رقصة ترامب تنعش جدل الصحة العقلية لمرشحي الرئاسة الأميركية
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
تزداد ضراوة السباق للوصول إلى البيت الأبيض مع اقتراب الخامس من نوفمبر، فبعد تجمع انتخابي للمرشح الجمهوري والرئيس السابق، دونالد ترامب، شهد حفلا موسيقيا قدم فيه ترامب رقصا مطوَّلا على المسرح، شككت منافسته الديمقراطية ونائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس بصحته العقلية.
وقالت هاريس إنها "تأمل" أن يكون ترامب بخير، بعد أن رقص المرشح الجمهوري لحوالي نصف ساعة في تجمع انتخابي، وذلك بعد أن أعلنت المرشحة الديمقراطية نتائج فحوصها الطبية.
ترامب قال من جانبه في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي عقب تصريحات هاريس إنه بخير وإنه نجح في اختبارين منفصلين للمعرفة والقدرات الذهنية.
ردا على الانتقادات الديمقراطية قال عضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق، غابرييل صوما، إنه "عندما يتضمن مهرجان أكثر من 100 ألف شخص، كل شيء محتمل، شخص واحد بإمكانه أن يدير فرقة موسيقية في داخل المهرجان"، مشيرا إلى أن هاريس "ستكون محظوظة إن حضر 10 آلاف شخص".
وفي حديثه للحرة قال صوما ردا على سؤال بشأن أهمية البحث في مسائل الصحة العقلية لمرشحي الرئاسة: "سؤال وجيه جدا، أن نطرحه على الشخص حول إمكانيته في الإجابة على الأسئلة وتوفير الأجوبة، ترامب يظهر كل يوم على التلفزيون، كل يوم يلقي خطابات، هل شاهدت خطابا واحدا يشير إلى أن لديه مشكلة ذهنية مثلا؟".
وأجاب صوما على سؤاله "لا، كان الأطباء والصحافة سيفسرون ذلك، والفح،صات التي أجراها العام الماضي، تشير إلى أنه في صحة ذهنية جيدة جدا".
من جانبه، رد كريس إديلسون، أستاذ الحوكمة بالجامعة الأميركية بواشنطن، على سؤال بشأن ما كانت الصحة العقلية لترامب هي ورقة اللعب الوحيدة بيد هاريس، قائلا: "كلا ليست هذه القضية الوحيدة لدى هاريس، الضيف الآخر جعلني أشعر بالدوار، دونالد ترامب طالما يقول أورا تلفت الانتباه إليه، هو أكبر من 70 عاما، وعادة ما يخطئ باسم المدينة التي يتواجد فيها، ويتحدث عن أمور لم تحدث، لم يكن هناك هذا الحشد".
وأضاف في حديثه لقناة "الحرة" "هذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الرقص، ترامب لم يخضع لأي فحوص طبية، كانت آخر مرة توفرت أي معلومات (بشأن صحته) في 2018، هو يبلغ من العمر 78 عاما، والناخبون يحتاجون إلى أن يعرفوا السبب وراء فعله أمورا غريبة، ونرى ذلك كثيرا.. مثل أمور أخرى كالخلط بين الأسماء".
وكان الحديث عن الصحة العقلية للرئيس الأميركي جو بايدن طاغيا قبل أن يعلن عن انسحابه من السباق الرئاسي، ليعود الأمر للواجهة ولكن هذه المرة على لسان نائبته، هاريس، ضد ترامب.
يقول صوما إنه "لا مجال للمقارنة" بين بايدن وترامب، مشيرا إلى أن "حزبه انقلب عليه" وأنه كان يرغب باستكمال السباق الانتخابي ومنح المنصب عقب فوزه لهاريس.
بينما ذكر أن ترامب يشارك يوميا في خطابات علنية "يراه الجمهور وشبكات التلفزيون، لم نسمع من أي شخص أن هنالك خلل عقلي.. أو جسدي فيه، يجيب على أسئلة الصحفيين كل يوم، على عكس هاريس"، التي لا تظهر بنفس التكرار على حد تعبيره.
وردا على سؤال بشأن التطرق إلى موضوع الصحة العقلية لأي من المرشحين في هذا الوقت من السباق الانتخابي، أكد إديلسون أنه أمر مهم، "لماذا لا يوفر المعلومات ولم يوفرها منذ ست سنوات؟".
