حكم الغسل للمرأة بعد التلقيح الصناعي.. دار الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم الغسل بعد عملية التلقيح الصناعي؟ فهناك طبيبة تسأل: أجريت اليوم عملية تلقيح صناعي لإحدى الزوجات، وفيها يتم تجهيز عينة من السائل المنوي للزوج وحقنها في رحم الزوجة، وأثناء ذلك سألتني: هل يلزمها الغُسل بعد حقن السائل المنوي كغُسل الجنابة؟".
لترد دار الافتاء موضحة: أنه لا يجب على الزوجة الاغتسال بعد إجراء عملية التلقيح الصناعي؛ ذلك لأن موجب الغسل إما الإيلاج والتقاء الختانين ولو لم يكن هناك إنزال، وإما الإنزال بشهوة ولو لم يكن هناك إيلاج، وصورة إجراء عملية التلقيح الصناعي غير متصوَّر فيها إنزال للمرأة سواء تحقق الحمل أو لم يتحقق؛ وذلك لكونها عملية طبية تُجرَى تحت مخدر كلي أو موضعي، فلا تشعر المرأة بذلك الإجراء حال حصوله فلا يحصل التلذذ المتصوَّر به الإنزال.
المقصود بالتلقيح الصناعي
التلقيح الصناعي: هو إجراء طبي يُقصد به تلقيح المرأة بماء زوجها من غير الطريق الطبيعي المعهود لذلك، ويكون إما بتخصيب البييضة في الخارج ثم حقن الزوجة بها، وهو ما يُعرف بالتلقيح الخارجي، وإما بحقن رحم الزوجة بماء زوجها مجردًا بعد معالجته مخبريًّا حتى يتم تلقيح البييضة به داخليًّا وهو ما يُعرف بالتلقيح الداخلي، وفي كلتا الصورتين لا يحدث التقاء جسدي بين الرجل والمرأة، وإنما يكون الاستدخال بالوسائل الطبية المخصصة لذلك. ينظر: "أطفال الأنابيب بين العلم والشريعة" للدكتور زياد أحمد سلامة، والدكتور عبد العزيز الخياط (ص: 77: 79، ط. الدار العربية للعلوم).
والتلقيح الصناعي بوصفه هذا صورةٌ معاصرةٌ من صور الاستدخال الذي تناولته نصوص الفقهاء من قبلُ، وقصدوا به استدخال المرأة للسائل المنوي في رحمها، ولا فرق في ذلك بين أن يتوسط ذلك الاستدخالَ وضعُ ذلك السائل في وعاء مختبري لمعالجته كما هو الحاصل في التلقيح المعاصر، وبين أن تُدخِله المرأة مباشرة كما كان يحصل قديمًا.
أقوال الفقهاء في مدى وجوب الغسل بعد التلقيح الصناعي
قد تواردت نصوص الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أنه لا يلزم المرأةَ الاغتسالُ حال استدخالها المني في فرجها أو دخوله بغير إيلاج؛ ذلك لأن موجب الغسل إما الإيلاج والتقاء الختانين ولو لم يكن هناك إنزال، وإما الإنزال بشهوة ولو لم يكن هناك إيلاج، واستثنى الحنفية من ذلك حالة حدوث الحمل، فأوجبوا بها الاغتسال، معللين ذلك بأن حصول الحمل دلالة على نزول ماء المرأة، فيجب الاغتسال بنزول الماء حينئذٍ عندهم لا بمجرد الاستدخال.
قال العلَّامة ابن مَازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" (1/ 83، ط. دار الكتب العلمية): [قال محمد رحمه الله: في البكر إذا جومعت فيما دون الفرج فدخل من مائه فرجَها فلا غُسل عليها؛ لأن الغُسل إنما يجب بالتقاء الختانين أو بنزول الماء ولم يوجد واحد منهم، حتى لو حبلت يجب الغُسل لنزول مائها] اهـ.
وقال العلَّامة ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (1/ 60، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو جومعت فيما دون الفرج فسبق الماء إلى فرجها أو جومعت البكر لا غُسل عليها إلا إذا ظهر الحبل؛ لأنها لا تحبل إلا إذا أَنزَلَتْ، وتعيد ما صلَّتْ إن لم تكن اغتسلت؛ لأنه ظهر أنها صلَّتْ بلا طهارة] اهـ.
جاء في "المدونة" للإمام مالك برواية الإمام سُحْنُون بن سعيد التَّنُوخِي عن ابن القاسم (1/ 135، ط. دار الكتب العلمية): [قال ابن القاسم:... وسألتُ مالكًا عن الرجل يجامع امرأته فيما دون الفرج، فيقضي خارجًا من فرجها، فيصل الماء إلى داخل فرجها، أترى عليها الغُسل؟ فقال: لا، إلا أن تكون الْتَذَّتْ. يريد بذلك أنزلَتْ] اهـ.
وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 85، ط. المكتب الإسلامي): [إذا استدخلت منيًّا في قُبُلها أو دُبُرها: لم يلزمها الغُسل على المذهب] اهـ.
وقال العلَّامة المَرْدَاوي الحنبلي في "الإنصاف" (1/ 232، ط. دار إحياء التراث): [ولو وطئ دون الفرج ودَبَّ ماؤه فدخل الفرج ثم خرج، فلا غُسل عليها أيضًا على الصحيح من المذهب] اهـ.
وتقييد الحنفية اغتسال المرأة حال حملها بدخول أو استدخال المني لفرجها دون إيلاج إنما يُحمل على أنهم قد غلَّبوا كونها قد أَنزلَتْ فحملَتْ، لا على أن ذلك ضرورة يتحتم حصولها، إذ قد أثبت الطب الحديث أنه لا تلازم بين حصول الحمل وبين إنزال المرأة أو عدم إنزالها، فلا يشترط علميًّا أن تُنزِل المرأة حتى يحصل حملها، وذلك كما أفاد أهل الاختصاص من الأطباء، وما أكدته مسبقًا نصوص الشرع الشريف التي تُثبِت أن حصول الحمل إنما يكون من مني الرجل وحده إذا اتحد مع بييضة المرأة لا من ماء المرأة ومنيها، قال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى﴾ [القيامة: 36-37].
قال الإمام الطَّبَرِي في "جامع البيان" (23/ 527، ط. دار هجر): [الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى﴾... ﴿نُطْفَةً﴾ يعني: ماء قليلًا في صلب الرجل من مني] اهـ.
والحاصل: أن صورة إجراء عملية التلقيح الصناعي غير متصوَّر فيها إنزال للمرأة سواء تحقق الحمل أو لم يتحقق؛ وذلك لكونها عملية طبية تُجرَى تحت مخدر كلي أو موضعي، فلا تشعر المرأة بذلك الإجراء حال حصوله فلا يحصل التلذذ المتصوَّر به الإنزال.
ومن ذلك يُعلم أن مقتضى كلام الفقهاء من المذاهب الأربعة لا يوجب على المرأة الاغتسال بعد إجراء عملية التلقيح الصناعي.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّه لا يجب على هذه الزوجة الاغتسال بعد إجراء عملية التلقيح الصناعي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التلقيح الصناعى دون الفرج ل المرأة
إقرأ أيضاً:
متى يفطر الصائم المسافر؟.. دار الإفتاء توضح الضوابط الشرعية
أوضحت دار الإفتاء الحكم الشرعي لإفطار الصائم المسافر، مشيرة إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يفطر بمجرد نية السفر، بل يجب عليه أن يكون في حالة سفر فعلي حتى يُباح له الفطر.
وأكدت دار الإفتاء، عبر موقعها الرسمي، أن مجرد النية والعزم على السفر لا يكفيان للإفطار، وإنما يجب أن يشرع المسافر في رحلته ويغادر نطاق العمران الخاص ببلده، أي أن يكون قد خرج فعليًا من حدود مدينته أو قريته.
وأشارت الدار إلى أن الفقهاء أجمعوا على أن الرخصة الشرعية للفطر تُمنح عند تحقق السفر الفعلي، وليس بمجرد اتخاذ قرار السفر أو الترتيب له. وبالتالي، فمن كان صائمًا ونوى السفر، لكنه لم يبدأ رحلته بعد، فلا يجوز له الإفطار حتى يصبح في حالة سفر حقيقية.
وأكدت أن الإسلام جاء بالتيسير ورفع الحرج، ولذلك أباح للمسافر الفطر، لكن وفق ضوابط شرعية واضحة، حفاظًا على التوازن بين التخفيف على العباد وبين التزامهم بأحكام الصيام.
و أوضحت الدار أن الأفضل لمن لا يجد مشقة في السفر أن يتم صيامه، استنادًا إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يصوم في بعض أسفاره، إلا إذا كان الصيام يسبب مشقة حقيقية، ففي هذه الحالة يكون الفطر أولى، مراعاةً لتيسير الشريعة الإسلامية على المسلمين.
هل يجوز ترك العمل والتفرغ للعبادة في رمضان
أكد الشيخ أحمد البسيوني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن رمضان هو شهر العبادة والعمل معًا، حيث شهد أحداثًا تاريخية عظيمة مثل معركة بدر وفتح مكة وانتصار العاشر من رمضان.
وأوضح البسيوني، في فيديو نشرته دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية، أن العمل بنية إعفاف النفس والأسرة يعد عبادة، ويكون الأجر مضاعفًا في رمضان، مشيرًا إلى أن المعونة تأتي بقدر الحاجة، والأجر مرتبط بالمشقة.
وأكدت دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية جعلت العمل والعبادة متلازمين، فالعبادة تقرب إلى الله، والعمل الذي يعمر الأرض ويحقق الإصلاح هو طاعة.
وأضافت أن النصوص الشرعية والسيرة النبوية تبين أن رمضان يحث على النشاط والاجتهاد، إذ يعزز الصيام مراقبة الله ويحث الصائم على الابتعاد عن الكسل والتهاون، والسعي لتحقيق القوة والهمة العالية والانتصار على شهوات النفس.