صدى البلد:
2024-11-22@06:34:39 GMT

هند عصام تكتب: مقصوفة الرقبة

تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT

مقصوفة الرقبة مقولة عمرها مديد منذ مائتي عام وأكثر وهذه المقولة التي لطالما  ظلت تتردد في كل البيوت المصرية على ألسنة جميع أمهات مصر كتوبيخ للفتيات ولم نعلم معناها ولا أصل هذه المقولة ولماذا قيلت وفي حقيقة الأمر انطلقت هذه المقولة مع خروج الحملة الفرنسية من مصر والتي خرجت معها وقصفت روح زينب البكرى وذلك عندما تعالت الأصوات يوماً ما وتصاعدت النداءات وامتزجت باللعنات التي توبخ شخصية مقصوفة الرقبة و تردد على ألسنة الناس «اقتلوا الزانية.

. اقطعوا رأس الفساد.. أحرقوا جسدها المدنس.. قطعوا أوصالها وفرقوها فى البلاد.. حتى تأكلها الوحوش الضارية.. مزقوا جسدها ولا تجعلوا له شكلا ولا كيانا.. اقتلوها.. اذبحوها.. اسلخوها.. أحرقوها.. مزقوها».
ليبقي السؤال هنا ما هي الحكاية ومن هي مقصوفة الرقبة زينب البكري وما علاقتها بالحملة الفرنسية ولماذا قصفت رقبتها كل هذا واكثر في قصة زينب مقصوفة الرقبة ؟؟؟

كانت هناك فتاة في مصر المحروسة اسمها زينب عمرها لا يتخطي ال16 عامًا ، وكانت زينب من الطبقة المخملية في ذلك الوقت من الأعيان سليلة الحسب والنسب مثلما يقال، وكان أبيها الشيخ خليل البكري أحد أكبر أعيان القاهرة في ذلك الوقت، وواحد من شيوخ طبقة الأشراف التي كان لها سلطة على مجريات الأمور في مصر خلال الوجود الفرنسي في البلد.
خرجت زينب بنت الحسب والنسب عن أعراف وتقاليد المجتمع حينما قررت اعتناق نمط الحياة الفرنسية، فارتدت الفساتين القصيرة وخالطت الشباب بحرية تامة، وقيلت إنها شوهدت هي ورفيقاتها يضحكن بصوت عالي في الطرقات.وعلى الرغم من أن المشهد يبدو عاديًا في وقتنا الحالي، إلا أن المجتمع لم يتحمل ضحكات الفتيات في الطرقات ، وارتداء الفستاتين القصيرة المكشوفة، حسب وصف الجبرتي، المؤرخ الشهير، وأطلق عليهن لقب المتفرجنات.
ولأن زينب سليلة الحسب والنسب، وصديقاتها كانوا من الطبقة الراقية سريعًا ما انبهرن بالفرنسيين "الفرنسيس"، وما أغضب المصريين أن زينب البكرية سليلة الحسب والنسب، وصديقتها اللاتي ارتكبن الفظائع كل على مرأى ومسمع أبيها الشيخ خليل البكري الذي لطالما تودد للفرنسيين وتقرب منهم، فمنحوه لقب نقيب الأشراف.
و توطّدت علاقة نابليون الذي كان يسكن في حي "الأزبكيّة" حاليّاً بالشيخ خليل البكري، حيث كان يسعى إلى السيطرة على الشيوخ الذين يعارضون تواجده في مصر.

ووفقاً لمؤلّفات بعض المؤرّخين، مثل عبدالرحمن الجبرتي، فإنّ نابوليون أحبّ زيارة الشيخ خليل كلّ ليلةٍ ليسهر معه في حفل مليء بالرقص والشرب بين نساء فرنسا وباقي قادة الحملة.

وكانت زينب بنت البكري تبلغ من العمر حوالي 16عاماً، وكانت تجلس في تلك السهرات.
ووصف بعض الكتّاب زينب بأنّها كانت من أجمل الفتيات في مصر خلال تلك الحقبة، ولم تكن سمينةً كما كان حال معظم النساء في تلك الحقبة.

و كان والدها يعطيها كل الحرية في الاستماع إلى الموسيقى والخروج إلى الشارع وارتداء الملابس التي تشبه ملابس الفرنسيّات الموجودات بالقاهرة، والتي كان يعتبرها باقي الشيوخ نوعاً من "التبرّج" أو انعدام الحِشمة!

وأشاعوا أنّه هناك علاقة غير شرعيّة بين زينب ونابوليون لا يعرفون مداها!
و أصبحت قصة زينب البكرية ونابليون بونابارت من أشهر القصص التي تداولها المصريّون على ألسنتهم في ذلك الوقت.

وأدانوا والدها الشيخ خليل في هذا الأمر، معتبرين أنّ ما يفعله خليل مع قائد الحملة الفرنسيّة يعتبر خيانةً للمصريين، إذ أنّ الجنود الفرنسيّين قتلوا العديد من المصريّين خلال ما يُسمّى بثورة القاهرة الأولى، والتي كانت أحداثها مشتعلة بينما خليل وابنته يسهران مع نابوليون!
أثناء اشتعال أحداث ثورة المصريّين ضدّ الفرنسيّين، نجحت مجموعة من الغاضبين في اقتحام منزل الشيخ خليل، وضربوه وخرّبوا منزله، فذهب إلى نابوليون واشتكى له ما حدث، فأعطاه قائد الحملة أموالاً ليعيد إصلاح منزله ووعده بالحماية.

لكن حدث ما لم يكن خليل يتوقّعه... رحلت الحملة الفرنسيّة عن مصر ، وخضع تحت أيدي الغاضبين الذين اتهموه بالخيانة، لكنّهم لم يكونوا غاضبين منه أكثر من غضبهم من ابنته زينب التي وصفوها بالخائنة الفاجرة!

و ظلت حياة زينب كما هى بعد أن خرج نابليون من مصر عام 1800، لكن الأحوال تبدلت بعدخروج الحملة الفرنسية من مصر عام 1801، حيث قرر الحاكم العثمانى التخلص من كل آثار الاحتلال وأعوانه، وبدأوا بزينب عشيقة نابليون، وبدلا من محاكمة والدها خليل البكرى وجد الشعب فى محاكمة الطفلة التى كانت تبلغ وقتها ستة عشر عاما الحل الأسلم، فدخلوا بيتها واتهموها بالفسق والخيانة والتحالف مع العدو الفرنسى ولم تكن نذالة والدها أمرا غريبا فى هذا الموقف فقد فدا نفسه بها، وأعلن تبرأه منها وأنها مسؤولة عن أفعالها وحكم عليها قبل أى أحد قائلا «اقصفوا رقبتها»، وهو ما تم بالفعل حيث صدر الحكم بإعدام زينب وفصل رقبتها وتعليقها على باب القلعة لتكون عبرة للآخرين، ونفذ الحكم وأصبحت زينب أول مقصوفة رقبة عرفها التاريخ المصرى، وفلت والدها من العقاب وأغمض التاريخ عينه عن كل جرم ارتكبه وظل يلاحق زينب بالعار، وخلد ذكراها على أنها فاسقة عاهرة خائنة باعت شرفها لنابليون دون أن يعترف أن والدها هو المذنب والمحرض والمسؤول الأول والأخير، فكل هذا لا يهم، المهم أن زينب المتهمة بالفسق والفجور قد ماتت وقصفت رقبتها وعلقت على باب القلعة ليبقي السؤال هنا هل كانت زينب جاني ام ضحية ومجني عليها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحملة الفرنسی الشیخ خلیل فی مصر

إقرأ أيضاً:

منى أحمد تكتب: أرزة لبنان

مع عيد أستقلال لبنان لا أجد أجمل من فيرزوته رمزا لأحياء ذكري هذا البلد الجريح ، فاللبنانيين يكفيهم فخرا إذ سألوا عن هويتهم يقولون نحن من لبنان وطن فيروز .
وليس غريبا أن يصادف العيد الوطني للبنان عيد ميلاد المطربة الكبيرة فيروز، فهي الحلم الذي شكل جزء من الهوية الوطنية والوجدان الشعبي، ويعتبرها اللبنانيين حضن الوطن فقد وحدت موهبتها انقسامهم المذهبي والسياسي ،فلا قاسما مشتركاً يجمع بين اللبنانيين أكثر من صوت فيروز. 
وكما تجاوزت الخصومات السياسية تجاوزت موهبتها الحدود الجغرافية من المحيط للخليج ،فلم تغني فيروز لوطنها الأم لبنان فقط بل غنت لمصر والشام وبغداد وعمان وفلسطين ومكة، وهو ما حمل لها مكان خاصة ما زالت ترافق قلوب محبيها العريض في مختلف أنحاء العالم. 
لم تكن اللهجة اللبنانية قبل جارة القمر من اللهجات الدراجة في الوطن العربي , لكن مع سفيرة لبنان أكتسبت المفردات اللبنانية بعدا عربيا ,وأصبحت فيروزته رمز وطني لكل مواطن لبناني وعربي.
ويأتي صوت سيدة الصباح عابرا من زمن الفن الجميل مخترقا جميع الحواجز ليلامس شغاف القلب ،حاملا  السعادة متدرجا رقراقاً بين الشجن والفرح. 
وصفها الموسيقار محمد عبد الوهاب بالصوت  الملائكي الحس, ورغم تعاونها معه وغنائها أعمال الموسيقار سيد درويش في مرحلة متقدمة من مسيرتها الفنية , إلا أن تعاونها مع منصور وعاصي الرحباني أضافا لها وأعاد صياغة موهبتها الكبيرة.

فقد أكتشف الأخوين رحباني قدرات صوتها وتفاصيل طبقاته , فطوعا الجمل اللحنية لتناسب الطاقة الصوتية الجبارة التي تجمع بين الرقة والقوة معا ,فأجتمعت العذوبة الفيروزية بإبداع الرحبانية، وتعاون أفرز لنا مدرسة فريدة في الغناء العربي ,تم فيها المزج بين الأنماط الغربية والشرقية والألوان الفلكلورية اللبنانية في الموسيقى والغناء.

وكما طوع الرحبانية ألحانهم لتناسب مقام الصوت الثري رفيع المستوي, لونت الست فيروز الألحان بتغريدها وبصمة صوتها الذي لا تخطئه أذن, فكانت بدورها تعيد صياغة اللحن علي طريقتها الفيروزية ,فتتشكل تلاوينه اللحنية في قالب ساحر لم يتكرر حتي الأن , وتصبح أعمالهم جزء لا يتجزأ من التراث الوطني وحالة متفردة من الأبداع. 
ومن الأخوين رحباني أنتقلت فيروز إلى جيل آخر وألحان زياد الرحباني ، ورغم خروجه من عباءة الرحبانية , إلا أن هويته الموسيقية مختلفة تماما عن والده وعمه ، فقد أتجه للمزج بين المقامات الغربية والشرقية وظهر ذلك جليا  مع أول لحن له سألوني الناس وكان عمره وقتها لا يتجاوز ال18 عام , فأستعان بألات غربية وتوزيع مبدع غير مالوف وجاءت ألحانه لتشكل فصلا جديدا في مسيرة الأرزة .
وكان للكلمة أهمية كبيرة في المدرسة الفيروزية فكانت تحرص علي إنتقاء الكلمات بعناية فغنت فيروز لكثير من الشعراء العرب القدامى والمحدثين بداية من قصائد الأخطل الصغي وقيس بن الملوح وأبي نواس وصولا إلى إيليا أبوماضي وجبران خليل جبران ونزار قباني بالاضافة الي رفقاء نجاحها الاخوين رحباني متعددي المواهب.
رغم توقف فيروز عن الغناء مازالت ياسمينة الشام حاضرة بصوتها ،محلقة بأعمالها رفيقة الأوقات الحلوة والصعبة، كل سنة والست فيروز أخر جيل الأساطير في القرن العشرين وصوتها الساحر يحمل إلينا السعادة والأشراق والأمل .

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن موسم الرياض بوصلة رقص مثيرة بــ”الرقبة” وساخرون: (هسا ديل مغتربات ولا زيارات ساي)
  • خليل الحية: نبحث في كافة الأبواب والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان
  • كريمة أبو العينين تكتب: اغسل قلبك
  • احذروا.. ممارسة شائعة أثناء غسل الشعر قد تؤدي إلى سكتة دماغية مميتة
  • احذرِ .. غسل الشعر في صالون التجميل قد يكلفك حياتك
  • بعد قليل.. محاكمة 3 متهمين بقتل طفلة في شوارع السيدة زينب
  • اليوم.. محاكمة 3 متهمين في واقعة قتل الطفلة «غزل» بالسيدة زينب
  • طبيب يحذر من غسل الشعر في مراكز التجميل
  • منى أحمد تكتب: أرزة لبنان
  • هند عصام تكتب: الملك سيتي الأول