وفيما يخص تعليقات صوما بأن "لا أحد يتحدث" عن صحة ترامب العقلية، قال إديلسون: "الكل يتحدث عن هذا، ترامب يخلط بين الأسماء ولا يدرك أين هو، وأوقف مهرجانا وبدأ بالرقص، الكثير من الأطباء يطرحون أسئلة، يقولون: 'هو ليس كما نراه، لماذا لا يمنح معلومات للجمهور الأميركي؟'.. الكل يتساءل فيما لو كان يخفي شيئا نحن نراه كل يوم وهو رجل في حالة تراجع".
وأوضح ردا على صوما "أن بايدن لم يتحدث عن البقاء في منصبه. أنا من أوائل الناس الذين قالوا إن بايدن ليس بإمكانه خوض الانتخابات وتنحى، الديمقراطيون رأوا ما حدث مع بايدن وأدركوا أنه لن يتمكن من الخدمة لأربع سنوات، بينما ترامب يتراجع أمام الجميع، بصرف النظر عن الضيف الذي ينكر الحقيقة" وقال إن ترامب "يشهد تراجعا عقليا، ونحن في حاجة للمعلومات".
ورأى صوما أن اتهام الديمقراطيين لترامب بصحته العقلية يعتبر "الشيء الوحيد لديهم" أمام "تقدم ترامب" في استطلاعات الرأي أمام هاريس، وفق تعبيره، وأشار إلى أن ترامب كان يقارب عمره اليوم عمر بايدن عندما ترشح للرئاسة للمرة الأولى، "لكن هناك فرقا كبيرا" بينهما.
من جانبه، قال صوما إن استطلاعات الرأي التي ذكرها صوما "غير صحيحة، وأنها تشير إلى نسبة 50 - 50 بينهما".
وبخصوص الصحة العقلية، ذكر صوما أن ترامب خلال فترة جائحة كوفيد-19، كان قد اقترح حقن المرضى بالمطهرات، وتطرق إلى تصريحات الرئيس السابق الأخيرة بشأن "أكل المهاجرين للقطط والكلاب" في سبرينغفيلد بولاية أوهايو الأميركية.
وقال: "الحقيقة المحزنة هي أنه يمكن أن يفوز، لكن السباق متقارب جدا الآن.. هو عبارة عن مجرم مدان ولا يجب أن يحظى بأي منصب حكومي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الصحة العقلیة على سؤال کل یوم إلى أن
إقرأ أيضاً:
اليمينيّان ترامب ومودي ومستقبل العلاقات الأميركية الهندية
تدخل العلاقات الهندية الأميركية مع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، مرحلة جديدة قد تكون حافلة بالتحديات والتحالفات المتشابكة، كما يمكن أن تشهد مزيدا من التوافق في الرؤى، نظرا لأن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، قادم من خلفية يمينية كالرئيس الأميركي المنتخب.
وتربط الهند بالولايات المتحدة علاقة إستراتيجية متينة، مبنية على المصالح المشتركة والتحالفات السياسية، لكن هذه العلاقات تحمل في طياتها ملفات شائكة وخلافات تضفي عليها نوعا من الهشاشة، خاصة في ظل التحولات السياسية العالمية وارتفاع حدة التوترات مع الصين.
تحقيق المكاسبومن القضايا الرئيسية التي تلقي بظلالها على العلاقة بين واشنطن ونيودلهي، النزاعات التجارية، وملف الأقليات، والهجرة، وتباين المواقف تجاه روسيا وإيران، والموقف الهندي من التحالفات الغربية لاحتواء الصين، كالحوار الأمني الرباعي "كواد" (QUAD) الذي يضم إلى جانب الهند كلًّا من الولايات المتحدة، اليابان، وأستراليا.
ومن المتوقع أن تتأثر العلاقات بين البلدين بسياسات ترامب الصارمة في ملفات عدة خاصة مواجهة الصين والهجرة والتجارة، مما قد يشكل تحديا لنيودلهي التي تفضل الحفاظ على توازن دقيق في علاقتها مع الصين بعيدا عن المواجهة المباشرة.
من خلال فترة حكمه السابقة يمكن استقراء المواقف السياسية لترامب، حيث يحكم سلوكه مجموعة من المبادئ لعل من أهمها حماية الصناعة الأميركية، والتوقف عن إعطاء خدمات مجانية للآخرين -كما يقول- والعودة بالإنتاج والصناعة إلى داخل الولايات المتحدة من أجل توليد فرص العمل.
بالإضافة إلى ذلك فإن سياسات ترامب ليست مسكونة بالبعد القيمي بل قائمة على تحقيق المكاسب -وفق كثير من المراقبين-، فهو لا يلقي بالا إلى كثير من المواضيع التي يعدها الديمقراطيون جزءا من مبادئ السياسة الخارجية لبلادهم، وعلى سبيل المثال موضوع التجارة الحرة، والتغيّر المناخي، وحقوق الأقليات والمرأة والمثليين، وهي قضايا كانت تشكل عنصرا مهما في العلاقة بين الإدارة الديمقراطية مع الآخرين.
