التصعيد بدون حرب نووية.. سيناريو منتظر للمواجهة مع الصين
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
كشفت التطورات الأخيرة للحرب الروسية الأوكرانية، التي مر على نشوبها أكثر من عامين ونصف العام، أن امتلاك السلاح النووي لا يكفي لردع دولة معادية، وإن لم تكن بنفس القدرات العسكرية عن غزو أراضي الدولة النووية.
ففي أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022، نفذت أوكرانيا العديد من الهجمات بالمدفعية والصواريخ والطائرات المسيرة والأعمال التخريبية ضد الأراضي الروسية، بما في ذلك العاصمة موسكو.
Escalation Without Nuclear War: What Will China Learn from Ukraine’s Kursk Offensive? https://t.co/onzaO4ZiLp
— Robert Fleming (@roboeamerican) October 16, 2024ويقول ديلان موتن الحاصل على الدكتوراة في العلوم السياسية، والزميل غير المقيم في منتدى الباسيفيك، والزميل غير المقيم في المركز الأوروبي لدراسات كوريا الشمالية، في تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إن الهجوم الأوكراني على كورسك أوبلاست كان مفاجأة كبيرة لأغلب المراقبين. فمن الطبيعي أن يتصور المرء أن دولة ضعيفة عسكرياً مثل أوكرانيا، ستكون قلقة من اجتياح أراضي قوة نووية عظمى مثل روسيا. كما أن اجتياح الأراضي الروسية بقوات برية يمكن أن يعتبره الكرملين، تهديداً وجودياً يبرر استخدام السلاح النووي في التصدي له.
ورغم ذلك، فإن أوكرانيا اجتاحت الحدود واحتلت مساحات واسعة من المقاطعة لبعض الوقت، في حين امتنعت روسيا عن تصعيد الصراع إلى المستوى النووي. إذن فقد فشل التفوق الروسي سواء على صعيد القدرات العسكرية التقليدية أو الترسانة النووية الضخمة في حماية التراب الوطني من الهجمات التقليدية.
ومن المؤكد أن ما يجري على جبهة الحرب الروسية الأوكرانية يحظى باهتمام قوة نووية عظمى أخرى التي يمكن أن تجد نفسها في مواجهة سيناريو مشابه. فالصين لديها خلافات حدودية وجيوسياسية مع العديد من جيرانها، كما يمكن أن تشن بنفسها هجوماً على أي من هؤلاء الجيران وبخاصة تايوان. وبالتالي ستجد الصين نفسها في نفس موقف روسيا. لذلك يمكن أن يساعد فهم طبيعة الرد الروسي على الهجمات الأوكرانية في التبنؤ بما يمكن أن يصل إليه التصعيد الصيني في أي حرب تقليدية.
ويقول موتن مؤلف كتاب "اللحاق بالركب: روسيا والصين وجيرانهما"، إن العمليات الأوكرانية ضد روسيا تقدم تفسيرين لما يمكن اعتباره سلبية روسيا في التعامل مع غزو أراضيها.
الأول أن كييف قوة متوسطة الحجم بقدرات عسكرية محدودة، في حين أن روسيا قوة عظمى. لذلك فمن غير المحتمل أن تلحق أوكرانيا هزيمة حاسمة أو استراتيجية بروسيا من خلال اجتياحات برية صغيرة أو الهجمات الأخرى المتنوعة. علاوة على ذلك فهي أضعف من أن تهدد وجود الدولة والحكومة الروسيتين. وقوات موسكو تعلم أنها في النهاية ستستعيد الأرض التي تم غزوها. وأوكرانيا لا تمتلك القوة الكافية لصد الهجمات المضادة الروسية للأبد، وستضطر في النهاية للانسحاب أو البحث عن تسوية سياسية. ولآن الروس قادرون على استرداد أراضيهم بالوسائل التقليدية فلا حاجة لاستخدام الوسائل النووية.
والتفسير الثاني، هو أن الأراضي التي احتلتها أوكرانيا قليلة الأهمية من الناحية الاستراتيجية. وهي عبارة عن قرى حدودية ومدن صغيرة. ورغم ذلك فلو هددت أوكرانيا بجدية مدناً روسية رئيسية مثل بيلغورود أو حتى كورسك، فلا شك سيفكر الروس في استخدام السلاح النووي لإنقاذ الموقف. والحقيقة أنه كانت هناك مؤشرات على تفكير الكرملين في الخيار النووي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، لوقف الهجوم الأوكراني المضاد في اتجاه مدينة خيرسون.
