الثورة /وكالات

منذ 10 أيام، يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين شمالي قطاع غزة وخاصة في مخيم جباليا وبلدات جباليا البلد والتوام والكرامة والعطاطرة وبيت لاهيا وبيت حانون، وضعاً مأساوياً في ظل إطباق الحصار الإسرائيلي على هذه المناطق واستهداف كل متحرك فيها، وقيام جيش الاحتلال بمزيد من العمليات البرية والتفجيرات ونسف المنازل في مسعى لتهجير السكان المتبقين في المنطقة.


وبذريعة منع المقاومة الفلسطينية من استعادة قوتها، بدأ جيش الاحتلال في الرابع من أكتوبر 2024، عملية عسكرية بمناطق بشمال قطاع غزة، لا سيما بلدة جباليا ومخيمها، وارتكب خلالها مجازر أسفرت عن مئات الشهداء والجرحى.
ووفق شهادات متعددة، ينفذ جيش الاحتلال في جباليا عمليات دهم وتفتيش وتدمير ونسف في مناطق الترنس ومدارس الإيواء ومناطق غرب مخيم، التوام وبئر النعجة وأبو شرخ والعطاطرة، مع زيادة الضغط العسكري من جهة الشمال على بلدة بيت لاهيا لإكمال إطباق الحصار.
ويقول مواطنون، إن جيش الاحتلال بدأ يتقدم في بيت لاهيا، الواقعة إلى الشمال من مخيم جباليا، فيما يبدو أنه يحاول الضغط على المناطق المحاصرة من خلال تعزيز قواته وآلياته، بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف على مناطق توغله الجديدة، فالقصف الإسرائيلي من الجو والبر والبحر لم يتوقف طوال الأيام الماضية. كما شاركت طائرات “كواد كابتر” المُسيرة في استهداف الفلسطينيين المتحركين في المناطق المستهدفة بالرصاص الحيّ، في ظل صعوبات تعترض عمل الطواقم الطبية وطواقم الدفاع المدني والصحافيين الذين باتوا أقلية في المنطقة.
وبينما تعيش المناطق في ضغط عسكري وحصار مطبق، وضع جيش الاحتلال سواتر ترابية لمنع الحركة إلى الغرب من مخيم جباليا في منطقة دوار أبو شرخ في مسعى لتحريك الفلسطينيين شرقاً باتجاه منطقة الإدارة المدنية، حيث قال مواطنون إنّ الجيش وضع فيها ممرات للمراقبة وكاميرات وأجهزة تصوير لمراقبة والتدقيق في هويات النازحين المتوقعين.
ومرارا أطلق جيش الإسرائيلي إنذارات بإخلاء القسري لشمال قطاع غزة بما في ذلك المستشفيات، والتوجه عبر ممرات محددة إلى ما زعم أنها “مناطق آمنة”، لكن كثير من المواطنين وسائقي الإسعاف تعرضوا لقصف إسرائيلي في الطريق أو في تلك المناطق، ما أودى بحياة المئات وأصاب واعتقال آخرين.
ما هي خطة الجنرالات؟
وبات واضحاً من سلوك جيش الاحتلال الممارس على الأرض نيته تنفيذ ما يسمى “خطة الجنرالات” القاضية بتفريغ شمالي القطاع من سكانه وإجبارهم على النزوح جنوباً ومن ثم إعادة احتلال المنطقة الشمالية بما فيها مدينة غزة والتي تمثل نحو ثلث مساحة قطاع غزة تقريباً.
وتقول صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلي، إن العملية العسكرية الثالثة من نوعها على شمال قطاع غزة منذ بدء الحرب، تشكّل نسخة مصغّرة وأولية لخطة اللواء في الاحتياط غيورا آيلاند، رئيس قسم العلميات السابق في جيش الاحتلال، والتي أعدها مع عدد كبير الألوية المتقاعدين، وأطلقوا عليها اسم “خطة الجنرالات”، وتهدف إلى حسم الحرب في قطاع غزة، وتحقيق الانتصار على المقاومة الذي طال انتظاره، والذي لا يلوح في الأفق.
وتدعو “خطة الجنرالات” إلى إفراغ شمال قطاع غزة (من وادي غزة إلى بلدة بيت حانون)، من السكان البالغ عددهم 300 ألف نسمة، وإعطائهم مهلة أسبوعين من أجل النزوح جنوباً، عبر ممرات آمنة يحددها جيش الاحتلال، وذلك بعد إخضاعهم للتفتيش على محور نيتساريم الذي يقسم القطاع إلى جزأين، ثم ستُعلن، بعد انتهاء المهلة المحددة، المنطقةُ منطقةً عسكرية مغلقة.
وتعادل المنطقة المطلوب إخلاؤها 40% من مساحة قطاع غزة. وتتحدث الخطة صراحة عن اعتماد الحصار والتجويع عواملَ أساسية للوصول إلى ما تسميه “تطهير الشمال” من المقاومة، كما يحصل في جباليا ومحيطها على وجه الخصوص. وبعد تنفيذ الخطة في هذه المنطقة، يمكن التوجّه وتنفيذها في أجزاء أخرى من القطاع، ففي الوقت الذي يشدد الاحتلال حصاره على تلك المناطق بالقوة النارية المفرطة، يعيش آلاف المواطنين الفلسطينيين وضعاً صعباً، حيث نفدت المياه والطعام منهم وباتوا يناشدون للحصول على ما يسد رمقهم ويقيهم الموت جوعاً، حيث منع جيش الاحتلال قبل أسبوعين من بدء العملية العسكرية إدخال أي مواد غذائية باستثناء الدقيق فقط.
