المسلة:
2024-11-16@20:52:13 GMT

شيعة الشرق الأوسط والمخاض الصعب

تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT

شيعة الشرق الأوسط والمخاض الصعب

17 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة:

علي المؤمن

قبل ثلاثة أشهر، بدأت الوحدة 8200 (SIGINT) التابعة لاستخبارات الجيش الإسرائيلي، التحضير لموجة دعائية مهمة جديدة، موضوعها “التغيير القادم في الشرق الأوسط”، أو “الشرق الأوسط الجديد بقيادة إسرائيل والسعودية” برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يقوم على معادلة أفول قوة الشيعة وانهيار محور المقاومة الشيعية وحلفائه السنة، مقابل صعود ما يسمى بالإسلام العلماني الليبرالي المسالم، كما سبق لمؤسسة راند الأمريكية أن أسست لمعالمه.

وما لبثت هذه الموجة الدعائية أن انطلقت، بعد أن أعلن رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو عن موضوعها صراحةً في 28 أيلول/ سبتمبر الماضي، وذلك بعد يوم واحد من اغتيال السيد نصر الله، حين بشّر بأن إسرائيل تعمل على تنفيذ مشروع شرق أوسط جديد يخضع لرؤيتها. وكان هذا الإعلان بمثابة كلمة السر لشبكات الدعاية الصهيونية والأمريكية والسعودية، لتنطلق بقوة كبيرة ومنهجية وبصفوف متراصة، للترويج للموضوع.

وراح العملاء الدعائيون يروجون لهذا الشرق الأوسط المتخيّل، من خلال القنوات الفضائية والصحافة ومواقع الانترنيت العربية والعبرية والأمريكية، وبات الشغل الشاغل لبعض الإعلاميبن والكتّاب والمحللين السياسيبن والعسكريبن اللبنانيين والعراقيين والسعوديين والمصريين والأردنيين والإماراتيين والبحرانيين والسوريين، المعروفين بعلاقاتهم بالمؤسسات الإسرائيلية والسعودية، وبالسفارات الأمريكية والبريطانية، فضلاً عن معممين سنة وشيعة، يحملون التوجهات نفسها. كما أخذ بعض المعارضين الشيعة لمحور المقاومة الشيعية، يرددونها عن قصد أو سذاجة، للاستدلال بها على صحة مواقفهم.

والحقيقة أن مقولة نتنياهو بشأن مشروع إسرائيل لتأسيس شرق أوسط جديد، هو مجرد مقولة دعائية، وليس مشروعاً فعلياً؛ لأن هذه المقولة لا تستند الى أية معطيات واقعية، ولا توجد عليها أية مؤشرات حقيقية، بل ولا تعتقد إسرائيل نفسها بتوافر الإمكانيات لديها ولدى راعيتها أمريكا وحليفتها السعودية وأي من حلفائها العرب، لتنفيذ هكذا مشروع، فضلاً عن انعدام فرص نجاحه؛ بالنظر للتصاعد المطرد لقوة المحور الشيعي، ورصانة دعائمه في المواجهة، والخبرات والتجارب الكبيرة التي اكتسبها خلال السنة الأخيرة، ومنعه خلق ثغرات في موازين القوة، رغم خسارته لقيادات مهمة، في مقدمتهم الأمين العام لحز ب الله.

وتدخل مقولة نتنياهو وحلفائه، في إطار الحرب النفسية التي تهدف إلى ترهيب الحواضن الاجتماعية لمحور الصعود الشيعي، وخلق فجوة بينها وبين حكومات المقاومة وأحزابها وفصائلها، ودفع هذه الحواضن للتمرد على ركائز القوة فيها. أي أن الرهان الحقيقي لأمريكا وإسرائيل والسعودية ليس على تدمير المحور الشيعي عسكرياً وسياسياً، لأنها تعلم بعدم إمكانية الانتصار عسكرياً وسياسياً على المحور الشيعي، بل رهانها يقوم على دفع الحواضن الاجتماعية الشيعية للانقلاب نفسياً وإعلامياً وسياسياً على قياداتها وكياناتها السياسية والدينية. وقد نجحت الدعاية الإسرائيلية والأمريكية والسعودية بالفعل في ترهيب جزء من هذه الحواضن، وجعلته يتناقل كثيراً من إشاعاتها وترهيباتها، بل نجحت تلك الدعاية في زيادة رعب بعض الأصوات الشيعية المرجفة. ويعود هذا النجاح إلى ضعف الأداء الإعلامي والثقافي والتوعوي للمحور الشيعي خلال الحرب الحالية، مقابل السطوة الإعلامية الأمريكية والإسرائيلية والسعودية.