باختصار، فإن امتناع روسيا عن التصعيد يعود إلى ثقتها في قدرتها على رد الأوكرانيين وإجبارهم على التراجع. وعلى العكس من ذلك، فلو كان الهجوم على الأراضي الروسية قادماً من عدو أقوى مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أو استهدف أهدافاً عالية القيمة، فقد تستخدم موسكو السلاح النووي للتعامل معه. والأمثلة التاريخية التي تدعم هذا التفسير عديدة، ومنها الولايات المتحدة في حرب كوريا عام 1950، وإسرائيل في حرب 1973، وبريطانيا في حرب فوكلاند 1982، والهند في حربها ضد باكستان 1999. فكل هذه الدول النووية لم تلجأ إلى الخيار النووي لآن الوسائل التقليدية كانت كافية للتعامل مع الموقف.
وهذا التصور صالح تماماً عند التفكير في أي صراع محتمل بين الصين وتايوان. فالأخيرة لديها خطط لمهاجمة أراضي الصين بالصواريخ طويلة المدى في حال تعرضها للغزو. وكما هو الحال بالنسبة لأوكرانيا، فتايوان أضعف كثيراً من جارتها القوية ولا تستطيع أن تهدد وجود الدولة الصينية. لذلك فلو اعتبرنا الحالة الروسية نموذجاً، يمكن القول إن بكين لن ترد على الهجمات الصاروخية التايوانية بالتصعيد النووي. الأمر نفسه ينطبق على الدول المجاورة للصين مثل فيتنام والفلبين واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، التي لا يمكن أن تمثل تهديداً وجودياً لبكين.
ولكن الأمور ستكون أكثر تعقيداً إذا كان خصم الصين في أي صراع قوياً مثل الهند أو الولايات المتحدة. فالنزاع الحدودي بين الهند والصين يمكن أن يخرج بسهولة عن السيطرة. وعلى عكس تايوان، فالهند تمتلك قدرات عسكرية ضخمة. وإذا احتلت أي أرض صينية فستكون قادرة على مواجهة بكين. فإخراج القوات الهندية من أي مناطق تحتلها في جبال الهيملايا باستخدام القوات التقليدية، سيكون مكلفاً ودامياً للغاية بالنسبة للصين. ولكن في الوقت نفسه فإن أي غزو هندي للحدود الصينية لن يمثل تهديداً لأي مناطق حيوية في الصين. لذلك سيكون التصعيد النووي في هذه الحال محتملاً وليس حتمياً.
وبالنسبة للولايات المتحدة، من الممكن أن تحتل أراض هامشية صينية. فيمكن تخيل احتلال قوات أمريكية لجزر متنازع عليها بين الصين وحلفاء الولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي دون أن يتحول الأمر إلى تصعيد نووي، لأن هذه الجزر ليست استراتيجية بالنسبة لوجود الدولة الصينية. بل إن المرء يمكن أن يتصور أن قصفاً أمريكياً لأهداف في الصين بالقنابل، أو شن هجمات بمجموعات صغيرة من القوات الخاصة على الأراضي الصينية، في أي صراع قد يمر دون عقاب صيني صارم. ولكن ولآن الولايات المتحدة عدو لدود للصين، فقد ترد الأخيرة على أي من هذه الأعمال بشكل مدمر.
وأخيراً، يرى ديلان موتن أن واشنطن قد يكون لديها مساحة للتصعيد ضد الصين أكبر مما قد يعتقده البعض، لكن مهاجمة الأصول النووية أو القيادة السياسية للدولة الصينية سيؤدي بالتأكيد إلى مشكلة ضخمة. وربما سيظل على قادة الولايات المتحدة الاختيار بين تكثيف الهجمات التقليدية لكسب الحرب، مع ما ينطوي عليه ذلك من المخاطرة بالتصعيد النووي، أو تجنب هذا التصعيد، مع المخاطر بفقدان التفوق في الحرب التقليدية. فالمؤكد أن الهجمات المحدودة ضد الصين ستواجه بردود انتقامية، ولكن من المؤمل ألا تكون نووية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الأراضي الروسية الهجوم الأوكراني الصين الولايات المتحدة الصين الحرب الأوكرانية روسيا أمريكا الولایات المتحدة السلاح النووی یمکن أن فی حرب
إقرأ أيضاً:
ما قصة الطائرات المسيرة الغامضة التي ظهرت في أجواء ولايات أمريكية مختلفة؟
أثارت طائرات مسيرة غامضة، حالة من الخوف في بعض المدن الأمريكية، بعد أن تكرر تحليقها خلال الأسابيع الماضية فوق الأحياء السكنية والمواقع الحيوية، خصوصا في نيويورك.