وتعمد المرحلة الثانية من “خطة الجنرالات” على القتل المباح لكل من يرفض النزوح القسري، إذ سيعتبر جيش الاحتلال كل من بقي في منطقة شمال قطاع غزة “مقاتل غير شرعي” في صفوف حركة حماس وحركات المقاومة الأخرى، بغض النظر عن هويته، طفلًا كان أو شيخًا، وسيكون معرضًا للاستهداف بالقتل أو السجن أو التجويع حتى الموت (منع دخول المساعدات كلياً).
وبحسب الخطة التي تقودها الفرقة 162 بقيادة العميد إيتسيك كوهي، ويعمل إلى جانبه فريقا القتال من اللواءين 460 و401، فإن التهجير القسري سيتبعه تحويل المنطقة الشمالية بأكملها إلى منطقة خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة. ويدّعي آيلاند أن الاستيلاء على المنطقة سيؤلّب سكان غزة ضد “حماس”، وأن هذا سيكون “أكبر كابوس يواجه السنوار”، ما سيسرّع إبرام صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وهزيمة المقاومة في غزة.
تهجير قسري
ويقول الخبير في الشأن الفلسطيني، خليل التفكجي، إن سلطات الاحتلال تعمل من خلال خطة الجنرالات العسكرية على إجراء تغيير ديموغرافي غير مسبوق على الواقع السكاني في قطاع غزة، مبينًا أن هذه العملية تؤكد رغبة الاحتلال في السيطرة الكاملة على شمال القطاع.
ويضيف التفكجي، في حديث لموقع “أرم نيوز” أن تلك الخطة من شأنها اقتطاع نحو 17% من مساحة قطاع غزة (مخيم جباليا، جباليا البلد، بيت لاهيا، بيت حانون)، بما مساحته 62 كيلو متراً مربعاً، والقضاء على تجمعات سكانية فلسطينية كبيرة، هي مخيم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، وملحقاتها.
ويعتقد الخبير في شؤون الاستيطان أن سلطات الاحتلال تعمل على إعادة الاستيطان إلى غزة بشكل تدريجي، بحيث تبدأ بتجمعات استيطانية صغيرة ومواقع عسكرية بالمناطق الشمالية، ثم تمتد لتجمعات استيطانية بوسط وجنوب القطاع”، مشيراً إلى أنه “في حال نجاح الخطة فإن شمال القطاع بالكامل سيكون ضمن السيادة الإسرائيلية”.
ويحذر التفكجي من خطورة ما يجرى في شمال قطاع غزة، “إذ سيكون دافعاً للسكان من أجل الهجرة الطوعية للخارج، والبحث عن بدائل خارج القطاع، وهو الأمر الذي يمثل جوهر الخطة الإسرائيلية وأهداف اليمين الإسرائيلي”.
ظرفان مختلفان
وبخلاف عمليات الاجتياح السابقة التي تراوحت مدتها بين أسبوع إلى ثلاثة أسابيع في إطار “المرحلة الثالثة” من حرب الإبادة على غزة، تزعم تقديرات إسرائيلية أن هذه العملية قد تستمر لعدة أشهر “من أجل استمرار القضاء على محاولات المقاومة إعادة بناء نفسها”. وتنقل “يديعوت” عن جيش الاحتلال زعمه أنه قتل حتى الآن ما لا يقل عن 100 من المقاومين في جباليا، وعثر على أنفاق هجومية بعضها لم يتم الكشف عنها من قبل.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية، إن العملية العسكرية في شمال قطاع غزة تأتي في ظرفين مختلفين، الأول أن جبهة الحرب الرئيسية باتت في الشمال، والثاني يتعلق بالظروف الميدانية، إذ يرفض معظم سكان شمال القطاع في منطقة العدوان العسكري التي تم تطويقها، تهجيرهم نحو مدينة غزة.
وتعد منطقة شمالي القطاع ومدينة غزة من المناطق التي تعرضت لأساليب عدة من الإبادة الجماعية، كان أبرزها سلاح التجويع ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، علاوة عن عمليات الاعتقال التي كانت تترافق مع العمليات البرية، إلى جانب تدمير المستشفيات والبنية التحتية وعمليات القصف الجوي المركزة. واعتمد الاحتلال منذ بداية الحرب على أسلوب القصف العشوائي أو ما يعرف بـ”السجادي” لتدمير الأحياء، وتسهيل حركة قواته البرية، وإحباط أي مقاومة في الأمتار الأولى من العمليات البرّية للمقاومة، وهو ما أفضى إلى حركة دائمة للسكان وعمليات نزوح متكررة سواء شمالي القطاع ومدينة غزة أو بقية مدن القطاع.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

