الجزرة والعصا سياسة جديدة ينتهجها بايدن تجاه إسرائيل على أعتاب نهاية الولاية
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
واشنطن "رويترز": في أشهره الأخيرة في منصبه، يبدي الرئيس الأمريكي جو بايدن من جديد استعداده لاستخدام المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لإسرائيل كـ"جزرة وعصا "للتأثير على المواجهة التي تنطوي على الكثير من المخاطر بينها من جهة وبين إيران والجماعات المسلحة المدعومة منها من الجهة الأخرى.
ويقول الخبراء إنه على الرغم من أن هذا النهج يزيد من مشاركة واشنطن في صنع القرار الإسرائيلي قبل أسابيع فقط من إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فمن غير الواضح ما إذا كان سيساعد في تحقيق أهداف بايدن بما في ذلك منع اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقا ودفع إسرائيل إلى معالجة الوضع الإنساني الآخذ في التدهور في قطاع غزة.
وأعلنت إدارة بايدن الأحد الماضي أنها سترسل نحو 100 جندي إلى إسرائيل إلى جانب منظومة أمريكية متقدمة مضادة للصواريخ، وهو نشر نادر للقوات يأتي في الوقت الذي تدرس فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شن هجوم للرد على إيران بعد ضربة صاروخية شنتها طهران في الأول من أكتوبر.
كما نقلت إدارة بايدن رسالة لإسرائيل يوم الأحد تبلغها فيها بأنه يتعين عليها اتخاذ خطوات خلال الشهر المقبل لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة وإلا ستواجه قيودا محتملة على المساعدات العسكرية الأمريكية.
ويقول المسؤولون الأمريكيون علنا إن هذه التحركات المتناقضة ظاهريا تتماشى مع سياسات راسخة تهدف إلى ضمان الدفاع عن إسرائيل وفي الوقت نفسه الدعوة إلى حماية المدنيين في الحرب الدائرة منذ عام في القطاع الفلسطيني.
لكن المسؤولين الحاليين والسابقين يقرون سرا بأن هذه الخطوات ضرورية لزيادة تأثير الولايات المتحدة على الاستراتيجية الإسرائيلية حتى مع قرب انتهاء ولاية بايدن.
وكثيرا ما عارضت إسرائيل النصائح الأمريكية وتسببت في صعوبات سياسية لإدارة بايدن التي تواجه ضغوطا من بعض الناشطين الليبراليين في الحزب الديمقراطي لاستخدام النفوذ الأمريكي في كبح جماح إسرائيل.
وقال آرون ديفيد ميلر الزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إن نهج الجزرة والعصا الذي تنتهجه الإدارة الأمريكية يأتي في وقت "قد لا تعتقد فيه أن الإدارة نشطة للغاية".
لكنه حذر من أن واشنطن من غير المرجح أن تقلص دعمها العسكري لإسرائيل إذا تفاقم الصراع مع إيران.
وأضاف "من غير المتصوَر بالنسبة لي مع اقترابنا من احتمال حدوث تصعيد حاد وخطير، أي الرد الإسرائيلي وما سيفعله الإيرانيون في المقابل، أن تفكر هذه الإدارة في أي شيء مثل فرض قيود أو شروط صارمة على المنظومات العسكرية".
وقال جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض لصحفيين منذ ثلاثة ايام ماضية إن الرسالة لم "تكن تهدف للتهديد" لكن الإسرائيليين فيما يبدو يتعاملون مع الأمور بشكل جدي.
وقال مسؤول إسرائيلي في واشنطن "تم استلام الرسالة ويقوم مسؤولون أمنيون إسرائيليون بمراجعتها بشكل وافٍ".
وذكرت إسرائيل امس أن 50 شاحنة مساعدات توجهت إلى شمال غزة من الأردن، وهي نتيجة مبكرة محتملة للمطالب الأمريكية.
