الشارقة: «الخليج»
افتتح صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح الخميس، «مؤتمر الشارقة الدولي للذكاء الاصطناعي واللغويات» (SICAL 2024)، الذي يقام بتنظيم من الجامعة الأمريكية في الشارقة، وتستضيفه في مقرها.
وكان في استقبال سموّه، فور وصوله الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الجامعة، وأحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة في جمهورية مصر العربية، والدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وعبدالله العويس، رئيس دائرة الثقافة، ومحمد الزعابي، رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وعدد من المسؤولين وممثلي السلك الدبلوماسي.


وألقى صاحب السموّ حاكم الشارقة، كلمة وصف فيها المؤتمر بأنه حدث عظيم ينتظره الجميع منذ زمن بعيد، متناولاً التقاء جهود البحث العلمي اللغوي بجهود البحث الحاسوبي والتكنولوجي، بحضور المهتمين بالشأن اللغوي من أصحاب القرار لتدارس الموضوعات التي رآها سموّه، أحد أهم موضوعات العصر الراهن.
وتناول التحديات والتطورات التي تطرأ على مجال الذكاء الاصطناعي، قائلاً «إن عالم الذكاء الاصطناعي اليوم عالم كبير مفتوح على كل الاحتمالات، وتواجهنا فيه كثير من التحديات في كل يوم، بل في كل ساعة نشهد تطوراً علمياً جديداً في العالم، بفضل الأبحاث الإبداعية الكبيرة في ميدان الذكاء الاصطناعي، فتوحات علمية واكتشافات كبيرة قربت البعيد، وسهلت العسير، وجعلتنا اليوم نستفيد من كل المخترعات الحديثة في جميع أنحاء المعمورة. والانفجار المعلوماتي الحاسوبي ليس في الجانب المادي فقط، وإنما علاقة هذا الذكاء الاصطناعي باللغات العالمية شيءٌ عظيم، وكلما ازداد العلم تطوراً ازدادت فرص التواصل والانتفاع والنهضة والازدهار عند المجتمعات والشعوب».
وأشار سموّه، إلى الخطوات التي أجرتها الشارقة في دعم الذكاء الاصطناعي وتفعيله في خدمة اللغة، قائلاً «فتحنا صدورنا وقلوبنا ومؤسساتنا لكم جميعاً في شارقة العلم والثقافة، لتنظروا في شأن العلاقات التي تربط بين الذكاء الاصطناعي واللغات جميعاً، ولأن قطار المعرفة والحاسوبيات قد انطلق، فإننا قررنا أن نكون أول الراكبين في هذا القطار، ونمدّ أيدينا إليكم ونساعدكم بقدر ما نستطيع لتسهيل البحث الحاسوبي باللغة العربية».
وتحدث عن المعجم التاريخي للغة العربية وأبرز الجهود والتحديات التي تمت خلال السنوات الماضية حتى اكتماله، قائلاً «الحمدلله، لقد وفقنا في الشارقة، ووفق فريق الباحثين من جميع المجامع اللغوية في شتى البلاد العربية، وانتهينا قبل أيام معدودات من المعجم التاريخيّ للغة العربية الذي بلغت أجزاؤه 127 مجلداً، وهذا فتح عظيم في ميدان الصناعة المعجمية، كلفنا كثيراً من الجهد والوقت والمال، ولكن قلنا ونقول: كل شيءٍ في سبيل العربية يسهل ويهون. وها نحن ندخل ميدان تطوير العمل المعجمي عبر الذكاء الاصطناعي، ونضع جميع المعجم التاريخي الذي أنجزناه في خدمة الدراسات الحاسوبية ليعمّ النفع وتنتشر المعرفة ويسود الأمن والأمان في جميع أقطار الكرة الأرضية».
واختتم سموّه، كلمته قائلاً «أوصي أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات الباحثين في كل الجامعات وفي مجمع اللغة العربية بالشارقة وغيرها، أن يجتهدوا في التوفيق بين الدراسات اللغوية والدراسات الحاسوبية، لأنني مؤمن بأن المستقبل للعلم الحاسوبي، وأُريدهم أيضاً أن يجتهدوا لعرض كل ما هو نافع ومفيد على مواقع الشابكة العالمية، لأن العلم يجب أن يكون موجهاً بمعايير الأخلاق ومبادئ السلام وقيم الوطنية وثوابت أمتنا ومقومات ثقافتنا وعاداتنا الأصيلة».
