شارك الدكتور محمد الخشت أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة السابق، في المؤتمر الدولي "الإيمان في عالم متغير"، الذي نظمته الرابطة المحمدية للعلماء بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي. 

جاء ذلك برعاية من الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية، وبحضور الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، والعلامة عبد الله بن بيه رئيس المجلس الامارتي للإفتاء، والدكتور أحمد عبادي أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، ووسط مشاركة واسعة من شخصيات دينية وفكرية عالمية ذوات اختصاص وخبرة، وحوارات مشهودة ومثمنة في قضايا الإيمان وجدليات الإلحاد المعاصر.

كلمة الخشت عن اﻹﯾﻤﺎن ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة

وجاءت كلمة الدكتور محمد الخشت، بعنوان: "اﻹﯾﻤﺎن ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة.. الرهانات واﻟﺘﺤﺪﯾﺎت"، حيث سلط فيها الضوء على التحديات والفرص في ظل العصر الرقمي الذي تتسارع فيه التطورات التكنولوجية بوتيرة غير مسبوقة، ومن أهم هذه التحديات، التحديات التي تتعلق بالتفاعل بين التكنولوجيا والإيمان. 

وقال الدكتور محمد الخشت، إن الإيمان في عصر التكنولوجيا يواجه تحديات جديدة منها ما أدت إليه التكنولوجيا الرقمية من تسطيح روحي وثقافي، وعلى الرغم من وفرة المعلومات الدينية على الإنترنت، فإن هناك تحديًا يظهر مع الانتشار الواسع للمعلومات الدينية السطحية والمغلوطة، وما يسفر عنها من تشويه للمفاهيم الدينية، ونشر الشكوك حول العقائد، وفي أحيان أخرى تؤدي إﻟﻰ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺘﻄﺮف واﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت واﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ.

وأوضح الدكتور محمد الخشت، أن التكنولوجيا الرقمية قد تعيد تشكيل "مفهوم الجماعة الدينية"، وقد تفكك المجتمعات الدينية التقليدية، مؤكدًا أن التقدم التكنولوجي ﻻ يؤدي بالضرورة إلى الإلحاد أو الإيمان، وإنما يفتح المجال لتنوع أكبر في التوجهات الفكرية والدينية، حيث أن التكنولوجيا تمنح الناس أدوات ووسائل جديدة للاستكشاف والتفكير مما قد يقود البعض إلى تعزيز إيمانهم، بينما قد يدفع البعض الآخر للتشكك، أو تبني مواقف غير دينية، ويعتمد ذلك على طريقة وكيفية استخدام الناس للتكنولوجيا، وﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﻢ واﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺘﻲ ﯾﺤﻤﻠﻮﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ.

كما استعرض الدكتور الخشت الفرص من استخدام التكنولوجيا في الوقت المعاصر، قائلًا إن التكنولوجيا كأداة، توفر إمكانيات واسعة لتعميق التجربة الإيمانية، ونشر المعرفة الدينية بطرق مبتكرة، حيث أتاحت مكتبات ضخمة من الكتب الدينية، مما يمنح الفرصة لتعميق فهم الدين واﻛﺘﺸﺎف رؤى ﺟﺪﯾﺪة، والإسهام ﻓﻲ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ.

وشدد الدكتور الخشت، على أن العلم والدين يكملان بعضهما البعض، فميدان العلم هو الطبيعة بينما ميدان الإيمان هو ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ، فالعلم يمكن أن يفسر الكون، لكن ﻻ يمكنه تفسير المعنى الأعمق للحياة وﻻ يقدم إجابات على أسئلة القيم والغايات الكبرى التي يبحث عنها الإنسان، ومن هنا يجب ﻋـﻠﻰ العلماء احترام دور الدين في تقديم المعنى والقيم، كما ينبغي على المتدينين أن يدركوا أھـﻤﯿﺔ العلم في توضيح الحقائق اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ واﻟﻜﻮﻧﯿﺔ.

وأكد الدكتور الخشت، أن التحديات التي تضعها التكنولوجيا أمام الإيمان تدعونا إلى النظر والتأمل في طرق التكيف مع عالم يتغير باستمرار، وتدعونا لتجديد أمر الدين في كل عصر طبقًا للنبوءة الحكيمة ﻣـﻦ نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، حتى وإن استلزم الأمر "تأسيس عصر ديني جديد".

