مختصون لـ"صفا": حرب غزة أحدثت شرخًا عميقًا بالمجتمع الإسرائيلي تظهره "الهجرة"
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
غزة - خاص صفا
فككت الحرب على غزة التي تدخل عامها الثاني دون رؤية استراتيجية، المجتمع الداخلي الإسرائيلي، وجعلته بين تيارين، أحدهما فضل مغادرة "إسرائيل"، وآخر يعيش غربة داخلها، كما يجزم مختصون بالشأن الإسرائيلي.
ويؤكد المختصون في أحاديث منفصلة مع وكالة "صفا"، أن سياسة الحكومة الحالية في حربها على غزة، أحدثت خلافات تجاوزت الأشخاص وتياري اليمين والمعارضة، وتعدته لحدوث شرخ واسع في المجتمع الإسرائيلي.
ومنذ أكتوبر العام المنصرم، تشن "إسرائيل" عدوانًا متواصلًا على غزة، ارتقى فيه ما يزيد عن 50 ألف مواطن، وما يزيد عن 96844 مصابا، ومن بين الشهداء 72% من النساء والأطفال، بالإضافة لآلاف المفقودين تحت الأنقاض.
خلافات سياسية وعسكرية واجتماعية
ويقول المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي لوكالة "صفا": "إن حرب غزة أوجدت خلافات سياسية بين متخذي القرار في الكيان الإسرائيلي ومخالفيه ممن يرون أن بنيامين نتنياهو يضحي بإسرائيل على كافة المستويات السياسات والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، وحتى الدولية".
ويضيف البرغوثي، أن الكثيرين في المستوى السياسي والمجتمعي يرون أن نتنياهو يضحي بالكيان في محكمة الجنايات الدولية والقضاء ويضعف علاقاتها الدولية".
وتبرز الخلافات العسكرية أكثر منذ الحرب على غزة، وهو ما اتضح في التصريحات والمؤتمرات والمقاطعات التي يشهدها الائتلاف بين الوزراء ونتنياهو، والتي وصلت مؤخراً إلى تهديد الأخير بإقالة رئيس الجيش الوزير غالانت من الحكومة"، يقول البرغوثي.
ويوضح بأن المستوى العسكري والأمني ينظر بطريقة موضوعية للحرب ويرى بضرورة إنهائها وإتمام صفقة حتى لو كانت الكل مقابل الكل، في الوقت الذي يشخصن بها نتنياهو الحرب وفقًا لمصالحه، لافتًا إلى أن هذه الخلافات هدأت قليلًا مع الحرب على لبنان، لكنها ستعود بقوة لاحقًا.
وبحسبه، فإن حرب غزة قسمت المجتمع الإسرائيلي إلى عائلات أسرى وعائلات قتلى، وعليهما انقسم المجتمع كله، وهي خلافات مجتمعية مجتمعية.
خلافات مع الدول
وإضافة لذلك، "فإن حرب غزة سبّبت خلافات إسرائيلية أمريكية ودولية، وبرز ذلك في تفجر الخلافات مع الأمم المتحدة ومعاداة أمينها العام من قبل إسرائيل، ومنعه من دخول الكيان باعتباره شخصية غير مرغوبة، بالإضافة لاستهداف أونروا ومؤخراً منظمة اليونسيف الدولية".
ويشير البرغوثي إلى أن كل ما سبق من خلافات سببها نتنياهو، قائلًا "إنه الآن رغم كل النصائح التي وجّهت له من الخبراء والقادة العسكريين والسياسيين مستمر في الحرب، لينجو بشخصه".
ويؤكد بأن نتنياهو تسبب بتفجر خلافات تعصف بالمجتمع الإسرائيلي مع استمرار الحرب، دون أن تؤدي إلى تحرير الأسرى".
موجودة وتتصاعد
من جانبه، يرى المختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، أن الخلافات الداخلية الإسرائيلية موجودة قبل الحرب، ولكنها توحدت حينما بدأت الحرب على أهداف الانتقام من أهل غزة والمقاومة، ووصلت إلى دعوات باحتلال غزة واستيطانها".
ويستدرك في حديثه لوكالة "صفا" بالقول "ولكن مع مجريات الحرب وعدم وضوح أهدافها مع هذه المدة، بدأت تظهر خلافات عديدة على كافة المستويات، بعضها سياسي وأخرى أمنية، وأهمها كان حول موضوع أسرى الاحتلال بغزة، وأهمية هذا الملف".
ويكمل "هناك خلافات أخرى تمثلت في دور السلطة ومدى إمكانية عودتها من عدمه، وأخرى هو الرؤية الأمريكية حول حرب غزة، وما نتج من خلافات، نتيجة إصرار نتنياهو على الاستمرار فيها دون أهداف محققة أو واضحة".
