المفتي: الحروب الفكرية اشتدت وتعاونت لتنفيذ أغراض عسكرية
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
قال الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد - مفتي جمهورية مصر العربية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم-: إن التراث مليء بالجوانب المضيئة التي تأخذ بيد العباد إلى الصلاح والنجاح، فقد اشتدت الحروب الفكرية وتعانقت وتعاونت لتنفيذ أغراض وأهداف الحروب المادية العسكرية وعملا معًا على المضي في القضاء على هوية الأمة الإسلامية والسعي في طمس معالمها والجد في القضاء على ما يميزها، وذلك بالتطاول على تراثها الذي يمثل الركيزة الأساسية في بناء نهضتها ونشر دعوتها.
وأضاف خلال كلمته بمؤتمر "دور التراث العلمي للإمام الترمذي في الحضارة الإسلامية" المنعقد بمدينة (ترمذ) بأوزبكستان، أن هذا المؤتمر قد جاء في وقت أمتنا الإسلامية في أمس الحاجة إليه، حيث نرى الحرب على هذا التراث العلمي والمعرفي والذي غيّر خريطة العالم ونقله نقلة نوعية، فقد استطاع به ومن خلاله أن يخرج من حال الضيق إلى السعة وحال الظلمة إلى النور ومن حال الجهل إلى العلم والمعرفة، وهذه الحالة التي صنعها التراث ليست بغريبة إذ قد استمد تعاليمه من دعوة عالمية ورسالة رشيدة أخذت بيد العباد إلى طريق الصلاح والفلاح.
التراث الإسلاميوأوضح أن التراث الإسلامي في حاجة إلى الكشف عنه والتعريف به وبأعلامه ورموزه باعتبار أن ذلك يصحح العديد من الأوهام والأخطاء التي يروج لها بشأنه.
كما أن الكشف عن هذا التراث وجهود أعلامه فوق أنه تعريف بالإسلام ودعوة إليه فهو كذلك يكشف فضله على الإنسانية جمعاء وأن البشرية مدينة له في الكثير من نهضتها قديمًا وحديثًا، وهو ما يقضي على أسطورة الجنس السامي والجنس الآري والفوارق بينهما، مؤكدًا أن الحديث عن هذا التراث والكشف عن جهود أعلامه يدفع إلى الكشف عن مواطن التأسي والاقتداء وجوانب العظمة ومواضع الاهتداء إلى الطيب في السلوك والحسن في الأقوال، وهو ما يمكن أن يسهم في مواجهة أخطار الإلحاد ودعاوى الشذوذ ونتائج المثلية ورفض المادية بأبعادها التي تقوم على إنكار الدين جملة وتفصيلًا وندرك أخطار الحروب ومفاسد الاختلاف وأضرار الصراع وآثار انعدام القيم الروحية وغياب الأخلاق وتخلي الإنسانية عن إنسانيتها.
الحضارة الإسلامية قامت علَى أُسُسٍ راسخةٍفي السياق ذاته أشار المفتي إلى أن الحضارة الإسلامية قامت علَى أُسُسٍ راسخةٍ وضعَ لَبِناتِها الأولى سيدُنا محمدٌ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فغرَسَ مبادئَ (العدلِ، والمساواةِ، والرحمةِ، والتسامحِ)، وتغيَّرَ الحالُ وأصبحَت هناكَ أُمةٌ وحضارةٌ تضاهِي كلَّ الأممِ، بلْ وتجاوزتْ كلَّ الحضاراتِ، وهوَ الأمرُ الذي وقفَ أمامَهُ الكثيرُ مِن علماءِ التاريخِ والحضارةِ والمستشرقين بتعجبٍ ودهشةٍ فعكَفوا على دراسةِ هذا الدينِ والوقوفِ على أسبابِ نهضتِهِ وحضارتِهِ.
وأضاف: إنَّ دولةَ (أوزباكستان) تضرِبُ بجذورِها فِي أعماقِ التاريخِ القديمِ، وقدْ منحَها اللهُ موقعًا فريدًا جعلَ لها أهميةً كبيرةً، فهيَ حلقةُ الوَصلِ بينَ الشرقِ الأدْنَى والأوسطِ، وملتقى ومركزًا كبيرًا لتبادلِ (الثقافاتِ والعلومِ والفنونِ).
