تونس "د ب أ": عندما أفاق عدنان المعموري من غيبوبته فوق سريره بالمستشفى العسكري، كان أول هاجس يدور بخلده هو كيف سيعود إلى مقاعد الدراسة بيد مبتورة.

قبل أشهر كان هدف عدنان (17 عاما) هو تخطي مرحلة البكالوريا (الثانوية العامة) بتفوق، وقد بدأ خلال العطلة الصيفية بجمع أعشاب الإكليل في جبل سبيطلة المحاذي لقريته لبيعها وجمع تكاليف مستلزماته المدرسية، قبل أن يفجر لغم أرضي أحلامه.

وتسبب اللغم في بتر اليد اليمنى لعدنان كما ألحق أضرارا في عينه اليمنى، ولن يكون بمقدوره مستقبلا الاعتماد عليها.

هذا أحدث انفجار للغم أرضي تقليدي الصنع بوجه المدنيين الرعاة، من بين أعداد غير محددة من الألغام التي زرعتها الجماعات المتشددة في الغابات وأراضي الرعي بمرتفعات وجبال القصرين غرب تونس.

وتمتد سلسلة هذه الجبال على مناطق شاسعة بولاية القصرين، و إلى أطراف ولاية سيدي بوزيد المجاورة.

ولطالما كانت هذه المناطق الجبلية الوعرة حصنا منيعا للجماعات المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي وتنظيم "داعش" المتطرف لاحقا، مع تصاعد أنشطتها بعد ثورة 2011 بتونس.

ومن تلك المناطق كانوا يشنون هجمات خاطفة دامية ومباغتة ضد دوريات للجيش والحرس الوطني التونسي، كان أشهرها هجومي 2013 و2014 خلال شهر رمضان، اللذين أوقعا العشرات من القتلى من الجنود.

ويقطن عدنان مع عائلنه في قرية "العيتة" التي تتبع إداريا ولاية سيدي بوزيد، وهو ليس أول ضحية للألغام في المنطقة إذ سبق أن بترت ساق إمرأة من نفس القرية بعد أن لمست لغما مخفيا أثناء الرعي.

وقال رياض الأخ الأكبر لعدنان لوكالة الانباء الألمانية (د. ب. أ) "نحن نعيش مع الخطر كل يوم.. لقد اهتزت معنويات عدنان بشدة. لا يزال تحت تأثير الصدمة ولا يفكر في العودة إلى الدراسة. لم يتقبل بعد وضعه الجديد ويخشى ردة فعل أصدقائه".

وبحسب شهادات عائلة عدنان والمحيطين به، فهو يعد من بين الطلبة المتميزين، وكان قد ارتقى الأول عن الصف إلى الثانوية العامة. ومع أنه حظي بتكريم رئاسي في المستشفى حيث يرقد، إلا أن الخوف من المستقبل يسيطر على تفكير عائلته.

وقال أخاه رياض إن "ما يهمنا الآن هو الاهتمام بصحة عدنان، نحتاج إلى دعم من السلطة من أجل وضعيته".

وسيكون عدنان أمام تحديا مضاعفا لتحقيق حلمه بالنجاح في الدراسة بعد مسار علاجي طويل. وإلى حين تحقيق ذلك الهدف لن يكون بوسعه التفرغ مرة أخرى لجمع الإكليل في الجبال.

وتعد تونس من بين الدول التي استخدمت فيها الجماعات المسلحة على نطاق واسع ألغاما بدائية مضادة للأفراد وحتى المدرعات.

وكان أثرها واضحا على مدى أكثر من عقد في الفتك بالعشرات من العسكريين والمدنيين أثناء عمليات تمشيط في المناطق بالمرتفعات، أو أثناء انشطة الرعي وقطف الأعشاب. كما تسببت في نفوق حيوانات من قطعان المواشي.

يشير تقرير إحصائي صدر في 2021 عن "مرصد الألغام الأرضية" بدعم من الأمم المتحدة، إلى أن المدنيين لا يزالون يمثلون الضحايا الرئيسيين للأسلحة، حيث يمثلون ثمانية من كل 10 ضحايا، ويشكل الأطفال ما لا يقل عن نصف القتلى أو المشوهين.

وعلى الرغم من أن الرجال والفتيان يمثلون 85 % من جميع الضحايا، يلفت التقرير الانتباه الى أن النساء والفتيات المصابات يتأثرن بشكل خاص في وقت لاحق من الحياة، عندما يتعلق الأمر بالحصول على المساعدة للضحايا.

وينسحب هذا الوضع على خديجة الرحيمي التي فقدت ساقها بفعل لغم تقليدي في جبل السلوم بضواحي القصرين عام 2018 أثناء جمعها للحطب.

ومن حسن الحظ أن ابنتها الصغرى التي كانت برفقتها لم تصب بأذى في التفجير لكن ابنة عمها أصيبت في الحادث بأضرار في عينها.

وقبل هذا التفجير كانت ابنة خالة خديجة قد لقيت حتفها في تفجير لغم بنفس المنطقة.

وضعت لخديجة ساق اصطناعية بعد التفجير لكنها اليوم تحتاج إلى المال لاستبدالها بسبب التلف. وتقول في يأس لـ (د .ب .أ) "لم أتلق أي تعويض ولدي طفلان يتعين علي رعاياتهما. أتلقى المساعدات من الجيران لكن هذا لن يحل المشكلة".

ويقول شقيقها سالم الرحيمي الذي يعمل باليومية عبر جمع نبتة الحلفاء في الجبل أو فرز القمامة في قرية "المثنانية" الفقيرة "نعيش كل يوم بيومه... نحن لا نطلب شيئا ، مجرد مورد رزق يحفظ كرامتنا لا أكثر".

مثل عائلة الرحيمي، اضطر السكان العزل في القرى المتاخمة للجبال، إلى التعايش على مدى سنوات مع خطر المسلحين المتربصين بهم في المرتفعات والتي تحولت الى مصيدة قاتلة للمدنيين الرعاة أو الجنود.

وكانت أكثر الاعتداءات دموية ما تعرض له الأخوان مبروك (16 عاما) وخليفة السلطاني (21 عاما) عندما ذبح الاثنان وقطع رأسيهما في نفس المنطقة بجبل المغيلة بين ولايتي القصرين وسيدي بوزيد، في حادثين منفصلين عامي 2015 و2017 على التوالي.

وعلى الرغم من تصفية أغلب المسلحين في تلك المناطق وانحسار أنشطتهم وهجماتهم، فإنه لا يعرف أعداد الألغام التي تركوها من خلفهم لتعطيل عمليات تعقبهم، وهذه الألغام قادرة على أن تهز مدرعة كاملة.

وتعتبر العائلات القاطنة بمحاذاة هذه المناطق أنها دفعت ثمنا باهظا في مكافحة الإرهاب، بسبب انقطاع أنشطتها الاقتصادية جراء الألغام وخسارتها للأرواح، والعاهات الجسدية الدائمة التي لحقت بالمتضررين.

ويشعر المتضررون اليوم أنهم تركوا لحالهم دون تعويض أو أفق واضح لحياتهم.

ويقول سالم شقيق خديجة "نحن نواجه خطر الموت كل يوم. مللنا الوعود الزائفة من المسؤولين.. تأتي الصحافة دائما الى هنا لكن لا شيء يتغير. لقد تعبنا".

مع ذلك، يقول "مرصد الألغام الأرضية" إنه لا تزال هناك تحديات إذ أن هناك ما لا يقل عن 60 دولة، بما في ذلك تونس ومناطق أخرى، ملوثة بالألغام المضادة للأفراد.

وقالت روث بوتوملي، المحررة المساهمة في المنظمة "العديد من الدول الأطراف لن تحقق الهدف الطموح المتمثل في إزالة الألغام مع حلول نهاية عام 2025".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عدنان موحجة الزوج البخيل في "مبروك علينا"

يستعد الممثل المغربي عدنان اوحجة ليطل على جمهورها عبر الشاشة الرمضانية من خلال السلسلة الكوميدية « مبروك علينا » من اخراج صفاء بركة، و التي سيتم بثها على القناة الثانية في وقت الافطار.

وكشف موحجة في تصريح لـ »اليوم24″ أن الدور الذي يجسده في السلسلة الكوميدي « مبروك علينا » هو دور جديد عن تجاربه الفنية، حيث سيراه الجمهور في شخصية « البخيل »، ما وصفه بالمرض الذي يعاني منه العديد، إلا أن المحيط يجهل أن « البخل » هو مرض نفسي وليس اختيار ذاتي.

ويلعب عدنان شخصية »مهدي » صديق « عادل » بطل السلسلة وزوج أخت زوجته « نجوى »، حيث وصف شخصيته بالمزعجة، بسبب معاناته مع  « التزقريم »حيث قال: « التزقريم ليس خطة اقتصادية وإنما هي حالة مرضية تدفع الشخص لإجراء حسابات لجميع الأشياء المادية، إلا أن حساباته تؤدي إلى طرائف مع أصدقاءه وزوجته على وجه الخصوص، يستم إيصالها إلى الجمهور بطريقة كوميدية « .

وعلق عدنان موحجة في تصريحه و بطريقة ساخرة أن شخصية « المهدي » جعلته يفكر في أن يعيد حساباته ويصبح إنسان « شحيح »، حيث قال: « الشخصية أعطتني بعض القواعد لتوفير المال وأن أحسب أشيائي المادي، لأنني أنا في العادة عكس ذلك »، ليشير  في الأخير أنه يمزح فقط، وأنه ضد البخل ويعتبره فيروس خطير يقتل صاحبه، وفي نفس الوقت لا بحب التبدير.

يشار إلى أن »مبروك علينا » هي سلسلة كوميدية تنقل يوميات الزوجين « عادل » و »نجوى » اللذان رزقا بمولودهما الأول « الغالي »، حيث يواجهان باستمرار تدخلات العائلة الكبيرة لكل منهما في  تربية طفلهما، ليتفاجآ  باستقرار والديهما بمنزلهما، الشيء الذي يحدث توترا وشجارات مستمرة.

ويعرف « السيتكوم » مشاركة عدد من نجوم الكوميديا المغاربة بينهم عزيز الحطاب، ابتسام العروسي، عدنان موحجة، سعيدة باعدي، سلوى زهران، مهدي فولان، حسناء مومني، رفيق بوبكر، بثينة اليعقوبي، سعاد حسن، محمود بلحسن.

 

 

 

 

كلمات دلالية رمضان سيتكوم عدنان موحجة فن مبروك علينا مشاهير

مقالات مشابهة

  • عدنان درجال: تقنية VAR حاضرة في دور الـ16 لبطولة كأس العراق
  • مسيّرة حوثية تهاجم فرق نزع الألغام في تعز
  • سوريا.. بدء توريد «النفط» من المناطق التي يسيطر عليها «الأكراد» نحو دمشق
  • قائد شرطة محافظة إدلب المقدم ماهر محمد هلال: تواصل وزارة الداخلية من خلال قيادة شرطة محافظة إدلب ووحداتها المنتشرة العمل بأقصى جهد ممكن للحد من ظاهرة إطلاق النار العشوائي التي تمثل استهتاراً بأرواح وسلامة المواطنين
  • كاريكاتير د. علاء اللقطة
  • الزراعة تعلن انحسار الحمى القلاعية في العراق
  • تقرير حقوقي يرصد 31 حالة انتهاك لحرية الرأي والتعبير في تونس
  • مكافحة الإرهاب يدمر 18 وكراً و7 أنفاق للإرهابيين في سلسلة جبال قرچوغ
  • عدنان موحجة الزوج البخيل في "مبروك علينا"
  • مع بدء تأثير الكتلة القطبية .. نصائح وتحذيرات من الأرصاد الجوية