وبناءً على ما سبق من خلافات، بدأ المجتمع الإسرائيلي يتفكك، ليس حبًا في إنهاء الحرب ولا لأجل أهل غزة، وإنما حرصًا على مكانة "إسرائيل" وسمعتها الدولية، وواجب الحكومة في استعادة الجنود الأسرى بأي طريقة وصمت، كما يقول أبو غوش.
وفي ذاقت الوقت، يجزم بأن المعارضة التي ظهرت خلافاتها الشديدة مع نتنياهو، وفضحها لأهدافه الشخصية في الحرب، إلا أنها لا تقل تطرفًا عنه.
وأيضًا يلفت إلى أن معارضي نتنياهو ما يزالون أقوى من ائتلافه، وذلك حسب استطلاعات الرأي الأخيرة، وهذا يعود لكونه ما يزال يحارب لتمرير سياساته التي يريدها، والتي يحاول أن يعمل من أجلها على توسيع ائتلافه لحماية نفسه.
انكسار وشرخ داخلي
لكن المختص بالشأن الداخلي الإسرائيلي عماد عواد، يجزم بأن "الأثر الأهم الذي تركته الحرب على غزة، هو استمرار حالة الانكسار الروحي للمجتمع الإسرائيلي الذي كان يرى أنه لا يكسر".
ويقول في حديثه لوكالة "صفا": "إن إسرائيل بدأت تحسم صراعها الداخلي باتجاه الذهاب إلى شكل جديد للدولة الإسرائيلية وهو القومية الصهيونية الدينية، وترك الليبرالية الصهيونية التي حكمت لعقود، وظل تأثيرها لفترة ما عمق الشرخ الداخلي الإسرائيلي، ومن هنا " كان تيار الصهيونية الليبرالية أمام خيارين، إما أن يواجه ويخرج الشارع كما فعل وقت التعديلات القضائية أو أن يرفع الراية البيضاء".
وبرأيه " فجزء كبير منهم خرج من البلاد، و900 ألف منهم يعيشون بالخارج قبل الحرب، وآخر بعد الحرب، وجزء منهم يعيش غربة داخل الكيان الإسرائيلي، وبالتالي هو لا يتدخل مطلقاً، وبالتالي بدأ يفكر بالهجرة وينقل أمواله للخارج".
وقاد هذا الأثر -وفق عواد- إلى شكل جديد لـ "الدولة" سيصطدم مع الجميع، حيث سيصطدم داخليًا ومع الإقليم ومع المجتمعات الغربية ومع الولايات المتحدة الأمريكية مع مرور الوقت.
ويكمل "وبالتالي في ظل سياسة هذا التيار الحالية، سيؤدي لزيادة عجلة الصراع إقليمياً، ومع مرور الوقت سيؤدي إلى استنزافه وتآكله شيئًا فشيئاً، على الرغم من أنه يحقق الآن انتصارات تكتيكية، لكن دون روية استراتيجية ودون تحقيق أهداف استراتيجية، مما يعني أن بقاء الحال الحربي المتصاعد الموجود حالياً، سيكون انعكاسه الأكبر على إسرائيل".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: حرب غزة طوفان الاقصى اسرائيل المجتمع الإسرائیلی الحرب على على غزة حرب غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو أمام اختبار آخر.. ماذا لو ثبت أن الرهائن قد قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي كما تقول حماس؟
تداعيات خطيرة على نتنياهو إذا أثبتت فحوصات الحمض النووي مقتل رهائن غزة بنيران إسرائيلية، قد تبدأ من الداخل ولا تتوقف عند حد الاحتجاجات.
في تطور قد يؤثر بشدة على ملامح الساحة السياسية والأمنية في الدولة العبرية، يترقب الإسرائيليون نتائج فحوصات الحمض النووي لجثث أربعة رهائن سلمتهم حماس للصليب الأحمر في 20 فبراير 2025. وإذا ما أكدت النتائج أن هؤلاء الرهائن – أم وطفلاها بالإضافة إلى رهينة رابعة – لقوا حتفهم بنيران إسرائيلية خلال الحرب في غزة، فإن هذا الكشف سيُحدث زلزالًا سياسيًا وأخلاقيًا قد يعصف بمكانة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرازح أصلا تحت وطأة انتقادات بسبب طريقة إدارته للحرب ناهيك عن ملفات الفساد التي تكبّله.