وكان حفل افتتاح المؤتمر، قد استهل بالسلام الوطني لدولة الإمارات، ألقت عقبها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، كلمة رحبت في مستهلها بالحضور. مشيرة إلى أن التجمع اليوم في إمارة الشارقة يأتي بفضل رؤية صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وجهوده الكبيرة بأن تكون الشارقة مركزاً عالمياً رائداً في الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها، وتعزيز مكانتها في إثراء التنوع الثقافي العالمي.
وتطرقت إلى أبرز موضوعات المؤتمر وتأثيره والتحديات الناتجة عنه قائلةً «نحن هنا اليوم لمناقشة موضوع بالغ الأهمية، ليس لحاضرنا فقط، بل لمستقبل أجيالنا القادمة، أيضاً. الذكاء الاصطناعي واستخداماته وتأثيره عميق في اللغة والهوية الثقافية، إن هذه التقنية التي تتطور بوتيرة متسارعة تفتح أمامنا آفاقاً وفرصاً لا محدودة، لكنها في المقابل تحمل معها تحديات تتطلب منا مواجهتها بعقلانية واستباقية. ومع التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تزداد مسؤوليتنا في ضمان أن تسهم هذه الابتكارات في تعزيز هُويتنا اللغوية والثقافية، وتتحول إلى أداة فعالة لحمايتها من تيارات العولمة الرقمية. علينا أن نحرص على أن تكون هذه التكنولوجيا في خدمة لغتنا وتراثنا، لا أن تصبح سبباً في اندثار هُويتنا أو فقدان خصوصيتنا الثقافية».
وقالت الشيخة بدور«إن مسؤولية الحفاظ على الهُوية اللغوية للمجتمعات، في سياق التطور السريع لبرامج الذكاء الاصطناعي، لا تقع على عاتق الأكاديميين وحدهم، ولا على المؤسسات الحكومية أو المتخصصين في التكنولوجيا فقط، بل هي مسؤولية جماعية يتحملها كل فرد من أفراد المجتمع».
ووجهت رئيسة الجامعة الأمريكية، التهنئة والشكر لصاحب السموّ حاكم الشارقة، على الإنجاز المحقق في إصدار المعجم التاريخي للغة العربية. مشيرةً إلى «أنه علامة فارقة في مسيرة الحفاظ على لغتنا العريقة. وهذا العمل الضخم لا يسهم في توثيق اللغة العربية فقط، بل يؤكد أهميتها جسراً يصل بين حضارتِنا وتراثنا ومستقبلنا».
وأضافت «أودّ الإشارة إلى جهودنا في الجامعة الأمريكية، لتعزيز دور اللغة العربية ودمجها في العالم الرقمي، فقد أطلقنا مركز الدراسات العربية والحضارات الإسلامية الذي نسعى عبره إِلى تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي في الدراسات العربية ومفرداتها، وتعزيز الأبحاث في الذكاء اللغوي؛ هذه المبادرات وغيرها تؤكد التزامنا الجماعي في إمارة الشارقة بالحفاظ على لغتنا وهُويتنا، وتعزيز قدرتِها على التكيف مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المتقدمة في المستقبل».
واختتمت الشيخة بدور، قائلةً «نأمل بأن يسهم هذا المؤتمر في إيجاد حلول وأفكار عملية لتحقيق اندماجٍ عادلٍ ومتوازنٍ لجميع اللغات والثقافات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتجنّب أي انحياز أو تهميش لأي لغة أو ثقافة، نسعى إلى مستقبل يخدم الجميع، ونتطلع إلى أن تكون نقاشات هذا المؤتمر خطوة مهمة نحو توجيه الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسانية وضمان مستقبل أكثر عدالة وتوازنا للجميع».
شاهد بعدها صاحب السموّ حاكم الشارقة والحضور، مادة فلمية تناولت أبرز موضوعات المؤتمر والجلسات الحوارية، وما ستناقشه لتسخير الذكاء الاصطناعي وممارسته في تعزيز عمليات البحث وتوثيق لغات العالم.
