احتفاء بجوهر المرأة ودورها في البناء الحضاري
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
تحتفل المرأة العمانية غداً بمناسبة يومها السنوي، وهي مناسبة ليست للاحتفاء العابر أو «الفعالياتي» وإنما وقفة حقيقية لتقدير دورها وتكريسه وتعزيزه. لقد كان للمرأة العمانية عبر تاريخ هذا البلد الطويل دور أساسي في عملية بناء الإنسان؛ بناء فكره وقيمه ومبادئه والحفاظ على هويته الوطنية، ولعلّ تبنّي المرأة العمانية هذا الدور عبر التاريخ، وبمسؤولية كبيرة، جعلها تعيش مكانتها في المجتمع وتحتفي بها دون أن تتحول، في أي مرحلة من المراحل، إلى من يبحث عن مكانته وقيمته تحت عنوان «حقوق المرأة»، فكان وعي الرجل العماني مدركا تماما لقيمة المرأة ودورها.
وعبر هذا الفهم لدور المرأة العمانية ومكانتها يمكن القول بكثير من الاطمئنان إنها نجحت فيه وبتفوق كبير وبَنَتْ أسرا قوية متمسكة بقيمها ومبادئها ومحافِظة على هويتها الوطنية الأمر الذي جعل المجتمع العماني من بين أكثر المجتمعات قوة وصلابة وتماسكا في النسيج وتسامحا وتكاملا وتكافلا.. وللمرأة دور أساسي في كل هذا ولا يمكن للمجتمع تجاوز هذا الدور أبدا. لكن لا يمكن تصوُّر أن الدور الذي قامت به المرأة عبر التاريخ سهل، بل كان في غاية الصعوبة وفي غاية الخطورة؛ لأنه كان معادلا موضوعيا لبقاء المجتمع أو تلاشيه أو تماهيه في غيره. وإذا كانت المرأة قد شقيت عبر التاريخ فقد فعلت ذلك من أجل أن تبقى أسرتها ويبقى مجتمعها بقيمه ومبادئه، وتبقى الدولة أكثر قوة وتماسكا.
واليوم في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات كبرى سواء نتيجة تطور المجتمع نفسه أو نتيجة ثقافة العولمة التي كرستها ثورة المعلومات فإن دور المرأة في عملية بناء المجتمعات يبدو أكثر إلحاحا وحاجة، ودون تمسكها بذلك الدور التاريخي فإن مجتمعاتنا ستخسر الكثير من قيمها ومبادئها ويتعرّض النسيج الاجتماعي للتآكل.
إن المجتمعات العربية كلها، والمجتمع العماني في مقدمتها، في حاجة ماسّة جدا وأكثر من أي وقت مضى لتكريس دور المرأة في عملية البناء والتربية والتنشئة على القيم الإنسانية الحقيقية التي عاشت المجتمعات العربية في ظلها طوال القرون الطويلة الماضية. إن للقيم والمبادئ مساحة في داخل كل إنسان وإذا لم تملأ بالقيم الأصيلة المستمدة من ثقافة كل مجتمع ومن تاريخها فإن هناك هجمات معلوماتية وهناك ثقافة العولمة تستطيع أن تملأ الأجيال الناشئة وتُشكِّلهم بما تريد وكيفما تريد. ورغم أن هذا الدور الذي نطلبه ونأمله من المرأة ليس سهلا ولكنها الأقدر على القيام به في ظل فهم دورها ومكانتها في كل أسرة. ولا بدّ للمرأة -أُمًّا أو أختًا أو زوجةً- أن تعي هذا الدور وهذه المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها لتتمثلها في كل تفاصيل حياتها. وهذا يجعل جميع النساء في أي مجتمع سواء في هذا الدور.
