مدينة صيدا اللبنانية إحدى أقدم الحواضر بالعالم
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
صيدا مدينة لبنانية تاريخية تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهي المركز الإداري لمحافظة جنوب لبنان، كما تعد مركز صيد وتجارة وزراعة وسياحة، وتصنف واحدة من أقدم حواضر العالم، ويعود تاريخها إلى العهد الفينيقي، تعاقبت عليها حضارات عدة وحكمتها إمبراطوريات عدة، وتعرضت للهدم مرات عدة وأعيد بناؤها.
موقع مدينة صيداتقع مدينة صيدا في جنوب لبنان على بعد 45 كيلومترا جنوب غربي العاصمة بيروت و40 كيلومترا شمال مدينة صور، وكانت قديما تمتد نحو الشرق على مساحة أكبر، يحيطها من الغرب البحر المتوسط ومن الشرق النبطية ومن الجنوب صور ومن الشمال جزين والشوف.
ترتفع المدينة عن سطح البحر نحو 10 أمتار، وتبلغ مساحها 7.79 كيلومترات.
الاسمتعود تسمية المدينة باسم صيدا إلى العصر القديم، إذ كانت تسمى باللاتينية واليونانية "صيدون" وبالعبرانية سميت "صيدو"، وتقول بعض الروايات إن اسمها مشتق من كثرة السمك في شواطئها، مما جعل أهلها الأقدمين يعملون في الصيد.
أما المؤرخ الفرنسي جاك نانتي فيشير إلى أن المدينة سميت على اسم مؤسسها "ابن كنعان البكر صيدون".
في إحصائيات موقع "مراجعة سكان العالم" يبلغ عدد سكان صيدا لسنة 2024 نحو 163 ألفا و554 نسمة، ويغلب عليها السنّة بنسبة 79.7%، ثم الشيعة بنسبة 10.8%.
كما تضم صيدا أقليات مسيحية تشمل الكاثوليك بنسبة 3.7% والموارنة بنسبة 3.3%، إضافة إلى الأرثوذكس والإنجيليين والأرمن الأرثوذكس بنسبة أقل، وغيرها من الملل والطوائف، وفق ما ورد في موقع مدينة صيدا.
التاريخيقول المؤرخ نانتي "إن أول مدينة أسسها الفينيقيون هي مدينة صيدا نحو سنة 2800 ق. م"، وتقول بعض الروايات التاريخية إن مؤسس المدينة هو "ابن كنعان البكر صيدون".
ويؤكد باحثون ومؤرخون أن المدينة تعد من أقدم حواضر العالم، وبنيت في عهد الفينيقيين.
ازدهرت صيدا في القرن الثاني قبل الميلاد، وحكمها الآشوريون والبابليون والفرس والإسكندر الأكبر والسلوقيون، واشتهرت في ذلك الوقت بالصبغ الأرجواني والأواني الزجاجية.
وخلال الحروب الصليبية تغيرت تبعية المدينة مرات عدة، ودمرت وأعيد بناؤها، وفي العهد العثماني ازدهرت المدينة لمدة 400 عام، وتحديدا في القرن الـ17 في عهد فخر الدين الثاني.
ثم تعرضت للتدمير بسبب زلزال ضرب المدينة عام 1837، وأعيد بناؤها بعد ذلك، وبعد الحرب العالمية الأولى احتلها الفرنسيون، وتحررت مع تحرر لبنان عام 1943.
تشهد مدينة صيدا تنوعا اقتصاديا مبنيا على قطاعات عدة، فقد اشتهرت بالزراعة في الأراضي الخصبة المحيطة بها، خاصة زراعة الحمضيات.
وإضافة إلى ذلك تعد الصناعات الحرفية من أبرز نشاطات المدينة، إذ تشتهر بصناعة الصابون التقليدي الذي يعد جزءا من تراثها.
كما أن السياحة مهمة في اقتصاد المدينة، نظرا لموقعها الساحلي ومعالمها التاريخية مثل القلاع والمعابد، مما يجذب الزوار المحليين والدوليين.
كما تصنف صيدا مركزا تجاريا مهما في جنوب لبنان بفضل مينائها الحيوي.
أهم المعالمصيدا غنية بآثار تركتها الحضارات التي تعاقبت عليها، ومنها:
القلعة البحريةتعد رمز المدينة، وهي قلعة بنيت في أوائل القرن الـ13 في عهد الصليبيين، وتضم في قسمها الشرقي برجا كبيرا له بوابات عدة، وعلى سطح البرج يوجد جامع صغير يعود إلى العهد المملوكي، وقد رمم في عهد فخر الدين، أما القسم الغربي فيضم برجا نصف دائري أقامه الصليبيون، ورُمِّم في عهد إبراهيم باشا المصري.
