لماذا تتوالى حوادث القطارات والطرق في مصر رغم إنفاق المليارات؟
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
تتوالى حوادث القطارات في مصر رغم إنفاق نحو 2 تريليون جنيه على تطوير منظومة السكك الحديدية وحدها، وفق تصريح أطلقه رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، السبت الماضي، خلال افتتاحه أحدث محطات القطارات في منطقة قرب القاهرة، حيث شهدت البلاد حوادث تصادم مميتة لـ4 قطارات خلال شهر واحد.
والأحد الماضي، وبعد يوم من افتتاح السيسي، أكبر محطة قطارات في الشرق الأوسط، شهدت مصر حادث اصطدام قطارين (جرار بمؤخرة قطار رقم 1087 النوم القادم من أسوان باتجاه القاهرة) بمحافظة المنيا بصعيد مصر، وسقوط عربتين بترعة الإبراهيمية أحد أفرع نهر النيل، ووفاة 3 وإصابة 19 مصريا.
وإثر الحادث، أعلن وزير الصناعة والنقل، العسكري السابق، كامل الوزير، "إيقاف من تسبب في الحادث عن العمل وتحويله للنيابة العامة"، مع عقوبة السجن والفصل والغرامة لأي موظف يثبث تعاطيه المخدرات، وذلك قبل أن يتوعد الجميع بالعقاب، (السائقين وملاحظي الأبراج ومهندسي التشغيل ورئيس المنطقة).
وفي صعيد مصر أيضا، لقي شخص مصرعه، وأصيب آخران، إثر اصطدام قطار بتوكتوك أثناء عبوره شريط السكة الحديد عند منطقة السماد بمدينة أسوان، مساء الاثنين.
ومنتصف الشهر الماضي وقع تصادم بين قطارين بمدينة الزقازيق شرق القاهرة أسفر عن وفاة 4 وإصابة 44، وحينها حبست النيابة 5 عمال من برج المراقبة والتحويلة، وأحالت جميع الموظفين للطب الشرعي لإجراء تحاليل المواد مخدرة.
وفي حوادث الطرق، شهدت مصر الاثنين، حادثا مروعا على أحدث الطرق التي جرى إنشاؤها بعهد السيسي -الجلالة العين السخنة، اتجاه الزعفرانة، السويس- مخلفا 12 متوفيا و33 مصابا إثر انقلاب حافلة تقل طلاب جامعة الجلالة بالسويس شرق القاهرة.
والثلاثاء، شهد طريق الإسماعيلية السويس الصحراوي تصادم أتوبيس تابع لأحد المصانع ببورسعيد وسيارة نقل ما أدى لوفاة عامل وإصابة 10 آخرين بإصابات مختلفة.
ويشهد الطريق الإقليمي الدائري أحد الطرق التي تم افتتاحها عام 2018، في عهد السيسي، حوادث يومية خاصة بعد غلق جزئي بين (بلبيس وبنها) لعمل إصلاحات بعد اكتشاف أخطاء فنية بالطريق بعد 6 سنوات.
ووفقا لبيانات جمعها موقع "زاوية ثالثة"، المحلي تزايدت حوادث القطارات بين عامي 2009 و2023، لتصل إلى أكثر من 16 ألف حادثة، رغم وعود حكومية بتحسين الأمان، بحسب التقرير.
وطبقا لإحصاء 2017 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، هناك 12236 حادث قطار بـ10 سنوات من (2006 وحتى 2016)، منها (1044 حادثا عام 2014)، وفي 2015: (1235)، وفي 2016: (1249)، وفي 2017: (1793)، وفي 2018: (2044)، وفي 2019: (1442 حادثا).
والسبت الماضي، افتتح السيسي، محطة قطارات صعيد مصر بمنطقة "بشتيل" بالجيزة، وحينها اعترف بالإنفاق الكبير بقطاع النقل، مؤكدا أن "تطوير قطاع النقل جهد الدولة ونتكلم عن تكلفة 2 تريليون جنيه".
وبحسب بيانات وزارة النقل فقد تم "تطوير نظم الإشارات والتحكم، وتحويل خطوط الشبكة بالكامل من النظام الميكانيكي إلى الإلكتروني، لزيادة معدلات السلامة والأمان، وعدم الاعتماد على العنصر البشري في القطارات".
