعسكر الشرقي الاشتراكي، ولن تكون روسيا الحليف المخلِّص، من هيمنة أمريكا وعربدة إسرائيل، كما أن انتصار روسيا في أوكرانيا، لن يوقف آلة القتل والإجرام والإبادة، بحق أبناء غزة ولبنان واليمن، لأن أطماع المعسكرين واحدة، وتفانيهما في خدمة الكيان الإسرائيلي الغاصب، شاهدة على عمق ارتباطهما به، وحرصهما على استمرار دوره الوظيفي القذر، هو الضامن لاستمرار تقاسم المصالح والهيمنة، ولذلك فإن الموت بقنابل حلف الناتو، لا يختلف عن الاستلاب لتحالف البريكس، ما دمنا نحن الضحية، وميدان ممارسة الهيمنة الإمبريالية، في كلا الحالتين.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الانحرافات الفكرية لدى الجماعات المتطرفة وسبل علاجها في ندوة بجامعة كفر الشيخ
نظمت جامعة كفر الشيخ ندوة بعنوان (الانحرافات الفكرية لدى الجماعات المتطرفة وسبل علاجها) بكلية التربية النوعية بالجامعة، انطلاقا من المبادرة الرئاسية "بداية" وأيضا ضمن برنامج التوعية الأسرية والمجتمعية بالتعاون مع مشيخة الأزهر الشريف تحت شعار "أسرة مستقرة ومجتمع آمن"، برعاية فضيلة الامام الاكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر الشريف، ورئيس جامعة كفر الشيخ الدكتور عبد الرازق دسوقي.
وقال رئيس جامعة كفر الشيخ، وفقا لبيان صادرعن الجامعة اليوم "الإثنين"، إن الهدف من تلك الندوات هو تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب، ونشر الوعي المجتمعي والأسري، وتقوية بنيان الأسرة المصرية وزيادة تماسكها وترابطها، ودعم أبناء الوطن في الدفاع عنه وعن مقدراته والحد من ظاهرة التطرف ومواجهتها، فضلًا عن كيفية حماية النفس والغير من الوقوع في براثن الأفكار المتطرفة.
وأشار إلى أن الوضع الراهن يتطلب وجود استراتيجية تعليمية تراعي المنظومة الدينية والأخلاقية لمجتمعاتنا، بهدف الحفاظ على الهوية وعلى أبنائنا من الوقوع ضحايا لأفكار التطرف، والتي تستهدف التأثير على هويتهم وانتماءاتهم.
من جانبه، أشار الدكتور محمد عبد العال نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، الي أهمية دور الأسرة في بناء المجتمع، فكلما كانت الأسرة قادرة على الترابط والتناغم فيما بينها كلما نقل أفرادها هذه الثقافة إلى المجتمع المحيط، وبالتالي اشتد بناء المجتمع وثبتت أركانه، وصار أقوى وأعتى في مواجهة أي تغييرات خارجية أو محاولات لزعزعة بنيانه والقضاء على مقوماته الأساسية.
وحاضر الندوة الدكتور محمد السعيد عضو المركز العالمي للفتوى الالكترونية بمشيخة الأزهر الشريف ، ودارت الندوة حول مفهوم التطرف الفكري والذي يعد من الظواهر الخطرة التي تهدد أمن الفرد والمجتمع بعمومه، والواقع أن تطرف بعض الشباب في أرائهم وأفكارهم واتجاهاتهم نحو بعض القضايا الاجتماعية والسياسية والدينية ظاهرة تحتل موقعها في كل المجتمعات منذ أقدم العصور، وللحد من هذه الظاهرة يجب أن يكون هناك فهم جيد للدين الصحيح.