فضل زيارة مسجد السيد البدوي.. هل يدخل ضمن النهي عن شد الرحال؟
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
يحتفي أبناء الطرق الصوفية اليوم الخميس بالليلة الختامية لمولد السيد البدوي 2024، والذي بدأ الجمعة الماضية بمشاركة واسعة للطرق المختلفة، ووسط جدال حول حكم الصلاة وزيارة الأضرحة يتساءل البعض عن فضل زيارة مسجد السيد البدوي وهل يدخل ضمن النهي عن شد الرحال؟
فضل زيارة مسجد السيد البدوييقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن هناك أماكن لاستجابة الدعاء منها بيوت الله ، وهذا جعل الإمام البيضاوي ـ رحمه الله تعالى ـ يقول : إن إلحاق ضريح الأولياء والعلماء -مثل مسجد سيدنا الحسين ومثل مسجد الإمام الشافعي ومثل هذه الأماكن الشريفة المباركة- الإلحاق به ليس من المنهى عنه ، لأن المسجد مكان يستجاب فيه الدعاء وهو مكان طيب ، والنبي ﷺ دلنا على أننا نتقرب حتى في وفاتنا من المكان الطيب، مكان يستجاب فيه الدعاء ؛ولذلك فرسول الله ﷺ عندما مات عثمان بن مظعون ـ وقيل أنه كان أخاً له في الرضاعة ـ قال : [ آتُونِى بِصَخْرَة أُعَلِّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِّي وَ أَدْفِنُّ إِلَيْهِ ] إذن سيدنا ﷺ يراعي إن ضريح وقبر عثمان ابن مظعون ـ رضى الله تعالى عنه وأرضاه ـ إنما هو مكان يُدفن إليه غيره من أجل طيب هذا المكان .
وتابع: فالإمام البيضاوي وهو رجل يعرف ما اللغة ويعرف أنه [ اتخذوا قبور أنبيائهم وأوليائهم مساجد ] معناها أنهم سجدوا لمن في القبر وعبدوا البشر وأن هذا هو المنهى عنه ؛وليس أن نضع الضريح بجوار المسجد الذي هو مكان مبارك لاستجابة الدعاء ، ولذلك نرى كثير من الناس وهو يذهب إلى الأولياء يدعو الله سبحانه وتعالى باعتباره مكاناً مباركاً لأنه مسجد ، يدعو الله سبحانه وتعالى متوسلاً إليه بهؤلاء الأفاضل الأكابر الذين وفقهم الله سبحانه وتعالى لعلم شريعته كالإمام الشافعي ،أو للجهاد في سبيل الله كسيدنا الحسين سيد شباب أهل الجنة ، أو لأنه من العابدين الأتقياء الأنقياء المجاهدين في سبيل الله كالسيد أحمد البدوي ، فيدعو الله تعالى ـ ولا يدعو سيدنا الحسين ولا السيد البدوي ولا الإمام الشافعي ـ يدعو الله في هذه الأماكن الشريفة لأنها محل نظر الله سبحانه وتعالى ، فهذه أماكن شريفة لا تشد إليها الرحال ؛لأنه لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " الحرم المكي, والمسجد النبوي , وبيت المقدس" ، شد الرحال معناها أن هذه الأماكن الصلاة فيها أفضل وأعلى من الصلاة في غيرها ، لكن من ذهب يزور طنطا عند السيد البدوي هو لا يقصد أن الصلاة فيه خير من الصلاة في غيره .. أبداً ، ولكنه يريد الزيارة ، ويريد صلة الرحم ، ويريد أن يدعو الله سبحانه وتعالى ، ولكن فضل مسجد السيد البدوي مثل فضل مسجد سيدنا الحسين مثل فضل أي مسجد كان .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السيد البدوي مسجد السيد البدوي الطرق الصوفية السيد أحمد البدوي الله سبحانه وتعالى مسجد السید البدوی سیدنا الحسین یدعو الله الصلاة فی
إقرأ أيضاً:
البقاء لله.. مات أبي
حمد الحضرمي
لا يعلم الإنسان متى يأتيه الأجل ويفارق الحياة الدنيا ويترك الأهل والأحباب، لأنَّ وقت الموت من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، إلّا أن الموت حق لا فرار منه، ومنتهى كل حي وسنة الله في عباده، ولكن الابتلاء يكون كبيراً عندما يكون الموت موت الأب، لأنَّ الأب نعمة عظيمة، وموته فاجعة تكسر القلب وتقصم الظهر، ولن يأتي مثله أحد، ولن يسد مكانه أحد، وستثبت لك الأيام هذا الواقع، فحب الأب حبٌ صادقٌ، وخوفه وحرصه عليك ليس له مثيل، والفارق بينكما كبير، فأنت تبتسم عندما تكون سعيدًا، وهو يبتسم عندما يراك أنت سعيدًا.