وكان السيسي، قد اعترف في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2022، بأن حجم الأموال التي حصل عليها وزير النقل كامل الوزير لمشروعات السكك الحديدية والطرق كبيرة جدا، بقوله أمام الكاميرات: "نحلت وبرنا بالفلوس اللي أخدتها".
وهو التوجه الذي خالف ما أعلنه السيسي، قبل 7 سنوات حينما أعلن في أيار/ مايو 2017، رفضه تطوير السكك الحديدية حرصا على الأموال حيث قال: "بدل ما أصرف 10 مليار عشان أطور السكة الحديد، نحطهم في البنك، ونأخذ مليار جنيه فوائد".
"السبب والحلول"
وفي تقديره يرى الأكاديمي المصري الدكتور محمد محي الدين، أن السبب الرئيس لاستمرار حوادث القطارات والطرق رغم ما تم إنفاقه عليها من مليارات الجنيهات، "هو التوجه نحو كل جديد، والدفع خلف ذلك بكل الإمكانيات المتاحة، وترك القديم أو الأصيل لمعدلات وموازنات الصيانة والتطوير السابقة وهي لا تكفي".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "هناك أخطاء بشرية؛ نعم، لكن عندما تكون هناك إمكانية في 2024، لحدوث خطأ ينتج عنه دخول قطارين على ذات الخط فيصطدمان ليموت ويصاب مواطنون أبرياء، فهذا يعني التخلف عن مواكبة أفضل التكنولوجيا والحلول في هندسة الطرق والمواصلات والسكك الحديدية".
ويرى أن "تخصيص موازنات حقيقية لازدواج كل الخطوط الفردية ورقمنة التحكم في مسارات السكك الحديدية، سيقلل وبشدة احتمالية حدوث حوادث أو أن تكون كارثية".
"فقدان تناغم المنظومة"
وفي رؤيته لأسباب توالي حوادث القطارات والطرق في مصر رغم إنفاق مليارات الجنيهات، قال الكاتب والمحلل السياسي حسن بكر: "النقل والمواصلات منظومة تحتاج عقولا لإدارتها، لا لجبايتها"، مبينا أن "أغلب دول العالم تتعامل معها كمنظومة متكاملة، عناصرها: الطريق والمركبة، والعنصر البشري، وحزمة القوانين المنظمة، وما استجد من تكنولوجيا".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أنه "في مصر لا يوجد تكامل ولا تناغم بين عناصر المنظومة؛ وابتداء من منح ترخيص القيادة والمركبة نجد الفساد، والنتيجة قائد مركبة غير مؤهل يجهل قواعد القيادة الآمنة، ومركبة تفتقر عوامل الآمان والسلامة والمتانة".
وفي حالة الطرق، قال: "نعتمد على عمالة غير مؤهلة هندسيا بأعمال الرصف، وشركات جشعة لا تراعي جودة ومواصفات مواد الرصف، ودفع الرشى لتسليم الطرق، مع تجاهل تخطيط الطرق، ووضع علامات ولوحات إرشادية بمواصفات عالمية، والنتيجة طرق مفتوحة تتوه فيها المركبات، وتفتقر للحارات المرورية"، ملمحا إلى أن "الاستعجال بأعمال الرصف، وغياب الرقابة الفنية والهندسية على الشركات يُنتج لنا طرقا غير آمنة وغير جيدة".
ويلفت بكر، إلى جانب ثاني، وهو "انتشار المخدرات بالمجتمع، وغياب الرقابة المرورية"، معتبرا أنها "أحد أهم أسباب الحوادث المرورية"، مبينا أن "بعض سائقي القطارات والنقل الثقيل وسيارات الأجرة والأتوبيسات يلجأؤون لتعاطى المخدرات لمقاومة الإجهاد البدني والسفر لساعات طويلة".
وأكد أن "القوانين العقابية المعمول بها بمخالفات المرور قوانين جباية مالية، لا قوانين ردع، تستبعد السائق الذى اعتاد المخالفة والقيادة برعونة، كما أن القواعد المرورية منتهكة وهناك تجاهل لتطبيقها، والنتيجة فوضى ورعونة وفهلوة مميتة على الطرق".