ومنذ أن عَرَفَتْ تلك البلادُ الدينَ الإسلاميَّ وإلى يومنا هذا نجدُ أنَّها شريكٌ أصيلٌ في صناعةِ مجدِ الحضارةِ الإسلاميةِ، فجميعُنا يعلمُ المدارسَ العلميةَ التي خرَّجتْ لنا أئمةً في شتى العلومِ مِن (سمرقند وبخارى وترمذ وغيرها) هذه البلادِ المباركةِ التي شعّ نُورُها –ولا يزالُ- على مشارقِ الأرضِ ومغاربِها، وأهدتْ للحضارةِ الإسلاميةِ قادةً عظامًا وعلماء أفذاذًا تركُوا بصماتٍ خالدةً في تاريخِ البشريةِ، أضاءوا سماءَ العلمِ والمعرفةِ، وجعلوا مِن بلادِهم منارةً للعالمِ كلِّه!
كذلك تطرق فضيلة المفتى إلى الحديث عما قامَ به علماءُ المسلمين مِن خدمةِ السننِ والمروياتِ عبرَ علومِ الحديثِ مؤكدًا أن هذا الدور كانَ مِن أهمِّ العواملِ التي أدتْ إلى قيامِ هذه الحضارةِ وازدهارِها، فأحاديثُ النبي -صلى الله عليه وسلم- ليستْ مجردَ رواياتٍ تُسرد! بلْ هي المصدرُ الثاني مِن مصادر الاستدلالِ في دينِنا الحنيفِ!
ونحنُ فِي هذا المؤتمرِ العلميِّ الذي نتحدثُ فيهِ عنْ إمامٍ مِن أئمةِ الحديثِ في هذهِ البلادِ المباركةِ وعنْ دورِهِ في الحضارةِ الإسلاميةِ اسمحُوا لي أن أتساءلَ؛ ماذا لو لمْ يُؤسِّس علماؤُنا علومَ الحديثِ والإسنادِ والعللِ والجرحِ والتعديلِ؟!
وتابع: الحقيقةُ أنَّ هذه العلومَ - والتي كانَ لعلماءِ هذه البلادِ النصيبُ الوافرُ منها- هي التي حافظتْ على هذا الدينِ مِن خطرِ التحريفِ والتزييفِ! وإلَّا لأصبحتْ الرواياتُ (الموضوعةُ والمكذوبةُ) منتشـرةً بين الناس، تشوّهُ عليهم عقائدَهم وشرائعَهُم، وأدَّى ذلكَ إلى كثرةِ الفِتَنِ والخلافاتِ وتفريقِ وحدةِ المسلمين، وبحمدِ الله تعَالى ومَنِّهِ وفضلِهِ استطاعتْ هذه العلومِ أنْ تحفظَ للأمةٍ الإسلاميةٍ دينَها، وأنْ تبنِيَ حضارةً شامخةً قائمةً على أسسٍ راسخةٍ مِن العلمِ والمعرفةِ.
وقال إنَّ بناءَ قواعدَ وضوابطَ علميةٍ ومنهجيةٍ لحفظِ أقوالِ النبيِ-صلى الله عليه وسلم- من التزييفِ والتحريفِ ونقلها إلينا مسندةً أمرٌ جللٌ أيَّدَ اللهُ به الدينَ، وإنَّ المرءَ ليقفُ حائرًا أمامَ صبرِ وجلَدِ علماءِ هذا الفنِّ في دراستِهِم ! ليضَعُوا لكلِّ واحدٍ مِنْ رُواةِ الحديثِ درجتَهُ ومنزلتَهُ في نقلِ المروياتِ والأخبارِ، وهو ما أثارَ دهشةً لدى بعض الباحثين الغربيين لعنايةِ علماءِ الإسلامِ بالإسنادِ مما يجعلُ من المستحيلِ – على حدِّ تعبيرِهم- وفقًا لقانونِ الاحتمالات تزييفِ كلِّ هذه الأسانيدِ التي تفرَّعتْ خلالَ هذه المدةِ الطويلةِ وعلى مناطقَ جغرافيةٍ شتَّى وعلى رجالٍ بهذا العددِ الكبيرِ!! ورغم ذلك كلهِّ بقِيَ الإسنادُ إلى درجةٍ كبيرةٍ متصلاً لا انقطاعَ فيه!
كما لفت فضيلة المفتي النظر إلى أن علومَ الحديثِ عندَ المسلمين لم تكنْ مجردَ أداةٍ لحفظِ النصوصِ الدينيةِ فحسب، بلْ كانتْ منهجاً علمياً دقيقاً فِي نقدِ الأخبارِ وتوثيقِها، وقد استلهمَ علماءُ الحضارةِ والتاريخِ في الغربِ مِن المسلمين هذه المنهجية الدقيقة في دراسةِ الماضي، وتحليل المصادر، والتمييزِ بين الصحيح والسقيم، وتطوير أدوات البحث والنقدِ في دراسة التاريخِ. إنَّ هذا التأثيرَ يبيّنُ لنا كيف أسهَمَ التراثُ الإسلاميُّ بشكلٍ عامٍ وعلوم السنة بشكل خاص في الحضارة الإنسانيَّةِ.