وفق هذا المعنى وهذا الدور الذي قامت به المرأة وما يطلب منها الآن نستطيع أن نعي قيمتها المتمثلة في جوهرها وحقيقتها ونفهم لماذا علينا أن نحتفي بها في كل وقت ونحتفي بذلك الجوهر الذي يشرق علينا في كل لحظة ويحيط بنا من أجل أن نحتفظ بقيمنا ومبادئنا ونستطيع أن نعي حقيقة هويتنا الوطنية التي لا تستقيم لنا حياة في معزل عنها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا الدور
إقرأ أيضاً:
القوى المدنية ودورها في صنع طريق السلام في السودان
في إطار سعيها المتواصل للتنوير بأهداف الثورة السودانية، قامت الجبهة الديمقراطية للمحامين الجبهة النقابية في أواخر شهر ديسمبر المنصرم، باستضافة تجمع المهنيين السودانيين، لجنة المعلمين السودانية، والتجمع الديمقراطي للصحفيين علي ’’ منبر وعي‘‘ علي صفحته في الفيسبوك.
إن القوى المدنية السودانية منذ 15 أبريل 2023، ترزح تحت نيران طرفي الصراع، والقتل الذي يطال الشعب من قصف بالطيران، وقتل، والعديد من الانتهاكات التي تمثل جرائم حرب وجرائم في حق الانسانية.
ثورة ديسمبر محطات النضال الشعبي
يقول بشري الفكي المتحدث باسم تجمع المهنيين أن جماهير الشعب السوداني في الفترة الراهنة تواجه القتل والتنكيل واللجوء والنزوح، أن ثورة ديسمبر المجيدة 2018، هي من أبرز محطات النضال الشعبي في التاريخ السوداني الحديث، هي قمة سلام نضالات الشعب السوداني من اجل الحرية والسلام والعدالة، والثورة في حقيقة الأمر، عمل غير مسبوق، جاءت متفردة وأبرزت أن أي تغيير جذري، لا يمكن أن يحدث فجأة، بل هو نتيجة لتراكم نضالي سنوات من النضال والمقاومة.
يضيف بشري أن الثورة السودانية ليست لحظة بسقوط نظام الرئيس السابق عمر حسن احمد البشير، بل هي عملية مستمرة تهدف إلى إحداث تحول جذري في بنية الدولة والمجتمع، واثبتت الثورة أن التنوع كان قوة بالنسبة لها، حيث توحد الشعب السوداني بمختلف المكونات العرقية والجغرافية، حول هدف مشترك، هو إسقاط النظام، وتأسيس الدولة التي يطمح لها كل جماهير الشعب السوداني، ما يميز هذه الثورة، هي بروز لجان المقاومة التي تعتبر العمود الفقري للثورة، ووفرت الغطاء الشعبي والحراك الثوري.
نضج الحركة الجماهيرية
يقول بشري ان هذه الثورة انطلقت من هامش السوداني، وبعدها انتقلت إلى المدن والحضر، هذا الواقع الجديد يوضح نضج الحركة الجماهيرية، ووضوح رؤيتها، وتنامي الوعي الجماهيري باهمية المشاركة لكل المجتمع السوداني، وذكر ان التحدي الذي كان امام ثورة ديسمبر المجيدة، كانت تواجه في نظام أيديولوجي، سعى إلى اعادة صياغة الانسان السوداني، ويهدم في البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ويحاول أن يقيم علي إطارها، نظام يتماهي مع الإسلام السياسي، والرأسمالية الطفيلية، والتبعية للخارج.
أوضح بشري ان نظام الحركة الاسلامية مارس نظام التمكين في الدولة، طور الالة القمعية، وأصبحت الدولة بوليسية بامتياز، وتمسك الثورة بالسلمية، هي ما اكسبها شرعية داخلية، دون الانزلاق إلى العنف، وتجمع المهنيين قدم نموذج متفرد، كانت قادرة علي توجيه الثورة، وعزز ثقة الجماهير في الثورة، ويجب الاستفادة من التجربة المدنية وتطويرها، والثورة لم تنتهي هي عملية تراكم، والتحدي الآن امام الجماهيري، يتمثل في كيفية إنهاء الحرب، وتنتهي مسبباتها، ويجب بناء الدولة السودانية التي تلبي طموحات الشعب السوداني.