وقدم عماد زيتوني، مدير قسم الهندسة في شركة «غوغل»، عرضاً مرئياً تحدّث فيه عن تأثير العلوم العربية في أنظمة غوغل «جيميناي Gemini» المساعد المستند إلى الذكاء الاصطناعي من غوغل، مضيئاً على ضرورة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تدمج المساهمات الثقافية المتنوعة.
وأوضح أهم ميزات الأداة باللغة العربية، مشيرًا إلى أن «جيميناي» تعتمد على النماذج اللغوية الكبيرة، التي صممت خصيصاً لتلبية احتياجات المتحدثين بالعربية بمختلف لهجاتهم، مؤكداً أن هذه النماذج قادرة على التفاعل مع المستخدمين بطريقة أكثر طبيعية وفهم السياقات المختلفة، مما يسهم في تحسين تجربة التواصل الرقمي باللغة العربية.
وكشفت شركة غوغل عن أداة «جيميناي Gemini» لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي عام 2023، وتمثل طفرة في معالجة اللغة الطبيعية، خصوصاً ما يتعلق بدعم مختلف اللهجات العربية وتوفير تجربة استخدام مرنة لمتحدثي اللغة العربية، تتيح «جيميناي» للمستخدمين التفاعل بالعربية الفصحى، وقدرتها على فهم الطلبات المكتوبة بلغات أخرى ولهجات عربية أخرى وتحتوي على التناوب اللغوي، ما يضمن استجابة دقيقة للمستخدمين، بغضّ النظر عن مستوى إتقانهم اللغوي. وتعد خطوة مهمة نحو تعزيز حضور الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، إذ تسهم في تسهيل استخدام التقنيات الحديثة وفهم أعمق لاحتياجات المستخدمين من الناحية اللغوية.
وتحت عنوان «استراتيجية الحكومة للذكاء اللغوي والثقافة» تضمن المؤتمر جلسة استضيف خلالها أحمد فؤاد هنّو، وزير الثقافة المصري، والدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق في مصر، وأدارها الشيخ سلطان سعود القاسمي، عضو مجلس أُمناء الجامعة الأمريكية في الشارقة، مؤسس مؤسسة بارجيل للفنون، وتناولت دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز تعليم اللغات وتطوير التعددية اللغوية، مع التركيز على دعم اللغات المحلية وحماية الهوية الثقافية.
وأضاءت الجلسة على التحديات ودور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التعددية اللغوية والحفاظ على التراث الثقافي الخاص بالعالم العربي، اذ يمثل قفزة تكنولوجية كبرى مهيأة لإعادة تشكيل جوانب مختلفة من حياتنا اليومية، من كيفية إنتاج المعرفة إلى الحياة العملية اليومية.
وتطرقت الجلسة إلى فعالية أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعتمد بشكل كبير على جودة وتنوع المعلومات التي تستمد منها، والتي يتم الحصول على الكثير منها من الشبكة العنكبوتية، ووفقاً لإحصاءات مواقع الشبكة العنكبوتية العالمية، يمثل المحتوى العربي 5% فقط من إجمالي المواد الموجودة على الشبكة، وبعضها معلومات غير موثقة بالكامل، ويثير هذا التفاوت مخاوف كبيرة بشأن دقة المعلومات التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي، ما قد يؤثر في فعاليته، وقد يكون له نتائج غير متوقعة على اللغة وإنتاج المعرفة.
كما استعرض الضيفان، خلال الجلسة، السياسات المبتكرة التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي لتجاوز الحواجز اللغوية، وتعزيز التفاهم بين الثقافات، ودعم التواصل المجتمعي في العالم الرقمي. وتطرقا إلى كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والحفاظ على التراث اللغوي والثقافي.
وتلت الجلسة، كلمة ألقاها لورينزو فانارا، سفير جمهورية إيطاليا لدى الإمارات، حيث شارك رؤى قيّمة عن تأثير اللغة العربية في اللغات والثقافات في جزيرة صقلية الإيطالية، مؤكداً وجود عدد كبير من الكلمات ذات الجذور العربية في اللغة الإيطالية، ويعود كثير منها إلى مرحلة الحكم الإسلامي في صقلية، وقال «إن الكلمات الإيطالية ذات الأصل العربي تشهد في مجملها تقريبا على تطور الصناعة والثقافة العلمية للعرب».