أعطى بايدن الأولوية لتعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب بعد هجوم شنته حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) أسفر عن مقتل 1200 شخص وفقا لإحصاءات إسرائيلية.
ورفض بايدن وقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، باستثناء القنابل زنة ألفي رطل، وذلك رغم احتجاجات من أعضاء بالحزب الديمقراطي. وتسببت العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة استشهاد 42 ألف شخص وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية.
وطالبت إدارة بايدن في أبريل بحماية أفضل للمدنيين وعمال الإغاثة في غزة، وهو ما يقول مسؤولون أمريكيون إنه أدى إلى زيادة مؤقتة في تدفقات المساعدات إلى المنطقة.
لكن رسالة يوم الأحد بدت وكأنها الإنذار الأكثر وضوحا حتى الآن لحكومة نتنياهو منذ اندلاع الصراع في غزة، إذ حددت خطوات يتعين على إسرائيل اتخاذها في غضون 30 يوما، ومنها السماح بدخول 350 شاحنة محملة بالمساعدات إلى غزة يوميا كحد أدنى.
وقال جون رامينج تشابيل المستشار القانوني في (مركز المدنيين في الصراع) إن الخطوة تنطوي على احتمال أن تجعل واشنطن إسرائيل غير مؤهلة لتلقي الأسلحة الأمريكية بسبب القيود التي تفرضها على تسليم المساعدات.
وأضاف "إنها خطوة صغيرة نحو تغيير كبير للغاية".
وقال ثلاثة مسؤولين إن نتنياهو دعا لاجتماع طارئ الأربعاء الماضي لمناقشة زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومن المرجح أن يحدث ذلك في وقت قريب.
وقال مسؤولون سابقون ومحللون إن قرار إرسال منظومة الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية (ثاد) خطوة رئيسية تتوافق مع استراتيجية تقديم الدعم العسكري الوثيق للإسرائيليين بهدف التأثير على كيفية قيامهم بالعمليات العسكرية.
ووصف مسؤول دفاعي سابق إرسال منظومة الدفاع الصاروخي بأنه "تحول نمطي" بالنظر إلى العقيدة الأمنية التي تتبناها إسرائيل للدفاع عن نفسها بنفسها. كما أنه قد يزيد المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة.
وقال المسؤول "الولايات المتحدة تقحم نفسها... بنشر أمريكيين داخل إسرائيل التي تعرضت قبل أسبوعين فقط لهجوم بنحو 180 صاروخا باليستيا إيرانيا".
وتحبس منطقة الشرق الأوسط الأنفاس ترقبا لرد إسرائيلي على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران في وقت سابق من الشهر الجاري ردا على التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان.
واعترض بايدن على أي ضربة إسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية كما عبر عن قلقه إزاء استهداف مواقع الطاقة.
وقال توماس كاراكو مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في إشارة إلى إمكانية أن تختار إسرائيل ضرب أهداف نووية أو غيرها "ربما تكون هذه جزرة لمحاولة إقناع الإسرائيليين بعدم القيام بعملية كبيرة".
وأضاف "كما تعلم، لا يمكن إرسال أصول بمليارات الدولارات دون بعض الشروط".
ولم يرد البيت الأبيض بصورة مباشرة على سؤال حول ما إذا كان إرسال منظومة ثاد إلى إسرائيل جزءا من صفقة للإسرائيليين للموافقة على عدم استهداف المواقع النفطية أو النووية الإيرانية.
قال ميلر إن مهلة الثلاثين يوما التي منحها بايدن لإسرائيل للامتثال للمطالب ستنتهي بعد الانتخابات الأمريكية في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني، ويمنح ذلك نتنياهو القدرة على تحديد إلى أي مدى سيمتثل، لا سيما إذا هَزم مرشح الحزب الجمهوري المقرب منه الرئيس السابق دونالد ترامب مرشحةَ الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس كاملا هاريس.