أما بعض التيارات الطائفية والعلمانية في البلدان العربية، بما فيها القومية والإسلامية؛ فقد تلقفت مقولة نتنياهو وتبشير السعودية بها؛ لتحوِّلها إلى استراتيجية لحاضرها ومستقبلها، ولتتصرف على أساسها من أجل تحقيق مكاسب سياسية في لبنان والعراق واليمن؛ مستغلةً انشغال المقاومة في الحرب مع اسرائيل وأمريكا، رغم أن الحكماء والأذكياء في هذه التيارات يعلمون أن مقولة التأسيس لشرق أوسط أمريكي إسرائيلي سعودي يلغي وجود المحور الشيعي، وينهي مسار صعوده؛ إنما هي أوهام وتمنيات وآمال ليس إلّا.

ومن خلال مراقبة منهجية دقيقة لتفاصيل واقع منطقة الشرق الأوسط، ولتقارير مراكز الدراسات الغربية المتخصصة، سيتضح للباحث الموضوعي؛ بأن ما يحصل وسيحصل في الشرق الأوسط، هو على العكس مما تحدث عنه نتنياهو وما تروج له الدعاية الأمريكية الإسرائيلية والسعودية؛ فالمرحلة الحالية تمثل مخاضاً صعباً جديداً للنهضة الشيعية الشاملة، يشبه مخاضاتها المؤلمة في الأعوام 1979، و1989 و1992 و2003 و2006 و2014، وهو ما تعرفه الدوائر المخابراتية الأمريكية والإسرائيلية والسعودية جيداً، وتعرف أيضاً أن محور الصعود الشيعي يعيش مساره المعتاد، مع طاقة دافعة حذرة أكبر.

ومن الطبيعي أن يكون المخاض مؤلماً، وينطوي على خسائر وسلبيات، ويأخذ وقتاً، لكن الوليد سيمثل خطوة كبرى إلى الإمام. وهو ما ظل يتلمّسه العالم والشيعة أنفسهم، بعد نهاية كل مخاض من المخاضات المؤلمة الصعبة التي عاشها محور الصعود الشيعي، منذ العام 1979. وبالتالي؛ فإن الانطلاقة الشيعية الجديدة لا تفاجيء مراكز صنع القرار الغربي ودوائرها المخابراتية ومراكز ابحاثها ولن تفاجأها، بل ستفاجيء عملاءها، وخاصة العملاء الدعائيين.

ولعل المقترحات الأمريكية الأخيرة التي قدمها المفاوضون الأمريكيون لإيران، عبر قطر وعمان، توضح وعي أمريكا بقوة الواقع الشيعي الحالي ورصانة حركته؛ إذ أكد المفاوضون الأمريكيون على أن أمريكا مستعدة لتنظيم سلة واحدة من الضمانات الرسمية المتبادلة، تتضمن رفع جميع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن إيران، وعقد شراكة اقتصادية امريكية أوروبية إيرانية، وضمان حضور إيراني سياسي أكثر قوة في الشرق الأوسط، وغض النظر عن المشروع النووي الإيراني، وعدم التدخل بأي نحو في الشأن الداخلي الإيراني، مقابل تعهد إيران بوقف كل أشكال الصراع مع إسرائيل، ووقف دعم الفصائل الفلسطينية، ونزع سلاح حزب الله في لبنان وفصائل المقاومة في العراق وجماعة أنصار الله في اليمن، ووقف تزويد روسيا بالسلاح.

وقد كررت طهران رفضها القاطع، وطالبت بأن تقتصر المفاوضات على البرنامج النووي، وهي تعلم أن برنامجها النووي إنما هو ذريعة تتخذها أمريكا، وليس هدفاً بذاته؛ لأن الهدف الأمريكي الأوروبي من وراء عقوباتهما على إيران ومحاصرتها، إنما هو أمن إسرائيل ومستقبلها، وليس البرنامج النووي ولا الحريات في إيران ولا نفوذها في الشرق الأوسط. ومقابل إصرار المفاوض الأمريكي على موقفه؛ فإن إيران أبلغت قطر وعمان وقفها المفاوضات غير المباشرة مع أمريكا أول أمس (12 تشرين الأول/ أكتوبر)، وهو ما فاجأ الأمريكيين والوسطاء بشدة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: فی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

ترامب يتعهد بمنح الأولوية للوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا

شعبان بلال (واشنطن، القاهرة)

أخبار ذات صلة إسرائيل تنتظر رداً لبنانياً على مقترح وقف إطلاق النار المجر تدعو إلى إعادة النظر بالعقوبات الأوروبية على روسيا الأزمة الأوكرانية تابع التغطية كاملة

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إن إدارته ستعطي الأولوية للوضع في الشرق الأوسط والصراع الروسي الأوكراني، فيما يواصل اختيار أعضاء إدارته، التي من المقرر أن تتولى السلطة رسمياً في 20 يناير، بينما التقى رئيس الأرجنتين خافيير ميلي ليكون أول زعيم أجنبي يلتقي به منذ فوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية.
وأوضح ترامب، في أول خطاب علني له منذ فوزه بانتخابات عام 2024، أن إدارته ستتعامل مع الوضع في أوكرانيا بشكل أفضل، ونعمل على الوصول إلى حل للأزمة، فيما أشار إلى أن فوزه بالانتخابات انعكس بشكل إيجابي على حركة الأسواق والمؤشرات الاقتصادية وهذا أمر في غاية الأهمية.
ووصف ترامب، خلال كلمة في «مارالاجو ببالم بيتش» في ولاية فلوريدا، الانتخابات الرئاسية الأخيرة أنها «الانتخابات الأكثر أهمية منذ أكثر من 129 عاماً»، وقال: «لم يكن أحد يعلم أننا سنفوز بها بالطريقة المذهلة التي فزنا بها»، متذكراً كيف خسر التصويت الشعبي في عام 2016، لكنه فاز حينها أيضاً.
ومازح الرئيس المنتخب الحضور قائلاً: «كان يجب أن أتولى مهامي في 5 نوفمبر لأنّ الأسواق منذ ذلك الحين ارتفعت إلى أعلى مستوياتها».
وكشفت وكالة «أسوشيتد برس» عن لقاء جمع بين ترامب ورئيس الأرجنتين خافيير ميلي، ونقلت عن مصدر، رفض الكشف عن هويته، بسبب عدم الإعلان عن اللقاء بشكل رسمي، قوله إن الاجتماع جرى «على نحو جيد»، مشيراً إلى أن الرئيس الأرجنتيني التقى أيضاً العديد من المستثمرين.
وهنَّأ رئيس الأرجنتين ترامب على «انتصاره الكبير» في الانتخابات.
وأوضح ترامب أن لجنة الكفاءة الحكومية، التي سيرأسها الملياردير إيلون ماسك، ستصدر تقارير ضمن مهمتها الهادفة إلى ترشيد عمل الحكومة الأميركية.
في غضون ذلك، وصف مؤسس ورئيس لجنة «العرب الأميركيين لمساندة ترامب 2024»، الدكتور بشارة بحبح، فوز دونالد ترامب بـ«الساحق»، مشدداً على أن هناك العديد من الأسباب التي ساعدت على تحقيق الفوز الكاسح على منافسته كامالا هاريس، وقد وعد أكثر من مرة بنيته وقف الحرب في منطقة الشرق الأوسط على أساس حلول ترضي جميع الأطراف.
وأوضح بحبح في تصريح لـ«الاتحاد» أن «عدم سماع الإدارة الأميركية الحالية لمناشدات إنهاء الحرب في غزة أدى لحالة من الغضب بين الأميركيين العرب، وفي المقابل وعد ترامب بأنه سيوقف الحروب في الشرق الأوسط وبدء عملية سلام دائمة على أساس حل الدولتين».
وأضاف أن «ترامب اجتمع مراراً مع مجتمع العرب والمسلمين في أميركا خاصة في ولايتي ميشيجان وإريزونا اللتين يتمركز فيهما العرب والمسلمون الأميركيون، وتم عقد 15 اجتماعاً أدت لتقبل الناخبين الأميركيين العرب لترامب، الذي يعد أول مرشح رئاسي يدخل مدينة ديربورن في ميشيجان».
وقال بحبح إنه اجتمع مرتين مع الرئيس ترامب، الأولى قبل 3 أشهر والثانية قبل أسبوعين من الانتخابات، ووعد بإنهاء الحروب في منطقة الشرق الأوسط، وأكد على أنه يجب إيقافها وأن يتم بناء مسار لإقامة حل وسلام دائم بالمنطقة مبني على أسس مقبولة لجميع الأطراف.
ولفت إلى أن هناك تحديات عدة تواجه الرئيس المنتخب، خاصة فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.

مقالات مشابهة

  • العالم بعد نوفمبر 2024 «حمادة تانى خالص»
  • تحليق مقاتلتين أمريكيتين متطورتين فوق الشرق الأوسط (شاهد)
  • بغداد..  إنشاء أكبر مركز رياضي تعليمي في الشرق الأوسط
  • ماذا تعني ولاية ترامب الثانية للشرق الأوسط؟
  • الشرق الأوسط للسياسات: بايدن يحاول وقف إطلاق النار في لبنان
  • «إكسترا نيوز» تبرز ملف «الوطن» حول هدف إسرائيل في السيطرة على الشرق الأوسط
  • يريد الزواج لكن..... لاريجاني يتهكم على مخطط نتنياهو بتغيير الشرق الأوسط (شاهد)
  • ترامب يتعهد بمنح الأولوية للوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا
  • ترامب يعد بجيش قوي وبإنهاء حروب العالم
  • سيرجي كاراجانوف: واشنطن معنية باستمرار الحرب في الشرق الأوسط |فيديو