شهداء بقصف إسرائيلي على غزة والاحتلال يحاصر عشرات الآلاف جنوب القطاع

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها الجوي والمدفعي المكثف على مختلف مناطق قطاع غزة مما أدى لسقوط شهداء ومصابين، في حين تحاصر دبابات الاحتلال عشرات الآلاف من المدنيين في مناطق توغلها برفح وخان يونس جنوب القطاع.

وأفاد مراسل الجزيرة باستشهاد فلسطيني وإصابة 7 آخرين إثر قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا في بلدة القرارة شمال مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

كما استشهد 3 فلسطينيين وأصيب آخرون في غارة إسرائيلية على خيمة تؤوي نازحين في قيزان النجار بخان يونس جنوبي القطاع.

واستشهدت طفلة وأصيب 5 أشخاص معظمهم أطفال إثر قصف إسرائيلي على مخيم الشابورة في رفح.

وقالت وزارة الصحة بغزة إن 26 شهيدا و70 مصابا وصلوا إلى مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية.

وأضافت الوزارة أن عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ارتفع إلى 50 ألفا و277 شهيدا، و114 ألفا و95 مصابا.

قصف جوي ومدفعي

وأكد مراسل الجزيرة بأن طائرات حربية إسرائيلية شنت سلسلة من الغارات على المناطق الشرقية لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

وأضاف المراسل أن قصفا مدفعيا إسرائيليا مكثفا وإطلاق نار من دبابات الاحتلال استهدف حي الجنينة شرق رفح.

واستهدفت مدفعية الاحتلال الأحياء السكنية في بلدة عبسان الكبيرة شرقي المدينة، بالإضافة لمناطق واسعة شمال غزة.

إعلان

وفي شمال القطاع، قال مراسل الجزيرة إن "قصف إسرائيلي استهدف تكية خيرية في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، خلف شهيد وعدد من المصابين".

وأظهرت صور للجزيرة فرق الدفاع المدني في غزة وهي تبحث عن مفقودين وعالقين تحت أنقاض منزل تعرض للقصف في حي الزيتون بمدينة غزة.

كما اشتعلت النيران في منزل ببيت لاهيا شمال قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي.

