يستعرض التقرير قصص فتيات ونساء من ذوات الإعاقة في اليمن، وقعن في فخ الابتزاز الإلكتروني، في ظل أوضاع اجتماعية وقانونية تعرقل معاقبة المبتزين؛ بسبب صعوبة إجراءات التقاضي، وخوف الضحايا من إلقاء اللوم عليهن.

قطعت هدى أوردة معصمها؛ حاول والدها إسعافها، لكنّها لفظت أنفاسها الأخيرة قبل أن يصلوا بها إلى المستشفى.

يقول والد هدى: « استيقظت صباحاً على صراخ زوجتي، كانت صدمتنا كبيرة، وأسئلة كثيرة تدور في رأسنا: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ لم أستطع إنقاذ ابنتي! ».

لستة أشهر عاشت هدى قصة حب مع شاب تعرفت إليه عبر الإنترنت. منذ البداية، صارحته بوضعها الصحي وأنها مُقعَّدة، ولم يقف ذلك في وجه علاقتهما. وثقت هدى بوعد الخطوبة والزواج، أرسلت له صوراً خاصة، لتقع في فخ الابتزاز، الذي دفعها لإنهاء حياتها.

بدأ الشاب يهدّدها بنشر صورها، إذا رفضت لقاءه، أو لم ترسل له المال. يقول والدها إنها لم تتمكن من دفع المبلغ المطلوب؛ فنشر الشاب صورها على الإنترنت.

كانت هدى تعاني شللاً نصفياً نتيجة تعرضها لحادث في صغرها؛ ومن حينها أصبحت لا تغادر المنزل، تميل إلى العزلة وبلا صديقات، حتى إنها تركت المدرسة منذ المرحلة الابتدائية، وفق والدها.

يتابع الوالد حديثه بالقول: « في الفترة الأخيرة لحظت عليها ابتسامة دائمة، كانت مفعمة بالحياة، ثم انقلبت حياتها ».

قبل الحادثة بأيام، ساءت حالة هدى. اقترح والدها عرضها على طبيب؛ لكنّها رفضت بشدة. في الليلة التي سبقت انتحارها، باحت هدى بما يسكن صدرها من قلق وخوف لأختها، التي حاولت أن تخفّف عنها وتقنعها بإمكانية الوصول إلى حل.

لكنّ المبتز عجّل بنشر صورها عبر صفحة على الفيسبوك؛ لم تستطع هدى تحمل الصدمة، فاختارت الانتحار.

ضحايا الثقة

تنظر سعاد (32عاماً) إلى ساقها المبتورة، تتذكر ما مرت به قائلة: « هذه نقطة ضعفي وأدرك هو ذلك ».

 قبل سبعة أعوام، أصيبت سعاد بشظية أدت إلى بتر ساقها من فوق الركبة؛ نتيجة قصف صاروخي أصاب منزلها في مدينة صنعاء. لم يتمكن ذووها من تحمل تكلفة العلاج المُؤهِل لتركيب طرف صناعي، فبقيت على حالها.

وجدت سعاد في مواقع التواصل الاجتماعي متنفساً لها؛ تعبر عن نفسها وتشارك الآخرين همها. على أحد منشوراتها، ترك أحمد* أكثر من تعليق؛ لم تستغرب الأمر حينها فقد لاقى المنشور تفاعلاً كبيراً. لكنّ أحمد راح يتفقد منشوراتها القديمة؛ يترك تعليقاً هنا وإعجاباً هناك.

تطورت الأمور بينهما؛ وصارا يتحدثان عبر « الماسنجر »، وفق رواية سعاد. عرض أحمد عليها حلاً لمشكلتها، وأخبرها أن فاعل خير يرغب في تحمل تكلفة عمليتها.

شعرت سعاد حينها بفرحة عارمة، فأكثر ما تتمناه أن تتمكن من السير مجدداً. تقول عن ذلك: « طرت من الفرحة… وطلب مني إرسال أوراقي الطبية كافة، وصور للطرف المبتور ليرسله لفاعل الخير ». تضيف سعاد أنه عاد بعد يومين طالباً صورة « أوضح »، تُظهرها بشكل كامل؛ بحجة أن الأولى لم تكن واضحة. لم تتردد سعاد وأرسلت له المطلوب.

لكنّه عاد مجدداً؛ يطلب منها أن ترسل له صورة تظهر كامل جسدها عارياً. رفضت سعاد تنفيذ طلبه هذه المرة، لكنّه هدّدها بنشر ما لديه من صور لها على صفحات التواصل الاجتماعي، إن لم  ترسل له الصورة العارية أو مبلغاً من المال.

