في ذكرى رحيل يوسف وهبي.. رحلة عميد الفن العربي من الأفلام الصامتة إلى الريادة الفنية
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحل اليوم الموافق ١٧ أكتوبر، ذكرى رحيل الفنان يوسف وهبي، والذي يعد رائد الفن المصرى والعربى على مستوى السينما والمسرح، وكان نقطة الانطلاقة الفنية ومنارة الفن العربي.
البداية مع الفنعاش الفنان يوسف وهبي بشغف كبير للفن منذ الصغر، وبعد التخرج مباشرةً سافر إلى إيطاليا، والتحق بفرقة الإيطالي أميليه بيانتوني، وقدم عدد من الأدوار المسرحية، ومن المسرح شق طريقه إلي السينما ونجح بشكل كبير.
وكشف الفنان يوسف وهبي في لقاء تلفزيوني نادر له "بعد النجاحات التي حققتها في السينما في أوروبا، ظننت أنني سأستمر هناك طوال الوقت، إلي أن جاءتني برقية والدتي وأخبرتني بأن والدي يحتضر".
وعاد يوسف وهبي إلي مصر وأثناء تجوله بشارع عماد الدين، وجد أحد نجوم الفن الكبار في حالة صعبة وبسؤاله لماذا وصل به الحال هكذا، أجاب أن الفن انحدر كثيراً، واصطحب الفنان يوسف وهبي إلي مقهي بشارع عماد الدين، ليجد حال معظم الفنانين في حالة بؤس شديد.
وظل الفنان يوسف وهبي بعد هذا المشهد في حالة تعجب، كيف وصل الحال هكذا، بعد النهضة التي حاول فيها الفنان جورج ابيض أن يقودها للفن، وبعد البحث اكتشف الفنان يوسف وهبي أن السبب يعود إلي استمرار الفنانين بنفس طريقة الإلقاء القديمة دون تطور يجذب الجمهور، إلي جانب عدم الاهتمام بالمظهر الفني.
تأسيس الفرقة الأولى للفنان يوسف وهبي
قرر الفنان يوسف وهبي أن يجمع كل الفنانين ويؤسس فرقته الأولى، ونقل التجربة الأوروبية من الخارج، وبدأت بالإخراج، وقدم على مسرح رمسيس ما يقارب ٢٨٠ مسرحية.
مسرح يوسف وهبي مسرح يوسف وهبيتقارب الفنان يوسف وهبي بفنه مع كل ما يجذب الجمهور، وقدم كل ما يمس المتغيرات في ذلك العصر، وقرر عدم البحث عن الموضوعات الغريبة والغربية، والتي كانت تمثل حاجزا أدى لتدهور الفن في ذلك الوقت.
رحلة السينما من الفن الصامت إلى السينما الناطقة
ظلت السينما تقدم الفن الصامت لفترات طويلة، حتى جاءت مرحلة ثلاثينيات القرن الماضي، وقدم الفنان يوسف وهبي أول فيلم ناطق، وكان يهدف أن يكون له رسالة هامة، ليرد به على واقعة سيدة قتلت شاب ثري مصري في أوروبا بعد الزواج منه، ورغم ذلك ترافع المحامي الإنجليزي للدفاع عن القاتلة، وتعلل بأن العرب همج وشبه الشاب المجني عليه والذي دفع عمره من غدر زوجته، بأنه هو الجاني، وتعاطفت المحكمة وبرأت الزوجة الأجنبية القاتلة.
ليجعل الفنان يوسف وهبي أول فيلم ناطق رداً على الغرب، ليحقق الفيلم أصداء كبيرة، ويتلقى البرقيات والهجوم والرسائل من الغرب بالمئات.
فريد شوقي يكشف الأسرار عن يوسف وهبي
كشف الفنان فريد شوقي أثناء استضافته مع الإعلامية صفاء أبو السعود، الكثير من الأسرار عن حياة الفنان يوسف وهبي.