استهداف المدنيين

في الأثناء، كشف تحقيق لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن جيش الاحتلال قتل نحو 300 فلسطيني معظمهم نساء وادعى أنه قتل نشطاء من حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

وأوضحت هآرتس أن سلاح الجو الإسرائيلي شن 80 غارة على 30 موقعا بغزة يوم الثلاثاء الماضي، ولم يذكر الجيش من بين الضحايا سوى أسماء 7 من نشطاء وقادة حماس.

وأشارت الممثلة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين ماريس غيمون إلى أن ذلك "يعني مقتل 21 امرأة وأكثر من 40 طفلا يوميا"، مؤكدة أن ذلك "ليس ضررا جانبيا؛ بل حرب تتحمل فيها النساء والأطفال العبء الأكبر".

وحذرت المسؤولة الأممية من "العواقب الوخيمة على النساء والفتيات في غزة من انهيار وقف إطلاق النار الهش في القطاع".

وأكدت أن "النساء والأطفال يشكلون قرابة 60% من الضحايا في الأحداث الأخيرة في القطاع"، مشيرة إلى أن ذلك يعد "شهادة مروعة على الطبيعة العشوائية لهذا العنف".

ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس/آذار الجاري، قتلت إسرائيل 896 فلسطينيا وأصابت 1984 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وفق بيان صادر عن وزارة الصحة بالقطاع صباح الجمعة.

حصار الآلاف

إنسانيا، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن هناك أنباء بأن عشرات الآلاف من الفلسطينيين محاصرون في خان يونس ورفح، وأن المدنيين يواجهون مرة أخرى خيارا قاسيا بين التهجير مجددا أو البقاء والمخاطرة بحياتهم وحياة أحبائهم.

إعلان

وأكدت المفوضية الأممية أن ‏الترحيل القسري انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني، ويشكل جريمة بموجب القانون الدولي.

وذكرت أن إسرائيل أصدرت 10 أوامر إخلاء إجبارية تشمل مناطق واسعة في جميع محافظات قطاع غزة منذ استئناف حملتها العسكرية في 18 من الشهر الجاري.

وأضافت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان أن إسرائيل لا تتخذ أي تدابير لتوفير أماكن إقامة للسكان الذين يجري إخلاء مناطقهم.

ودعت المفوضية الأممية إسرائيل إلى إنهاء قطعها للمساعدات الإنسانية فورا ومنع أي أعمال ترقى إلى الترحيل القسري لسكان ‫غزة‬.

من جهته، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري للجزيرة، إن إسرائيل مستمرة في استخدام الغذاء سلاحا في قطاع غزة، وإن سياساتها تتسبب في موت آلاف الأطفال.

وأضاف فخري أن منظومة الفصل العنصري الإسرائيلية تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، مطالبا بتحميل إسرائيل تبعات سياساتها وفرض عقوبات عليها.

ويمثل التصعيد الإسرائيلي الراهن الذي قالت تل أبيب إنه بتنسيق كامل مع واشنطن، أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة، الذي بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وامتنعت إسرائيل عن تنفيذ مرحلته الثانية بعد انتهاء الأولى مطلع مارس/آذار الجاري.

وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 164 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وسط دمار هائل.

مقالات مشابهة

  • إطلاق نار مكثف من دبابات الاحتلال على شمال شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزة
  • حكومة الاحتلال تقر طرقاً استيطانية تعزز فصل شمال الضفة عن جنوبها
  • استشهاد 11 فلسطينيًا وإصابة العشرات جراء غارات إسرائيلية على غزة
  • الاحتلال الإسرائيلي يبدأ عملية برية في رفح لتوسيع المنطقة الأمنية
  • المقاومة تقصف حشود الاحتلال شرق قطاع غزة.. واستهداف جرّافة عسكرية
  • 6 شهداء بينهم 3 نساء في قصف الاحتلال غزة وبيت لاهيا
  • شهداء بقصف إسرائيلي على غزة والاحتلال يحاصر عشرات الآلاف جنوب القطاع
  • فلسطين.. قوات الاحتلال تنسف مربعات سكنية في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة
  • فلسطين.. تجدد القصف المدفعي على مناطق شرق مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة
  • استشهاد 3 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي استهدف شمال قطاع غزة