"السكة الحديد.. تطوير بدائي"
وأشار إلى "غياب التكنولوجيا الحديثة، ورغم التقدم التكنولوجي الكبير لتأمين حركة المرور بالجو والبر والبحر، إلا أن مصر تتجاهل تلك التكنولوجيا، وتراها رفاهية، والنتيجة عجز العنصر البشري عن إدارة وتوجيه وتأمين منظومة النقل والمواصلات كدول العالم".
وقال إن "الدولة تعلن إنفاق المليارات على تطوير السكة الحديد، لكن المواطن لا يشعر بالتطوير الذي تبالغ الدولة حين تتحدث عنه، فمازالت القطارات المتهالكة غير مزودة بوسائل الاتصال الحديث وتسير وفقا لهوى السائق، وتخضع وسائل التحكم بحركة القطارات لعامل بشرى غير مدرب ومجهد من ساعات العمل، ومغيب عن الوعي بسبب المخدرات".
وأضاف: "السكة الحديدية لا تأخذ بوسائل التحكم الأحدث التي تصحح الخطأ البشري لو وقع، وأعمال الصيانة لا تتم وفقا لجداول الصيانة المتعارف عليها دوليا، وإنما وفقا للمتاح، ونلاحظ حال عامل الصيانة بالورش يلبس (شبشب) ويفتقر لوسائل الأمان الشخصي وأبسط معدات الإصلاح والصيانة".
وتابع: "أيضا تركنا أساتذة ومهندسين وظيفتهم وصلب تخصصاتهم هندسة وإدارة وتخطيط الطرق، وتركنا الأمر لعسكري المرور الأمي، وضابط المرور المشغول بتحرير المخالفات، ويجهل ماهية هندسة الطريق وإدارتها".
ويعتقد بكر أن "الكارثة الحقيقية إعطاء الطرق والكباري، والسكك الحديدية للجيش لإدارتها، وتحصيل الإتاوات منها عبر محطات تحصيل الرسوم، ونسينا أنها أهم مرافق الدولة الاستراتيجية، التى تحتاج للعلم والعقول لإدارتها، لا لجبايتها؛ لذا يستمر مسلسل حوادث الطرق والقطارات".
"ردود فعل واتهامات للوزير"
وحمل الإعلامي عمرو أديب، عبر فضائية "إم بي سي مصر" تزايد حوادث القطارات رغم إنفاق المليارات على تطوير مرفق السكك الحديدية، المسؤولية بقوله : من الممكن أن تكون هناك مشاكل تتعلق بكفاءة العاملين وتدريبهم وغيرها من الإجراءات.
لكن النائب البرلماني عبدالمنعم إمام، كتب عبر "فيسبوك"، أن "سكك حديد مصر عنوان للفشل"، مشيرا لاقتراض هيئة السكك الحديدية، 457 مليار جنيه، وتسوية ديون بإجمالي 90 مليار جنيه أخرى، وتحقيق 10 مليارات جنيه خسائر، مؤكدا أنه "رغم إنفاق ما يتجاوز نصف تريليون جنيه، فالنتيجة حوادث متكررة، وتراجع مستوى الخدمات".
ووجه سؤاله للوزير، "عن كم الدعم السياسي والمالي الذي حصلت عليه وزارته من كل مؤسسات وقطاعات الدولة، والذي عاد بمردود على مستوى الخدمات أقل بكثير من المتوقع، وليس حتى المأمول من هذه الموارد؟"، خاتما بقوله: "ليس في استمرارك خير، ولا في رحيلك ندم".
من جانبه، اعتبر الكاتب والسياسي عمرو الشبكي، موت 3 أشخاص بحادث قطار المنيا، و12 طالب بأتوبيس الجلالة، "مفارقة حزينة"، في اليوم التالي لافتتاح أضخم وأفخم وأعرض محطة قطارات في بشتيل، مشيرا إلى أنهم "ضحايا الإهمال والفوضى وكراهية العلم وانعدام الكفاءة و غياب المحاسبة".
وقال الناشط السياسي هشام قاسم، إن كامل الوزير، "لا يصلح أن يكون نصف وزير، ولا رئيس سكة حديد، ولا سواق، ولا حتى عطشجي قطار، ضيع مليارات على عدة قطارات فاخرة وسايب (ترك) باقي المرفق للقدر".
وطالب مصريون بإقالة كامل الوزير، مؤكدين أن تكرار تلك الحوادث نتيجة حتمية لغياب المساءلة والانضباط، والاهتمام بالحجر وإهمال البشر، وإنفاق مليارات بدون منهج إداري وعلمي وسط الفوضى وكراهية العلم وانعدام الكفاءة، منتقدين محاسبة العناصر البشرية من سائقين والعامين على التحويلات، دون كبار المسؤولين.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2009، استقال وزير النقل محمد منصور، إثر تصادم قطاري العياط جنوب القاهرة، الذي أودى بحياة 30 مصريا في عهد حسني مبارك.
وفي شباط/ فبراير 2019، استقال وزير النقل هشام عرفات، إثر حادث حريق "محطة مصر" وسط القاهرة، والذي أودى بحياة 21 مصريا، ليتولى بعده كامل الوزير حقيبة النقل، ويحظى بدعم السيسي، السياسي والمالي، كونه عسكريا، وفق مراقبين.
"قروض وديون وإيرادات"
وتشير التصريحات الرسمية إلى أن السكك الحديدية ووزارة النقل تعتمدان في مشروعاتهما على الاقتراض الخارجي والداخلي، ما أرهق ميزانيتيهما بفوائد وأقساط تلتهم دخل الهيئة والوزارة، رغم ما تقوم الحكومة بإسقاطه من ديون.
ومساء السبت الماضي، أعلن رئيس هيئة السكك الحديدية محمد عامر، عبر فضائية "صدى البلد" المحلية، أن الدولة أسقطت 58 مليار جنيه من ديون الهيئة، شريطة أن تتحمل نفقات تشغيلها وإلغاء السحب على المكشوف.
وفي شباط/ فبراير الماضي، أكد مدير القوائم المالية بالهيئة أسامة عبدالرحمن، سداد حوالي 2.8 مليار جنيه أقساط عن العام (2022/2023).
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أسقط بنك الاستثمار القومي (حكومي)، 26 مليار جنيه مديونية متراكمة على الهيئة.
لكن الهيئة وفي الشهر ذاته أعلنت اقتراض 6 مليارات جنيه من تحالف بنوك محلية لاستكمال خط سكة حديد للوجستيات التجارة بين القاهرة والإسكندرية، وفقا لصحيفة "المال" الاقتصادية.
ويجرى تمويل تحديث خط سكة حديد "الروبيكي- العاشر من رمضان– بلبيس" بطول 69 كيلومترا، بقيمة إجمالية تصل لـ 285 مليون دولار، 220 مليون دولار منها من الوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار.
وفي 3 حزيران/ يونيو الماضي، أقر مجلس النواب اتفاقية مع إسبانيا لتوريد عدد 7 قطارات نوم فاخرة من شركة "تالجو" بقيمة 200 مليون يورو.
وفي 28 حزيران/ يونيو الماضي، أقر البرلمان اتفاق مع البنك الأسيوي لتطوير خط سكة حديد أبوقير بالإسكندرية وتحويله لمترو كهربائي، بقرض بقيمة 250 مليون يورو.
وفي 20 تشرين الأول/ نوفمبر 2023، أقر مجلس النواب، اتفاقيتين لتوريد عربات سكة حديد وتنفيذ المرحلة الرابعة للمترو، مع شركة "تي إم إتش إنترناشيونال إل إل سي" لتوريد (1300) عربة سكة حديد.
ونتيجة لرفع أسعار تذاكر ركوب السكك الحديدية عدة مرات في عهد السيسي، وبقرار من كامل الوزير، -آخرها مطلع آب/ أغسطس الماضي- بجانب رفع قيم الغرامات، زادت إيرادات هيئة السكك الحديدية
بلغت في آيار/ مايو الماضي، نحو 536 مليون جنيه، ارتفاعا من 407 مليون جنيه عن ذات الشهر من 2023، بزيادة بلغت 129 مليون جنيه، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية حوادث مصر السيسي القاهرة مصر السيسي القاهرة حوادث الاسكندرية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السکک الحدیدیة حوادث القطارات السکة الحدید کامل الوزیر ملیار جنیه رغم إنفاق قطارات فی سکة حدید فی مصر
إقرأ أيضاً:
مصر ترسم خارطة الطريق.. كيف تخطط للاستفادة من مشروعات الطرق وشبكات النقل لدعم الاقتصاد؟
أدركت مصر خلال السنوات الأخيرة أهمية تطوير البنية التحتية كركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية، لذلك ركزت الدولة جهودها على تحسين شبكات الطرق والكباري والنقل، بالإضافة إلى إنشاء شبكة اتصالات حديثة، وتوفير البيانات والمعلومات اللازمة، فضلًا عن إعداد خريطة استثمارية شاملة لدعم جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ممرات لوجستيةوفي إطار خطة الدولة لتحقيق التنمية المستدامة وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجستيات، تنفذ وزارة النقل المصرية عددًا من الممرات اللوجستية التي تهدف إلى ربط الموانئ البحرية المصرية ببعضها وربط مناطق الإنتاج والتصدير، مع التركيز على إنشاء مجتمعات صناعية وزراعية وعمرانية جديدة.