صدمة داخلية وتشكيك في الرواية الرسميةفمن شأن تأكيد هذه الفرضية أن يُحدث صدمة كبيرة في المجتمع الإسرائيلي الذي أبدى تعاطفًا عميقًا مع قضية الرهائن ودعمًا قويًا للحرب على غزة حتى تحريرهم. وإثبات أن الجيش الإسرائيلي هو المسؤول عن مقتلهم سيُفند السردية الرسمية التي استندت إليها حكومة نتنياهو.
كما قد يُثير هذا الاكتشاف تساؤلات حادة حول إدارة الأزمة من قبل القيادة السياسية والعسكرية، وسيهدد بإضعاف الثقة في أكثر الحكومات يمينية في تاريخ الدولة العبرية، مُحدثًا انقسامًا داخليًا عميقًا قد يُؤدي إلى اتهامات بتضليل الرأي العام واستغلال مشاعر الإسرائيليين لتحقيق مكاسب سياسية.
ضغط إعلامي ومعارضة سياسية شرسةوإذا ما صدق هذا السيناريو، فإنه من المتوقع أن تواجه حكومة نتنياهو حملة إعلامية شرسة من الصحافة المحلية والدولية، خاصة من صحف المعارضة التي ستعتبر هذا التطور دليلًا على سوء الإدارة والاستهتار بحياة المدنيين. وستُثار دعوات قوية لإجراء تحقيق مستقل في ملابسات مقتل الرهائن، ما قد يُعزز موقف المعارضة ويُضعف حكومة نتنياهو.
في الكنيست، قد تجد المعارضة بقيادة يائير لابيد وبيني غانتس فرصة سانحة لتوجيه انتقادات لاذعة ضد نتنياهو، والدعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية. كما قد تستغل الأحزاب اليمينية المتطرفة هذا الموقف للضغط من أجل تغييرات جذرية في السياسات الأمنية.
تداعيات دولية ومواقف دبلوماسية محرجةعلى الصعيد الدولي، قد تواجه إسرائيل انتقادات حادة من المنظمات الحقوقية والدول الداعمة للقضية الفلسطينية، مما سيؤثر سلبًا على صورتها في المحافل الدولية. وسيضع هذا الكشف نتنياهو في موقف دفاعي حرج أمام الدول التي دعمت العمليات العسكرية الإسرائيلية باعتبارها "دفاعًا مشروعًا عن الرهائن".
Relatedنتنياهو: إسرائيل أمام فرصة تاريخية لـ"تغيير وجه الشرق الأوسط" مع تعيين قائد جديد للجيشنتنياهو يتحدث للإسرائيليين عن "يوم صادم" تسلم فيه حماس أربع رهائننتنياهو يرفض إدخال مساعدات إعادة إعمار غزة رغم الاتفاق..هل تفشل جهود التهدئة؟وفي الاتجاه نفسه، قد تُمارس ضغوط دبلوماسية على إسرائيل لإعادة النظر في سياساتها العسكرية، كما قد تُعقّد هذه الحادثة جهود بنيامين نتنياهو في تعزيز العلاقات مع بعض الدول العربية، خاصة إذا ما تم استغلالها كورقة ضغط من قبل حماس والفصائل الفلسطينية.
سيناريوهات مستقبلية: خيارات صعبة أمام نتنياهوإذا تأكدت مسؤولية إسرائيل عن مقتل الرهائن، فإن نتنياهو سيواجه تحديات سياسية غير مسبوقة، بما في ذلك:
- دعوات للاستقالة: قد تتعالى الأصوات المطالبة بتنحيه عن منصبه، سواء من المعارضة أو حتى من داخل ائتلافه الحاكم.
- تظاهرات شعبية: قد تشهد إسرائيل عودة للاحتجاجات الشعبية الواسعة للتنديد بالإدارة السياسية والعسكرية للحرب.
وفي حال تدحرجت الأمور أكثر، وتفاقمت الأزمة، وفق هذا السيناريو، فقد يضطر نتنياهو إلى الدعوة لانتخابات مبكرة في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي وإعادة ترتيب المشهد السياسي.
وعليه فإن الكشف عن ملابسات وظروف مقتل الرهائن وإذا تأكد أنهم قُتلوا بنيران إسرائيلية، فسيكون هذا بمثابة هزة سياسية وأخلاقية عنيفة في إسرائيل، وسيضع نتنياهو أمام اختبار تاريخي في إدارة الأزمة وتحمل المسؤولية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية صفقة التبادل بين التململ الإسرائيلي وخطة ترامب وتصعيد حماس.. فهل تندلع الحرب مجددا في غزة؟ شاهد لحظة تسليم حماس 3 رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر ضمن الدفعة الخامسة لصفقة التبادل ضوء أخضر إسرائيلي لإتمام صفقة تبادل أسرى مع "حماس" حركة حماسغزةأسرىبنيامين نتنياهو