وعلى هامش المؤتمر تجول صاحب السموّ حاكم الشارقة، في المعرض المصاحب الذي يضم عدداً من الجهات الحكومية والخاصة التي تدعم الذكاء الاصطناعي والتطور الحاسوبي، مطلعاً على أبرز خطوات الجهات في دعم اللغات وترسيخها وتطويرها. وتوقف عند جناح مركز اللغة العربية والحضارات الإسلامية التابع للجامعة الأمريكية في الشارقة، متعرفاً إلى أبرز الأنشطة والفعاليات والكتب المنشورة في المركز، ملتقياً سموّه العاملين في المركز والمختصين. كما عرج سموّه على جناح مجمع الشارقة للغة العربية مستمعاً لأبرز ما يقدمه المجمع لزوار المؤتمر.
وشهد اليوم الأول للمؤتمر جلسات تناولت أحدث الابتكارات في الذكاء الاصطناعي وكيفية تأثيرها في المجتمعات المتعددة اللغات، والتحديات التي تواجه تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي القادرة على التعامل مع تنوع اللغات، والفرص التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين الترجمة الآلية وتيسير التواصل بين الأفراد وأهمية التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والتكنولوجية لتعزيز تطورات الذكاء الاصطناعي والتطورات في الذكاء الاصطناعي وأدوات التواصل.
وتنظم الجامعة الأمريكية في الشارقة المؤتمر على مدار يومين، بالتعاون مع مركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، التابع لمؤسسة الإمارات للعلوم والبحوث.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة تقنیات الذکاء الاصطناعی الأمریکیة فی الشارقة الذکاء الاصطناعی فی الجامعة الأمریکیة المعجم التاریخی اللغة العربیة حاکم الشارقة للغة العربیة الشیخة بدور صاحب السمو فی العالم فی تعزیز

إقرأ أيضاً:

الشارقة تشهد انطلاق دورة استثنائية من «مهرجان الشارقة لريادة الأعمال»

الشارقة - الخليج
بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، انطلقت اليوم (السبت) فعاليات الدورة الثامنة من «مهرجان الشارقة لريادة الأعمال»، بمشاركة نخبة من قادة الأعمال العالميين، وصناع التغيير، وكبار الشخصيات المؤثرة والملتزمة بتشكيل مستقبل ريادة الأعمال في المنطقة، منهم، الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، مؤسِّسة ورئيسة «مؤسسة الشارقة للفنون»، والأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، الأمينة العامة وعضوة مجلس أمناء «مؤسسة الوليد للإنسانية»، وعلياء بنت عبدالله المزروعي، وزيرة دولة لريادة الأعمال.
في إنجاز غير مسبوق في مجال تكنولوجيا التواصل، شهد حفل افتتاح المهرجان الكشف عن «إشارة»، أول نظام من نوعه في العالم لترجمة لغة الإشارة العربية باستخدام الذكاء الاصطناعي، والذي طوره الفائزون في برنامج Dojo+ التابع لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، ليشكل خطوة رائدة نحو تمكين ذوي الإعاقة السمعية وتعزيز الاندماج والتواصل.


تقارب الثقافات
وخلال اليوم الافتتاحي للمهرجان، استضافت جلسة نقاشية بعنوان «معالجة التحديات الاجتماعية وتعزيز التقارب بين الثقافات من خلال الفن والعمل الخيري والإنساني»، الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، والأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، اللتين ناقشتا دور الفن في ترسيخ الحوار والتفاهم الثقافي وأثر العمل الخيري والإنساني على تعزيز صناعة التغيير المجتمعي المنشود، وسلطت الجلسة الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه التعبير الإبداعي والعطاء الجماعي المشترك في التغلب على التحديات العالمية.
وفي حديثها خلال الجلسة، أكدت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي أن كل مشروع تعمل عليه يعكس رؤيتها الخاصة مستلهمة هذا المبدأ من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي يؤكد دائماً أهمية أن يكتب المجتمع تاريخه بنفسه بدلاً من أن يُكتب له من قبل الآخرين. مشيرةً إلى أهمية التكامل بين الثقافة وريادة الأعمال، وأن دعم قطاعات المتاحف والثقافة والتعليم، وغيرها تقع على عاتق الأفراد والمؤسسات لضمان استدامتها وتعزيز تأثيرها في المجتمع.