وتعتمد هذه الممرات على شبكة السكك الحديدية والقطارات الكهربائية السريعة التي تربط المدن والمحافظات ببعضها، ما يسهم في تعزيز الاستثمار وخلق فرص اقتصادية جديدة.
مشروعات كبرى لتطوير شبكة النقلبدأت مصر إنشاء شبكة القطار الكهربائي السريع، والتي تضم خطين رئيسيين بطول 2000 كيلومتر ويربط الخط الأول بين ميناء العين السخنة على البحر الأحمر وميناء الإسكندرية ومدينة العلمين الجديدة وميناء جرجوب على البحر المتوسط، مما يعزز الربط بين البحرين الأحمر والمتوسط كقناة موازية لقناة السويس. أما الخط الثاني، فيربط مدن صعيد مصر بالطريق الصحراوي الغربي، ما يخلق محاور تنموية تخدم حركة السياحة والصناعة، ويُنتظر قريبًا البدء في تنفيذ الخط الثالث الذي سيربط المدن الساحلية بمناطق نهر النيل، مما يتيح ربط المناطق الصناعية والزراعية بالموانئ.
استثمارات أجنبية وتنمية المناطق اللوجستيةتشهد الممرات اللوجستية الجارية تنفيذها اهتمامًا كبيرًا من المستثمرين الأجانب، خاصة في الموانئ البحرية والمناطق الجافة واللوجستية.
وتم التخطيط لإنشاء 7 ممرات لوجستية متكاملة تخدم أهداف التنمية المستدامة. تشمل هذه الممرات:
- ممر السخنة – الإسكندرية اللوجيستي: يربط المناطق الصناعية والموانئ الجافة بميناء الإسكندرية الكبير.
- ممر العريش – طابا اللوجيستي: يمر عبر مناطق الصناعات الثقيلة في سيناء لتعزيز التنمية في شبه الجزيرة.
- ممر القاهرة – أسوان – أبو سمبل اللوجيستي: يشمل الخط الثاني للقطار الكهربائي السريع ويدعم المناطق الزراعية والسياحية في الصعيد.
كما تم تطوير خطط للاستفادة من نهر النيل كوسيلة نقل، مما يخفف الضغط على الطرق ويوفر وسيلة نقل اقتصادية ومستدامة. هذه المشروعات تُعد قاطرة لتنمية الاقتصاد المصري، مع التركيز على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، محليًا ودوليًا، لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية واجتماعية.
الدكتور علي الإدريسيمشروعات البنية التحتية والاقتصاداتفق خبراء الاقتصاد عالميًا على أن تطوير البنية التحتية يمثل حجر الأساس في مسيرة تطور المجتمعات وتحقيق التنمية الاقتصادية، كما يُعد العنصر الأساسي في جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ومن جانبه، قال أستاذ الاقتصاد، الدكتور علي الإدريسي، إن مشروعات البنية التحتية تلعب دورًا محوريًا في تحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات الجديدة، مشيرًا إلى أنها تمثل أحد أهم معايير التقييم الدولي لمناخ الاستثمار، سواء من خلال تقرير ممارسة الأعمال أو تقرير التنافسية العالمية.
وأضاف الإدريسي خلال تصريحات لـ “صدى البلد”، أن استمرار العمل في تطوير البنية التحتية يعود بالنفع على المواطنين والمستثمرين على حد سواء، ما يعظم الاستفادة الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح الإدريسي أن مصر تسعى إلى الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة بهدف جذب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشار إلى أن عوائد هذه الاستثمارات لا تقتصر على توفير فرص العمل، بل تشمل أيضًا نقل رؤوس الأموال والتكنولوجيا، زيادة الحصيلة الضريبية، وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، إضافة إلى تقليل الاعتماد على الواردات، مما يدعم الميزان التجاري للبلاد.
