أرمن لبنان يعيشون ظروفا صعبة.. الحرب تضعهم أمام خيارين
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
يواجه الأرمن في لبنان أوضاعًا صعبة نتيجة تصاعد حدة العمليات الإسرائيلية، مما يهدد سلامتهم ووجودهم في وطنهم. فهؤلاء الذين يتجاوز عددهم 150,000 شخصا، يعيشون تحت وطأة قصف جوي مكثف وحرب لا تبقي ولا تذر.
وحولت الحرب الدائرة حياة المجتمع الأرمني إلى كابوس من الخوف والقلق، وأثارت مشاهد العنف في لبنان ذكريات مؤلمة من مآسي الماضي.
زكار كشيشيان يعيش في مزهر، وهي بلدة صغيرة تقع على مشارف بيروت، والتي نجت لحد الآن من القصف الجوي الذي تنفذه إسرائيل في لبنان. لكن هذه البلدة قريبة جدا من المناطق الأخرى التي تتعرض الى ضربات مستمرة، ويقول كشيشيان (56 عامًا) إنه "لا يعرف مدى قرب القنابل منهم، وعلينا أن نصلي لنبقى أحياء"، على حد تعبيره. كشيشيان، هو من الأقلية الأرمنية المسيحية، والعديد منهم هم أحفاد الناجين من عمليات القتل الجماعي التي وقعت خلال الحرب العالمية الأولى، والتي أودت بحياة ما يصل إلى 1.5 مليون أرمني في عهد الإمبراطورية العثمانية، والتي تعتبرها عشرات الدول جريمة "إبادة جماعية". والآن، تركت الحرب الإسرائيلية العديد من الأرمن اللبنانيين أمام خيار مؤلم: البقاء والمخاطرة بالموت أو ترك بلد يعتبرونه وطنًا. قال كشيشيان، وهو موسيقي، إن الأرمن في لبنان لديهم تاريخ يمتد لأكثر من 100 عام وسيكون من الصعب للغاية "التخلي عن مجتمعنا وثقافتنا وممتلكاتنا هنا".
التقرير يذكر نقلا عن مسؤولين لبنانيين، أن أكثر من 2,300 شخص، معظمهم من المدنيين، لقوا حتفهم منذ 23 أيلول، في وقت أدت الحرب إلى تشريد أكثر من 1.2 مليون شخص، أي أكثر من خُمس السكان، في أكبر موجة تهجير في تاريخ البلاد، بحسب التقرير. نادراً ما يغامر كشيشيان وزوجته وابنه البالغ من العمر 12 عامًا بالخروج من منزلهم في مزهر، وهي بلدة أرمنية تقع شمال شرق بيروت، ويقول كشيشيان إنه يقضي معظم يومه في تهدئة إبنه الخائف لكنه يضيف " في الواقع، مخاوفي تأكلني من الداخل". يشير كشيشيان إلى أن الحرب الإسرائيلية في لبنان ليست مجرد حرب ضد حزب الله، الذي تعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لم يدرج سوى جناحه المسلح في القائمة السوداء، ويضيف "نحن جميعًا ضحايا - الناس العاديون، الأطفال، وكبار السن - نحن جميعًا ضحايا هذه الأفعال غير الإنسانية". بحسب تعبيره. كان يساي هافاتييان يعتقد أنه آمن في منزله في عنجر، وهي قرية تقع على بعد حوالي 60 كيلومترًا شرق بيروت. استقبلت القرية، التي يقطنها غالبية من الأرمن، مئات من النازحين داخليًا الفارين من قصف إسرائيل للجنوب اللبناني. لكن هافاتييان، (64 عامًا) قال إن الحرب قد وصلت الآن إلى عتبة قريته، ويقول الأكاديمي إن هذه الحقيقة "حطمت شعورنا بالأمان عندما وصلت أصوات الانفجارات إلى آذاننا أقرب بكثير مما توقعنا، وتذكرنا برعب الحرب". تقع عنجر، وهي قرية تاريخية تحظى بشعبية لدى السياح، على بُعد بضع كيلومترات فقط من معبر "المصنع" البري الرئيسي مع سوريا. وشنت الغارات الجوية الإسرائيلية في 4 تشرين الاول هجومًا على المعبر، مما قطع الطريق أمام حركة المرور، وادعت إسرائيل أن حزب الله كان ينقل أسلحة عبر الحدود. يقول التقرير إن حوالي نصف مليون شخص عبروا الحدود في الأسابيع الثلاثة الماضية، العديد منهم سيرًا على الأقدام، يحملون أطفالهم ومتعلقاتهم، هربًا من العنف في لبنان. وُلِد هافاتييان في عنجر، ونجا من الحرب الأهلية اللبنانية من 1975 إلى 1990 ومن حرب إسرائيل وحزب الله في 2006. لكنه يقول إن الصراع الحالي مختلف، وأضاف "لقد شهدت العديد من الحروب والاشتباكات المسلحة في لبنان، لكنني لم أرَ أبدًا تدميرًا واسع النطاق أو هجمات ضد السكان المدنيين".9 وأوضح هافاتييان أن "الجنوب اللبناني مدمر تمامًا، ويبدو أن مشاهد غزة تتكرر"، في إشارة إلى الحرب المستمرة لإسرائيل في قطاع غزة. تقول إنها سمعت على مدى الأسابيع القليلة الماضية العديد من القصص المؤلمة، وتضيف "الأمهات اللواتي ساعدناهن أخبرتنا عن