علي جمعة: لم يعرف التاريخ رجلا كالنبي محمد أتباعه أقوام بهذه الكثرة
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إنه عندما جاء سيدنا رسول الله ﷺ كان وحده يدعو إلى ربه ولا أحد معه، وبدأ بدعوته حتى أصبح أكثر الأنبياء تبعا إلى يوم القيامة، بل أكثر البشر تبعا، فلم يعرف التاريخ القديم والحديث رجلا أتباعه أقوام بهذه الكثرة على مر العصور مثل نبينا ﷺ.
والرجال تعرف بالحق، ولا يعرف الحق بالكثرة ولا الرجال، فإن النبي ﷺيقول: «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل، والرجلين، والنبي وليس معه أحد» [موطأ مالك ، وابن حبان] يعني ولا يضره ذلك أنه كان على الحق، ولابد من التغيير «ابدأ بنفسك ثم بمن يليك» [مسلم والطبراني في الأوسط وبهذا اللفظ أخرجه العجلوني في كشف الخفاء].
والإسلام كما بدأ غريبا مستضعفا معتديا عليه يعود كذلك كما أخبرنا بذلك النبي ﷺ: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء» [رواه مسلم والترمذي]. وفي رواية الطبراني زيادة «قيل ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس» فوطن نفسك أيها المؤمن أن تكون من الغرباء المصلحين، ولا تكن إمعة فقد نهانا رسول الله ﷺ عن ذلك فقال: (لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا) [الترمذي والطبراني في الكبير].
وأمامنا فرصة أن نكون من أحباب رسول الله ﷺ ، وأعظم درجة ممن سبقونا، وإن كانوا هم في المنزلة الأعلى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «متى ألقى أحبابي؟. فقال بعض الصحابة: أوليس نحن أحباؤك؟ قال: «أنتم أصحابي، ولكن أحبابي قوم لم يروني وآمنوا بي أنا إليهم بالأشواق» [أبو الشيخ في الثواب] وفي زيادة الديلمي في مسند الفردوس بمأثور الخطاب: «أنا إليهم بالأشواق»
وعن رجاء بن حيوة رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله ﷺ ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة، فقلنا : يا رسول الله من قوم أعظم منا أجرا آمنا بك واتبعناك؟ قال : "ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم الوحي من السماء ، بلى قوم يأتون من بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه ، أولئك أعظم منكم ، أجرا أولئك أعظم منكم أجرا ،أولئك أعظم عند الله أجرا "» [الطبراني].
فهلا دخلنا في دائرة الحب لسيدنا رسول الله ﷺ ، وجعلناه أسوتنا واتبعناه حقا، ففي زمن الغربة الأول، بدأ رسول الله ﷺ بمنهج البداية بالنفس، فقال ﷺ: (ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول) [رواه مسلم وابن حبان].
ففي هذا الزمان يكون إصلاح النفس وتربيتها أولى من الانغماس في أمر العامة، ثم بعد هذه المرحلة يمكن أن يتدرج المؤمن للانغماس في أمر العامة لإصلاحهم، يقول النبي ﷺ: «إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام، فإن من ورائكم أياما، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم» قال عبد الله بن المبارك: «قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم» [رواه الترمذي]
إذن علينا أن نبدأ بأنفسنا ثم بمن نعول، وأن نتحمل المسئولية عن أفعالنا، وأن لا نبرر أخطاءنا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة النبى محمد سيدنا محمد رسول الله ﷺ
إقرأ أيضاً:
شخصيات إسلامية.. طلحة بن عبيد الله
الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو التيمي رضي الله عنه، أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، كان يُعرف بطلحة الخير، وطلحة الفيَّاض، له عِدَّة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وهو من السَّابقين الأوَّلين إلى الإسلام، دعاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى الإسلام، فأخذه ودخل به على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما أسلم هو وأبو بكر، أخذهما نوفل بن خويلد بن العدوية فقرنهما في حبل واحدٍ حين بلغه إسلامُهُما، فلذلك كان أبو بكر وطلحة يسميان «القرينين». ولما أسلم طلحة والزبير، رضي الله عنهما، آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينهما بمكة قبل الهجرة، فلما هاجر المسلمون إلى المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين طلحة وبين أبي أيوب الأنصاري، رضي الله عنه.
واتُّفق أنه غاب عن موقعة بدر في تجارة له بالشام، وتألَّم لغيبته، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسهمه، وأجره.
وكان له موقف مشهود ينُمُّ عن إيثاره الشديد وافتدائه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتضحية من أجله، فكانت يده شلَّاء بسبب وقايته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أُحُد بها. وعن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ»، رواه الترمذي. وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان على حِراء هُو، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليٌّ، وطلحة، والزبير رضي الله عنهم، فتحرَّكت الصَّخرة، فقال رسول الله: «اهْدَأْ، فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ»، رواه مسلم. وكان طلحة أحد أصحاب الشورى الذين استخلفهم عمر رضي الله عنه عند وفاته لاختيار خليفة له. واشتهر سيدنا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بسخائه الشديد، فكان يؤرِّقه وجود المال بين يديه دون أن ينفع به المسلمين، فعن قبيصة بن جابر رضي الله عنه، قال: «صحبت طلحة، فما رأيت أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه». ورُوي أنه أتاه مال من حضرموت بلغ سبعمائة ألف، فبات ليلته يتململ.. فقالت له زوجته: ما لك؟، فقال: تفكرت منذ الليلة، فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت عن بعض أخلائك؟ فإذا أصبحت، فادع بجفان وقصاع، فقسِّمْه. فقال لها: رحمك الله، إنك موفقة بنت موفق.. فلما أصبح، دعا بِجِفانٍ، فقسمها بين المهاجرين والأنصار، فبعث إلى علي منها بجفنة. فقالت له زوجته: أبا محمد! أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟ قال: فأين كنت منذ اليوم؟ فشأنك بما بقي.. قالت: فكانت صرة فيها نحو ألف درهم. وكان لا يَدَعُ أحداً من بني تيم عائلاً إلا كَفاه، وقضى دينه، ولقد كان يرسل إلى عائشة، رضي الله عنها، إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف. واستشهد في سنة ست وثلاثين، وهو ابن ثنتين وستين سنة أو نحوها، في موقعة الجمل، وقبره بظاهر البصرة.