وأكد الإدريسي أن الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية، بما يشمل تطوير المرافق وإنشاء المدن الجديدة والذكية، يعد عاملاً رئيسيًا في كسر حالة الركود الاقتصادي وتنشيط النمو.
وأوضح أن هذه المشروعات تحفز المستثمرين المحليين وتستقطب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة لقطاعات اقتصادية واعدة، مما يسهم في تعزيز مكانة مصر الاقتصادية على المستوى الدولي.
إسلام الأمينبوابة لدعم الاقتصاد والتنمية المستدامةمن جانبه، قال المحلل الاقتصادي، إسلام الأمين، إن مصر لديها رؤية طموحة في رسم خارطة طريق شاملة لدعم الاقتصاد من خلال تطوير مشروعات الطرق وشبكات النقل، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات تمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري على المستويين الإقليمي والدولي.
وأضاف خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الاستثمارات الكبيرة التي تُضخ في هذا القطاع تسهم بشكل مباشر في تحسين البنية التحتية، بما يربط مناطق الإنتاج الصناعي والزراعي بالموانئ والأسواق المحلية والعالمية، مما يعزز كفاءة سلاسل الإمداد والتجارة، ويخفض تكاليف النقل، ويزيد من سرعة تداول البضائع.
وأوضح الأمين أن مشروعات النقل الكبرى مثل القطار الكهربائي السريع والممرات اللوجستية، بالإضافة إلى تطوير الطرق والكباري، تُعد استثمارات استراتيجية طويلة الأجل تفتح آفاقًا جديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية. وأشار إلى أن هذه المشروعات لا تخدم فقط الاقتصاد، بل تمتد آثارها إلى تحسين جودة حياة المواطنين من خلال توفير وسائل نقل آمنة ومتطورة تُسهل التنقل وتقلل من حوادث الطرق.
كما أكد الأمين أن الدولة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز شراكتها مع القطاع الخاص في إدارة وتشغيل مشروعات النقل، مما يعكس توجهًا حكوميًا لدعم الابتكار وتعظيم الكفاءة. وأشار إلى أن هذه الجهود تسهم في تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للنقل واللوجستيات، خاصة مع ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عبر مشروعات تربط الموانئ والمناطق الصناعية بالأسواق العالمية. وشدد على أن هذه الاستراتيجية الشاملة من شأنها أن تدعم أهداف رؤية مصر 2030، وتحقق طفرة اقتصادية كبيرة تلبي طموحات الدولة في التنمية والازدهار.
الدكتور عادل عامرقاطرة التنميةمن جانبه، أكد الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، أن قطاع النقل يعد من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تؤثر كفاءة شبكات وأساطيل النقل بشكل مباشر على كفاءة القطاعات الاقتصادية والخدمية، مما يساهم في تحقيق أهداف التنمية الشاملة.
وأضاف في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن القيادة السياسية المصرية تدعم بقوة الشراكة مع القطاع الخاص، محليًا ودوليًا، لتنفيذ المشروعات الكبرى، ما يساعد في توفير خدمات نقل متميزة وآمنة ومنضبطة تخدم المواطنين والاقتصاد على حد سواء.
وأشار إلى أن وزارة النقل وضعت استراتيجية متكاملة لتطوير منظومة النقل حتى عام 2050، تتضمن تحديث مرافق النقل البري والبحري والجوي، بالإضافة إلى تطوير البنية التشريعية والهيكلية لتسهيل دخول القطاع الخاص.
وتشمل هذه المشروعات تطوير النقل النهري وزيادة الاعتماد على نهر النيل كوسيلة نقل للبضائع والركاب، مما يخفف الضغط على الطرق ويقلل من الازدحام المروري.
وأشار إلى أن صناديق التمويل العربية والدولية أبدت اهتمامًا كبيرًا بتمويل مشروعات البنية التحتية في مصر.
وأكد عامر أن الموانئ البحرية ومشروعات السكك الحديدية والنقل الجماعي، والمراكز اللوجستية ليست فقط وسيلة لتعزيز الاقتصاد، ولكنها تمثل حلًا عمليًا لتقليل الفجوات في البنية التحتية، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية.