دبي: «الخليج»
أكد خبراء عالميون، أن العولمة ما زالت مستمرة، وإن كانت تختلف عما كانت عليه، في تحديد معالم التنمية ورسم مساراتها.
جاء ذلك، في جلسة «إعادة تصور النمو»، ضمن أعمال مجالس المستقبل العالمية.
شارك في الجلسة كيلي تساي، عميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة «نورث إيسترن» الأمريكية، وبول غروينوالد، كبير الاقتصاديين العالميين في «ستاندرد آند بورز غلوبال»، وإريك بارادو، كبير الاقتصاديين، والمدير العام لإدارة الأبحاث في بنك التنمية للبلدان الأمريكية، ومنى حداد، المديرة العالمية للتجارة والاستثمار والتنافسية في البنك الدولي، وأدارتها جمانة بيرسيشه، مقدمة البرامج في «بلومبيرغ».


وقالت كيلي تساي «أعتقد أن تأثير السياسة الصناعية يتأثر إلى حد كبير بالجغرافيا السياسية، ومن هذا المنطلق، فإن تعزيز مرونة سلاسل التوريد أمر بالغ الأهمية. هناك الكثير من النقاش في المنافسة والاحتمالات المستقبلية، لكن من المهم ملاحظة أنه لا توجد بيانات تظهر انتهاء العولمة، فما نشهده من تحولات اقتصادية هو تجزئة على أسس إقليمية وجيوسياسية».
وعن مسألة التوازن بين النمو وحماية البيئة، قال بول غروينوالد «عندما نفكر في النمو، نركز عادةً على رأس المال المادي، مثل الاستثمارات في البنية التحتية. المشكلة، مع ذلك، هي أنه بينما كان رأس المال المادي والناتج المحلي الإجمالي يرتفعان، كان نوع آخر من رأس المال، وهو رأس المال الطبيعي الذي يشمل التنوع البيولوجي والنظم البيئية، يتراجع. نحن لا ندعو لوقف النمو، لكن يجب أن نضمن أن يكون مستداماً ويأخذ رأس المال الطبيعي في الحسبان».
وقال إريك بارادو «إن تأثير الذكاء الاصطناعي في التوظيف قد يكون كبيراً، حيث يمكن أن يؤثر في الملايين في عام واحد. ومع ذلك، هذا لا يعني أن الوظائف ستختفي، بل ستصبح معرضة للذكاء الاصطناعي. لهذا السبب نحتاج إلى استراتيجية واضحة لإدماج الذكاء الاصطناعي في المدارس، مع التركيز على التدريب وتطوير المهارات كجزء من نهج أوسع لتبني التقدم التكنولوجي».
وقالت منى حداد «إن الدول النامية سعت منذ مدة طويلة لفتح أسواقها وزيادة صادراتها وجذب الاستثمارات الأجنبية، لتعزيز التوظيف والإنتاجية والنمو. لكن العالم اليوم مختلف تماماً حيث لم تعد الأسواق مفتوحة كما كانت، والعولمة لم تعد كما كانت. ومن منظور الدول النامية هناك 4 تحديات: التوترات الجيوسياسية التي تعرقل الاندماج الكامل في سلاسل القيمة العالمية، وسياسات تغيّر المناخ التي تفضلها الدول المتقدمة، ولكن يصعب على الدول النامية الامتثال لها، والتكنولوجيا التي توفر فرصاً لكنها تتطلب بنية تحتية تقنية قوية، وظهور السياسات الصناعية في الدول المتقدمة مما يخلق فجوة متزايدة تصب في مصلحة الدول الأكثر ثراءً».

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات العولمة رأس المال

إقرأ أيضاً:

هل يفكك ترامب الركائز الصلبة لأميركا ويهدد اقتصاداها؟

الذهاب الى:الركيزة الأولى: العولمة والانفتاحالركيزة الثانية: الالتزام بالاتفاقات والتحالفات الركيزة الثالثة: الهجرة واستقطاب العقولانهيار جليدي

تبنت الولايات المتحدة الأميركية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إستراتيجية شاملة تعتمد على ركائز أساسية كانت وراء تحولها إلى قوة عظمى تهيمن على الساحة العالمية، كما كانت وراء الحفاظ على ريادتها لعقود طويلة، الأمر الذي جعلها القوة الاقتصادية والسياسية الأبرز في العالم.

