السيادة أولا أم الديمقراطية؟.. خبيران: التدخل العسكري بالنيجر غير ممكن ويد الغرب جلبت تأييدا للانقلابيين
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
قال خبيران لموقع "ميديا بارت" الفرنسي إن التدخل العسكري من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في النيجر غير مرجح، لأنه سيكون خطيرا على استقرار المنطقة، وذلك في وقت ساند فيه عدد كبير من الشباب الانقلابيين، مما يشير إلى أن المطالبة بالديمقراطية قد حل مكانها طلب السيادة.
وفي مقابلتين منفصلتين تحدث الموقع في الأولى مع المحامي عمر بيرتي (مؤلف كتاب عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وتطوراتها في مواجهة "التغييرات غير الدستورية")، وقد أكد صعوبة التدخل العسكري وخطورته.
وفي المقابلة الأخرى تحدث الموقع إلى المفكر والمؤرخ السنغالي مامادو ضيوف الذي سلط الضوء على "خيبة الأمل الديمقراطية" لدى الشباب الأفارقة الذين سارعوا إلى دعم الانقلابيين مفضلين سيادة بلدهم على الديمقراطية.
غموض قانوني
ورأى عمر بيرتي أن تنفيذ التدخلات الأولى لمنظمة إيكواس تم في ظل غموض قانوني كامل عندما اعتبرت أن تفويض مجلس الأمن الدولي لها باستخدام جميع الوسائل لاستعادة النظام الدستوري في غامبيا عام 2017 يسمح لها باستخدام القوة حينها للحصول على اتفاق مع الرئيس الغامبي وقتها يحيى جامع.
وكان جامع قد رفض ترك السلطة على الرغم من هزيمته الانتخابية.
ونبه بيرتي إلى أن سجل إيكواس في باب التدخل العسكري هزيل للغاية ويثير النقاش بشأن مصداقيتها السياسية، خاصة من حيث الاستجابة للتغييرات غير الدستورية في ضوء عدم التزامها بالمبادئ التي تعلنها في حالتي مالي وبوركينا فاسو مثلا.
وبالتالي، فإن المنظمة تعاني -بحسب بيرتي- من مشكلتين خطيرتين: الأولى هي الفجوة بين ما يتم عرضه من حيث الأهداف الديمقراطية والواقع على الأرض، والأخرى هي تراخيها تجاه الدول الأعضاء.
ومن خلال هذه الملاحظات خلص الكاتب إلى أن التدخل العسكري في النيجر أمر غير ممكن، لأن المخاطر كبيرة جدا، خاصة أن إيكواس تُقدم من قبل الانقلابيين على أنها أداة للقوى الأجنبية، ولفرنسا خصوصا.
وهي أطروحة ساعدت الجيش النيجري -الذي يلعب على وتر السيادة ومحاربة الإمبريالية- على حشد الناس في الشوارع لدعم الانقلاب، وهو السيناريو نفسه الذي حدث في مالي.
وخلص بيرتي إلى أن إيكواس حاولت إظهار موقفها من الانقلاب بحزم من خلال إصدار إنذار بالتدخل لكنها لم تفعل شيئا، ونتيجة لذلك أصبح الجيش النيجري مطمئنا لدرجة أنهم عيّن رئيس وزراء جديدا.
وتوقع أن تخفف إيكواس لهجتها، وقد تفضل الوساطة التي تؤدي إلى اتفاقات سياسية كما في مالي.
السيادة قبل الديمقراطية
بدوره، يرى المؤرخ السنغالي ممادو ضيوف أن الانقلاب العسكري في النيجر أعاد مسألة الديمقراطية في غرب أفريقيا إلى الواجهة، وسلط الضوء على "خيبة الأمل الديمقراطية" لدى الشباب الأفارقة، مشيرا إلى مساندة قسم كبير من هؤلاء الشباب الانقلاب، فيما يظهر أن المطالبة بالديمقراطية قد حل مكانها طلب السيادة.
وأضاف ضيوف -الذي يشغل أيضا منصب مدير معهد الدراسات الأفريقية في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة- أن دول غرب أفريقيا شهدت انتفاضات شعبية ضد الأنظمة العسكرية ومؤتمرات وطنية تهدف إلى إقامة أنظمة ديمقراطية في أوائل التسعينيات، وأن القوى التي انبثقت عن تلك المرحلة قد فشلت في تحقيق التحسن المتوقع في الحياة، وبدلا من ذلك مارست الفساد والمحسوبية على نطاق واسع، واختبأت وراء انتخابات نزيهة إلى حد ما لتأكيد شرعيتها.
فروق
وشدد المؤرخ على أن الديمقراطية يجب أن تأخذ ألوان بيئتها، وذكر أن الديمقراطية الغربية تقوم على الفرد، مبينا أنه لا يمكن أن يكون لهذه "الفردانية" نفس المحتوى ونفس الألوان والإيقاعات في المجتمعات غير الغربية التي يعتمد عالمها التقليدي على المجتمع.
