قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إنه عندما جاء سيدنا رسول الله ﷺ كان وحده يدعو إلى ربه ولا أحد معه، وبدأ بدعوته حتى أصبح أكثر الأنبياء تبعا إلى يوم القيامة، بل أكثر البشر تبعا، فلم يعرف التاريخ القديم والحديث رجلا أتباعه أقوام بهذه الكثرة على مر العصور مثل نبينا ﷺ.

والرجال تعرف بالحق، ولا يعرف الحق بالكثرة ولا الرجال، فإن النبي ﷺيقول: «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل، والرجلين، والنبي وليس معه أحد» [موطأ مالك ، وابن حبان] يعني ولا يضره ذلك أنه كان على الحق، ولابد من التغيير «ابدأ بنفسك ثم بمن يليك» [مسلم والطبراني في الأوسط وبهذا اللفظ أخرجه العجلوني في كشف الخفاء].

والإسلام كما بدأ غريبا مستضعفا معتديا عليه يعود كذلك كما أخبرنا بذلك النبي ﷺ: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء» [رواه مسلم والترمذي]. وفي رواية الطبراني زيادة «قيل ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس» فوطن نفسك أيها المؤمن أن تكون من الغرباء المصلحين، ولا تكن إمعة فقد نهانا رسول الله ﷺ عن ذلك فقال: (لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا) [الترمذي والطبراني في الكبير].

وأمامنا فرصة أن نكون من أحباب رسول الله ﷺ ، وأعظم درجة ممن سبقونا، وإن كانوا هم في المنزلة الأعلى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «متى ألقى أحبابي؟. فقال بعض الصحابة: أوليس نحن أحباؤك؟ قال: «أنتم أصحابي، ولكن أحبابي قوم لم يروني وآمنوا بي أنا إليهم بالأشواق» [أبو الشيخ في الثواب] وفي زيادة الديلمي في مسند الفردوس بمأثور الخطاب: «أنا إليهم بالأشواق»

وعن رجاء بن حيوة رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله ﷺ ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة، فقلنا : يا رسول الله من قوم أعظم منا أجرا آمنا بك واتبعناك؟ قال : "ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم الوحي من السماء ، بلى قوم يأتون من بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه ، أولئك أعظم منكم ، أجرا أولئك أعظم منكم أجرا ،أولئك أعظم عند الله أجرا "» [الطبراني].

فهلا دخلنا في دائرة الحب لسيدنا رسول الله ﷺ ، وجعلناه أسوتنا واتبعناه حقا، ففي زمن الغربة الأول، بدأ رسول الله ﷺ بمنهج البداية بالنفس، فقال ﷺ: (ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول) [رواه مسلم وابن حبان].

ففي هذا الزمان يكون إصلاح النفس وتربيتها أولى من الانغماس في أمر العامة، ثم بعد هذه المرحلة يمكن أن يتدرج المؤمن للانغماس في أمر العامة لإصلاحهم، يقول النبي ﷺ: «إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام، فإن من ورائكم أياما، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم» قال عبد الله بن المبارك: «قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم» [رواه الترمذي]

إذن علينا أن نبدأ بأنفسنا ثم بمن نعول، وأن نتحمل المسئولية عن أفعالنا، وأن لا نبرر أخطاءنا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة النبى محمد سيدنا محمد رسول الله ﷺ

إقرأ أيضاً:

لماذا قال سيدنا النبي عن شعبان شهر يغفل فيه الناس ؟

لماذا قال النبي عن شعبان شهر يغفل فيه الناس؟، يعد شهر شعبان من شهور المنح الربانية التي يهبها الله لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ وتتجلى فيه رحمة الله تعالى بعباده، فيهبهم من خزائن خيراته، ويجزل لهم فيه من عطياته.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصيام في شهر شعبان، لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وصيامه يندرج تحت صوم التطوع والسُنة، وكان صلى الله عليه وسلم، يقول في أسباب كثرة الصيام في شهر شعبان، لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع عملي وهو على أفضل حال من العبادة والطاعة، حيث ورد عن عائشة رضى الله عنها قالت: «لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول: خذوا من العمل ما تطيقون» رواه البخاري.

العبادة في شهر شعبان

يقول الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتى الجمهورية السابق، في بيان فضل العبادة في شهر شعبان، إننا نستعد في شهر شعبان لاستقبال شهر رمضان، ولا ننسى أن شهر شعبان شهر مبارك كذلك، ففي شهر شعبان ترفع الأعمال إلى الله تعالى، وقد كان النبي ﷺ يكثر من الصيام في شهر شعبان حتى سأله الصحابي الجليل أسامة بن زيد فقال: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [أحمد].

وأضاف عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك" أنه يمكننا أن نستعد لاستقبال شهر رمضان بعدة أمور منها: تنظيم اليوم والرجوع إلى تقسيمه إلى يوم وليلة، ومنها: التدريب على الصيام، والتلاوة، والقيام، والذكر، والدعاء وغير ذلك من العبادات والطاعات، مشيراً إلى أن إتباع هدي النبي بالإكثار من الصيام في شهر شعبان ييسر على المسلم مهمة الصيام في شهر رمضان ولا يشعر بعناء في تلك العبادة العظيمة، وذلك لأن شعبان شهر يتناسب في المناخ وطول النهار وقصره مع شهر رمضان لأنه الشهر الذي يسبقه مباشرة، فالتعود على الصوم فيه ييسر على المسلم ذلك.

ونوه إلى أمر آخر للاستعداد لاستقبال الشهر المعظم، وهو القرآن الكريم ومدارسته وتلاوته ومحاولة ختم المصحف في شهر شعبان، وذلك لتيسير قراءته وختمه في شهر رمضان، فقراءة القرآن عبادة نيرة، تعين المسلم على باقي العبادات في شهر رمضان وغيره، وهي تنير قلب المسلم وتشرح صدره، فلا ينبغي للمسلم أن يتركها ولا يقصرها على رمضان، إلا أنه يزيد منها فيه لاستغلال هذه الدفعة الإيمانية والنفحة الربانية.

وأوضح أن أهم ما يعين على ذلك كله هو ذكر الله عز وجل، وقد ورد الحث على الذكر في كتاب الله وسنة النبي ﷺ، فمن القرآن قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}.ويقول رسول الله ﷺ نصيحة عامة: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ». [أحمد].

واستطرد: لا ننسى أن نؤكد على أهمية الإعداد والاستعداد لهذا الشهر الفضيل، وأن ترك هذا الإعداد يعد من النفاق العملي، لكن من أراد تحصيل شيء استعد له، ومن أراد النجاح ذاكر، فمن أراد أن يغتنم هذا الشهر الفضيل أحسن الاستعداد له، ولقد ذم الله أقواما زعموا أنهم أرادوا أمرا ولكنهم ما أعدوا الله فقال تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ}. نعوذ بالله أن نكون من هؤلاء ورزقنا الله حسن الاستعداد لاستقبال رمضان.

لماذا كان النبي يكثر من الصيام في شعبان ؟

كشفت دار الإفتاء عن الحكمة من إكثار النبي من الصيام في شهر شعبان، وذلك لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، مشيرة إلى أن صوم شهر شعبان يقع تحت عنوان صوم التطوع -السُنة.

وأضافت «الإفتاء» في فتوى لها، أن النبي –صلى الله الله عليه وسلم- كان يُكثر من الصيام في شهر شعبان، لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع عمله وهو على أفضل حال من العبادة والطاعة، مستشهدةً بما ورد عن عائشة رضى الله عنها قالت: «لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول: خذوا من العمل ما تطيقون» رواه البخاري.

وأوضحت أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن هذه الفضيلة -التي يجهلها الناس فغفلوا عن هذا الشهر- وهي أن الأعمال ترفع إلى الله تعالى ليجزي ويثيب عليها؛ فجدير بالعبد أن يرفع عمله إلى الله وهو قائم على طاعته.

مقالات مشابهة

  • لماذا أوصى النبي بقراءة آية الكرسي 3 مرات بعد صلاة العشاء؟
  • رمضان عبد المعز: رضا الله عن عبده أعظم نعمة.. وما سواه متاع زائل
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • أيهما أفضل في شهر شعبان الصدقة أم الإطعام ؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ماذا أقول بعد الأذان؟.. بـ16 كلمة تحل لك شفاعة النبي
  • التلفون أعظم اختراع في التاريخ بعد ميسي والكهرباء ..
  • باقي كام يوم؟.. موعد شهر رمضان 2025
  • لماذا قال سيدنا النبي عن شعبان شهر يغفل فيه الناس ؟
  • علي جمعة: حب الله ورسوله وأهل بيته من أركان الإيمان
  • كيفية الاستعداد لشهر رمضان .. عليك بهذه الأمور في شعبان