وأكد الفنان فريد شوقي أنه كان تعلم الكثير من الفنان يوسف وهبي، وأنه كان يسعي طوال الوقت أن يصل إلى نفس المعادلة الفنية بين الكوميديا والتراجيديا، حيث يستطيع الفنان يوسف وهبي أن يضحكك ويبكيك بنفس القدرة الفنية.
وتابع شوقي أن الفنان يوسف وهبي كان مثقف وممثل مشرف وله هيبة كبيرة، ويستقبل أفضل استقبال في أي مكان يصل له.
اللقاء الأول بمجلس قيادة الثورة
أبدى الفنان فريد شوقي إعجاب شديد بالزيارة الأولى لعدد من الفنانين، بمجلس قيادة الثورة بعد قيامها بأيام قليلة.
كان يترأس الوفد الفنان يوسف وهبي، والذي شدد عليهم جميعاً لا أحد يتحدث غيره، وأنه كان على درجة كبيرة من الحكمة.
وبمجرد اللقاء الأول بقيادات مجلس قيادة الثورة، قال يوسف وهبي أين أنت يا أبي لترى يوسف ابنك وهو أمام رئيس الجمهورية الذي يقدر الفن، هذه هي الثورة هذا هو التغيير.
أبرز أعماله الفنية
قدم الفنان يوسف وهبي عددا كبيرا من الأعمال الفنية أبرزها فيلم "الدفاع، ليلي بنت الريف، جوهرة، غرام وانتقام، الفنان العظيم، برلنتي، الملاك الصغير، اعترافات زوج، إشاعة حب، نورا، دلع البنات، بنت الهوى، غزل البنات، البؤساء"، وعلى مستوى المسرح قدم "هاملت، أولاد الفقراء، كرسي الاعتراف، الجريمة والعقاب، الدم، الذهب، المجنون، المرأة المقنعة".
وفاته
رحل الفنان يوسف وهبي في يوم ١٧ أكتوبر عام ١٩٨٢، بعد تعرضه لأزمة صحية، ليرحل عن عالمنا، تاركاً إرثاً فنياً مهماً، وريادة فنية أنارت شاشات السينما وفتحت ستار المسرح في مصر والعالم العربي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: يوسف وهبي الفنان يوسف وهبي السينما المسرح السينما الصامتة فريد شوقي الفنان یوسف وهبی فرید شوقی
إقرأ أيضاً:
من حلب إلى دمشق.. رحلة عبر تاريخ السينما السورية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كانت لمدينة حلب السبق الزمني في تقديم أول عرض لفنّ السينما، وذلك عام ١٩٠٨، فقد جاء إلى شمال سوريا مجموعة من الأجانب عن طريق تركيا "وعرضوا صوراً متحركة عجيبة، وكانت معهم آلة متنقلة تتحرك فيها الصور أفقياً". على أنّ البداية الرسمية لتعرّف سوريا على السينما كانت بعد أربع سنوات من هذا التاريخ، أيّ في عام ١٩١٢، حيث قام حبيب الشماس بتجريب، وعرض صوراً متحركة في المقهى الذي كان يستثمره في دمشق، في ساحة المرجة، وكانت آلة العرض تُدار باليد، وكان الضوء فيها يتوّلد من مصباح يعمل بغاز الاسيتيلين.
يقول الكاتب السوري جان الكسان، في كتابه «تاريخ السينما السورية 1928-1988»، على الرغم من ظروف الحرب العالمية الأولى، إلا أن الدولة العثمانية أنشأت في عام ١٩١٦، أول صالة للصور المتحركة في دمشق، في شارع الصالحية «مجلس الشعب حالياً»، وسُميت سينما "جناق قلعة"، وعُرض في هذه الدار أول فيلم سينمائي من صنع ألمانيا، وهو مجرد قصة مثيرة، مع فيلم آخر إخباري يمثل استعراض الجيش الألماني، وشهدت إقبالاً جماهيريًا كبيرًا لمشاهدة هذا الوافد الجديد على سوريا.