وقال: إنَّنِي أتحدثُ الآن مِنْ بلادٍ مباركةٍ لَها الحظَّ الأوفرُ في البناءِ والتأسيسِ والتأليفِ لعلومِ السنةِ، تلك البلادِ التي قدمَتْ للحضارةِ الإسلاميةِ كبارَ الأئمةِ في هذا العلمِ، مِن بينِهِم الإمام "محمد بن عِيسَى الترمذي" ويكفي قولُ الإمام البخاري في حقه: (ما انتفعتُ بكَ أكثرَ مما انتفعتَ بِي)، بلْ إنَّ الإمامَ البخاريَّ وضَعَهُ ضِمنَ شيوخِهِ الذين روَى عنْهُمْ، وقد قدَّمَ الإمامُ الترمذيُّ للحضارةِ الإسلاميةِ إسهاماتٍ عظيمةً شتّى منها: حرصه على التأليفِ والتدوينِ في العلومِ التي رأى أنَّها واجبُ الوقتِ، وفي هذا يقول: (وإنَّما حملَنا على ما بيَّنَّا في هذا الكتابِ مِن قولِ الفقهاءِ وعللِ الحديثِ؛ لأنَّا سُئِلْنَا عنْ هذا فلمْ نفعلْهُ زمانًا، ثم فعلناهُ لمَّا رجوْنا فيهِ مِنْ منفعةِ الناسِ....). ولهذا نراه راعى في منهجهِ ما يناسبُ العامةّ بغيةَ نفعِهِم فكانتْ تراجمُهُ للحديثِ واضحة جلية في دلالتها.
وكذلك إسهام الإمام الترمذي في تطويرِ منهجيةِ تصنيفِ الأحاديثِ النبويةِ منْ خلالِ كتابِهِ الشهيرِ "الجامعِ"، والذي يُعرَف أيضًا بـ "سننِ الترمذيّ، وقد حاولَ فيهِ الجمعَ بينَ ما تميَّزَ بهِ الصحيحان، فالترمذيُّ جمعَ بينَ الناحيةِ الفقهيةِ التي تميَّزَ بها البخاريُّ وبينَ الصناعةِ الحديثيَّةِ التي تميز بها مسلم، فأخرجَ هذا السفر العظيم الذي حظِي بإجلالِ العلماءِ، قال عنه (طاش كبرى زاده) الحنفيُّ: إنه "أحسنُ الكتبِ، وأكثرُها فائدة وأحسنُها ترتيبًا، وأقلُّها تكرارًا، وفيهِ ما ليسَ في غيرِه مِن ذِكرِ المذاهبِ ووجوهِ الاستدلالِ، وتبيينِ أنواعِ الحديثِ مِن الصحيحِ، والحسنِ، والغريبِ، وفيهِ جرحٌ وتعديلٌ، وفي آخرهِ كتابُ العللِ قدْ جمعَ فيهِ فوائدَ حسنةً لا يخفَى قدرُها علَى مَنْ وقَفَ عليها".
كما حفظَ لنا الجامعُ للترمذيِّ نوادرَ المذاهبِ الفقهيةِ، وترجيحهِ مِن بينِ المذاهبِ، وهو ما جعلَ العلماء ينظرون إلى جامِعِهِ باعتبارِهِ مِنْ أوائلِ الكتبِ التي اعتنتْ بالفقهِ المقارنِ، وهنا مَلْمَحٌ حضاريٌّ في نَقْلهِ للمذاهِبِ الفقهيةِ المتعددةِ معَ عدمِ التعصبِ للمذهبِ الواحدِ.
كذلك أسهمَ الإمامُ الترمذيُّ في منهجِ النقدِ الحديثيِّ، ففي كتابِهِ "العللِ الصغيرِ"الذِي ألحقَهُ بجامعِهِ، قدَّمَ الترمذيُّ تحليلاً دقيقًا للأحاديثِ الضعيفةِ مع ذِكرِ أسبابِ ضعفِها، سواء مِنْ حيث السنَد أو المَتن.
كما حَرِصَ الإمامُ الترمذيُّ على ذِكْرِ أسانيدِهِ فيما نَقَلَهُ مِن آراءٍ للمذاهِبِ الفقهيةِ، وهو هُنا يُرسِّخُ لمبدأِ التوثيقِ في الآراءِ، والتأكيدِ على أهميةِ الإسنادِ الذي تميز بهِ علماءُ الإسلامِ، وكانَ له الأثرُ العظيمُ في الحضارةِ الإسلاميةِ.
وفي ختام كلمته أكد فضيلة المفتي على أن دورَ الإمامِ الترمذيِّ في حفظِ السنةِ النبويةِ وبناءِ علومِ الحديثِ وقواعدِ الإسنادِ ونقدِ الرواة، كان دورًا محوريًا في تاريخِ أمتِنا، وكان له انعكاساتُهُ الواضحةُ في بناءِ الحضارةِ الإسلامية، معرباً عن خالصِ سعادتِه بمشاركتِه في هذا المؤتمرِ العلميِّ الدوليِّ وسطَ هذه الكوكبةِ مِن شتَّى البقاعِ كما أكد أن "دار الإفتاء المصرية" وبدعمٍ كاملٍ مِن الدولةِ المصريةِ (حرسها الله) تستشرفُ وتطمحُ وتتشوَّفُ للتعاونِ الجادِّ مع كافة الهيئات والمؤسسات الإفتائية والبحثية وكذا العلماء والمفكرين بما يخدمُ أمتَنا والحضارة الإنسانية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية نظير محمد عياد أوزباكستان الحروب الفكرية مصر فی الحضارة فی هذا وهو ما
إقرأ أيضاً:
الثامن من مارس: و الجالسات على أرصفة العدالة في السودان
الثامن من مارس: و الجالسات على أرصفة العدالة في السودان
ايمان بلدو
تحُدر الثامن من مارس- يوم المرأة العالمي- في الزمان و لم يفرغ علينا من رضابه..في زمن الحرب في السودان.تحول الناس الى أرقام حسب مرات النزوح و قبلته و حسب موقعهم من مقاييس الجوع التي تحددها المنظات الدولية قبل أن تعلن المجاعة و تناشد الشعوب علها تنقذ البلاد.و العباد..على أن الحرب قد شنت على اجساد النساء منذ اول يوم اندلاعها في العاصمة الخرطوم و على ذلك و ثقت أضابير مجلس الامن الدولي… في الأثناء، ما يزال السياسيون السودانيون يحاولون عقلنة موا قفهم تجاه الحرب بعضهم آثر الرجوع الى المدرسة الدينتولوجيكالية و بعضهم اعتمد على المدرسة التيليولوجيكالية “حتى يظهر كل طرف تفوقه الاخلاقي” كما ذكر د. بكري الجاك في مقاله “المأزق الاخلاقي الماحق في حروب السودان”.
هل تمكن العسكريون من إيجاد الصيغة المثلى لتكتيكاتهم في استئصال شأفة الآخر؟ ربما فشلت “الالياذه” و استراتيجيات الحروب البيزنطية في تحقيق النصر الكاسح و استئصال (العدو) ..لكن البطولة و الخلود تاتي عبر السلام و إحياء الانفس و الحفاظ على وحدة البلاد..بيدهم.. لا بيد عمرو لو كانوا يعلمون!
في يوم المرأة العالم تتذكر شعوب الأرض الأعلام من النساء و كفاحهن و لعل من أروع ما خلد من أعمال عن مآسي الحروب وويلاتها ما كتبته نساء من روايات مثل “كوخ العم التوم” لهاريت بتشر ستو كما كتبت بيتى سميث و غيرهن.فابدعن..وفي السودان سيذكر التاريخ أبطالاً لنا..ست النفور و رفيقاتها..و رفاقها ” آباؤهم نحن…اخوانهم نحن..اخواتهم نحن.. و نحن امهات الشهداء” …و تستمر سير الكفاح ف ليس “كل شئ هادئ على الضفة الغربية”.
و بعيداً عن المدارس الفلسفية لتبرير الحرب، تحولت النساء الى ارقام و حيوات مختفية قسرياً في احصائيات الحروب في السودان..و هي حروب لم تبدأ في ابريل 2023 م كما نعلم، و لا زالت النساء يعانين جراءها … داخل البلاد في اماكن النزوح و في مضارب خارج البلاد منذ بداية الالفية..في دارفور وفي المناطق الثلاث ( جبال النوبة و النيل الأزرق و منطقة ابيي) حسب توصيف “اتفاقية نيفاشا” التي ظلت شاهداً على كيف تؤدي اتفاقيات السلام الى وأد السياسة في بلاد السودان.
