يأسف الأزهر الشريف من التَّصريحات المتطرفة التي أدلَتْ بها وزيرة الخارجية الألمانية حول تأييد بلادها لقصف الكيان الصهيوني لأماكن تواجد المدنيِّين في غزَّة، مُؤكِّدًا أنَّ هذه التصريحات؛ انتكاسة أخلاقيَّة وسياسيَّة، وردة حضارية، وفتوى سياسية تبيح للمجرمين ممارسة قتل المدنيين الأبرياء وإزاحة الشعوب من على وجه الأرض، بل ودليلٌ واضح على التحيز الأعمى في دعم الإرهاب الصهيوني ومباركة جرائمه.

 

رئيس جامعة الأزهر يفتتح مجلة العمارة والعمران المستدام انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لقسم جراحة العظام بكلية طب الأزهر بأسيوط

 

ويُؤكِّد الأزهر أنَّ صدور مثل هذه التصريحات المتطرِّفة من مسؤول رفيع لهي سابقةٌ تُنذر بخطرٍ كبير، بما تحمله من دعمٍ صريح لهذا الكيان في قتل المدنيِّين من الأطفال والنِّساءِ والشَّباب.

كما يأسف الأزهر لصدور هذه التَّصريحات المحرضة من مسؤولين كان يُظنُّ بهم التوسط والعمل على الوقف الفوري للعدوان الذي تجاوز عامًا كاملًا، والَّذي أجمعت عليه الشعوب الحرة في أوروبا وأمريكا، بل والعالم أجمع، لكن خابت آمال الإنسانية حينما اختارت الوزيرة الألمانية الاصطفاف خلف الجُناة، وبما يُهدِّد كل جهود الوساطة لوقف العدوان.

ويُذكِّر الأزهر وزيرة الخارجية الألمانية بموقف بلادها الإنساني من استقبال اللَّاجئين من مختلف دول العالم خلال السنوات القليلة الماضية جرَّاء الظروف القهرية التي حدثت في بلادهم من حروب وصراعات، وهو ما يتناقض جذريًّا مع هذا التصريح المتطرف الناتج عن شعور بالذنب التاريخي، مؤكدًا أنَّ هذا التصريح يمثل وصمة عار في السياسة الألمانية وتحولها إلى النقيض من داعمٍ للقضايا الإنسانية إلى محرِّضٍ على ارتكاب أفظع الجرائم في حق المدنيين العُزَّل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر تصريحات وزيرة خارجية ألمانيا غزة الكيان الصهيونى فلسطين

إقرأ أيضاً:

سؤال عبثي: ربيع عربي أم مؤامرة كونية؟

بسقوط نظام الأسد في سوريا، طفا مجدّدا سجال النخب العربية، ومعها جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، حول حقيقة ما تشهده المنطقة منذ نهاية عام 2010، ولا تزال فئات واسعة تبذل جهدها في تثبيت سيناريو المؤامرة الكونية للإطاحة بأنظمة حكم وظيفية في عمومها، ظلّت طيلة عقود منذ سبعينيات القرن العشرين في خدمة المصالح الأجنبية.

يحاول عرّابو المؤامرة تناسي حجم المعاناة التي كابدها التونسيون والمصريون واليمنيون والليبيون والسوريون في ظل حكم بن علي ومبارك وصالح والقذافي وعائلة الأسد، لاستبعاد فرضيّة إرادة الشعوب المطحونة في الانعتاق من قبضة أنظمة حكم فاشية شمولية، كانت تنتمي إلى عصر بائد خارج إحداثيات التاريخ والجغرافيا.

ينبغي الاتفاق على أن الأمريكيين والأوروبيين لا يرغبون في صناعة تحوّل ديمقراطي حقيقي في الإقليم العربي، بل ما يهمّهم فقط هو ضمان حد أدنى من الاستقرار يضمن خدمة مصالحهم وعدم تشكيل أي تهديد فعلي على ربيبتهم الكيان الصهيوني، لذلك من غير المنطقي الادّعاء أنهم كانوا وراء انتفاضة شعوب المنطقة قبل 14 عاما للتخلّص من أنظمة بالية لم تكن في غالبها سوى حليف وظيفي مهم.

إن ما حصل في واقع الحال كان نتيجة طبيعية لعقود من التسلّط والاستبداد والفساد والفشل الذريع، ليس في تحقيق التنمية الاقتصادية ومستوى الرفاهية الاجتماعية المطلوبة، بل الإخفاق في مأسسة الدولة الوطنية وبنائها على أسس القانون والعدالة والمواطنة وتنظيم آليات التداول على السلطة بطرق سلمية حضارية تحتكم لإرادة الشعب السيدة.