مراقبون: سياسات ترامب ليست مسكونة بالبعد القيمي بل قائمة على تحقيق المكاسب (الفرنسية) التجارة العادلةيعتبر ترامب الصين العدو الأول للولايات المتحدة، في حين ينظر إلى نيودلهي على أنها شريك أساسي في مواجهة بكين، فقد سبق أن صرح خلال زيارته الرسمية للهند في فبراير/شباط 2020، بأنّ "الهند شريك إستراتيجي رئيسي، وخاصة في مواجهة التحديات الصينية".
في المقابل، أكد رئيس الوزراء الهندي في القمم الثنائية التي جمعت البلدين في عامي 2019 و2020، "أن التعاون مع الولايات المتحدة يتجاوز القضايا الثنائية؛ إلى التحالف الذي يعزّز الاستقرار في المنطقة"، ورغم هذه التصريحات الوديّة، حذّر بعض المسؤولين الهنود من أن "توجهات ترامب الاقتصادية قد تزيد من صعوبة التعاون التجاري بين الطرفين".
كما عبّر رئيس منتدى الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند موكيش أغهي، عن أن فوز ترامب بولاية جديدة قد يؤدي إلى التركيز على خفض العجز التجاري الأميركي، مشيرا إلى أن ذلك قد يتطلب من الهند تقديم تنازلات صعبة في المفاوضات التجارية.
وتخيّم قضايا التجارة والهجرة على العلاقة الهندية الأميركية، ويسعى ترامب إلى إعادة تقييم الميزات التجارية الممنوحة للهند نتيجة موقعها الحساس في قارة آسيا واستقطابها لصالح مواجهة للصين.
أغهي: فوز ترامب قد يؤدي إلى التركيز على خفض العجز التجاري الأميركي ويتطلب ذلك من الهند تقديم تنازلات (مواقع التواصل)وفي إطار ما يسميه "التجارة العادلة"، أشار ترامب خلال حملته الانتخابية إلى ضرورة دفع الدول المستفيدة من السوق والنفوذ الأميركي مقابل "التكافؤ" في التعامل، مشددا على ضرورة إصلاح العجز التجاري.
وتشير تصريحاته إلى أنه قد يفرض مزيدا من الرسوم الجمركية على واردات هندية، واتخاذ سياسات اقتصادية صارمة كما حدث في ولايته الأولى.
وتجدُّد هذا النهج في ولايته الجديدة، يعني أنّ الامتيازات التي تمتّعت بها الهند سابقا ستخضع لإعادة تقييم، بما فيها وضع قيود إضافية على تأشيرات العمل للمهاجرين الهنود، حيث أكد ترامب مؤخرًا على "الحاجة لإيجاد عمالة أكثر مهارة"، وهو ما يثير قلقًا في نيودلهي، لوجود حوالي 5 مليون هندي في الولايات المتحدة، وهم أكبر تجمع هندي خارج البلاد.
وتُعدّ الولايات المتحدة وجهة مفضلة للشباب الهندي للدراسة والعمل، وتشديد الإجراءات ربما يعني الإضرار بهذه العمالة الضخمة، كما أن نيودلهي كانت تطمح لأن يشكل الوجود الهندي هناك مدخلا للتأثير السياسي مستقبلا لصالحها.
ومع ذلك ربما يعمل ترامب على منح الهند بعض الامتيازات في هذا الملف، من خلال ما أسماه "العمالة المفيدة والعمالة غير مفيدة"، من خلال استقبال العمالة الهندية المدربة والأكثر كفاءة والتي يمكن أن تخدم في مفاصل يحتاجها الاقتصاد الأميركي، وهو ما يجعلها مشكلة يمكن التغلب عليها، ويضاف لذلك، موضوع التعريفات الجمركية واختلال الميزان التجاري، فالولايات المتحدة تمثل شريكا مهما للهند وهذا بحدّ ذاته شيء مطمئن في سياق استقرار العلاقة بين البلدين في المرحلة المقبلة.
حقوق الإنسانتزايدت الانتقادات الأميركية الرسمية والحقوقية للهند بسبب الاضطهاد الذي تتعرض له الأقليات، وهو ما شكل ضغوطا متزايدة على نيودلهي وتوترا للعلاقات بين البلدين، خاصة في ظل قانون تعديل المواطنة المثير للجدل، والذي يهدف إلى تسهيل منح الجنسية لغير المسلمين القادمين من أفغانستان وباكستان وبنغلاديش، وهو تعديل تم إقراره في ديسمبر/كانون الأول 2019 على قانون المواطنة الهندي لعام 1955.
ووفقا لهذا القانون، يمكن لأتباع الديانات الهندوسية، السيخية، البوذية، الجاينية، البارسية، والمسيحية الذين وصلوا إلى الهند قبل 31 ديسمبر/كانون الأول 2014 الحصول على الجنسية الهندية، ويعتبره منتقدوه قانونا تمييزيا لأنه يستثني المسلمين من الفئات المستفيدة، مما يتعارض مع القيم العلمانية التي ينص عليها الدستور الهندي.
كما أبدت منظمات أميركية وأخرى دولية قلقها من تراجع حرية الصحافة في الهند، كما واجهت انتقادات من الولايات المتحدة بسبب -ما يُوصف- بالتضييق على النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتركزت الانتقادات على استخدام قوانين مشددة مثل "قانون الأمن القومي" و"قانون الأنشطة غير المشروعة" لاحتجاز المعارضين.
وفي تقاريرها السنوية حول حقوق الإنسان، تناولت وزارة الخارجية الأميركية بانتظام الأوضاع في الهند، وسلطت الضوء على الانتهاكات التي تتعلق بمعاملة الأقليات، خاصة المسلمين، وقضايا حرية الصحافة والتعبير.
وفي تقريرها لعام 2022، أشارت الوزارة إلى "زيادة الضغوط على الصحفيين والنشطاء واعتقالات في كشمير"، و"تشريعات مقلقة تتعلق بالمواطنة وتستثني بعض الأقليات".
كما عبر بعض أعضاء الكونغرس عن قلقهم إزاء أوضاع حقوق الإنسان في الهند، وكتب النائب الديمقراطي بريت شيرمان رسالة دعا فيها الهند إلى مراجعة سياساتها الخاصة بالمواطنة، مشيرا إلى أنها تثير قلقا بشأن التمييز الديني.
ومارست الولايات المتحدة، خاصة في عهد الإدارات الديمقراطية، ضغوطا دبلوماسية على الهند لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، وإن كانت هذه الانتقادات أحيانا تتراجع نظرا للشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
لكن ترامب يظهر عدم اكتراث واضح بالمخاوف الحقوقية مقارنة بالإدارات الديمقراطية، حيث لا تشكل قضايا مثل الحريات الدينية أو حقوق الأقليات أولوية بالنسبة له، ولا ضمن مبادئ السياسية الخارجية مع الدول، إضافة إلى أنه متهم بالعنصرية ضد المسلمين والمهاجرين، بل بالعكس فإن الخلفية اليمينية التي يأتي منها ستجعله أكثر تفهما للسياسات الهندية في هذا المجال، على الأرجح.
ترامب متهم بالعنصرية ضد المسلمين والمهاجرين (شترستوك) مواجهة الصينتعتبِر الولايات المتحدة الهند شريكا أساسيا في إستراتيجيتها وجهودها لاحتواء النفوذ الصيني، ومن ذلك تصريحات ترامب بأن "الهند جزء أساسي من الإستراتيجية الأميركية لمواجهة الصين"، متوقعا من نيودلهي اتخاذ خطوات واضحة لدعم التحالفات التي تقودها واشنطن، لكن من الواضح أن الهند تحاول تجنب التورط في صدام مباشر مع بكين، عبر تعزيز علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع الصين، واتباع سياسة متوازنة للحفاظ على استقرار منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وقد أوضح ترامب أن "مواجهة الصين تتطلب تحالفات قوية في المنطقة الآسيوية، والهند تلعب دورا محوريا في هذا التحالف"، وهذه الفكرة صرح بها بوضوح خلال زيارته إلى الهند في فبراير/شباط 2020، في تجمع جماهيري بحضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وهو ما يعزز من أهمية الحوار الأمني الرباعي (QUAD) بين الهند وأميركا واليابان وأستراليا.
ورغم أن نيودلهي تُعد عضوا رئيسيا في التحالف الرباعي، لكنها تميل لتقديمه كتحالف هجين لا يرتكز فقط على الجانب العسكري، من خلال طرح قضايا إنسانية كالصحة والتقنية، في محاولة منها لتلطيف التجمع وجعله أكثر قبولا، وهذا الأمر لن يقبله ترامب وإدارته الجمهورية إذ يمكن أن يعدّوه وسيلة لتمييع هوية وأهداف التجمع.
