البقاع- دفعت الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب اللبناني ومنطقة جنوب البقاع الغربي آلاف المواطنين -خاصة أولئك الذين دمرت منازلهم كليا أو جزئيا- إلى اللجوء لقرى وبلدات أكثر أمنا في الداخل اللبناني، حماية لأطفالهم وكبار السن منهم، وبلغت حركة نزوح الجنوبيين ذروتها خلال سبتمبر/أيلول الماضي وأكتوبر/تشرين الأول الحالي.

وبحكم وقوع هذه المنطقة في قلب الصراع العربي الإسرئيلي لم تكن هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها أهل الجنوب إلى مناطق أخرى في لبنان، فقد سبقتها حالات مماثلة في أعوام مثل 1978 و1996 و2006، وما بينها مرت فترات استقرار تام أو نسبي.

وعند كل عدوان إسرائيلي كان الجنوبي يلجأ إلى "بيته الثاني" في الداخل اللبناني، سواء عند أقاربه أو أصهاره أو أصدقائه.

وإذا لم تكن لدى أحدهم أي صلة وثيقة فإن المجتمع المحلي والجمعيات الأهلية والأحزاب على اختلافها تفتح لهم البيوت والمدارس كمراكز إيواء، إضافة إلى الباحات والقاعات العامة التابعة للمراكز والأندية والمساجد والكنائس، فضلا عن الرعاية الرسمية.

سلاح الوحدة

في الاعتداءات السابقة كان الاحتلال الإسرائيلي يلاحق أبناء الجنوب إلى أماكن نزوحهم، فيستهدفهم بالقصف ويزيد معاناتهم، أو يروج للفتنة بينهم وبين مستضيفيهم عن طريق عملاء له أو بإسقاط مناشير تحريضية، سعيا منه لإحداث شروخ مجتمعية بين البيئات الحاضنة، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل سابقا.

وفي هذه الأيام تستمر المحاولات الإسرائيلية الساعية لتفجير الوضع الأهلي عبر الإكثار من الاعتداءات الجوية أو بث أخبار تحريضية وإسقاط مناشير تحمل عبارات التهديد، وذلك في العديد من القرى الجنوبية وقرى البقاع الغربي والأوسط التي حل فيها آلاف النازحين.

ويؤكد جورج خوري -وهو أحد أهالي القرى المضيفة- أن محاولات الاحتلال لن تنجح، قائلا باللهجة الشعبية "يخيطوا بغير هالمسلة" (لا تحاولوا خداعنا).

ويضيف "لا شيء يمكن أن يثنينا عن واجبنا في تعزيز وحدتنا الوطنية من خلال دعمنا لأهلنا النازحين، نحن باقون رغم أنف العدو".

ويضيف أحمد جراح -وهو من سكان بلدة المرج التي تستضيف العديد من النازحين- "ربما يطالنا القصف اليوم أو في الآتي من الأيام، لكننا نقول: ما يصيب النازحين من مسلمين أو مسيحيين يصيبنا، ونقطة عالسطر".

من جهته، أعرب محمد دحروج -وهو من سكان قرية القرعون المضيفة- عن ثقته بتخطي الأزمة مهما طالت.

وأضاف دحروج "في بلدتنا المتنوعة اجتماعيا هناك أكثر من 5 آلاف نازح، وهم على قلبنا مثل السكر، ومكملين لأجلهم ولأجل أولادنا ووطننا".

بلسموا جراحنا

وفي موازاة هذه الأجواء المرحبة في القرى المضيفة نجد آراء ومواقف متطابقة لدى شريحة واسعة من النازحين التقت بهم الجزيرة نت، في راشيا وصغبين وخربة قنافار وجب جنين وكامد اللوز وغيرها.

ويقول علي الخشن -من بلدة سحمر، وهي التي أصابها دمار كبير وسقط فيها أكثر من 10 شهداء وعشرات الجرحى- إنه اضطر للنزوح الى القرعون التي تبعد 7 كيلومترات من قريته.

ويضيف "رغم الألم والخسائر الكبيرة وجدنا عند أهلنا في القرعون ما بلسم جراحنا وأعاننا على مواجهة مصاعب النزوح".

ويرى محمد عقل -الذي نزح من قريته لبايا إلى جب جنين- أن محاولات العدو الضغط أو التحريض ضد النازحين لن تنفع "فالمجتمع المضيف سبق أن استقبلنا مرات عدة وفي ظروف مماثلة، ولم نجد منه سوى الدعم والمساندة".

جهود الإغاثة

بدوره، يقول الحاج محمد المجذوب رئيس اتحاد بلديات السهل ورئيس بلدية غزة إنه "مهما حصل فإن موقفنا يزداد قوة وصلابة في المجتمع المضيف، ولن تثنينا عن واجبنا الوطني أي تحديات أمنية إسرائيلية وغيرها من تلك المحاولات البائسة".

ويؤكد المجذوب في حديثه للجزيرة نت أن كل نازح من قرى الجنوب أو جنوب البقاع الغربي له بيت في بلدة غزة وقرى اتحاد بلديات السهل، والذي تنضوي في إطاره 12 بلدة.

ويقول "بصراحة مطلقة، العدد الأكبر من النازحين يقطنون في منازل خاصة بالمجتمع المحلي، وعندما فاقت الأعداد قدرتنا على الاستيعاب في المنازل لجأنا إلى فتح مراكز إيواء في المدارس الرسمية بالتعاون مع الجمعيات الأهلية المحلية والعربية والدولية، وهيئة الطوارئ التي شكلها مجلس الوزراء".

ويضيف "يتم هذا التعاون وفق آليه مناسبة تحاول أن ترتقي بجهودها إلى حجم الكارثة الإنسانية التي أصابت أهلنا النازحين".

من جهتها، تحدثت رئيسة مركز الشؤون الاجتماعية في راشيا سوسن أبو حلا عن التنوع الاجتماعي في المجتمع المضيف أو النازحين على السواء.

وقالت أبو حلا للجزيرة نت إن فرق العمل التابعة للمركز والجمعيات الداعمة تقوم بعمل جبار لتأمين الاحتياجات اللازمة، فضلا عن قيام فرق متخصصة تتابع التداعيات النفسية والمعنوية، خاصة لدى الأطفال.

كما حذرت من مخاطر اقتصادية وصحية آتية على أبواب الشتاء، وهو ما يتطلب توفير مستلزمات الشتاء، بما فيها وسائل التدفئة والوقود، خصوصا أن مراكز الإيواء تقع ضمن مناخ قاس شتاء، وموسم الأمطار والثلوج على الأبواب.

خلية الأزمة في راشيا لمتابعة شؤون النازحين بإشراف الحزب التقدمي الاشتراكي (الجزيرة) أدوار مساندة

يقطن في بلدة راشيا الواقعة عند سفوح جبل الشيخ نحو 7500 نازح، منهم 6 آلاف لجؤوا إلى منازل أصدقائهم ومعارفهم في 30 قرية تقريبا تتبع قضاء البلدة، في حين توزع الباقي على مراكز إيواء يشرف عليها الحزب التقدمي الاشتراكي بالتعاون مع جمعيات أهلية محلية ومنظمات دولية ومجلس الجنوب، فضلا عن دور الصليب الأحمر اللبناني وجمعية فرح التابعة للحزب التقدمي.

ويشير وكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي في راشيا عارف أبو منصور إلى فشل محاولات عدة لتوتير المنطقة واستجلاب فتن أو اعتداءات إسرائيلية.

ولفت أبو منصور إلى دور بارز للحزب بالتنسيق مع المجتمع المحلي وفعاليات وأحزاب المنطقة أدى إلى توفير أفضل مناخ للنازحين.

أبو منصور أكد فشل محاولات عدة لتوتير المنطقة واستجلاب فتن أو اعتداءات إسرائيلية في مناطق نزوح اللبنانيين (الجزيرة)

ويوضح أبو منصور أنه منذ بدء تداعيات عملية طوفان الأقصى على لبنان شكّل الحزب التقدمي وبتوجيهات من رئيسه تيمور جنبلاط خلية أزمة لتكون في جاهزية تامة بالتنسيق مع البلدات والقوى السياسة المحلية، لمواجهة تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.

ولفت إلى أن التنسيق على أعلى مستوى مع قيادة الجيش والقوى الأمنية في المنطقة، وذلك بهدف دعم ورعاية الجهود الشعبية والأهلية الهادفة إلى توفير أفضل المناخات والرعاية للنازحين "على أمل أن تزول هذه الغمامة عن كاهل كل اللبنانيين" كما يقول، كما خلت تقارير القوى الأمن من أي إشارة إلى إشكالات أو حوادث في هذه المنطقة المكتظة بآلاف النازحين من جنوب لبنان ومن سوريا على حد سواء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحزب التقدمی أبو منصور فی راشیا

إقرأ أيضاً:

العراق يوجه بعدة إجراءات أمنية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد العراق التزامه بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأدان بشدّة تهديدات سلطات الكيان الإسرائيلي، التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة، داعيا جميع الأطراف الفاعلة إلى رفض التصعيد، وإعطاء الأولوية للحوار والالتزام بمبادئ القانون الدولي.