هي قلعة قديمة تسمى قلعة القديس لويس وتعود إلى العصر الفينيقي، رممها اليونانيون والرومان والعرب، وأقاموا فيها مراكز للمراقبة والدفاع، وقد تهدمت بتأثير الحروب والزلازل.
معبد أشمونيقع في الجهة الشرقية الجنوبية من صيدا على بعد 3 كيلومترات من المدينة، ويشرف على نهر الأولي بالقرب من الجسر القديم، ويعود تاريخه إلى الإله أشمون، وبني أيام الملك بدعشترت بن عازربن ملك صيدا في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد.
خان الإفرنجبُني في القرن الـ16 في عهد الأمير فخر الدين المعني، وكان يستضيف التجار الأوروبيين، وتحول الخان اليوم إلى مركز ثقافي وسياحي يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
المساجد القديمةمن بينها الجامع العمري الكبير الذي يعود بناؤه إلى العهد المملوكي، ويقع وسط صيدا القديمة، ويعكس الطراز المعماري الإسلامي البارز.
متحف الصابونيعرض مراحل صناعة الصابون التقليدي في المنطقة وتاريخ هذه الحرفة التي تشتهر بها صيدا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جنوب لبنان مدینة صیدا فی عهد
إقرأ أيضاً:
الانتخابات البلدية في جنوب لبنان.. صناديق اقتراع فوق الركام
جنوب لبنان- بعد تأجيل متكرر فرضته الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية المتلاحقة، تعود الانتخابات البلدية والاختيارية هذا العام إلى الواجهة في لبنان، لكنها لم تعد مجرد محطة لتنمية محلية، بل تحولت إلى ساحة اختبار سياسي في ظل واقع يثقل كاهل البلاد بين عدوان إسرائيلي وأزمات معيشية وإنمائية متفاقمة.
ويتجلى التحدي الأكبر في الجنوب اللبناني، حيث خلفت الحرب دمارا واسعا في القرى الحدودية الأمامية، كما طالت الأضرار البنى التحتية في بلدات الخط الثاني، مما يجعل من تنظيم الانتخابات هناك مهمة شاقة وسط مشهد إنساني مأزوم.
إداريا، يتوزع لبنان على 8 محافظات تضم 25 قضاء وهي بيروت، وجبل لبنان، والشمال، وعكار، والبقاع، وبعلبك-الهرمل، والجنوب، والنبطية. ويضم 1080 بلدية تتولى إدارة الشؤون المحلية وتقديم الخدمات الأساسية للسكان، وتشكل ركيزة رئيسية في العمل الإداري والإنمائي.
ومن المقرر أن تنطلق الانتخابات البلدية في 4 مايو/أيار المقبل، وفق جدول زمني يمتد لـ4 أسابيع موزعة على المحافظات كما يلي:
4 مايو/أيار: محافظة جبل لبنان. 11 مايو/أيار: محافظتا الشمال وعكار. 18 مايو/أيار: بيروت، والبقاع، وبعلبك-الهرمل. 24 مايو/أيار: الجنوب والنبطية.في بلدة ميس الجبل الحدودية التي نكبت جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، تتقاطع مشاعر القهر والإصرار بين سكانها العائدين إلى ركام المنازل وغياب مقومات الحياة.
إعلانعاد حسين حمادة، أحد أبنائها، ليجدها على حد وصفه "منكوبة لا أثر للحياة فيها، المحل الذي كنت أملكه بات ركاما، ولا طرقات مفتوحة، والمنازل مدمرة، تكاد لا تطيق النظر إلى بلدتك بهذا الشكل وتشعر بالقهر والعجز".
ورغم هذا الواقع المؤلم، فلا يخفي حمادة عزمه على المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة، مؤكدا أنه لطالما مارس هذا الحق، ويدعو الآخرين إلى الاقتداء به والوقوف صفا واحدا خلف البلدية المقبلة من أجل النهوض بميس الجبل، ويقول للجزيرة نت "هذه المرة نحن مع الجميع، سواء حزب الله أو حركة أمل، لا يهم من يفوز، المهم أن يعمل من أجل ميس الجبل، نريد أن نعيش كما كنا قبل الحرب".
أما خليل، الذي فقد منزله ومصدر رزقه، فاختار العودة إلى ميس الجبل حاملا معه رسالة صمود وإصرار على البقاء، ويعتبر مشاركته في الانتخابات تعبيرا عن تمسكه بالأرض وبحقوقه كمواطن، وخطوة نحو استعادة الحياة تدريجيا في بلدة دمرتها الحرب.