خشية الفضيحة، أرسلت سعاد المبلغ المطلوب، وصارت ترسل له المال كلما يطلب. لم يتوقف الأمر عند المال فقط؛ فأصبح يسألها التواصل عبر « مكالمات الفيديو ». ولإحكام خضوعها له، كان يحتفظ بصور المحادثات بينهما. بعد أشهر، أنفقت سعاد كل ما لديها من مال، ولم تعد قادرة على مجاراته.

آثار مُدمرة للعنف الإلكتروني يُعرف الابتزازالجنسي الإلكتروني، القائم على النوع الاجتماعي، بأنه عملية تهديد بنشر وتسريب صور أو مقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية أو محادثات ما على مواقع التواصل الاجتماعي، في حال لم يستجب الشخص المُهدَّد إلى أوامر ورغبات المُبتز. ويُعد الابتزاز الإلكتروني شكلاً من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.

لا توجد إحصاءات رسمية تظهر عدد النساء اللواتي تعرضن للابتزاز الإلكتروني في اليمن. لكنّ « مركز المعرفة للدراسات والأبحاث الاستراتيجية » -وهو كيان مستقل غير ربحي- نشر دراسة عن الابتزاز الإلكتروني شملت محافظات يمنية مختلفة، أظهرت أن عدد الجرائم الإلكترونية ضد فتيات، في محافظة حضرموت وحدها، بلغ ستاً وأربعين جريمة عام 2023، منها خمس عشرة حالة ابتزاز إلكتروني.

وتُرجع الاختصاصية الاجتماعية رانيا خالد، تزايد ظاهرة الابتزاز الإلكتروني إلى عدة عوامل؛ منها الفراغ الاجتماعي، والتفكك الأسري، وسهولة إخفاء هوية أيّ معتدٍ على الإنترنت، وصعوبة ملاحقته قانونياً أو توقيفه، بالإضافة إلى خوف الضحايا من « الفضيحة » وتفضيلهم الصمت والانصياع للمجرم، وفق خالد.

وتوضح رانيا، أن للعنف الرقمي آثاراً سلبية كبيرة جداً على النساء بشكل عام، من بينها؛ تفكك الترابط الأسري والطلاق، والعنف الأسري (الضرب والإهانة)، ونوبات الخوف والقلق والهلع وعدم النوم والأكل بشكل صحي، يصحبها التفكير بالانتحار والاكتئاب. لكنّ الأثر النفسي يكون أصعب بكثير على النساء من ذوات الإعاقة؛ لشعورهن بالنقص، الذي يُولّد الإحساس بالاحتياج والضعف.

ووفق الاختصاصية الاجتماعية رانيا خالد، فإن الابتزاز الإلكتروني لهذه الفئة عادة ما يكون أكثر ألماً وتعقيداً، وبالتالي تكون معاناتها أشد.

قوانين غائبة وعدالة مؤجلة

لجأت سعاد إلى إحدى صديقاتها، التي نصحتها بإرسال شكواها لمبادرة « سند للحقوق الرقمية »؛ وهي مبادرة مستقلة تُقدم المساعدة لضحايا الابتزاز الإلكتروني. تمكن العاملون في المجموعة؛ وهم أفراد يقدمون خدماتهم بشكل تطوعي، من الإمساك بالمبتز واستعادة المبالغ المالية المدفوعة وحذف الصور.

يشير الصحفي مختار عبد المعز، مدير مبادرة « سند للحقوق الرقمية » إلى أنه لا يملك أرقاماً دقيقة لأعداد الفتيات ذوات الإعاقة اللواتي يتعرضن للابتزاز الإلكتروني؛ لكنّه يُقدر أن واحدة من كل أربع أو خمس نسوة أو فتيات من ذوي الإعاقة تتعرض للابتزاز.

وبسبب غياب نص صريح يتناول الجرائم الإلكترونية في القانون اليمني، تستخدم السلطات النصوص الواردة في قانون الجرائم والعقوبات وتعديلاته لملاحقة الجناة؛ خاصة المادتين 313 و254.

وأنشأت النيابة العامة في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مطلع عام 2024، شعبة متخصصة لمكافحة جرائم الابتزاز الإلكتروني، عبر وسائل التواصل الاجتماعي في محافظة عدن جنوبي البلاد.

وتؤكد الناشطة الحقوقية والمحامية هدى الصراري، أهمية هذه الخطوة في ظل تزايد جرائم الابتزاز الإلكتروني، وتتساءل: « أيّ قانون سيتم تطبيقه هنا وماذا سيكون عقاب الجاني؟! ».

وترى الصراري أنه يتم التعامل مع جريمة الابتزاز الإلكتروني بقوانين شُرّعت قبل العصر الرقمي، وتنوه إلى ضرورة سن قوانين خاصة بالابتزاز الإلكتروني.