واختتم الدكتور محمد عثمان الخشت، كلمته، بأن الإيمان في عصرنا يحتاج إلى التكيف دون أن يفقد جوهره وهو ما يستلزم تجديدًا في كيفية تفسير النصوص الدينية، كما يتطلب تطوير نظم التعليم الديني لكي تخرج من عصر المتون والحواشي إلى عصر العلوم الإنسانية والاجتماعية حتى يمكن للإيمان أن يبقى حيًا فاعلًا، كما أوصى الدكتور الخشت أن يتبنى علماء وفلاسفة الدين رؤى تتيح للإيمان أن يكون ديناميكيًا ومرنًا وقادرًا على تقديم الدعم والإلهام في عالم دائم التغير، مؤكدًا أن التمسك بالتراث وحده دون التفاعل مع العصر؛ قد يضعف من قدرة الإيمان على تلبية احتياجات المؤمنين المتجددة ويجعل الخطاب الديني يبدو غير قادر على مواجهة التحديات الجديدة.

جدير بالذكر أن المؤتمر الذي تستضيف أعماله العاصمة المغربية الرباط، واستمر على مدى يومين متتالين، يسعى إلى إبراز دلائل الإيمان المعاصر، وتعزيزه في النفوس، والتصدي لشبهات الإلحاد، ورصد مخاطره، وبيان أساليب التعامل معها، وشهد المؤتمر في ختام أعماله الإعلان عن وثيقة "الإيمان في عالم متغير" التي تمثل بيانًا مهمًا من النخب والرموز الدينية والفكرية العالمية حول الإيمان في مواجهة الإلحاد، مع التأكيد على وجود الاختلاف بين العقائد الدينية والفكرية في معنى الإيمان بالله، وإنما ينصب الحديث وتظافر الجهود على مواجهة الأفكار العدمية الإلحادية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الخشت محمد الخشت الدكتور محمد الخشت فلسفة الدين رئيس جامعة القاهرة جامعة القاهرة الدکتور محمد الخشت الدکتور الخشت الإیمان فی فی عالم

إقرأ أيضاً:

مجموعة “الدكتور عبد القادر سنكري وأبناؤه” تشارك بمشروع دعم برامج استمرارية التعليم في لبنان

انضمت مجموعة “الدكتور عبد القادر سنكري وأبناؤه”، من خلال مؤسستهم، جمعية المساعدات الإنسانية والتنمية – HAND Organization إلى المساهمين في مشروع دعم برامج استمرارية التعليم في لبنان، الذي تنفذه مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية” عبر “المدرسة الرقمية”، بهدف توفير فرص تعليمية للأطفال المنقطعين عن الدراسة في مراكز النزوح، بما يساهم في سد الفجوات التعليمية من خلال منصات رقمية تقدم برامج تعليمية مخصصة لتحسين مستوى الطلاب، كما يتيح المشروع محتوى تعليمياً رقمياً لجميع الطلاب وفق المنهج الرسمي اللبناني، مع حلول ذكية تمكنهم من الوصول للمحتوى حتى من دون اتصال بالإنترنت.
وجاء مشروع “استمرارية التعليم في لبنان 2024 – 2025″، تماشياً مع الحملة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، لدعم الشعب اللبناني الشقيق، حيث وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، في 30 أكتوبر الماضي، بتوفير برامج لدعم استمرارية التعليم في لبنان من خلال “المدرسة الرقمية”، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها الأطفال والقطاع التعليمي، بسبب الأحداث الراهنة التي تمر بها الجمهورية اللبنانية الشقيقة.
وتتولى جمعية المساعدات الإنسانية والتنمية – HAND Organization من خلال شراكتها مع “المدرسة الرقمية” تنفيذ الشق الميداني للمشروع داخل مراكز النزوح والإيواء في لبنان، والذي يستهدف في مرحلته الأولى 40 ألف مستفيد، انطلاقاً مما تمتلكه الجمعية من خبرة طويلة من العمل في لبنان، حيث تساهم بدعم الأسر الأكثر ضعفاً كما تساهم في تقديم حلول مستدامة في التعليم وحماية الطفل وتوفير الأمن الغذائي والمأوى للمحتاجين.

مشروع نبيل .
وقال الدكتور عبد القادر سنكري رئيس مجلس أمناء جمعية المساعدات الإنسانية والتنمية – HAND Organization: “يترجم مشروع دعم برامج استمرارية التعليم في لبنان، رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لدور التعليم في النهوض بالمجتمعات، وتمكين الأطفال من مواصلة تحصيلهم في مختلف الظروف، ونرجو من الله أن يكون لمساهمتنا في هذا المشروع النبيل دور إيجابي مؤثر في حاضر ومستقبل طلبة لبنان، وأن يتواصل تعاوننا مع مؤسسة (مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية) لنعمل معاً على تغيير حياة الأفراد في المنطقة العربية والعالم نحو الأفضل”.
وأضاف: “شراكتنا مع (المدرسة الرقمية) لتنفيذ المشروع داخل مراكز النزوح والإيواء في لبنان، تنطلق من إيماننا المشترك بتكامل الأدوار والجهود من أجل تحقيق مستهدفات هذا المشروع، ولن ندخر جهداً في تلبية احتياجات الطلبة في عشرات المراكز على الأراضي اللبنانية، عبر تجهيز القاعات من أجل استمرارية التعليم وتزويدها بالأجهزة الرقمية والقرطاسية، والتدفئة وكل ما يلزم من أساسيات تمكن الطلبة من استئناف دراستهم وتعويض ما فاتهم خلال الفترة الماضية”.
أهمية كبرى .
من جانبه، قال الدكتور وليد آل علي أمين عام “المدرسة الرقمية”: “إن مشروع دعم برامج استمرارية التعليم في لبنان، يحظى بأهمية كبرى في ظل الظروف التي تمر بها الجمهورية اللبنانية الشقيقة، بما يترجم رؤى وتوجيهات قيادتنا الرشيدة بحشد كل الجهود لمساعدة القطاع التعليمي في لبنان على مواصلة دوره وتزويده بالموارد والأدوات اللازمة لتفادي تأخر الأطفال في التعليم ومواجهة خطر ابتعادهم عن مقاعد الدراسة بسبب نقص الموارد، واضطرار أعداد كبيرة منهم إلى البقاء في مراكز الإيواء المنتشرة في البلاد”.
وثمن الدكتور وليد آل علي مسارعة جمعية المساعدات الإنسانية والتنمية – HAND Organization إلى التعاون مع “المدرسة الرقمية”، لتكون شريكاً ميدانياً في تنفيذ مشروع دعم استمرارية التعليم في لبنان، بما يساهم في سد الفجوات التعليمية، ويتيح للمعلمين الفرصة لتطوير المهارات اللازمة لدعم استمرارية التعليم وتعزيز التواصل بين أركان المنظومة التعليمية اللبنانية.
تفاعل مجتمعي.
يشار إلى أن الحملة المجتمعية “الإمارات معك يا لبنان” انطلقت مطلع شهر أكتوبر الماضي، بإشراف مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، ولاقت تفاعلا مجتمعياً واسعاً بمشاركة مختلف الجنسيات والشرائح والفئات، يتقدمهم سمو الشيوخ وأصحاب المعالي والسعادة ورجال الأعمال، الذين شاركوا في مختلف مراكز أنشطة تجميع سلال الإغاثة بأبوظبي ودبي والشارقة والفجيرة بإدارة وتنسيق المؤسسات الإنسانية والجمعيات الخيرية الإماراتية المانحة كافة.
وتولي مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية” أهمية خاصة لقطاع التعليم ونشر المعرفة بوصف التعليم المرتكز الأول والأخير في بناء أي مجتمع من خلال الاستثمار في أحد أهم موارده وهو العنصر البشري.
وانطلاقا من رؤية المؤسسة بدور التعليم في تحسين جودة الحياة ودفع عجلة التنمية، فقد تم تخصيص عشرات البرامج والمشاريع والحملات المعنيّة بدعم العملية التربوية في البلدان النامية والمجتمعات التي تفتقر إلى بيئات تعليمية توفر الحدّ الأدنى من احتياجات الطلبة والمعلمين، مع التركيز على التعليم الأساسي لضمان مستقبل أفضل للأجيال الشابة، إلى جانب دعم برامج القضاء على الأمية، وتأهيل وتدريب الكوادر التعليمية، وبناء مؤسسات ومرافق تعليمية مزودة بأحدث المعدّات والتجهيزات، وتنفيذ مشاريع ومبادرات في التعليم المهني لمساعدة الطلبة في المناطق الفقيرة والمحرومة على تحسين حياتهم وتجديد ثقتهم بالمستقبل.وام


مقالات مشابهة

  • الاتصالات توضح دور التكنولوجيا في تحقيق التنمية المستدامة خلال مؤتمر المناخ COP29
  • تامر حسني يشارك في تشييع جثمان والدة مي عز الدين
  • خلال مؤتمر وطن رقمي.. غرفة التكنولوجيا تطلق 3 مبادرات جديدة لخدمة الصناعة
  • رحيل صادم.. وداعًا محمد رحيم
  • مجموعة “الدكتور عبد القادر سنكري وأبناؤه” تشارك بمشروع دعم برامج استمرارية التعليم في لبنان
  • الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية يشارك في مؤتمر دولي بداغستان
  • أمين الأعلى للشئون الإسلامية يشارك في مؤتمر بداغستان لتعزيز القيم الروحية والأخلاقية
  • المهندس”بلقاسم حفتر” يشارك في فعاليات افتتاح مؤتمر (طموح أفريقيا) المنعقد في فرنسا
  • الأمير الدكتور فيصل بن مشعل يرعى حفل افتتاح مؤتمر “قيصر” الدولي للجراحة
  • فى وداع العالم الدكتور محمد المرتضى مصطفى