وأوضحت الشيخة حور القاسمي أن شعار المهرجان «حيث ننتمي» يلهمنا جميعاً للنظر إلى من هم بحاجة حول العالم، والعمل على أن يصبح كل فرد جزءاً من مجتمع آمن يضمن له حياة كريمة. لافتة إلى أن عملها مع مؤسسات عالمية أتاح لها فرصة اختبار دور الفنون كمساحة مفتوحة للحوار.
وحول عملها في عدة مشاريع فنية عالمية، أكدت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي أنها تجد شغفها في مواجهة التحديات، مشيرةً إلى أنها تعمل في مشاريع متعددة تمتد بين الشارقة واليابان وسيدني في وقت واحد، ومنها مشاركتها في مئوية سيدني. وأضافت أن الفرص لا تأتي مرتين، وعلى الإنسان أن يستثمرها عند توافرها، وأن التغيير لا يتحقق إلا من خلال تحدي الذات أولاً.
كما أشارت الشيخة حور القاسمي إلى أنها تعشق ما تقوم به، حيث تعمل على مشاريع مختلفة لكنها مترابطة، يجمعها الفن كأداة للتعبير والتغيير. مشيرة إلى أن جامعة الدراسات العالمية، التي سيتم افتتاحها في الرابع من فبراير، ستكون فضاءً جديداً للأبحاث الأكاديمية وتعزيز الحوار الثقافي.


جسور للتواصل وتمكين المجتمعات
من جانبها، أكدت الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود أن التنوع الكبير في المجتمعات والتطور التكنولوجي يفرضان علينا البحث عن طرق فعالة للوصول إلى المستفيدين، مشددةً على أهمية ردم الفجوة بين المجتمعات وبناء جسور تواصل تعزز التعاون. وأوضحت أن مؤسسة الوليد للإنسانية تؤمن بقوة العمل المشترك، حيث تدير مشاريعها من الألف إلى الياء، لكن مع احترام احتياجات المجتمعات المحلية وتمكينها.
وأشارت الأميرة لمياء أن رؤية الأمير الوليد بن طلال تعتمد على دراسة كل مشروع بشكل مستقل، حيث لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، بل يتم تصميم المبادرات وفقاً لاحتياجات كل منطقة لضمان تحقيق الأثر المطلوب، لافتة أن قياس الأثر لا يقتصر فقط على البيانات، بل لا بد من نتائج ملموسة على أرض الواقع، لافتةً إلى أن التأثير الحقيقي يُقاس بمدى التغيير الذي يحدث في حياة الأفراد المستفيدين من هذه المشاريع.
وأضافت الأميرة لمياء أن المؤسسة تعاونت مع مؤسسة أمير ويلز لدعم الحرفيات والفنانات في أفغانستان وفلسطين وغيرها، مما أسهم في تمكين النساء عبر توفير فرص اقتصادية لهن. وأوضحت أن هذه المبادرات حققت مخرجات ملموسة، حيث تمكنت النساء، اللاتي يشكلن 95% من المستفيدات، من اكتساب المهارات التي جعلتهن رائدات أعمال وأتاح لهن فرصة إعالة أسرهن، مما يثبت أن الاستثمار في الفن والثقافة يمكن أن يكون أداة قوية للتنمية المجتمعية.
خارطة طريق 
وتأكيداً على جهود الإمارات في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وسعياً لبناء جيل جديد من رواد الأعمال المؤسسين، ألقت علياء بنت عبدالله المزروعي، وزيرة دولة لريادة الأعمال، خلال حفل الافتتاح، كلمة رئيسية بعنوان «خارطة طريق لدولة ريادية» The Blueprint of a Startup Nation.
وأشارت في كلمتها إلى إطلاق منظومة ريادة الأعمال وصندوق «ريادة» بالتعاون مع 16 جهة حكومية، بهدف دعم وتطوير ريادة الأعمال في الدولة، ورفع معدل نجاح رواد الأعمال الشباب من 30% إلى 50% بحلول 2031، موضحة أن الصندوق خصص 300 مليون درهم كحوافز لتشجيع الخريجين على دخول قطاع ريادة الأعمال.
وقالت: «كما أطلقنا العام الماضي النسخة الثانية من مبادرة (100 شركة من المستقبل)، الرامية إلى دعم وتحفيز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تساهم في تطوير القطاعات الاقتصادية المستقبلية لدولة الإمارات، كما أطلقت الوزارة مبادرة (50 شركة من المستقبل)، التي تركز على تقديم الدعم المتخصص، وتعزيز التواصل وتبادل المعرفة بين الشركات الإماراتية الصغيرة والمتوسطة».