في الجهة الشرقية من ساحة المرجة بدمشق، افتتحت سينما «زهرة دمشق»، حيث عرضت فيها أفلام فرنسية بوليسية وأفلام فكاهية لماكس لاندر، الذي كان من أشهر الممثلين الهزليين في ذلك الحين. وقد صادف افتتاح سينما زهرة دمشق مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، في عام ١٩١٨. وبعد ذلك افتتحت سينما «الإصلاح خانة»، والتي كانت تعرض الأفلام الأمريكية التي تمثل بطولة رعاة البقر والعصابات المكسيكية، ثم بدأت بعد ذلك الأفلام الفرنسية تكتسح سوق السينما وتنافس الأفلام الأمريكية، وأما الأفلام الهزلية التي اشتهرت في ذلك الحين، وعرضت في دمشق فكانت أفلام المخرج الأمريكي ماك سينث، والمخرج الممثل شارلي شابلن، والممثل هارولد لويد. بعد ذلك افتتح في دمشق وحلب عدد آخر من دور السينما منها صيفية ومنها شتوية، حتى وصل عدد قاعات السينما لاحقًا إلى حوالي المائة دار موزعة في مختلف مدن وبلدان القطر السوري.
أما في حلب، فقد أسست أول دار للسينما في باب الفرج عام ١٩١٤ باسم سينما الكوزمو غراف، ثم سينما الترقي عام ١٩١٧، أما أول من أدخل السينما الناطقة إلى دور عرض السينما في سورية، فكان السادة شماس وقطان وحداد، وذلك في ملهى العباسية عام ١٩٣٤ «فندق سميراميس الآن»، وقد أسست بعد ذلك مجموعة من دور السينما الناطقة في دمشق والمحافظات بعد تأسيس الدار الأولى في دمشق، وكان أكثرها يتبع أصحاب دور السينما في دمشق وحلب.
المتهم البرىء.. أول فيلم سورى
في عام ١٩٢٨، أي بعد عام واحد من بداية الانتاج السينمائي في مصر، سجل تاريخ السينما العربية ولادة أول إنتاج سينمائي روائي طويل في سورية، وبالرغم من أن انتاج تلك المرحلة التي امتدت بين نهاية العشرينيات وبداية الستينيات لم يتعد السبعة أفلام إلا أنها كانت – تاريخياً – تمثل مرحلة ذات صفات خاصة بنسحب عليها وصف: المغامرات الفنية، والمبادرات الفردية، والمحاولات الجريئة. وفق وصف الكسان.
اجتمع بعضُ هواة السينما، وقرروا إنتاج فيلم روائي وهم: أيوب بدري وأحمد تللو ومحمد المرادي، فقاموا باستيراد آلة تصوير سينمائية ألمانية قياس 35 ملم من طراز «كينامو» عن طريق التاجر ناظم الشمعة. ولأنهم كانوا يجهلون كيفية التصوير رغم وجود تعليمات مكتوبة حول كيفية استخدام الكاميرا، أرشدهم ناظم الشمعة إلى رشيد جلال الذي كانت له محاولات في التصوير. واتفقوا معه أن يكون شريكاً رابعاً لهم في إنتاج الفيلم. فكان أيوب بدري ممولاً للفيلم ومخرجًا ورشيد جلال مصورًا.
اتفق الجميع على نقل قصة واقعية إلى الشاشة، القصة جرت أثناء الحكم الفيصلي، عن عصابة من اللصوص روعت ريف دمشق، وأضيفت بعض الأحداث المشوقة. حيث يتنافس صديقان يعملان في نفس المزرعة على قلب فتاة، لكنها تحب الأصغر سنًا، مما يولد الغيرة في قلب الحبيب الآخر، الذي يسعى إلى أن يفرق بين الحبيبين. يستغل صاحب المزرعة هذه المشاعر، فيقتل والد الفتاة، ويلقي بالتهمة على الشاب الأكبر سنًا، ويدفع بالشاب إلى الهرب من المزرعة، حتى يفلت من العقاب، ينجح الحبيب الأصغر في كشف الحقيقة، ويتم القبض على صاحب المزرعة.