وبينما لم تعرف بعد هوية هذه الطائرات، تواجه السلطات ضغوطًا، لتزويد الجمهور بمزيد من التفاصيل حول طائرات بدون طيار ظهرت في نيويورك والتي استمرت لأسابيع فوق الأحياء السكنية بالإضافة إلى المواقع المحظورة والبنية التحتية الحيوية.
لم يتوقف الأمر على نيويورك، فالجمعة، أصبحت ولاية بنسلفانيا أحدث ولاية تبلغ عن مشاهدات غير مصرح بها لطائرات بدون طيار، لتنضم إلى نيويورك ونيوجيرسي وكونيتيكت. وفق "سي أن أن".
BREAKING ???? At least 10-20 potential car-sized drones reported hovering over LaGuardia Airport, Queens, Staten Island, and other parts of New York, leading many to panic and flood call 911. And Biden is asleep at the wheel . What's going on ? pic.twitter.com/SlkHefRFUL — ???????? America First (@HafidOufella) December 13, 2024
ونشر السيناتور الديمقراطي، آندي كيم، من نيوجيرسي مقاطع فيديو على حسابه بمنصة إكس تظهر ما يبدو أنه مجموعة من الطائرات بدون طيار تحلق في أجواء الولاية.
وكتب معلقا: "لقد استمر هذا لأسابيع.. من الصعب أن نفهم كيف أننا، وبكل التكنولوجيا المتوفرة لدينا، غير قادرين على تتبع هذه الأجهزة لتحديد مصدرها، وهذا يجعلني أكثر قلقًا بشأن قدراتنا على نطاق أوسع عندما يتعلق الأمر باكتشاف الطائرات بدون طيار والتدابير المضادة.
Last night I went out with local police to spot drone flying over New Jersey, here’s what I saw. We drove to Round Valley Reservoir and the officer pointed to lights moving low over the tree line. Sometimes they were solid white light, others flashed of red and green.THREAD pic.twitter.com/ly7kUUDWDn — Andy Kim (@AndyKimNJ) December 13, 2024
أما النائب الأمريكي جوش جوتهايمر، من نيوجيرسي أيضا فقد قال: "إنهم لا يقدمون معلومات كافية للجمهور، والجمهور يشعر بالقلق.. صدقوني، أنا أسمع من ناخبيّ حول هذا الأمر طوال الوقت، وأعتقد أن الوقت قد حان بالنسبة لهم للتحدث على الفور وإيجاز الأمر".
فيما وصفت النائب الجمهورية في نيويورك، نيكول ماليوتاكيس، الوضع بأنه "شائن"، قائلة إن هناك "طائرات بدون طيار وأنظمة جوية بدون طيار تحلق فوقنا وحكومتنا لا تخبرنا من يقوم بتشغيلها ولأي غرض؟"، وانضمت ماليوتاكيس إلى رئيس ستاتن آيلاند، بورو فيتو فوسيلا، في المطالبة بإجابات.
ونقلت "سي أن أن" عن مصدر قوله، إن المسؤولين يعطون الأولوية لاستخدام تكنولوجيا الترددات الراديوية المتطورة التي يمكنها تحديد الموقع الجغرافي لمشغل الطائرة بدون طيار.
وقال المصدر إن هناك قدرات تقنية متعددة يمكن للسلطات استخدامها لمحاولة هزيمة طائرة بدون طيار، بما في ذلك التشويش على الإشارة أو فصلها عن المشغل أو "اختطاف" طائرة بدون طيار عن بعد، لكن كل خيار يمكن أن يشكل مخاطر عديدة.
وأضاف المصدر أن "إسقاطها من السماء هو الملاذ الأخير"، مشيراً إلى أن الخيار مطروح دائماً على الطاولة إذا كانت الطائرة تمثل تهديداً.
وقال المسؤولون الفيدراليون ومسؤولون على مستوى الولاية إن استخدام تقنيات هجومية لإسقاط الطائرات بدون طيار يشكل خطراً غير ضروري على الأشخاص الموجودين على الأرض وتحديات قانونية، خاصة أنهم لا يعتبرون تهديداً.