معاناة أطفالهن من الصدمات، والأرق، والتقيؤ الناتج عن التوتر"، بحسب تعبيرها. تعيش كريستين (47 عامًا) مع زوجها وثلاثة أطفال في شرق بيروت، وهي منطقة آمنة نسبيًا تقع عند سفح الجبال التي تحيط بالمدينة، لكنها أوضحت أن القصف الجوي الإسرائيلي لبيروت، المدينة التي تضم حوالي 2.5 مليون نسمة، قد أثر على الجميع. وأضافت أن الحرب قد لا تكون موجهة ضد المجتمع الأرمني بشكل مباشر، لكن "خلال الأسابيع القليلة الماضية، عشنا في حالة من الإنذار المستمر، مدينتنا تعيش حالة من الشلل والفوضى تحيط بنا"، بحسب تعبيرها. تخشى تانيليان-ساركيسيان أن تؤدي الحرب المتصاعدة لإسرائيل في لبنان إلى إجبارها وعائلتها على الهرب من البلاد. وإذا اضطرت الأسرة إلى الإخلاء، فوجهتها ستكون أرمينيا. وتنهي بالقول إن "لبنان هو بلدي، وقد كافح المجتمع الأرمني بشدة لبناء حياتهم هنا. ونأمل ألا نصل إلى ذلك الحد" بحسب تعبيرها. (الحرة)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العدید من فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية تدعو كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية لتحمل مسؤولياتها إزاء الحرب التي يشنها الإحتلال على المسيرة التعليمية بفلسطين
دعت جامعة الدول العربية، كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والإعلامية لتحمل مسؤولياتها إزاء الحرب التي يشنها الإحتلال الإسرائيلي على المسيرة التعليمية في فلسطين، مؤكدة على أهمية الإستمرار في توفير الدعم العربي والدولي للعملية التعليمية بما يسهم في ضمان إستمرار تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم لأبناء فلسطين.
وقال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة في جامعة الدول العربية السفير سعيد أبو علي، في كلمته أمام لجنة البرامج التعليمية الموجهة إلى الطلبة العرب في الأراضي العربية المحتلة في دورتها 108، والتي أختتمت أعمالها اليوم، إن إجتماعنا يأتي بعد إنقطاع ما يقارب عام ونصف بسبب الظروف البالغة الصعوبة التي تمر بها القضية الفلسطينية والحرب الاسرائيلية التدميرية، كما يأتي بالتزامن مع أعمال القمة العربية والإسلامية الطارئة بالرياض والتي اتخذت مجموعة كبيرة من القرارات النوعية الهامة في إطار التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وتضامن دولنا العربية والإسلامية مع نضال الشعب الفلسطيني المشروع لنيل حقوقه كاملة بإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفق رؤية حل الدولتين، ودعم الاعتراف بدولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وكذلك التحرك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لتجميد عضوية إسرائيل.
وأضاف، إن القمة طالبت أيضا مجلس الأمن بإصدار بقرار ملزم لوقف إطلاق النار في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً إلى قطاع غزة، مؤكدة أنه لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها من كافة الأراضي العربية المحتلة "حتى خط الرابع من يونيو 1967، مشيرا إن القمة أطلقت أيضا آلية التعاون الثلاثي بين كل من جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الإفريقي، لتنسيق المواقف المشتركة وسبل الدعم لمساعدة الشعب الفلسطيني بهدف تحقيق تقرير المصير له.
وأوضح الأمين العام المساعد، إن هذه الدورة تعقد بعد أكثر من 400 يوم من بدء العدوان على غزة، ولا تزال مشاهد المجازر والقتل والتدمير والتجويع خاصة في شمال غزة متواصلة، فقد أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل وجرائم الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر 2023 عن تدمير واسع النطاق لكافة مقومات الحياة، أدى إلى سقوط أكثر من 180 ألف مواطن بين شهيد وجريح ومفقود، وإعتقال أكثر من 5200 مواطن، ونزوح 2 مليون داخليا، مع تدمير ما يقارب من 80% من المباني السكنية، حيث إرتكب جيش الإحتلال الإسرائيلي أكثر من 4000 مجزرة مروعة، واستخدام حوالي 90 ألف طن من المتفجرات، بالإضافة لما يتعرض له سكان القطاع من حرب تجويع قاتلة.
كما أشار، أن الوضع في الضفة الغربية المحتلة لا يقل خطورة وكارثية من حيث مواصلة الإحتلال الإسرائيلي التصعيد في تنفيذ سياساته العدوانية في مدينة القدس وكافة المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، ما أسفر عن استشهاد حوالي 780 شهيد، واعتقال ما يقارب من 12 ألف مواطن مع تدمير ممنهج للبنية التحتية، في نفس الوقت الذي تواصل فيه عصابات المستوطنين المسلحة وبدعم مباشر من جيش الاحتلال ممارسة الإرهاب والاعتداءات المتواصلة في إطار سياسة الإحتلال الرسمية الممنهجة في حرق واقتلاع وتدمير للممتلكات، وفرض العزل والاغلاقات إلى تنفيذ الاعدامات الميدانية والتهويد وممارسة التمييز العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري، والتمدد الاستعماري وصولاً إلى ما أعلنه أمس رئيس وزراء الإحتلال ووزير ماليته بشأن الضم الرسمي والمعلن للضفة الغربية وتصفية القضية الفلسطينية.
وقال أبو علي، إن القرار الإسرائيلي بقطع العلاقات مع وكالة "الأونروا" ضاربا بعرض الحائط جميع الأعراف والمواثيق والقرارات الدولية والقانون الدولي الإنساني، بهدف تصفية قضية اللاجئين وشطب حق العودة وإلغاء أنشطتها ودورها بالعنوان السياسي، مؤكدا أن مواصلة الإحتلال تقويض ولاية الأونروا لن يغير من الوضع القانوني للوكالة التي تتمتع بتفويض دولي بناء على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وطالب الأمين العام المساعد، المجتمع الدولي بدوله وهيئاته المتعددة وخاصة مجلس الامن التدخل المباشر والفوري، وإتخاذ التدابير العملية اللازمة لتوفير نظام حماية دولي في الأرض الفلسطينية لوضع حداً لاستمرار هذا العدوان الممنهج والانتهاكات الجسيمة لقواعد وأحكام وقرارات الشرعية الدولية، فقد كان قطاع التعليم وكل مكوناته في مقدمة القطاعات التي تعرضت للاستهداف الإسرائيلي التدميري، ما أسفر عن كارثة كبيرة بحجم الخسائر البشرية والمادية التي طالت مكونات التعليم كافة كما تداول وبحث مؤتمركم، فهناك أكثر من 30 ألف طفل/ة ما بين شهيد وجريح وسط تدمير 93% من أبنية القطاع التعليمي، فيما تعرضت 70% من مدارس الأونروا الـ200 للقصف والتدمير، وتم قصف 4 مبان من كل 5 مبان مدرسية، وكذلك تدمير 130 من المباني والمنشآت الجامعية كما حرم أكثر من 750 ألف طالب/ة من حقهم في مواصلة تعليمهم في مدارسهم، وجامعاتهم.
وقال الأمين العام المساعد، إنه منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، توقفت العملية التعليمية في كافة الجامعات والمدراس والمراكز التعليمية والتدريبة، وتحول عمل المدراس من أماكن تعليمية إلى مراكز إيواء يستخدمها السكان النازحين الذين هُجروا من منازلهم قسراً، ومع ذلك لم تتوان قوات الإحتلال عن استهداف هذه المدارس والمنشآت وهي مكتظة بالنازحين، لتوقع المئات من الشهداء والمصابين، حتى وإن كانت المدرسة أو المنشأة تتبع لهيأة دولية كالأمم المتحدة وترفع علمها، حيث مازال واقع حال التعليم في القدس، تحت وطأة سياسات الأسرلة والتهويد، ومحاربة المناهج الفلسطينية وتحريفها، في معركة مستمرة ومتجددة مع بداية كل عام دراسي جديد، لفرض مناهج الإحتلال الإسرائيلي، والذي يستوجب تدخل المعنيين من دول وهيئات ومنظمات رسمية وأهلية الالتفات لمدى التحريض والعنف ومستوى مضامين العنصرية بالمناهج الإسرائيلية، التي تشكل انتهاكاً جسيماً وخطيراً للمواثيق الحقوقية الدولية، وانتهاكاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، خاصة معاهدة جنيف الرابعة وما فيها من نصوص حيال الوضع التعليمي في البلاد المحتلة.
كما أكد الأمين العام المساعد، أن هذه الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية شكلت حافزاً لمضاعفة أسباب الصمود والإصرار الفلسطيني على تطوير والعملية التعليمية وحمايتها، لتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات.
يذكر أن الإجتماع عقد برئاسة وكيل مساعد للشؤون التعليمية بوزارة التربية والتعليم أيوب عليان، وممثلي عن إتحاد إذاعات الدول العربية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسو" بالإضافة إلى وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين "الأونروا".