ويعرب للجزيرة نت عن أمله في أن يتمكن المجلس البلدي الجديد من إعادة تأهيل البنية التحتية، وإحياء المرافق الحيوية، مؤكدا أن المهمة لن تكون سهلة في ظل الخراب الواسع الذي خلفه العدوان الإسرائيلي، و"أعاد البلدة سنوات إلى الوراء".
مهمة صعبةمن جهته، ينتظر المهندس حسن طه الانتخابات بفارغ الصبر، آملا في ولادة مجلس بلدي فاعل يضم كفاءات قادرة على تنفيذ مشاريع تنموية تتناسب مع حجم الكارثة، ويؤكد للجزيرة نت أن البلدة بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل المستشفيات والمدارس، وشبكتي الكهرباء والمياه، فالمقومات الأساسية للحياة باتت شبه معدومة، ومن الضروري الإسراع بإطلاق ورش العمل لإعادة الحد الأدنى من الخدمات.
وفي بلدة حولا الجنوبية التي أنهكها الدمار وأثقلها الخراب، عاد علي حمدان ليقف على أطلال بيته الذي كان يوما يعج بالحياة، ويقول بمرارة للجزيرة نت "كل زاوية في هذا البيت تحمل ذكرى والآن لم يبقَ منها إلا الجدران المحروقة، رغم الخراب عدتُ إلى حولا لأن الانتماء للأرض أقوى من الحرب".
إعلانويؤكد حمدان أنه سيتوجه إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة "لأنها بداية الطريق نحو استعادة بلدتنا، وعلى المجلس الجديد أن يكون بمستوى آلام الناس وتطلعاتهم، ما نحتاجه ليس فقط إعادة إعمار الحجر بل إعادة بناء الثقة والأمل، فحولا ليست مجرد بلدة، إنها بيت كبير علينا جميعا أن نعيد إليه نبض الحياة".
بدوره، يتهيأ أحمد عواضة، أحد أبناء البلدة العائدين حديثا، للمشاركة في السباق الانتخابي القادم حاملا معه قائمة طويلة من المطالب والآمال، ويوضح للجزيرة نت "الانتخابات هذه المرة ليست مجرد استحقاق بلدية بل معركة من أجل البقاء، نريد مجلسا بلديا يعكس وجع الناس ويبدأ فورا بورش العمل لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب".
ويشدد عواضة على ضرورة أن يضم المجلس الجديد شخصيات كفؤة ونزيهة قادرة على التعامل مع حجم الكارثة التي لحقت بالبنية التحتية والخدمات الأساسية، ويتابع "نحتاج إلى خطط سريعة لإصلاح شبكات الكهرباء والمياه، وإعادة فتح الطرق والمدارس، وتأمين الدعم للعائلات المتضررة".
ويؤكد أن أبناء حولا اليوم لا يطلبون ترفا بل الحد الأدنى من مقومات الحياة. وبالنسبة له، الاقتراع هذا العام هو فعل صمود، وممارسة ديمقراطية تحمل في طياتها نداء لإنقاذ بلدة أرهقتها الحروب وأحيتها الإرادة.
رسالة صمودمن جانبه، قال رئيس بلدية حولا شكيب قطيش للجزيرة نت إن الوضع في البلدة بالغ الصعوبة وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة ومع ذلك ستُجرى الانتخابات البلدية، وهذه المرة تأتي محملة بأبعاد تنموية وإنمائية ووطنية، وتحمل في الجنوب اللبناني رسالة صمود وإرادة حياة فوق الركام والدمار.
وأضاف أن البلدية تواجه اليوم تحديات جسيمة في وقت تعد فيه ميزانيتها ضئيلة حتى في الظروف العادية. متسائلا "فكيف الحال في ظل ما نمر به من أوضاع استثنائية؟ نحن بحاجة إلى كل شيء، من إعادة إعمار إلى ترميم المدارس والمستشفيات والمساجد".
إعلانوحسب قطيش، فإن معظم مباني البلديات إما مدمرة أو متضررة، لكن هذه الانتخابات تحمل بعدا وطنيا يؤكد أن أهل الجنوب رغم الدمار والعدوانية الإسرائيلية التي طالت بلداتهم، لا يزالون متمسكين بأرضهم وحقهم في الحياة.
وختم بدعوة الأهالي إلى المشاركة في الانتخابات، قائلا "صوتكم اليوم ليس مجرد خيار إداري، بل فعل صمود ومقاومة، عبر الاقتراع نثبت أننا شعب لا تكسره الحروب ولا تهزم إرادته".