أبوالغيط والصراع مع إسرائيل
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
نظلم السفير أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، لو توقعنا منه الكثير بشأن مجريات الأحداث فى المنطقة على صعيد الحرب الإسرائيلية البربرية الجارية على غزة وعلى لبنان، فالرجل فى النهاية لا يملك قدرات خاصة، وكأمين عام فإنه ليس سوى تعبير عن محصلة قوى وإرادات الدول العربية الأعضاء فى الجامعة. ولذلك نرى أن البعض ربما يكون قد تجاوز فى محاولة تصوير ما قاله أبوالغيط فى حواره مع الإعلامى أحمد موسى على قناة «صدى البلد» بأنه دفاع عن السردية الإسرائيلية بخصوص ما حدث فى 7 أكتوبر.
المسألة ليست هكذا على الإطلاق، وإنما المعضلة فى أنه بحكم منصبه لا بد من أن يزن كلماته بميزان من ذهب، ما يعنى أنه يجب أن يكون من بين ثناياها شىء من الدبلوماسية وشىء من التلميح لما هو مسكوت عنه، وشىء من الصراحة، بمعنى أصح كوكتيل من المواقف الذى يصب فى خانة إعلان موقف يليق بمنظمة من المفترض أنها تعبر عن العرب أجمعين.
وعلى ذلك فإن مجمل ما قاله أبوالغيط فى الحوار المشار إليه لا بأس به. لقد قال ما يجب أن يقال وفى الحدود التى يجب أن تقال، بما يمكن معه القول إنه لا مآخذ ذى معنى على ما قال به فى الحوار. فى تعاملنا مع الجامعة لا يجب أن ننسى أنها ضعيفة، وأن ضعفها يأتى انعكاساً لتباين المواقف العربية ليس فى مواجهة الأطراف غير العربية فقط وإنما فى مواجهة الأطراف العربية ذاتها.
فضلاً عن ذلك فإننا لو وسعنا دائرة النظر لأدركنا أن المسألة لا تقتصر على الجامعة فقط، وإنما على التنظيمات الدولية ككل. خذ مثلاً الأمم المتحدة، وفى القلب منها مجلس الأمن، ماذا فعلت حيال الحرب الإسرائيلية؟ لا شىء، بل وصل الأمر معه لحد بدت معه أشبه بخيال المآتة. بمعنى آخر أنه من الواضح أن هناك تغيرًا فى نمط العلاقات الدولية المعاصرة لحد تراجعت معه فكرة تأثير التنظيم، أو المنظمات الدولية سياسية أو حتى عسكرية، بما فى ذلك منظمة مثل الناتو التى تراجع دورها لحد التلاشى، ولكن المسألة من الواضح أنها زادت كثيرا مع الجامعة العربية.
عودة لحوار أبوالغيط كممثل عن الجامعة العربية فإن كلامه يشير الى أنه ينطلق من رؤية واقعية، وليست وقوعية، وهذا فى حد ذاته، للأسف فى ظل وضعنا العربى المتردى يعتبر أمراً إيجابياً. هو لا يغفل أن إسرائيل تمثل تهديداً للعرب ككل على خلفية تلويحها بالقدرة على الوصول الى أى منطقة فى الإقليم، وهذا فى حد ذاته ربما يمثل نوعاً من الرفض والنقد لبعض الدعاوى العربية رسمية وغير رسمية بشأن السلام وأنه من منظور أبو الغيط، ربما يكون بعيداً.
بل إن الرجل راح يتحدث عن تناقض الخطاب الإسرائيلى وبالتبعية من يشايع هذا الخطاب من العرب، بالإشارة الى مفارقة الانخراط فى أكثر من 45 عاماً من المعاهدات والسلام كخيار استراتيجى، فيما تتحدث تل أبيب عن التوسع وإسرائيل الكبرى، كما قال!
المشكلة التى ربما حاول أبوالغيط تجاوزها دون أن ينكرها هى أن القضية الفلسطينية للأسف لم تعد قضية كل العرب، وقد حاول أن يجد لرؤيته تخريجاً لم يوفق تماماً فيه. المشكلة أيضاً أن الأمر وصل لحد وقوف البعض من العرب ضد القضية الفلسطينية، ولكن لا الكياسة ولا المنطق يمكن أن ينتهى بمسئول فى وضع أبوالغيط إلى هذا الطرح، ونذكرك هنا بفكرة وزن الكلمات بميزان الذهب.
الخلاصة، أن الجامعة العربية ليست سوى مرآة لحال أعضائها ليس أكثر.. التعامل معها على هذا النحو من المؤكد أنه سيريحك وسيريح الجميع!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبدالرازق في المنطقة لجامعة الدول العربية یجب أن
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية تحذر واشنطن وبروكسل من مخاطر حظر عمل الأونروا
وجّه الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الخميس، رسالتين إلى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بشأن القانون الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي مؤخرا، والقاضي بحظر نشاط وكالة "الأونروا".
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، جمال رشدي، أن الرسالتين حملتا تحذيرا من مخاطر تقويض عمل الأونروا في الأراضي الفلسطينية.
وأشار إلى أن القوانين الجديدة التي تبنتها إسرائيل "تهدد بانهيار كامل لمنظومة الاستجابة الإنسانية في غزة، في وقت يعيش فيه السكان على حافة المجاعة".
وتعمل الأونروا في الأراضي الفلسطينية، حيث تقدم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، وخاصة في مجالي التعليم والصحة.
ويحظر التشريعان على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع الوكالة الأممية ويمنعها من العمل داخل إسرائيل، بما يشمل القدس الشرقية.
ومن المقرر أن يدخل التشريعان حيز التنفيذ خلال ثلاثة أشهر.
وأكدت الرسالتان، أن الجامعة العربية تعتبر الأونروا دعامة للاستقرار ليس فقط في الأراضي الفلسطيمية، بل في المنطقة بأسرها، وأن تفكيكها سيشكل ضربة قاسية لكل من لا يزال يؤمن بإمكانية تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
فضلا عن أن هذه القوانين تمثل، حسبما جاء في البيان: "خرقا لالتزامات إسرائيل الدولية كعضو في الأمم المتحدة، مما يُعد سابقة خطيرة".
وأضاف رشدي أن الرسالة إلى بلينكين تضمنت إشادة بموقف الإدارة الأميركية الحالية التي استأنفت دعمها المالي للأونروا، بعد فترة انقطاع.
وأشار رشدي إلى أن الرسالتين دعتا الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي للتدخل بقوة لوقف خطة اليمين الإسرائيلي الرامية لتقويض الأونروا وإفراغ قضية اللاجئين من مضمونها، مؤكدا أن إنقاذ الأونروا يمثل ضرورة أخلاقية واستراتيجية في الوقت ذاته.