كانت الصدمة التي تلقاها الفيلم السوري الأول قوية، وسببت إحباطاً لأصحاب الفيلم ولمن يفكر بالإنتاج السينمائي، فقد منعت السلطات الفرنسية الفيلم بحجة وجود فتاة مسلمة فيه، وبررت الرقابة الفرنسية موقفها بأن رجال الدين اعترضوا على وجودها، وطلبوا استبدالها بفتاة محترفة للعمل الفني، مع أن أهل الفتاة كانوا موافقين على اشتراك ابنتهم وكانت في الخامسة والعشرين.
لم يفلح صناع الفيلم بإقناع الرقابة بالقبول كما حاولوا التوسط لدى بعض المديرين، لكن الرقابة بقيت على موقفها. ولم يجد الشركاء بدأ من إعادة تصوير مشاهد الفتاة، وتم استبدالها براقصة ألمانية تعمل في ملهى الأولمبيا تدعى «لوفاتينا». وعرض في عام 1928 في صالة «الكوزموغراف» التي كانت تقع خلف الفندق الكبير المسمى الآن فندق عمر الخيام، ووضعت إعلانات وصور كثيرة على الجدران في دمشق، ونجح في جذب الجمهور، وبلغ الأمر الاستعانة بالشرطة لمنع الازدحام. وعرض الفيلم في كل المدن السورية وبيروت وطرابلس.
أما «تحت سماء دمشق»، فيعد الفيلم الصامت الثاني في تاريخ السينما السورية، والذي شهد عرضه الأول عام 1932، في سينما العباسية بدمشق. شارك في الفيلم عرفان الجلاد ولوفانتيا الألمانية وعدد من الراقصات وتوفيق العطري والمطرب مصطفى هلال، وفريد جلال وعلي حيدر، ومدحت العقاد، وغيرهم، وذلك تطوعاً دون أجر، باستثناء النساء.
يصور الفيلم بانوراما الحياة الدمشقية آنذاك، في حبكة بوليسية وعاطفية، وقصة الفيلم تعتمد بنية سردية تقليدية اذ تبدأ بقيام العلاقة والخطوبة بين صبحية والدكتور، ونرى العلاقة وهي تتطور، ثم يدخل عنصر غريب رجل يعمل على ابتزاز صبحية وتظل تدفع له، ويعلم الخطيب فيشك بخطيبته وينفصل عنها، الى ان يُقتل الرجل الذي نكتشف انه ليس سوى شقيق لصبحية، وهي ليست سوى بنت يتيمة وفقيرة تبناها الرجل الثري.. فيعود الدكتور الى خطيبته!
تعالج القصة موضوع الغيرة عند الرجل والمرأة. فالدكتور يغار على خطيبته فينفصل عنها. والراقصة التي تحب علي شقيق صبحية تغار عليه من اخته لأنها تظن انه يخونها معها فتقتله. لكن هذه المعالجة تشتمل على رؤية الى فئة من المجتمع السوري في تلك المرحلة، فتنظر الى الأثرياء وقصورهم وسياراتهم وطبيعة حياتهم، وسهراتهم، والى الفقير الذي يتورط في علاقة مع راقصة.
جرى التصوير في غوطة دمشق ومداخل المدينة، وفي الربوة ودمر، وفي قصر الأمير سعيد الجزائري بدمر، «المشاهد الداخلية»، وقد صورت بعض منظار الفيلم في محطة الحجاز، حيث استخدمت عربات الركاب في القطارات واستخدمت عربات الركاب في القطارات واستخدمت ركاب القطار ككومبارس بالإضافة إلى تصوير مشاهد في ملهي أقيم في الهواء الطلق في سينما اللونابارك الصيفية التي كانت من أكبر دور السينما الصيفية في دمشق، وقد استخدمت زجاجات الشمبانيا الفارغة حيث وضع فيها الكازوزة، وزجاجات الويسكي الفارغة حيث وضع فيها الشاي، توفيراً للنفقات.