وأكدت علياء المزروعي أن السياسات والتشريعات الاتحادية أعطت الأولوية للتنوع الاقتصادي، وأضافت: «أثبت اقتصاد الإمارات مرونته، مع اعتماده على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل 95% من إجمالي الشركات في دولة الإمارات، وتوظِّف ما يقارب 86% من إجمالي القوة العاملة في القطاع الخاص، والمساهمة بنسبة 63.5% في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي».
التأثير مقياس النجاح
وفي كلمتها خلال فعاليات اليوم الافتتاحي، أكدت نجلاء المدفع، نائب رئيس مجلس إدارة مركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، أن المهرجان يجمع رواد الأعمال وصناع التغيير من حول العالم، ويعكس رؤية «شراع» في تمكين المؤسسين وتعزيز بيئة ريادية مستدامة. وأشارت إلى أن المركز، منذ تأسيسه عام 2016، احتضن أكثر من 200 شركة ناشئة جمعت استثمارات تفوق مليار درهم، وساهم في رفع تصنيف الشارقة إلى المرتبة الرابعة خليجياً في ريادة الأعمال، إضافة إلى استقطاب أكثر من 40 ألف مشارك عبر المهرجان السنوي.
وأضافت نجلاء المدفع: «تقدم الشارقة نماذج حية على كيفية بناء مشاريع تستمر لعقود، فمبادرات مثل معرض الشارقة الدولي للكتاب، وبينالي الشارقة للفنون، اللذين يواصلان اليوم تأثيرهما العالمي بقيادة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي والشيخة حور بنت سلطان القاسمي، أثبتت أن النجاح الحقيقي يُبنى على قيم راسخة ورؤية بعيدة المدى، وليس على إنجازات سريعة ومؤقتة».
وشددت على أن تحقيق النجاح المستدام يتطلب رؤية واضحة، وصبراً لمواصلة المسيرة، وفريق عمل مؤمناً بالفكرة وقادراً على تحويلها إلى واقع، مؤكدةً أن اجتماع الشغف مع التعاون هو ما يصنع الفرق الحقيقي في ريادة الأعمال.


التزام راسخ 
من جهتها، رحّبت سارة عبدالعزيز بالحيف النعيمي، المدير التنفيذي لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، بالمشاركين، مؤكدة التزام»شراع«الراسخ ببناء مجتمع مستدام وحيوي، يحتضن الإبداع ويفتح الآفاق أمام الطموحات.
وقالت:«لطالما عُرفت الشارقة بأنها عاصمة التعليم والثقافة في المنطقة، لكنها اليوم أصبحت أيضاً وجهة عالمية لصنّاع التغيير، حيث يجد المبتكرون ورواد الأعمال بيئة تنتمي إليهم وتدعمهم». وأشارت إلى أن لقاءاتها مع رواد الأعمال جعلتها تدرك أن ريادة الأعمال لا تقتصر على تطوير التطبيقات الرقمية أو بناء شركات مليارية، بل هي عقلية تحتفي بها فعاليات مهرجان الشارقة لريادة الأعمال، وهو ما ينعكس في تنوع المواضيع والشخصيات والقصص التي يتناولها المهرجان على مدار يومين.
وكشفت سارة النعيمي في كلمتها عن إضافة جديدة للمهرجان هذا العام، وهي منطقة»صُنع في الشارقة«، التي تحتفي بالإنجازات البارزة في ريادة الأعمال، والفن، والتعليم، والثقافة داخل الإمارة. كما أعلنت عن إطلاق»عطر الشارقة«، الذي سيكون متاحاً قريباً للشراء، داعيةً كل من أنجز مشروعاً مميزاً في الشارقة إلى مشاركة قصته.
واختتمت بالقول:«أرجو أن يخرج جميع المشاركين من المهرجان بروح متجددة لإثراء التجربة الإنسانية المشتركة، واكتسابهم فهماً أعمق لمفهوم (حيث ننتمي)، فمهرجان الشارقة لريادة الأعمال أصبح احتفاء بطاقة المشاركين جميعاً، سواء كانوا من الزوار الدائمين أو ممن يختبرون التجربة لأول مرة».