وفي ما يخص ذوي الإعاقة، تقول الصراري إن القوانين لم تميز بين الأصحاء وذوي الإعاقة، وإن حقوق هذه الفئة يجب أن تكون مضاعفة.

وقد خلصت دراسة أجريت بين عامي 2019-2021، شملت خمس عشرة محافظة، إلى توقف الأعمال التي تقوم بها لجان وجمعيات الدفاع عن الأشخاص ذوي الإعاقة، منذ اعتماد الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة 2014-2018، ومع بداية الحرب في اليمن عام 2015، وذلك وفقاً لمراقبي منظمات المجتمع المدني.

أنجز هذا التقرير بدعم من أريج

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الابتزاز الإلکترونی التواصل الاجتماعی ذوات الإعاقة ذوی الإعاقة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

ياسمين عبد العزيز ورضوى الشربيني تشعلان التواصل الاجتماعي

تصدرت النجمة المصرية ياسمين عبد العزيز ومواطنتها الإعلامية رضوى الشربيني الترند على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث أشعلت صورة لهما حديث السوشيال ميديا.

وحرص الثنائي على نشر صورة جمعتهما في إحدى المناسبات على حسابيهما في إنستغرام، وعلقت ياسمين على الصورة بقلوب حمراء، لترد عليها رضوى بتعليق، وصفت فيه ياسمين بالجدعنة والطيبة، قائلة: "أحلى وأجدع وأطيب ياسو في الدنيا".

      عرض هذا المنشور على Instagram      

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Yasmin Abdelaziz‎‏ (@‏‎yasminabdelaziz_‎‏)‎‏

وبعدها بدقائق ، نشرت رضوى الصورة ذاتها، وكتبت "أختي وصاحبتي وحبيبتي"، لترد عليها ياسمين بـ"أختي".  

      عرض هذا المنشور على Instagram      

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Radwa El Sherbiny‎‏ (@‏‎radwaelsherbiny‎‏)‎‏

ولاقت الصورة تفاعلاً واسعاً لدى جمهور الثنائي وانهالت عليهما تعليقات ثناء ومدح.

وتخوض ياسمين عبدالعزيز الموسم الدرامي الرمضاني 2025، بمسلسل درامي بعنوان مؤقت "وتقابل حبيب" مع كريم فهمي، والذي تواصل التحضير له استعداداً لتصوير مشاهده خلال الفترة المقبلة.

ياسمين عبدالعزيز تتعاون مع كريم فهمي في رمضان 2025 - موقع 24تجتمع الفنانة المصرية ياسمين عبدالعزيز مع الفنان كريم فهمي، في ماراثون دراما رمضان 2025.

والعمل من تأليف عمرو محمود ياسين وإخراج محمد الخبيري، وتدور أحداثه في إطار اجتماعي رومانسي.

ياسمين عبدالعزيز غاضبة بسبب صورة مع أحمد العوضي.. ما السبب؟ - موقع 24عبرت الفنانة ياسمين عبدالعزيز عن غضبها إزاء الشائعات التي انتشرت على نطاق واسع خلال الساعات الماضية، وذلك بسبب صورة تداولها البعض للفنانة مع طليقها الفنان أحمد العوضي، وحديث البعض عن تواجدهما معاً في أحد الكافيهات. 

وتستعد رضوى الشربيني للعودة إلى جمهورها ببرنامج جديد، بعدما أعلنت عن توقف برنامجها الشهير "هي وبس"، في سبتمبر (أيلول) الماضي، والذي انطلق منذ فبراير (شباط) 2017.

بعد توقف برنامجها..هل تعود رضوى الشربيني للشاشة؟ - موقع 24أعلنت الإعلامية المصرية رضوى الشربيني بشكل مفاجئ، الثلاثاء، إنهاء تعاقدها مع قناة "cbc سفرة".

 

مقالات مشابهة

  • قصة زواج بالمستشفي تثير التعاطف علي مواقع التواصل الاجتماعي
  • السلطات العراقية تفكك شبكة لداعش تجند عناصرها عبر التواصل الاجتماعي
  • ياسمين عبد العزيز ورضوى الشربيني تشعلان التواصل الاجتماعي
  • 10 أمور ستحدث لك إذا توقفت عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
  • قرار حكومي جديد بشأن تخصيص شقق الإسكان الاجتماعي لذوي الإعاقة
  • أيمن زيدان يشعل التواصل الاجتماعي برقصه
  • مركز إنصاف للحقوق يختتم تدريب (20 ) إعلاميا حول قضايا الإبتزاز الإلكتروني للنوع الاجتماعي # عدن
  • أهمية وسائل التواصل الاجتماعي
  • التضامن الاجتماعي تستعرض جهودها المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية