كنت منصتا باهتمام شديد أثناء استرسال المفكر الكبير الأستاذ "توفيق الحكيم" فى طرح أسئلتة التخيلية محاولا إخفاء نظرات دهشتى ومجتهدا فى إلغاء علامات الاستفهام من على  وجهى وممسكا بكل حروف كلماتى حتى لا تخرج منها كلمة رفض واحدة  لما يفكر فيه.

أن الاقتراب من مفكر كبير مثل الأستاذ توفيق الحكيم وهو كاتب موسوعي وأديب مبدع والاستماع اليه هو فى حد ذاته تجديد لخلايا تفكيري وأيقاظ لكل حواسي وأرتقاء برؤيتي ومعرفتي.

..كما انني  أدركت على الفور انها لحظه مخاض لميلاد فكرة ضخمة وهو  يدرك آثارها المتوقعه فى المجتمع  وخاصة فى الأوساط الدينية وغيرها...

كانت التساؤلات  تدور بقوه هائلة  بدون توقف..ما الذى  يريده هذا المفكر الموسوعى والأديب  المبدع من هذه الفكرة وهل يمكن أن ترى النور وتنشر؟ أم انها لحظات توهج فكرى ثم تنطفأ وكأنها ومضه كانت  لثواني معدودة ومضت.

مفكر متفرد يفكر بصوت عالى فى أن يتحدث مع الله ويحدثه ويريد أن يجد المبرر لنشر هذه الفكرة التى تؤرقة وتمسك بتلاليب تفكيره حتى يستطيع أن يتخلص منها.. كانت للحق  فوق كل تصوراتى  ولم ولن تطرأ على تفكيرى طوال حياتى ولو تخيلا كما قال لى..لقد اخافنى  هذا التخيل المخالف وخوفي مرجعه ما تعلمته طوال حياتى..تتخيل ان تكلم الله ويكلمك وتنشر هذا الخيال  وكأنك كما قال تعالى: "وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا".

هذا  فوق قدراتى الذهنية واقول الحق أن هذه الجرأه فى الفكر  كادت أن   تهزني هزا بعنف جارف..لكننى تذكرت فورا  روايته "عصفور من الشرق" تلك الرواية التى ألفها  فى عام ١٩٣٨م وتقوم أحداثها على الصدام بين الواقع والخيال ووفقا لما ورد عن كثير من الدراسين لهذه الرواية  فأن المفكر الكبير قد جسد فيها جزءًا من سيرته الذاتية".

فى بداية الرواية وصف المؤلف الأستاذ "توفيق الحكيم" بطلها محسن بانه شاب غريب الأطوار له تصرفات غريبة، لكنه متواضع وبسيط يحب السلام.. بدأ الرواية  يصف تصرفات -محسن- بطل الرواية  أثناء هطول الأمطار.. مطر غزير قد ألجأ الناس إلى مظلات المشارب والحوانيت، وإلى الحيطان وأفاريز البيوت ومداخل المترو، في ميدان (الكوميدي فرانسيز) في باريس.. محسن بطل الرواية هو  الآدمي الوحيد الذى  ثبت لهذا المطر  وجعل يسير الهوينى غير  حافل بشئ.. السائر الوحيد الذي لم يكن يشعر بالمطر المنهمر حوله لانه ظل مستغرقا في تأملاته الحالمة.. كان هذا الكائن الوحيد والمتوحد فتى نحيل الجسم..أسود الثياب على رأسه قبعة سوداء عريضة الإطار...في قمتها فجوة غائرة امتلأت بالمطر..  وفرغ  الفتى من تأمل نافورة المياه فغادرها   إلى جانب آخر من الميدان يقوم فيه تمثال الشاعر (دي موسيه) وهو يستوحي عروس الشعر...

وقف الفتى ينظر إليه وقد نقش على قاعدته: (لا شيء يجعلنا عظماء غير ألم عظيم!)  ثم تطلع إلى وجه الشاعر فألفى قطرات المطر تتساقط من عينيه كالعبرات... فتحرك قلبه... ثم همس مرددا كالمخاطب لنفسه:

- لا شيء يجعلنا عظماء غير ألم عظيم... نعم ألم عظيم!.

وهذه صورة حقيقة له  كمفكر يعيش متألما لفكرة  قديمه ومتجددة من أجل أن يكون مفكرا عظيما.

أثناء  حديثه معى كنت أردد بينى وبين نفسى هل فكرة الحديث مع الله التى أصبحت تشغل باله ستجعله  مفكرا عظيما أم ستفتح عليه نيران مكثفة وتجعل  الأرض  تهتز من تحته بل وتصيبه بآلام مبرحة  خاصة فى ظل وجود "إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي" آنذاك والذى وصلت  أحاديثه وتفسيره المُبسط لآيات القرآن  إلى قلوب ملايين المسلمين فى مصر وغيرها من بلدان الوطن العربى وأيضا فى وجود  علماء الأزهر الشريف الذين سيرفضون بقوه  فكرته..