وأكد أن المشكلة في أفريقيا تكمن في أن لغة وممارسات ما تسمى الديمقراطية الليبرالية تقودها نخبة صغيرة تدافع عن مصالحها الخاصة ولا تستطيع التفكير في الصالح العام بشكل جدي وفعال.
وقد كان الشعار الأساسي لمعركة الاستقلال هو الاستقلال السياسي واستعادة الثقافات الأفريقية والعدالة الاجتماعية، وهذه الأمور لم تتحقق.
وخلص المؤرخ السنغالي إلى ضرورة تغيير التعليم تماما في المدرسة وفي العائلات، إذ إن أغلبية الأفارقة كانوا مقتنعين بإمكانية خلق جنسيات جديدة وهويات جديدة دون محو العرق، كي تخلق أمما حتى لو كانت دولا وهمية ولكنها لم تدم، واليوم يتمسك الناس بالموارد الفكرية التي تسمح لهم بالتعبئة أو الدفاع عن أنفسهم أو مهاجمة الآخرين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: التدخل العسکری غرب أفریقیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
سالم عوض الربيزي : اليمن معركة السيادة وإسناد غزة
تشهد اليمن تحركات خطيرة تستهدف سيادته واستقراره ضمن مخطط غربي، عربي، صهيوني يسعى للسيطرة على موارده ومواقعه الاستراتيجية وتطويعه تحت الرغبة الغربية وتدمير قدراته العسكرية.
هذا المخطط لا يقتصر على أهداف عسكرية مباشرة، بل يمتد لعزل اليمن عن قضاياه العربية الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وإسناد غزة. فالتحركات الجارية تعتمد على شن حربا عسكرية مباشرة، بمشاركة قوى غربية وعربي وقوى محلية عميلة، حيث تعتمد هذه الحرب على إسناد جوي مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لتنفيذ ضربات عسكرية دقيقة تستهدف القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية وإضعاف القوى الوطنية الرافضة للاحتلال، بالتزامن مع تحريك قوى ومليشيات محلية عميلة موالية لما يسمى التحالف العربي لتنفيذ عمليات برية واسعة على امتداد الرقعة الجغرافية تهدف إلى إنهاك أحرار اليمن وقواته المسلحة على مختلف الجبهات.
السعودية والإمارات ستلعبان دوراً محورياً في تمويل هذا المخطط مثل كل مرة ولكن بدعم وتمويل أكبر هذه المرة، حيث أعلنت السعودية مؤخراً تقديم نصف مليار دولار للحكومة اليمنية، وهو ما يعكس استمرار دعمها لتأجيج الصراع، في حين تسعى الإمارات لتعزيز نفوذها في المناطق الساحلية والموانئ اليمنية. ومع تصاعد الأحداث، تبدو المرحلة التالية واضحة: بتدخل عسكري مباشر من قوات سعودية، إماراتية، ومصرية، حيث يُستغل الوضع الاقتصادي المتأزم لمصر لدفعها نحو المشاركة مقابل وعود بدعم مالي خليجي لتعويض خسائرها بحسب وصفها في قناة السويس.
لكن الأخطر في هذا المخطط هو التمهيد لتسليم المناطق التي قد يتم السيطرة عليها لا سمح الله إلى الولايات المتحدة وإسرائيل تحت ذريعة “تأمين الملاحة الدولية والتجارة العالمية”. هذه الحجة تبرز النوايا الحقيقية وراء هذه الحرب، والتي تتمثل في تثبيت الهيمنة الأجنبية على اليمن وتحويله إلى قاعدة استراتيجية تخدم مصالح القوى الاستعمارية. هذا التوجه لا يهدد اليمن وحده، بل يعكس محاولة لضرب استقرار المنطقة بأكملها وتصفية قضاياها الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
ولكن في مواجهة هذا المخطط، سيقف أحرار اليمن بكل شجاعة، رافضين الخضوع أو التفريط بسيادة وطنهم. هؤلاء الأبطال يدافعون ليس فقط عن بلدهم، بل عن الأمة بأكملها وعن دور اليمن التاريخي في دعم القضية الفلسطينية ومقاومة مشاريع الهيمنة. كما أننا نعلن وبكل وضوح في القوى الجنوبية الوطنية، ممثلة بالحراك الثوري الجنوبي دعمنا المطلق لهؤلاء الأحرار، الذين يواجهون هذه المؤامرة بصلابة وإيمان، وندعو الشعب اليمني شماله وجنوبه وكل الشعوب الحرة للوقوف إلى جانبهم في معركة مصيرية تهدف إلى حماية السيادة والكرامة ورفض كل أشكال الاحتلال ونصرة قضايا الامة العربية والإسلامية واسناد غزة.
ونحن على ثقة بانتصار شعبنا وقواته واحراره على قوى الإرهاب العالمي وادواتهم العميلة في المنطقة.