عكس ذلك، فإنّ تلك الأنظمة الفاشلة لم تكتف بخيانة الأمانة الوطنية التي آلت إليها في ظروف تاريخية مختلفة، فتقاعست عن خدمة شعوبها وفق الإمكانات المتاحة وتطلّعات العصر، بل راحت تكرّس حكم الفساد والريع واحتكار السلطة والثروة بالتخطيط للتوريث الفردي والانتقال من نموذج حكم الأقلية التسلطية إلى حكم العائلة المستبدّة (بشار الأسد وجمال مبارك وسيف الإسلام القذافي وعلي عبد الله صالح..)، وهي قطرة السمّ التي أفاضت كأس الشعوب الممتلئ غضبا بشعور المهانة والتهميش، لتندلع شرارة الثورات من سيدي بوزيد في جنوب تونس في ديسمبر 2010 ولا تزال شظاياها ملتهبة إلى يوم الناس هذا.

تلك هي الحقيقة الأولى والمفتاحية في فهم ما جرى، أما ما وقع من تفاعلات في غضون الأحداث وبعدها، وما عاشته من تطوّرات غير مرغوب فيها، فلم تكن في الواقع سوى ممارسات ثورات مضادة أو انحرافات بفعل تطرّف أنظمة القمع أو ركوب موجات أو استغلال من أطراف خارجية وإقليميّة تشتغل ضد حرية الشعوب العربية وبحثا عن تأمين أجنداتها الخاصة.
المسؤولية التاريخية والأخلاقية ستبقى عبئا على كاهل أنظمة الفساد والاستبداد
هذا يعني أن المسؤولية التاريخية والأخلاقية ستبقى عبئا على كاهل أنظمة الفساد والاستبداد، لأنّها المتسبّب الرئيس في صناعة الأحداث ابتداء ثم تداعياتها لاحقا، بالفشل في تحقيق تطلُّعات الشعوب في الحرية والكرامة وعدم التناغم مع أشواق الأجيال الجديدة التي لم تعد تنطلي عليها شعارات كاذبة باسم الوطنية أو القومية ونصرة فلسطين.

لم يكن قدر الشعوب العربية في تلك البؤر الثورية العيش تحت ظلم أنظمة فاشية فاشلة مدى الحياة، مستسلمة أمام مصيرها المحتوم، أو الدخول في حرب أهلية تنسف كيان الدولة من البنيان والسقوط في مخططات الآخرين، بل كل ما تطلعت إليه هو صناعة التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي، لتعيش مثل كل الأمم المتمدّنة، واثقة من حاضرها وآملة في مستقبل أفضل، غير أن مكر أجهزة الدولة العميقة، بدعم من أنظمة إقليمية أخرى، لحسابات ضيقة، انقلب على رغبة الشعوب السلميّة وصادر حقها في الحرية الآمنة، قبل إدخالها في دوامة الفوضى الدستورية والأمنيّة.

هل يعفي كل ذلك الشعوب العربية المنتفضة منذ 2010 ونخبها الفاعلة من المسؤولية الوطنية؟ قطعا الجواب: لا، لكن محاولة تجريم ثورات الكرامة، بذريعة تحوّلها إلى العسكرة المشبوهة أو الاضطراريّة وتعرّضها للاختراق الخارجي، ليس سوى تبرير مكشوف، للدفاع عن استمرار أنظمة بائدة هي التي شكّلت أكبر خطر ضدّ الدولة والمجتمع، ولم ينفع تأخير سقوطها في حماية الوطن، بل زاد من تكلفة التغيير المشروع، بفعل تراكم الأخطاء وعامل الزمن.

عود على بدء، فإنّ تلك الأنظمة العربية لم يكن أمام شعوبها من خيار آخر سوى الإطاحة بها، بغضّ النظر عن الطريقة والتداعيات التي ورّطها فيها الآخرون أحيانا، ولاشكّ أن الشعوب الحرّة ستتعلم من تجاربها المريرة، إذ أن عمر الانتقال الحضاري في سيّاقات تاريخية معقدة لا يقاس بالسّنوات ولا حتى بالعقود، بل هو مسار متشابك من الوعي والتراكم النضالي سيفضي إلى إرساء الإصلاح على قاعدة صلبة ولو بعد حين من الدهر، عندما تتوفر كل شروط الاجتماع السياسي وسننه الكونيّة.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • سقط من أعلى عقار.. التصريح بدفن جثة شاب توفي بشوارع عين شمس
  • الأمم المتحدة: حماية المدنيين في سوريا وضمان وصول المساعدات الإنسانية أولوية قصوى
  • الأمم المتحدة ترحب بتعهد سوريا بحماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية
  • “المؤتمر السوداني” يدين استهداف المدنيين في الفاشر والكومة
  • التصريح بدفن جثامين 4 أشخاص لقوا مصرعهم فى حادث بالقليوبية | صور
  • نتيجة انفجار ماسورة غاز.. التصريح بدفن ضحايا حريق شارع المنيل
  • بشار مافى حتى رساله واحده
  • سؤال عبثي: ربيع عربي أم مؤامرة كونية؟
  • سفير ألمانيا بالقاهرة: العلاقات المصرية الألمانية تاريخية تقوم على التعاون المشترك والاحترام المتبادل
  • الإسرائيلي والأمريكي هو العدوّ الأخطر على كُـلّ الشعوب