من اماكن الايواء و الغابات الى المعسكرات و في المهاجر، تفضح أحوال النساء المفاهيم الكسلى و المعاقة لحماية المدنيين و حقوق الانسان ..و منابر التفاوض تتمطى و تتزمل وتتدثر “و تتوه لما يجي الميعاد” … فهي غير قادرة على ضبط البوصلة على الاحداثيات المطلوبة … و الاتفاقيات بغير ضامن..تبحث عن الفضل بيننا …فمن دخل دار ابي سفيان فهو أمن… أو كما قال.
حدثوا مارس عنا و الزمانا عندما كانت سماؤنا ذات رجع و ارضنا ذات صدع. ذات أحقاب..و اذا بالنساء بفعل الحروب … ساجيات… تحت التطهير العرقي و الاسترقاق و الاختطاف اما الاغتصاب فاصبح مسرحاً للإذلال لادمية البشر برافعة القبلية ..كلما ردوا الى الفتنة اركسوا فيها. و تسيًد الجوع و المتربة و ترويع الأطفال و قهر الرجال و اذلالهم و تعذيبهم و التصفية على الهوية ..مما يضاعف من ماساة الحرب ووقعها على المرأة اينما كانت.
..نسيت النساء في دارفور شواء المونساس و مشروب البركيب.. وطفقن يجمعن اوراق الاشجار لاطعام الصغار في مخيم ابو شوك و مخيم زمزم …منصات الاملاق… حيث يموت الاطفال يومياً من المجاعة … أفلت الهولاكيون من العقاب.. و ام قرقداً سايح الجمتها الكوارث فتركت الغناء و الشكر” و في الفاشر الكبير طلعوا الصايح…دقوا الجوز عديل اصلو العمر رايح”.
يابنية مالكي …زعلانة مالكي…الدمار… الحصار في كردفان..هربت “الكمبلة” من اقنعة القبيلة و هجر “المردوم” الساحات…و لم تجزعي ..”خلوني يا خلايق حبل الصبر ممدود… للخير بجيك سايق”…و غد العدالة لناظره قريب.
يا لاجئة تتوه من مرفأ… لمرفأ..لك العتبى ف “لا أحد يترك و طنه اذا لم يكن قد اصبح فك سمكة قرش. يجب أن تفهم ان لا أحد يضع الاطفال على متن قارب الا أذا كان الماء اكثر أمناً من اليابسة”..(من قصيدة ورسان شاير التي اصبحت رمزاً للاجئين).
و يا سارية الجبال و الغابات…بتطلعي من وديان مع النسمة الصباحية و من صوت طفلة بتحفظ في كتاب الدين… و طفلة ..وسط اللمة منسية في معسكرات.اللاجئين . فاقدة للرعاية الاسرية… و فاقدة الهوية..قطعت الاميال في وهاد السافنا “شكت الالم من لمسات حجولا… ليه ببعادا الأيام عجولة”… و لم تكن الوحوش البشرية بارفق عليها من.الضباع..سنرجع يوماً الى أحيائنا و مدننا …لكنها مع التايهين تفضل تعد…و تنسى العدد …و يوم في الشتات بالف سنة مما تعدون.
يا نازحة…و” شوق لي نيلنا ..الاهل و الطيبة و باقي ذكرى حبيبة ..وين غسيل النيل و شر هدوم في رمالو وينو ماضي الحلة و ين و مين الشالو”. انها حرب ضد الجميع وضد الذاكرة و التاريخ..و ضد الحياة..مدعاة للحزن و النحيب “.يا سواقي بلدنا..مالو صوتك مالو…وينو فارع مويتك غنى باسم حالو”…لعل السواقي فقدت صوتها بعبرات حرًى .سكبتها على من غابوا…اني خيرتك فاختاري ما بين ان نتاسف على الماضي اللي ما برجع…على الفرقة الزمانا طويل .. و بين أن نقبض على الامل و الذكرى كالقابض على الجمر…تودع لدى الامواج و الشطئان..فهي حاديها و دايماً…دليلا:
يا ترع حلتنا و حفير حلتنا و يا بحر حلتنا …في رمالك ذكرى لا بتشيلها الموجة و لا بتفارق الفكرة..نلقاها في الميعاد..و يا وطناً وقت اشتاق له برحل ليه من غير زاد:
غداً نعود…حتماً نعود.
و يا من على موازين العدالة…لا يجرمنكم شنأن قوم على الا تعدلوا..اعدلوا هو اقرب للتقوى.
ايمان بلدو
الوسومإيمان بلدو الأعلام الثامن من مارس النساء