من أبرز هذه الركائز كان الانفتاح والتوسع الاقتصادي والتجاري خارج حدودها، إذ تمكنت من بناء شبكة علاقات تجارية واقتصادية واسعة على المستوى الدولي، مما مكّنها من توسيع نفوذها وتعزيز قدرتها على التأثير في عديد من المناطق.

إضافة إلى ذلك، سعت الولايات المتحدة منذ نشأتها إلى أن تكون دولة قانون ومؤسسات، واكتسبت سمعة قوية بوصفها دولة تحترم القوانين والاتفاقيات الداخلية والدولية، مما ساعدها في بناء علاقات مستدامة مع عديد من الدول كما تبنت سياسة جذب الأفراد المبدعين والطموحين من مختلف أنحاء العالم، وهو ما جعلها "أرض الأحلام والفرص" للمهاجرين والعقول المبدعة، وأسهم ذلك في إثراء تنوعها الثقافي والاجتماعي ودعم نمو اقتصادها.

سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتسبب في زعزعة أصول ركائز قامت عليها الولايات المتحدة (أسوشيتد برس)

لكن مع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة، بدأت الولايات المتحدة تشهد تغييرات جذرية في سياساتها الداخلية والخارجية، الأمر الذي أثّر سلبًا على الركائز الأساسية التي اعتمدت عليها في استقرارها وازدهارها، مما أدى إلى زعزعة الثقة في النظام العالمي الذي أنشأته.

إعلان

لذلك، كان من الضروري تحليل هذه التغيرات لتحديد تأثيرها طويل الأمد على مكانة أميركا بوصفها قوة عظمى على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وإلى سرد الركائز:

الركيزة الأولى: العولمة والانفتاح

العولمة هي عملية ربط اقتصادات وثقافات دول العالم ببعضها بعضا بشكل أكبر وأعمق وجعل العالم أكثر ارتباطًا، يمكن فيه نقل البضائع والأموال والمعلومات والأشخاص، والتنقل بين الدول بحرية أكبر، وطبقاً للمفاهيم الأكاديمية للعولمة فإنها تسهم في تقليل الحواجز بين الدول، سواء كانت حواجز اقتصادية أو ثقافية أو حتى سياسية، وتساعد على تعزيز التجارة العالمية، وتوسيع الأسواق، وتبادل المعرفة، والتكنولوجيا وجعل العالم قرية واحدة.

أميركا وحرية التجارة

منذ بداية القرن العشرين، خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية، كانت الولايات المتحدة من القوى الرئيسية التي دعمت العولمة، من خلال سياساتها التجارية والدبلوماسية الأكثر انفتاحا، وسعت إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع باقي دول العالم، الأمر الذي مكّنها من التفوق الاقتصادي الكبير، وقد أسهمت في تأسيس منظمات كمنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، اللتين شكلتا البنية التحتية لحرية التجارة في العالم.

دور الشركات الأميركية

من أبرز مظاهر العولمة في الولايات المتحدة هو دور الشركات الأميركية الكبرى التي أصبحت قوى اقتصادية ضاربة في العالم، فشركات مثل مايكروسوفت وآبل وكوكاكولا تمثل جزءًا من الإستراتيجية الأميركية لتعزيز النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي عبر أسواق العالم، وبفضل العولمة، تمكنت هذه الشركات من توسيع وجودها الدولي بشكل كبير، مما ساعدها في زيادة أرباحها وتعزيز مكانة الولايات المتحدة بوصفها قوة اقتصادية في العالم.

لم تقتصر الشركات الأميركية على تصدير المنتجات، بل استفادت من التوسع في أسواق جديدة لتوسيع نفوذها السياسي والاقتصادي، ومن خلال هذا التوسع العالمي، صارت الشركات الأميركية ركيزة أساسية في الاقتصاد العالمي، مما يبرز دور القطاع الخاص الأميركي، الذي يمثل نحو 70-75% من الناتج المحلي الإجمالي.

إعلان التفوق التكنولوجي

ساهمت العولمة بشكل كبير في بقاء الولايات المتحدة رائدة في مجال التكنولوجيا والابتكار، وقد استفادت الشركات الأميركية مثل غوغل وفيسبوك من العولمة في التوسع العالمي وفرض سيطرتها على الأسواق الرقمية، ولم تعد هذه الشركات مجرد مصدر للدخل، بل قوة مؤثرة في الاقتصاد العالمي ومنصات تكنولوجية تشكل جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الرقمي.

لكن، مع صعود سياسات الرئيس ترامب، بدأنا نشهد تحديات كبيرة للعولمة على قطاع التكنولوجيا الأميركي.

حرية التجارة

حرية التجارة حجر الأساس للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، فقد أسهمت في زيادة حجم صادراتها ووارداتها، مما جعل الاقتصاد الأميركي أكثر تنافسية على مستوى العالم، وسياسات التجارة الحرة فتحت الأسواق الأوروبية والآسيوية أمام المنتجات الأميركية، ودفعت بالاقتصاد الأميركي نحو معدلات نمو مرتفعة.

وأسهمت العولمة كذلك في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين الأميركيين من خلال تيسير استيراد السلع بأسعار معقولة.

والقطاع الخاص هو المصدر الرئيسي للوظائف في الولايات المتحدة، فقرابة 85% إلى 90% من الأميركيين العاملين يعملون في الشركات الخاصة.

الفكر الأميركي

تداخل الفكر الأميركي، الذي يركز على الفردانية والحرية الاقتصادية والتنوع الثقافي، مع العولمة الأيديولوجية التي تروج لقيم مثل الحرية الشخصية وحقوق التملك، وسعت الولايات المتحدة من خلال هذه العولمة إلى تسويق صورتها على أنها راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان عالميًا.

ورغم أن الولايات المتحدة استفادت بشكل كبير من تبني فكر العولمة، فإن سياسات الرئيس الأميركي ترامب الحالية تساهم في تقويض هذا التوجه من خلال سياسات اقتصادية وسياسية متطرفة، ويهدد ترامب إحدى أهم الركائز التي جعلت من الولايات المتحدة دولة عظمى، مما يقوض تأثيرها على الركائز الأخرى ويؤثر سلبًا على استقرارها ووجودها في المستقبل.

إعلان تأثير الحروب التجارية

في الآونة الأخيرة، ظهرت الحروب التجارية كتهديد كبير للنظام التجاري العالمي الذي تحركه العولمة، فالحروب التجارية تحدث عندما تفرض الدول قيودًا على التجارة، مثل التعريفات الجمركية أو الرسوم، أو حتى منع الاستيراد من دول بعينها بهدف حماية صناعاتها المحلية أو زيادة قدرتها التنافسية، وهذه السياسات تتعارض مع أهداف العولمة التي تشجع على التجارة الحرة والانفتاح بين الأسواق.

وبلغ حجم التجارة العالمي في عام 2024 قرابة 33 تريليون دولار.

وتهدد الحروب التجارية بصورة كبيرة ما تم بناؤه على مدار عقود من حرية التجارة والعولمة بين الدول، وسيكون للتصعيد الذي يقوده الرئيس الأميركي، والذي وصفه البعض بـ"التسونامي التجاري"، عواقب وخيمة على الاقتصاد وحركة التجارة العالمية بشكل أساسي.

التأثير على الشركات: انخفاض أرباح الشركات المعتمدة على التصدير: فرض تعريفات جمركية وقيود تجارية يؤثر على القدرة التنافسية للشركات في الأسواق العالمية، مما يؤدي إلى تراجع أرباحها. ارتفاع تكاليف الإنتاج: زيادة الرسوم الجمركية ترفع من تكلفة المواد الخام والمنتجات المستوردة، مما ينعكس سلبًا على تكاليف الإنتاج. نقص في سلاسل التوريد: بسبب الرسوم الجمركية، قد تتأثر سلاسل التوريد بين الدول، مما يؤدي إلى نقص في المواد الخام أو المنتجات اللازمة للإنتاج. زيادة المعروض: زيادة المعروض من الإنتاج من قبل الشركات بسبب انخفاض الطلب. تقليص العمالة: بعض الشركات قد تضطر إلى تقليص حجم العمالة نتيجة للزيادة في التكاليف أو تراجع الطلب على منتجاتها بسبب الحروب التجارية. تغير هيكلية الإنتاج: ستضطر الشركات إلى إنهاء منتجات واستحداث أخرى تناسب القدرة الشرائية وطبيعة السوق. موجة من الإفلاسات. أحد الأوامر التنفيذية التي وقعها ترامب منذ توليه السلطة (أسوشيتد برس) التأثيرات على المستهلكين إعلان ارتفاع أسعار السلع: نتيجة للرسوم الجمركية، سترتفع أسعار السلع المستوردة، مما يجعلها أغلى على المستهلكين. تغيير في النمط الاستهلاكي: بسبب الزيادة في الأسعار، قد يتحول المستهلكون إلى شراء سلع أرخص أو تعديل أنماط استهلاكهم وفقًا لميزانياتهم. انخفاض حجم الطلب على السلع: مع ارتفاع الأسعار، سينخفض الطلب على السلع في بعض القطاعات، مما يؤثر سلبًا على اقتصادات الدول المنتجة. التأثيرات على الاقتصاد الكلي تراجع مستويات الناتج المحلي الإجمالي: بسبب انخفاض الصادرات وتراجع الإنتاجية، سيؤثر ذلك بشكل كبير على الناتج المحلي الإجمالي للدول. ركود وربما انكماش اقتصادي: تعطُّل التجارة يمكن أن يؤدي إلى ركود اقتصادي نتيجة لتراجع الاستثمارات وانخفاض الطلب على السلع والخدمات. موجة بيع في أسواق المال: في حال حدوث توقعات سلبية، قد تلجأ الشركات والمستثمرون إلى بيع أسهمهم خوفًا من المستقبل، مما يؤدي إلى هبوط في الأسواق المالية. زيادة البطالة: تراجع الشركات عن التوسع وتباطؤ الإنتاج يمكن أن يؤدي إلى فقدان وظائف في القطاعات المتأثرة بالرسوم الجمركية.

الركيزة الثانية: الالتزام بالاتفاقات والتحالفات

لطالما مثّلت الولايات المتحدة نموذجًا للدولة التي تحترم التزاماتها الدولية، وهو ما أكسبها ثقة واسعة وأسهم في ترسيخ مكانتها بوصفها قوة قيادية ضمن تحالفات سياسية واقتصادية عالمية، وهذا الالتزام كان ركيزة للاستقرار، وجذب الاستثمارات، وتعزيز النمو المستدام.

لكن مع وصول ترامب إلى السلطة، بدأت ملامح السياسة الأميركية تتغير بشكل جذري، فقد انسحبت واشنطن من عدد من الاتفاقيات الدولية المهمة، وأعادت النظر في تحالفات تقليدية، مما أوجد حالة من الغموض والارتباك لدى الشركاء الدوليين، وأثّر على ثقتهم التاريخية بواشنطن.

هذا التحول المفاجئ أثار قلق المستثمرين، الذين يعتمدون في قراراتهم على بيئة مستقرة تحكمها اتفاقات واضحة وشفافة، كما انعكست السياسات المتقلبة وتراجع احترام التعهدات الدولية سلبًا على صورة أميركا من حيث كونها بيئة استثمارية موثوقة، وزادت من المخاطر السياسية والاقتصادية.

إعلان

ونتيجة لذلك، بدأ بعض المستثمرين بإعادة تقييم وجودهم في السوق الأميركي، في ظل تآكل الثقة بالمؤسسات، وتزايد الشكوك بشأن المستقبل الاقتصادي. هذا الانحراف عن النهج التقليدي يهدد بتقليص مكانة الولايات المتحدة بوصفها محورا اقتصاديا عالميا، ويُضعف من قدرتها على التأثير في القرارات الدولية.

إن هذا التحوّل لا يُضعف الاقتصاد الأميركي فحسب، بل يهدد توازن النظام العالمي برمّته، في وقتٍ يحتاج فيه العالم إلى استقرار حقيقي أكثر من أي وقت مضى.

 الركيزة الثالثة: الهجرة واستقطاب العقول

اعتمدت الولايات المتحدة على جذب المهاجرين إليها واستقطاب العقول والكفاءات الماهرة، وهو الأمر الذي انعكس إيجابا على الاقتصاد والمجتمع الأميركي، حيث يمثل المهاجرون والمواطنون من ذوي الأصول غير الأميركية النسبة الأعلى فيه.