وأضاف ميلر "يظن نتنياهو أنه في أوج قوته، وقد يكون كذلك بالفعل. ربما يكون لدينا رئيس منتخب جديد أكثر إرضاء له في غضون أسابيع".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يصر على إبادة غزة "ولو وقفت إسرائيل وحدها"
أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على مواصلة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، وقال الأربعاء، إنه "إذا اضطررنا إلى الوقوف وحدنا فسنفعل".
جاء ذلك خلال كلمة بمراسم "إحياء ذكرى الهولوكوست" في متحف "ياد فاشيم" بالقدس، ألقاها نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية لارتكابه جرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
و"الهولوكوست" مصطلح استُخدم لوصف حملات حكومة ألمانيا النازية وبعض حلفائها بغرض اضطهاد وتصفية اليهود وأقليات أخرى في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945).
وقال نتنياهو: "تحدثتُ بشدة ضد جهات في المجتمع الدولي سعت إلى تقييدنا (لم يسمها). حذرونا من أنهم سيفرضون علينا حظرا على الأسلحة إذا دخلنا رفح (جنوبي غزة).. بل إنهم نفذوا هذا التهديد".
وادعى قائلا: "وقتها قلتُ لمحاورينا وحليفتنا الولايات المتحدة، لن تكون أيدينا مقيدة ولن يمنعنا أحد من الدفاع عن أنفسنا، وسندخل رفح لأن هذا شرط ضروري للنصر في الحرب".
وأردف: "إسرائيل ليست دولة تقبل الإملاءات، ولن تمنعنا أي دولة من تصفية الحسابات مع حماس، وإذا اضطررنا للوقوف وحدنا فسنفعل"، وفق ادعائه.
ويتمسك نتنياهو باستمرار حرب الإبادة على قطاع غزة بدعم أمريكي، والتي خلّفت منذ 7 أكتوبر 2023 أكثر من 168 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
** نووي إيران
وزعم نتنياهو، أن إسرائيل إذا خسرت الصراع مع إيران "فستكون الدول الغربية هي التالية. سيحدث ذلك أسرع بكثير مما يظنون لكن إسرائيل لن تخسر، ولن تستسلم، ولن تخضع".
وادعى أن "النظام في إيران لا يهدد مستقبلنا فحسب، بل مصير المجتمع البشري، وهذا ما سيحدث إذا حصل على أسلحة نووية"، على حد قوله.
وتأتي تصريحات نتنياهو، في وقت تتواصل فيه مفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامج طهران النووي.
واستضافت مسقط أولى جولات محادثات إيران وواشنطن في 12 أبريل/نيسان الجاري، وصفها البيت الأبيض بأنها "إيجابية للغاية وبناءة"، بينما احتضنت العاصمة الإيطالية روما الجولة الثانية من مفاوضات البرنامج النووي في مقر إقامة السفير العماني.
** انقسامات إسرائيل
وخلال كلمته بمراسم "ذكرى الهولوكوست"، تطرق الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، للانقسامات الداخلية ببلاده، قائلا: "لن يغفر التاريخ لمن يتصرفون بعدم مسؤولية ويحاولون تفكيكنا من الداخل، ولمن يهدمون الأرض تحت دولتنا الرائعة، التي قامت من رماد المحرقة المروعة".
وتشهد إسرائيل انقسامات شديدة بين الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو والمعارضة وشريحة واسعة من الشارع الإسرائيلي على خلفية إجراءات حكومية مثيرة للجدل بما في ذلك إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (شاباك) رونين بار.
وخاطب هرتسوغ، الأسرى الإسرائيليين بقطاع غزة قائلا: "هناك احتمال أن يسمعنا بعضهم، لن تجد أمتنا أي عزاء أو سلوى حتى تعودوا جميعاً إلى دياركم".
وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومطلع مارس/ آذار 2025، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.
لكن نتنياهو تنصل من بدء مرحلته الثانية، واستأنف الإبادة الجماعية بالقطاع في 18 مارس الماضي، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمينية، وفق إعلام عبري.