تكريم شركاء المهرجان
وكرَّمت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي شركاء»مهرجان الشارقة لريادة الأعمال«تقديراً لدورهم في نجاح دورته الثامنة، وهم، »أرادَ«، و»إعمار«، و»دو«، و»إمارات«، و»مجلس سيدات أعمال الشارقة«، و»بنك الشارقة«، و»بنك الاستثمار«، وهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، إلى جانب»مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار«، شريك الموقع، و»بلدية الشارقة«، شريك التمكين.


تجربة إماراتية متكاملة لكبار الشخصيات
كما افتتحت الشيخة بدور القاسمي، خلال الحفل، منطقة»فولت«المخصصة لكبار الشخصيات في مهرجان، حيث واطّلعت على تفاصيل تصميمها، إذ جاءت في تجسيد جمالي لرحلة الغوص بحثاً على اللؤلؤ وفي تشبيه رمزي لمسيرة ريادة الأعمال، حيث تعبّر الحبال عن أدوات الغواصين، بينما يرمز الرمل إلى أماكن استخراج اللؤلؤ، وصولاً إلى اليابسة التي تمثل النجاح بعد تحديات الرحلة.
وتجولت الشيخة بدور القاسمي في»المجلس«المكان الذي يعكس روح البيئة الإماراتية بتصميم مبتكر من المصممة الإماراتية جواهر الخيال، واستمعت إلى شرح حول تصميمه الذي جاء على هيئة المندوس الإماراتي، (الصندوق الخشبي الذي تحفظ فيه الأشياء الثمينة)، وذلك في تعبير عن قيمة ومكانة كبار الشخصيات، وأطلعت على تجربة إنتاج»عطر الشارقة«، الذي تم إطلاقه خلال المهرجان بمكونات مستوحاة من الطبيعة الإماراتية مثل الزعفران والهيل.
مذكرتا تفاهم 
وبعد حفل الافتتاح، شهدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي توقيع مذكرتي تفاهم، الأولى بين شركة»مايكروسوفت الإمارات«و»شراع«و»شروق«و»الجامعة الأمريكية في الشارقة«تستهدف خلق فرص جديدة للطلاب ورواد الأعمال الطموحين من خلال ربط التحصيل الأكاديمي بالخبرة العملية، وضمت قائمة الموقعين كلاً من، نعيم يزبك، مدير عام»مايكروسوفت الإمارات«، وسعادة سارة عبدالعزيز بالحيف النعيمي، المدير التنفيذي ل»شراع«، وأحمد القصير، المدير التنفيذي ل»شروق«، والدكتور تود لورسن، مدير»الجامعة الأمريكية في الشارقة«.
كما وقع حسين المحمودي، الرئيس التنفيذي ل»مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار«، ومارينا دونوهو، مديرة البحوث والابتكار في»إنتربرايز إيرلندا«Enterprise Ireland، بحضور أليسون ميلتون، سفيرة جمهورية إيرلندا لدى دولة الإمارات، مذكرة التفاهم الثانية بين الجانبين بهدف تعزيز البحث والتعاون التجاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيرلندا.

    

مقالات مشابهة

  • انطلاق دورة استثنائية من «مهرجان الشارقة لريادة الأعمال»
  • الشارقة تشهد انطلاق دورة استثنائية من «مهرجان الشارقة لريادة الأعمال»
  • ندوة اللغة العربية والتقنيات تناقش التحديات والفرص في ظل الذكاء الاصطناعي
  • بحضور ممثلي 40 دولة.. مؤتمر يناقش تحديات الذكاء الاصطناعي وتأثيره على سوق العمل
  • الشارقة تستضيف مؤتمر رؤساء الجامعات الفرنكوفونية
  • المؤتمر الدولي لسوق العمل يناقش مستقبل الوظائف في ظل الذكاء الاصطناعي
  • “الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المهارات الوظيفية”.. جلسة حوارية ضمن المؤتمر الدولي لسوق العمل
  • “سدايا” تستعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي العام والتحديات التي تواجهه بمشاركة أكثر من 16 جهة حكومية
  • الجامعة العربية تنظم دائرة حوار حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي ..الأحد
  • سلطان يعيد تنظيم قوة الشرطة والأمن في الشارقة