وكما منيَّ الفيلم الأول بصدمة كبرى، فلم ينج الفيلم التالي أيضًا؛ فأثناء طبع النسخة الإيجابية من فيلم "تحت سماء دمشق" الصامت، أعلن عن فيلم عربي ناطق قادم من مصر باسم “أنشودة الفؤاد” فقرر أصحاب «تحت سماء دمشق» استعمال بعض القطع الموسيقية العربية المسجلة على اسطوانات لتصاحب الفيلم، ولكن التجربة فشلت فنياً، وفشل أيضاً عرض الفيلم، فتناقص عدد رواده الذين اعتادوا على السينما الناطقة الوافدة.
المؤسسة العامة للسينما
اقتصرت مرحلة البدايات الأولى في الإنتاج السينمائي السوري على سبعة أفلام روائية فقط، بأسماء شركاتٍ لا تملك غير أسمائها، سرعان ما تنسحب كلّ منها من ميدان الإنتاج السينمائي بعد تحقيق فيلمها الأول، لأنها دخلت هذا الميدان، في الأساس، طمعًا في تحقيق الربح الكبير، والسريع دون رصيد كاف من المال، والمعرفة، والتخصص، والمعدات الكافية. إلى جانب هذه الأفلام الروائية كانت هناك محاولات أخرى قام بها بعض هواة السينما، وهي تصوير أفلام قصيرة، وإخبارية.
وهذه هي المرحلة التي سبقت تأسيس «المؤسسة العامة للسينما» عام 1963، بعد سنوات قليلة من تنظيم الحركة الثقافية في سوريا، والتي بدأت بتأسيس وزارة الثقافة، والارشاد القومي في سوريا عام 1958، ومن ثم تأسيس المجلس الأعلى لرعاية الفنون، والآداب، والعلوم الاجتماعية عام 1959 والذي ساهمت لجنته المختصة بالشؤون السينمائية بتأسيس أول نادي للتصوير السينمائي في سوريا عام 1960، وكذلك دائرة السينما في وزارة الثقافة عام 1961، ومن ثم إحداث «المؤسسة العامة للسينما»، فكانت منعطف السينما الكبير في سوريا، وتميزت بأبعاد تجربة سينما القطاع العام، ومحاولات تقديم السينما الجادة، مقابل استشراء عدوى الانتاج السينمائي في القطاع الخاص، وبصورة خاصة بعد صدور مرسوم حصر استيراد، وتوزيع الأفلام السينمائية بالمؤسسة العامة للسينما، ودخول أصحاب دور السينما مجال الانتاج السينمائي، أو المساهمة في تمويله، ودعمه، وعرض أفلامه في الصالات التي يملكون، بدل أن يستورد أفلاماً جديدة عن طريق المؤسسة، وذلك كموقف سلبيّ غير معلن صراحة من حصر الاستيراد، والتوزيع.
أنتجت دائرة السينما في وزارة الثقافة العديد من الأفلام الوثائقية القصيرة عن المدن، والآثار، والمنجزات، والطبيعة، والناس، بعد أن تعاقدت مع الخبيرين اليوغوسلافيين بوشكو فوتشينينش في الإخراج، وتوميسلاف بينتر في التصوير، وكذلك قام صلاح دهني - خريج الدراسات السينمائية العالية في باريس منذ عام 1950 - ورئيس الدائرة بإخراج العديد من الأفلام القصيرة الوثائقية بالأسود والأبيض، وبالألوان الطبيعية، وأخرج يوسف فهدة فيلم "الفنون التطبيقية في سوريا" بالألوان، وقد عمل جورج خوري كمساعد تصوير في الأفلام الأولى مع المصور اليوغوسلافي توميسلاف ثم قام بتصوير أفلام أخرى بعد سفر الخبيرين. وكانت تشارك المؤسسة العامة للسينما بشكل دوريّ، ومستمر في المهرجانات السينمائية المتنوعة في موسكو، طشقند، كارلوفي فاري، قرطاج، والقاهرة، وفالنسيا، وكذلك مهرجان باريس للفيلم العربي. وشاركت سوريا لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي عام 1962، بفيلم "دمشق الخالدة". كما قامت وزارة الثقافة بإيفاد عدد من الطلاب لحسابها، لدراسة فنون السينما المختلفة في بعض البلدان الأوروبية.