الأب له مكانة وقيمة في حياة الأبناء؛ فهو صاحب قلب كبير وتضحية ووفاء وعطاء بلا حدود، ونصائحه سديدة وعباراته وكلماته جميلة لها معانٍ جليلة، ومواقفه الكريمة لا حصر لها ولا عد، وابتسامته صادقة نابعة من قلب نقي يحب أن يرى ابنه في صحة وعافية وسعادة وسرور، فالأب يرجو لابنه على الدوام الخير والسلامة والنجاح في حياته، وتجده دائمًا رافعًا يديه داعيًا ربه: اللهم اشرح صدر ابني ويسر له أمره وارزقه الخير والرشاد، ويتبع ذلك ناصحًا يا بنّي المشوار أمامك طويل، والمهمة صعبة وتستحق التضحية والمثابرة والإصرار لتُحقق النجاح في حياتك في الدنيا وفي الآخرة، ولذلك تكون وفاة الأب ورحيله عن الدنيا خسارة كبيرة لا تعوض.
لن أنسى ما حييت عندما أوصاني أبي في حياته، وهو الأب الرحيم صاحب الحكمة والشفقة والعطف والمحبة والكرم والجود، قائلًا: "يا بنّي اجعل علاقتك بالله كبيرة، وعندما تحاصرك الهموم والأحزان استعن بالله، فلا كرب مع الله، وحافظ على الصلاة في المسجد مع الجماعة، لأنَّ الصلاة هي السعادة وباب النجاة والنجاح في الحياة". كما أوصاني بفعل الخير ونصرة المظلوم والدفاع عن حقوقه، ثم قال لي: "تخيَّر شريكة حياتك التي تعينك على الحياة؛ فالمرأة الصالحة كنزٌ ونعمة عظيمة من أعظم نعم الدنيا والآخرة". فكيف أنسى رجلًا كان كل شيء في حياتي، وكان هَمَّه وهدفه الدائم أن تعيش عائلته الكبيرة في محبة ووئام ومودة وسلام، وتستمر المحبة بينهم للأبد.
أُبشِّرُك يا أبي الغالي بأنني قد نفَّذتُ وصيتك لي، فحبي وخوفي ورجائي وثقتي بالله كبيرة، وإنني محافظ على الصلاة في المسجد مع الجماعة، وأسعى لفعل الخير ونصرة المظلوم، وقد تزوجت زوجة طيبة كريمة تقية، ورُزقتُ منها بالأبناء والبنات الصالحين، الذين يدعون الله لك بالرحمة والمغفرة، وقد سمَّيتُ ابني البكر على اسمك تكريمًا لك وفخر له. ولكن يؤسفني أن ابلغك يا أبي الحبيب بأنني لم أستطع تنفيذ وصيتك الخاصة وتحقيق هدفك النبيل، رغم محاولاتي المتكررة، لأن البعض كانت غايته تحقيق مصالحه الشخصية، دون مراعاة للحقوق العامة ومصالح العائلة، وكما تعلم أنه من الصعب إقناع الآخرين وإلزامهم بتنفيذ شيء لا يرغبون في تنفيذه.
فيا أيُّها الأبناء.. محظوظ منكم من كان أبيه ما يزال على قيد الحياة، يعيش معه ويسمع صوته وكلماته ونصائحه، ويسعى في خدمته ورعايته، وإدخال الفرح والسرور والبهجة في حياته قبل مماته، فالموت سيأتي عاجلًا أم آجلًا، ليأخذ منك أعظم نعمة لا تشعر بقيمتها إلّا عندما تفقدها، وستبقى وفاة الأب مرحلة صعبة تمر على الابن وفاجعة مؤلمة، تحرق القلب، وتمزق الفؤاد ألماً وحسرة، وتشعر وقتها بالضيق والاختناق، وتتوقف الكلمات في الحناجر، ولا تستطيع فعل شيء سوى الحزن والبكاء، لأنك لن ترى أباك بعد اليوم إلا في المنام أو في جنات النعيم- اللهم اجعلنا من أهل الجنة - وهكذا تكون النهاية والوداع الأخير بين الأب وابنه، وعلينا وقتها التسليم والرضا بقضاء الله وقدره والصبر والسلوان، والدعاء لآبائنا ولجميع موتانا وموتى المسلمين بالمغفرة والرحمة والرضوان.
رابط مختصر