لذا فإنه من المتوقع أن يُجري ترامب تغييرات على هذا النهج، وأن يطالب الهند بتعزيز الجانب العسكري ضمن التحالف وتقديم التزامات محددة أكثر وضوحا وصراحة بهذا الخصوص، مما قد يشكل تحديا لنيودلهي التي تفضل الحفاظ على توازن دقيق في علاقتها مع الصين، خاصة أن التجارة الثنائية بين البلدين تتطور رغم الخلافات الحدودية.
وإذا كانت الهند لم توقع على اتفاقية البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB) والذي يُعد الشريان الرئيس لمبادرة الحزام والطريق (BRI) الصينية، ويضم في عضويته 110 بلدان، مما يعني أنها ليست جزءا من المبادرة، إلا أن تجارتها مع الصين تتطور، مما يؤشر أنها تحاول عمل شبكة أمان في علاقتها مع بكين دون الاعتماد بالكلية على الولايات المتحدة.
كما يبقى منطق المواجهة الأميركية مع الصين ليس حتميا بالضرورة وإن كان هو المرجح، إذ أثنى ترامب على الرئيس الصيني شي جين بينغ في عدة مناسبات، منها تصريحاته في منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني 2020، حيث أشاد بعلاقته الشخصية مع شي، مشيرا إلى أنهم "يحب بعضهم بعضا"، رغم التوترات التجارية بين البلدين.
وفي مقابلة مع جو روغان في عام 2024، وصف ترامب شي بأنه "رجل عبقري" و"قائد بقبضة حديدية"، مؤكدا احترامه لقدراته في إدارة بلد ضخم مثل الصين، كما أن لدى الطرفين مقاربات براغماتية عالية ليس مستبعدا في ظلها وجود صفقات بين الجانبين، خصوصا في ظل سياسة ترامب المعلنة في الابتعاد عن إشعال الحروب.
ولدى ترامب خصومة مع المجمع الصناعي العسكري في الولايات المتحدة، لذا فهو يعتمد على إستراتيجية حل النزاعات بهدوء دون تدخل عسكري، وهو معني بإنهاء الحرب الأوكرانية كما أعلن مرارا، ومن غير المرجح أن يذهب إلى حالة مواجهة عسكرية مع الصين من أجل تايوان، بل بالعكس يمكن أن يسعى إلى تبريد العلاقة بينهما كما حصل سابقا مع كوريا الشمالية، وربما يشمل ذلك أيضا موضوع بحر جنوب الصين.
روسيا وإيرانتحافظ الهند على علاقات تاريخية وثيقة مع كل من روسيا وإيران، وتمثل هذه العلاقات بعدا إضافيا للعلاقات الهندية الأميركية، فقد يتعامل ترامب بمرونة أكبر مع ملف روسيا، حيث سبق أن قال في خطاب ألقاه في نادي الاقتصاديين الأميركيين بمدينة نيويورك في 5 سبتمبر/أيلول 2024، "إنه يسعى لإنهاء الصراع في أوكرانيا وإعادة روسيا إلى المجتمع الدولي"، وهذا يمنح نيودلهي هامشا أوسع لتعزيز علاقاتها بروسيا دون ضغوط كبيرة من واشنطن.
ومع تأكيد ترامب على أولويته لتطوير الاقتصاد الأميركي، فقد يغض الطرف عن تقارب الهند مع إيران، خصوصا إذا كان ذلك يخدم أهدافا اقتصادية مشتركة، إلا أن مسؤولين أميركيين أكدوا أن "علاقة الهند بإيران ستظل عاملا حساسا في السياسات الأميركية"، مما يثير تساؤلات حول كيفية معالجة إدارة ترامب لهذا الملف الشائك.
ورغم الخلافات المحتملة، تظل العلاقة بين الهند والولايات المتحدة مدفوعة بمصالح إستراتيجية مشتركة، أهمها التصدي للصعود الصيني، وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والاقتصاد.
ومن المتوقع أن تشهد بعض الأولويات تغييرات في عهد ترامب، مع احتمالية زيادة الضغوط التجارية وإعادة تقييم سياسات الهجرة ومع ذلك، يبدو أن العلاقة بين البلدين ستستمر في التوازن بين المصالح المشتركة والتوترات السياسية.
وبالنظر إلى أسلوب ترامب الشخصي في تطوير العلاقات خلال ولايته السابقة، يُرجح أن تتسم العلاقات مع الهند بقدر من الانسجام، خاصة مع وجود تشابه بين شخصيتي ترامب ومودي؛ فكلاهما يأتي من خلفية يمينية، وهو ما قد يسهم في إيجاد قواسم مشتركة تعزز التفاهم بينهما.