فى الأول من شهر مارس عام  ألف وتسعة مائة وثلاثة وثمانون  كان الفيصل في فكرته التى أرهقته طويلا من أجل أن يخرجها من اعماقه.. نشرها  بجريدة الأهرام  مع مبررات نشره ليستريح... لكنه هل استراح؟ أو أستطاع أن يقنع من قرأ مقاله  "حديث مع الله "

الأسبوع القادم اكتب لك  جزءًا مما حدث وكان زلزالا  شديدا".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: توفيق الحكيم

إقرأ أيضاً:

سلامة داود: ‏‏الأزهر يقود الاجتهاد والتجديد ‏‏وقادر على مواجهة أي شذوذ فكري

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة ‏والقانون بالقاهرة، تحت عنوان «بناء الإنسان في ضوء ‏التحديات المعاصرة»‏، أن بناء الإنسان جسمًا وروحًا ‏هو الأساس الذي قامت عليه الشرائع السماوية، مشيرًا إلى أن هذا المؤتمر يأتي استكمالًا لمسيرة الكلية ‏العلمية التي عقدت مؤتمرها الرابع في مثل هذه الأيام العام الماضي بعنوان «المبادئ الأخلاقية والتشريعية ‏في أوقات الصراعات الدولية». 

وكيل الأزهر: عقول الشباب وأجسادهم مستهدفةعميد شريعة الأزهر: بناء الإنسان مهمة شاقة وصناعة ثقيلة

وأوضح أن مجالس العلم في الأزهر لا تُمل، مستشهدًا بقول الخليل بن ‏أحمد الفراهيدي: «مرحبًا بزائر لا يُمل»، مؤكدًا أن هذه المجالس تستهدف الجميع من المعيد إلى العميد، ‏لتعزيز التفكير العلمي وإنتاج المعرفة، حيث إن القراءة المتأنية للكتب العلمية تفتح آفاقًا جديدة وتبعث أفكارًا ‏تصبح نواة لأعمال علمية مبتكرة.‏

وأشار الدكتور سلامة داود إلى أن كلية الشريعة والقانون بالقاهرة هي أم كليات الشريعة والقانون بجامعة ‏الأزهر، ولها فضل السبق والريادة كمنبت للعلماء والفقهاء والقضاة والمفتين، مستذكرًا أعلامها من الحاضرين ‏في المؤتمر اليوم، مثل الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر وعضو هيئة كبار ‏العلماء، والدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور شوقي علام، مفتي الديار ‏المصرية السابق، وكثير من أعلام هذه الكلية قديما وحديثا. 

وأكد أن الصفوة المختارة من أعضاء هيئة ‏التدريس بكليات الشريعة في جامعتنا الغرَّاء هم مناط الاجتهاد والتجديد، مع المحافظة على ثوابت الدين ‏والشرع الحنيف، بعيدًا عن أي انحراف يهدد الأمن الفكري والمجتمعي، مشددًا على أن الأزهر قادر على ‏مواجهة أي شذوذ فكري، كما كان منذ تأسيسه ركنًا ركينًا في الحفاظ على الأصالة والمعاصرة.‏

وأوضح أن الشرائع السماوية عُنيت ببناء الإنسان جسمًا وروحًا، مبنى ومعنى، فما من شيء يعود ‏عليه بالنفع إلا أمرت به، وما من شيء يعود عليه بالضرر إلا نهت عنه، ‏وكما نُقَوِّي مناعةَ الجسم ‏بالتطعيمات والتحصينات واللقاحات، فكذلك علينا أن نُقَوِّيَ مناعةَ ‏الروح بمحاسن الشرائع ومكارم الأخلاق ‏وفضائل المروءة. ودعا إلى تربية الإنسان على هذه القيم منذ صباه، مستشهدًا بقول الشاعر: «وَإِنَّ مَنْ ‏أَدَّبْتَهُ فِي الصِّبَا * كَالْعُودِ يُسْقَى الْمَاءَ فِي غَرْسِهِ.. حتى تَراهُ مُوْرِقًا ناضرًا * بعدَ الذي أَبْصَرْتَ مِن يُبْسِهِ».‏

وأكد رئيس جامعة الأزهر أن الإسلام يحث على التوازن بين الجسم والروح، وينبغي على المؤمن أن يعطي ‏كل ذي حق حقه من الجسم والروح، فلا يظلم جسمه من أجل ‏روحه، ولا يظلم روحه من أجل جسمه، بل ‏يزن بينهما بالقسطاس المستقيم؛ وهذا ما حثنا ‏عليه الرسول ‏ﷺ في قوله: «إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ ‏عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ». ورأى فضيلته أن مقولة أبي الفتح البُستِي: «يا ‏خـادم الجسـم كم تَشْقَى بخدمته.. فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان»، معتبرًا أنها تحيف على الجسم، لأن ‏الإنسان إنسان بنفسه وجسمه معًا، وأن العناية بالجسم ضرورية لاستقرار النفس، مستشهدًا بمقولة: «الْعَقْلُ ‏السَّلِيمُ فِي الْجِسْمِ السَّلِيمِ»، وقول رسول الله ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، ‏وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ».‏

وأشار رئيس الجامعة إلى أن القرآن الكريم عني بالإنسان بشكل خاص، حيث ورد ذكره مفردًا في 56 ‏موضعًا، بدءًا من قوله تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء:28]، وانتهاءً بقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي ‏خُسْرٍ﴾ [العصر:2]، وورد بصيغة الجمع «الناس» 172 مرة، بدءًا من قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا ‏بِاللَّهِ﴾ [البقرة:8]، وانتهاءً بقوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ [الناس:6]. 

وأكد أن تخصيص سورتي «الإنسان» ‏و«الناس» يعكس عناية الله بالإنسان فردًا وجماعة، لا سيما في ختام المصحف بسورة الناس التي تدعو ‏للتعوذ برب الناس من شر الوسواس الخناس: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ ‏الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ [الناس:1-6]، مؤكدًا أن هذه ‏الشرور لا ملجأ منها إلا إلى الله.‏

وأضاف أن ختام كل آية من الآيات الست في هذه السورة بكلمة «الناس» يعكس عناية عظيمة بالإنسان، ‏فهل هناك عناية أكثر من أن تكون كلمة «الناس» خاتمة الآيات الست التي ختم بها القرآن الكريم؟ وأشار ‏إلى أن السورة تدعو للتعوذ بالله جل جلاله من شر الجنة والناس، مؤكدًا أن هذه الشرور لا ملجأ منها إلا ‏إلى رب الناس، ملك الناس، إله الناس، لأن شر الناس وأذاهم قد يبلغ حدًا لا يدفعه إلا ربهم وملكهم وإلههم. ‏وبه جل جلاله نتعوذ وإليه نلجأ مما نزل بالعالم الإسلامي من ضعف وقتل وتشريد، وبه جل ‏جلاله نتعوذ ‏مما نزل بأهل غزة من قتل ودمار شامل، رَبِّ إن أهل غزة مغلوبون فانتصر.‏

ونبه الدكتور سلامة داود إلى أن الإسلام حافظ على بناء الإنسان بحفظ الكليات الخمس وهي حفظ النفس ‏والدين والعقل ‏والعرض والمال، وقامت علوم الشريعة في مقاصدها على حفظ هذه الكليات الخمس، وفيها ‏‏دراسات عميقة يرى الناظر فيها جملةً عظمةَ هذه الشريعة وما قدمته علومها من خدمات جليلة ‏للإنسان. في ‏الوقت الذي يشهد فيه الواقع المعاصر أن الحضارة الغربية كلما ازدادت تقدما علميا ازدادت تراجعا أخلاقيا، ‏لقد عُنيَت إحدى الدول العظمى ‏ببناء سورها العظيم الذي لم يتسلقه الغزاة، فلما يئس الغزاة من تسلق السور ‏العظيم دفعوا رشوة ‏إلى بعض حراس السور، فدخلوا المدائن دون حاجة إلى تسلق السور؛ لأن هذه الدولة ‏العظمى ‏بنت السور ولم تبن الإنسان الذي يقوم عليه.‏

وفي ختام كلمته، حثَّ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، كلية الشريعة والقانون بالقاهرة ‏وأخواتها في جامعة الأزهر على إنشاء برنامج للفتوى والإفتاء، وإنشاء مقررات دراسية في الفقه لكليات جديدة ‏تبدأ بها الجامعة عامها الدراسي القادم، تشمل مقررًا فقهيًّا يخدم كلية الذكاء الاصطناعي، ومقررًا ثانيًا يخدم ‏كلية الآثار والتراث الإسلامي، ومقررًا ثالثًا يخدم كلية الطب البيطري؛ فإن هذه المقررات الرصينة تُعدُّ من ‏السمات المميزة لجامعة الأزهر الشريف، التي تجمع بين الأصالة الفقهية والتخصصات العصرية.‏

طباعة شارك الدكتور سلامة داود جامعة الأزهر رئيس جامعة الأزهر التحديات المعاصرة مجالس العلم القرآن برنامج للفتوى

مقالات مشابهة

  • سلامة داود: ‏‏الأزهر يقود الاجتهاد والتجديد ‏‏وقادر على مواجهة أي شذوذ فكري
  • العربى الناصرى: كلمة الرئيس السيسي في ذكرى تحرير سيناء تبرز عظمة المصريين
  • تفاصيل حفل كوكب الشرق لـ ريهام عبد الحكيم بدار الأوبرا وأسعار التذاكر
  • جدل بسبب إطلالة نيرمين محسن في مهرجان أفلام السعودية .. فيديو
  • أستاذة سابقة من هارفارد ترى أن الجامعة أصبحت معقلا للإسلاميين
  • نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ43 لتحرير سيناء
  • لماذا سورة الكهف الوحيدة التى نقرأها يوم الجمعة ؟
  • لقاء الخميسي تنضم لمسرحية الملك وأنا .. صور
  • نقد لمقال فيصل محمد صالح بعنوان: “علامان من حرب السودان – لم ينجح أحد”
  • عنقاء الحداثة