محمد ملص.. وأحلام المدينة
كان محمد ملص «1945»، من أوائل المخرجين السينمائيين في سوريا. عمل ملص كمدرس بين عامي 1965 و1968 قبل الانتقال إلى موسكو لدراسة الإخراج السينمائي في معهد جيراسيموف للسينما. خلال فترة وجوده في هذا المعهد، أخرج الأفلام القصيرة «حلم مدينة صغيرة» و«اليوم السابع» والكل في مكانه و«كل شيء على ما يرام سيدي الضابط». بعد عودته إلى سوريا بدأ ملص العمل في التلفزيون السوري. وحقق العديد من الأفلام القصيرة «القنيطرة 74» في عام 1974 و«الذاكرة» في عام 1975 و«فرات» في عام 1980.
كما شارك «ملص» مع عمر أميرلاي شارك في تأسيس نادي سينما دمشق بين عامي 1980 و1981، صور ملص الفيلم الوثائقي «المنام» عن الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في لبنان خلال الحرب الأهلية أخرج فيلمه الروائي الطويل الأول «أحلام المدينة» عام 1983. وحصل فيلم السيرة الذاتية على الجائزة الأولى في مهرجانات فالنسيا وقرطاج بمناسبة الذكرى المئوية للسينما في العام 1995، قام ملص مع عمر أميرالاي واسامة محمد بتصوير فيلم وثائقي بعنوان «نور وظلال» عن الرائد السينمائي السوري نزيه شهبندر تم إنتاج فيلم ملص الثاني «الليل»، في عام 1992. تدور أحداث الفيلم في مدينة القنيطرة مسقط رأسه والتي دمرت بعد الحرب الإسرائيلية عام 1967. وتدور أحداثه في الأعوام 1936 والحرب العربية الإسرائيلية 1948.
يشكل الفيلم الأول «أحلام المدينة» والثاني «الليل» أجزاء من ثلاثية لم تنته بعد تم عرض كلا الفيلمين في قسم الفوروم في مهرجان برلين السينمائي الدولي. حصل «الليل» على اعتراف دولي وفاز بالجائزة الأولى في مهرجان قرطاج السينمائي لعام 1992. ومع ذلك، تم حظر الفيلم في سوريا حتى عام 1996 في عام 2013، كان "أحلام المدينة" من بين أفضل 10 أفلام في قائمة «أعظم 100 فيلم عربي»، والتي صوت فيها خبراء من العالم العربي.
إضافةً إلى شركاء مهرجان دبي السينمائي الدولي في تعاون آخر بين ملص وعمر أميرلاي واسامة محمد تم تحقيق الفيلم الوثائقي «مدرس» في عام 1996 عن الرسام السوري الرائد فاتح مدرس باب المقام، الذي صدر في عام 2005، كان ثالث فيلم روائي طويل من ملص، وقد فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان مراكش الدولي للسينما. تم عرض فيلم "سلم إلى دمشق"، الذي تم إطلاقه في عام 2013، في مهرجان تورنتو الدولي للسينما، وتم عرضه في أكثر من 50 مهرجانًا منذ ذلك الحين.
وفي كتابه «تاريخ السينما السورية»، ينشر جان الكسان نتائج الاستفتاء الكبير الذي حققته مجلة «اليوم السابع» التي كانت تصدر في باريس بين مجموعة كبيرة من السينمائيين والنقاد حول "عشرة أفلام هزّت السينما العربية"، ونشرته في عدد 23 فبراير 1987، وعدد مارس ١٩٨٧، فكان بينها ثلاثة أفلام من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا، من بينهم فيلم «أحلام المدينة» للمخرج محمد ملص، وفي نفس الاستفتاء جاء «ملص» في المرتبة الثامنة من بين أفضل مخرجين عرب في القائمة، باعتباره المخرج السوري الوحيد في القائمة التي تصدرها المخرج المصري يوسف شاهين.