وشدد المجلس الوزاري للأمن العراقي، خلال الاجتماع الطارئ الذي عقده، أمس الثلاثاء، برئاسة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، وفقا لوكالة الأنباء العراقية، على رفض العراق بشكل قاطع للشكوى الصادرة عن الاحتلال الإسرائيلي والموجّهة ضدّه، ووجه السوداني باتخاذ عدة إجراءات أمنية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، مؤكدًا أن الاتهامات لا تعدو كونها ذرائعَ تهدفُ إلى تبرير عدوانٍ مُخطط له ضدّ العراق من قبل تلك السلطات، في إطار خطوةٍ جديدةٍ تهدف إلى توسيع رقعة الصراع الإقليمي.

وجدد المجلس موقف الحكومة العراقية، الذي سبق أن أعلنت عنهُ مرارًا وتكرارًا، بأن قرار السِّلم والحرب من اختصاص الحكومة العراقية وحدها، وأنها مستمرّة في إجراءاتها لمنع استخدام الأراضي العراقية لشنّ أي هجوم، وقد أثمرت بالفعل عن ضبط أسلحة معدّة للإطلاق، وتلاحق قانونيًا كل من يشترك في هكذا أنشطة تهدد أمن العراق وسلامة أراضيه".

كما ترى الحكومة العراقية أن للعراق دورًا أساسيًا في الوقوف إلى جانب أشقائه من الدول المُعتدى عليها، ضمن الواجب الشرعي والأخلاقي في تقديم الدعم الإنساني والسياسي والقانوني، والعمل على كبح جماح سلطات الكيان المُحتل، ووقف العدوان عبر الجهود الدولية، إزاء استمرار سلطات الكيان في انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي، الداعية إلى احترام سيادة الدول والالتزام بالقانون الدولي ووقف الأنشطة الحربية.

وأوضح المجلس أن المزاعم الأخيرة لسلطات الكيان، وأفعالها تعد تصعيدًا خطيرًا، ومحاولة للتلاعب بالرأي العام الدولي لتبرير العدوان، وتقويض الجهود الرامية إلى الحفاظ على السلام والأمن، وتزيد من خطر توسعة رقعة الصراع في المنطقة.

وفي ضوء هذه التطوّرات، أقرّ المجلس الوزاري للأمن الوطني بالعراق ما يلي:

1- توجيه وزارة الخارجية بمتابعة الملف في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، على وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق، وردع تهديدات الكيان العدوانية.

2- دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك.

3- مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق (الشكوى رقم ABM/1/185 بتاريخ 14/8/2024، والشكاوى المقدمة في تشرين الأول 2024)، ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي.

4- مطالبة مجلس الأمن الدولي، باتخاذ إجراءات فورية ورادعة ضد سلطات الكيان المحتل، والعمل على محاسبتها على انتهاكاتها للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن الدولي. 

5- إصدار قرار تحت الفصل السابع لوقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء المنطقة، والتحرك بحزم لوقف الأعمال العدائية، ومنع أي طرف من شنّ أعمال عدوانية أو تبريرها عبر اتهامات واهية.

6- قيام الولايات المتحدة الأمريكية مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من اتفاقية الإطار الاستراتيجي، لاتخاذ خطوات فعالة لردع سلطات الكيان المحتل، كما يدعو التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب.

 

مقالات مشابهة

  • وسائل اعلام لبنانية: الجيش الإسرائيلي عاجز عن التقدم باتجاه بلدة الناقورة
  • العراق يوجه بعدة إجراءات أمنية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية
  • لبنان: قصف فوسفوري إسرائيلي على بلدات جنوبية
  • ‏حزب الله يعلن استهداف قوات اسرائيلية في محيط أربع بلدات حدودية لبنانية
  • عراقجي: سنقف إلى جانب سوريا ضد التهديدات الإسرائيلية
  • إيران: سنقف إلى جانب سوريا ضد التهديدات الإسرائيلية
  • غارات للاحتلال تجاه بلدات جنوبي لبنان
  • رئيس دفاع النواب: مصر استقبلت 9 ملايين لاجئ خلال 13 عامًا
  • الصحفية السودانية صباح أحمد: تنتقد غياب التضامن من النقابة والشبكة تجاه التهديدات التي تطالها
  • «القاهرة الإخبارية»: إحباط يسيطر على الشارع اللبناني بسبب قصف بلدات الجنوب