لكن سياسات ترامب أحدثت خللًا في هذه الركيزة من خلال ترحيل المهاجرين وسن قوانين وفرض قيود على الهجرة إلى الولايات المتحدة، ما من شأنه التأثير هذا على استقرار أميركا في الأمد الطويل.

انهيار جليدي

بينما يواصل ترامب انتهاج سياسات داخلية وخارجية مثيرة للجدل، تزداد القناعة لدى المراقبين بأن هذه السياسات لا تُضعف خصوم الولايات المتحدة فحسب، بل تنال من هيبتها ومكانتها الدولية، ويبدو أن الرئيس -في سعيه لتحقيق مكاسب قصيرة المدى- يطلق النار على قدميه من دون أن يدرك حجم الخسائر الإستراتيجية المتراكمة.

وفي غضون أسابيع قليلة، أحدثت الإدارة الأميركية شرخًا واضحًا في شبكة تحالفاتها التقليدية، وأعادت إحياء توتراتها مع قوى كبرى، في وقت كان يُفترض فيه تعزيز التكاتف الدولي لمواجهة تحديات اقتصادية وأمنية عابرة للحدود، واللافت أن السياسات الراهنة نجحت في توحيد مواقف الحلفاء والخصوم على حد سواء ضد ما يرونه تراجعًا خطيرًا في مصداقية واشنطن.

إعلان

لم تكن هذه التطورات بمعزل عن تراجع إيمان العالم بفكرة "الحلم الأميركي"، التي طالما مثلت قوة ناعمة جذبت الشعوب والنخب إلى النموذج الأميركي، فبدلًا من تعزيز مكانة بلاده كمحرك للنمو العالمي، ساهمت الإدارة الحالية في زعزعة ركائز العولمة، وضربت استقرار نظام التجارة الدولية الذي لعبت واشنطن دورًا رئيسيًا في بنائه بعد الحرب العالمية الثانية.

ولم تتأخر الأسواق المالية -وهي حساسة بطبيعتها لأي خلل في توازن القوى العالمية- في إرسال إشارات الخطر من التقلبات الحادة واضطرابات سلاسل التوريد والتوترات السياسية، وكل هذا يعكس تآكل الثقة باستمرارية الدور القيادي لأميركا، ويؤشر إلى تحولات كبرى في النظام العالمي المقبل.

والأخطر أن هذا التراجع لا يبدو لحظيًا أو محدود التأثير، بل يأخذ طابعًا إستراتيجيًا طويل الأمد، يضع الولايات المتحدة على مسار أشبه بانهيار جليدي، بدأ بالفعل في الذوبان، وإذا لم تتم مراجعة المسار، فإن واشنطن قد تجد نفسها خارج دائرة التأثير المركزي التي احتلتها لعقود.

في ظل هذا المشهد، تبرز أسئلة لا يمكن تجاهلها: هل النظام الدولي مستعد لمواجهة مرحلة ما بعد أميركا كقوة مهيمنة؟ ومن الجهة القادرة على ملء هذا الفراغ الجيوسياسي والاقتصادي، من دون أن تنزلق البشرية نحو مزيد من الفوضى والاضطراب؟

مقالات مشابهة

  • انطلاق القمة العالمية للتعليم من أجل التنمية على هامش «ديهاد»
  • نادر كاظم يناقش التنوع الثقافي والهوية
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • هل يفكك ترامب الركائز الصلبة لأميركا ويهدد اقتصاداها؟
  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • وزيرة التخطيط: مصر لديها تجربة رائدة في مبادلة الديون من أجل التنمية
  • هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب
  • خبراء: قرار محكمة العدل الدولية المرتقب بشأن فلسطين سيختبر النظام العالمي
  • توجيهات حكومية بتشكيل لجنة عليا للتعداد العام للسكان والمنشآت لعام 2027.. نواب: خطوة نحو دعم خطط التنمية الاقتصادية.. وتوفير بيانات شاملة عن رأس المال البشري أبرز فوائده
  • كرادلة الكنيسة الكاثوليكية يناقشون اليوم انتخاب بابا جديد للفاتيكان