من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. طريق الشام
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
#طريق_الشام
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر يوم الخميس 24 / 8 / 2017
من طريق الشام تأتي..حافلات قديمة ،بألوان حائرة بين الحمرة والصفرة تشبه ورق الخريف ، رسومات تزيّن زنّارها ، وأدعية وكتابات باللغة التركية قد نال منها غبار الطريق..كانت تطلق دخاناً كثيفاً أسود فور اجتيازها الجمرك، كنت أتخيّله زفير الحافلات الخائفة ، وما أن تبتعد قليلاً عن التفتيش والحدود والجوازات ، حتى تتهادى ثم تحطّ في حارتنا.
لا أعرف بالضبط إن كان الحجاج أتراك أو أكراد أو تركمان لكنّهم ليسوا عرباً ،كنا أطفالاً ولا نميّز بين اللهجات، يتكلّمون فيما بينهم، يضحكون ، يشيرون الينا بأصابعهم يبتسمون وكأنهم يقولون شيئاً ، أو ربما يقيسون أعمارنا بأعمار أحفادهم الذين لا نعرفهم ،انه الاشتياق الباكر في أول السفر حيث يحن الغريب إلى كل شيء يذكّره ببيته ..
“جالونات من الحديد” معلقة على جانبي وسلّم الباص ، انه مصدر الماء الوحيد للوضوء والشرب الاغتسال ، وكلما حطّوا في مدينة مأهولة يعبئون منها حاجتهم ..كل البيوت بيوتهم لا يترددون في طرق الأبواب ، فهم ضيوف الله المارّين من هنا ، موسم الحجّ يشبه موسم هجرة الطيور ،يحضرون أسراباً..وأنت المضيف للاثنين معاً…يحلّقون حولك تسمع لهجتهم البعيدة ، تتأمل ، تراقب ،ترافقهم عيناك وهم يغيبون، تتمنى لو أنك معهم..
توقّفت إحدى الحافلات القديمة ذات ظهيرة أمام بيتنا…انشغل السائق بإصلاح العطل الميكانيكي ، بينما قمنا باستقبال الحجّات – العجائز منهن – ليستظللن قليلاً في بيتنا ،بعضهن لم يتردد في دخول البيت ، كن يتوضأن يغسلن وجوههن يشربن الماء البارد يتناولن الضيافة ، والبعض الآخر منهن كان يكتفي بالجلوس في فيء البيت مشتاقاً إلى مكّة أكثر من الماء البارد، لم تكن تفهم أمي على السيدات المسنّات لكنها كانت تبتسم كنوع من ردّ الامتنان، الامتنان لا يحتاج إلى مترجم ، العيون وحدها وفتح اليدين والنظر إلى السماء توحي أن حجم الشكر كبير جداًً..إحداهن وضعت في يدي ” تين مجفف”..هذا كل ما تملكه أو هكذا تهدي “أحفادها”، كان بيتنا على #درب_الحجيج..وواحة عبور كما كل البيوت البسيطة..
**
وقت الغروب كنا نراقب الحافلات القديمة التي تمرّ بشارع الرمثا الرئيس محمّلة بالحجاج القادمين من الشام وتركيا وداغستان و دول الاتحاد السوفياتي ،أعراق مختلفة ،جنسيات مختلفة، من بيوت مختلفة ..تقصد نفس البيت والمكان والإله..كانت الباصات الملوّنة كمساءات الخريف تمر ببطء وهدوء تشبه سكينة الحجاج…لا نرى من نوافذ تلك الحافلات سوى أكمام الثياب البيضاء المتكئة على حواف النوافذ،كنوارس تقف على قارب بحري..
**
لم يعدّ يمرّ الحجاج من أمام بيوتنا كما كانوا ، لم يعودوا يستظلون في فيء أشجارنا كما كانوا …لم يعودوا بلوّحون لنا كلما هتفنا لهم كما كانوا ..
لقد فقدت #مساءات_الخريف بريقها..عندما فقدت الشام طريقها… مقالات ذات صلة قاسم مشترك خطير بين نتنياهو وغولدا مائير 2024/10/17
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#108يوما
#أحمد_حسن_الزعبي
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طريق الشام الحرية لأحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
في رحاب الشام يجول في تدمر وأبرز معالمها الأثرية
وسلطت حلقة (2025/3/6) من برنامج "في رحاب الشام" -الذي يبث على منصة "الجزيرة 360"- الضوء على مدينة تدمر الأثرية، التي تعد واحدة من أبرز المواقع التاريخية في سوريا، مستعرضة تاريخها العريق.
وتناولت الحلقة الماضي المجيد لتدمر، التي كانت نقطة تجارية إستراتيجية على طريق الحرير، وذكرت كيف أصبحت عاصمة مملكة قوية تحت حكم الملكة زنوبيا التي وسعت نفوذها حتى وصلت إلى مصر وحدود الأناضول، قبل أن تهزمها الإمبراطورية الرومانية.
ولفتت الحلقة إلى الآثار البارزة في المدينة مثل الشارع المستقيم المرصوف بالحجارة والمزين بالأعمدة الضخمة على جانبيه، والمسرح الروماني ذي التصميم نصف الدائري، ومعبد "بل" الذي يعتبر من أروع ما تبقى من المدينة.
وسلطت الحلقة الضوء على قوس النصر الذي تعرض للتفجير من قبل تنظيم الدولة الإسلامية خلال سيطرته على المدينة، إضافة إلى نبع "أفقا" الحار الذي كان مصدر الحياة في وسط الصحراء، وساهم في جعل تدمر واحة خضراء مزدهرة.
وتطرقت الحلقة إلى فتح المسلمين لتدمر صلحا بعد معركة اليرموك، وكيف ازدهرت المدينة اجتماعيا واقتصاديا خلال العهد الأموي، حتى تحول شارعها الأثري إلى سوق حيوي تباع فيه المنتجات المحلية.
إعلانوالتقت الحلقة عددا من سكان تدمر الذين عبروا عن ارتباطهم العميق بمدينتهم وحنينهم إليها بعد أن اضطروا لمغادرتها، إذ قال أحدهم "كل واحد يشتاق للبلد ويشتاق لحارته ويشتاق لداره لأنها جزء منك".
وختمت بتأمل في دروس التاريخ، مؤكدة أن بقايا تدمر ليست مجرد حجارة، بل شاهد على حضارات وعصور مرت عليها، وأن الأوطان غالية وتستحق التضحية من أجلها.
6/3/2025