دور النقابات في الثورة
بينما اضاف سامي الباقر العضو والمسؤول الاعلامي للجنة المعلمين السودانيين اهمية دور النقابات في ثورة ديسمبر المجيدة، وهي أورثت الشعب السوداني، كيفية التعامل مع الانظمة القمعية، واقتلاع الديكتاتوريات، أن النقابات هي إحدى الأضلع التي قامت عليها، ودورها كان معروف في الثورات السابقة، هذا الجسم استطاع قيادة الثورة، ووحد الشتات السياسي والمدني، تحت راية واحدة، واستطاع من خلالها، مع بقية المكونات إسقاط رأس النظام 2019.
واستطاعت قوة الردة باستخدام العديد من الأساليب لعرقلة الفترة الانتقالية، وانقلاب 25 أكتوبر 2021، وحرب 15 أبريل 2023، وهذا الواقع الجديد، يجعل القوى المدنية أن تستعيد الثورة بطريقة وفهم جديد، كي يقود إلى تأسيس الدولة المدنية، وأن التعليم، هو أحد القطاعات المهمة جدا في السودان، والهدف من الدولة المنشودة هو خدمة المواطن السوداني، وهذه النقابات تسعى إلى تكوين الدولة المدنية، ومصالحها مرتبطة مع الدولة القائمة علي العدالة، وهذا نقيض الدولة الاستبدادية القائمة علي الشمولية.
يضيف سامي أن لجنة المعلمين تعمل في قطاع مهم يخدم طيف واسع من الشعب السوداني، ومنتشرين في كل بقاع البلاد، وهي من الأجسام القائدة في تجمع المهنيين السودانيين، أثناء تكوينه في 2012 و2013، و2016 في اعادة تكوينه من جديد، وفي 2018 في قيادته لثورة ديسمبر، والحرب الدائرة هي ضد الثورة السودانية، وليس صراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
يؤكد سامي أن وحدة القوى المدنية يبدأ بتوحيد النقابات، بحكم تكوينها هي تخدم طيف واسع، هناك قاسم مشترك يجمع كل هذه القوى النقابية، وتصبح هذه العملية معقدة، عندما يضاف إليها البعد السياسي، في حال توحدت القوى النقابية، يسهل توحيد القوى السياسية، وبقية منظمات المجتمع المدني، وعندما ترتفع أصوات البنادق، لا تستطيع هذه الأجسام القيام باي شئ، وليست هناك مساحة لممارسة أي نوع من العمل المدني، في مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع.
ثورة ديسمبر لم تأتي من فراغ
في ذات السياق يضيف عمرو شعبان صالح التجمع الديمقراطي للصحفيين إن ثورة ديسمبر المجيدة عندما جاءت شعاراتها لم تأتي من فراغ، هي بنيت علي إرث نضالي طويل من القوى المدنية والسياسية، والقوى النقابية ذات الإرث التليد، في مواجهة الشموليات في السودان، وتجاوزت هذه القوى طرفي الصراع الجيش والدعم السريع، وتمسكت بشعارات السلام، أن القوى المدنية والمهنية والأجسام النقابية ظلت في مقاومة واصطفاف منذ اندلاع انقلاب الجبهة القومية الاسلامية 1989.
أوضح عمرو عندما جاءت ثورة ديسمبر المجيدة بشعاراتها المعروفة، حرية، سلام، وعدالة، والان، كل الاجسام المهنية والنقابات، والأجسام المدنية تعرضت لانتهاكات، والصحفيين في إطار تغطية دورهم المهني، والصحفيين كانوا أكثر حرصا علي تجاوز ثنائية الاستقطاب، وحاولوا الابتعاد عن الارتماء في معسكر الحرب، يجب ان تكون عمليات الحوار بين هذه الأجسام شاملة حتى تقود إلى الطريق الذي تريده.
الاتفاق علي المصلحة الوطنية لقوى الثورة
يوضح الأمين صديق من الجبهة النقابية أن الجبهة عبارة عن اتفاق نقابي لمجموعة كبيرة من النقابات واللجان التسييرية علي ميثاق واعلان سياسي، تم في بداية 2024، مبني علي اتفاق مبادئ، مكون من 5 مبادئ، اتفقت عليها مجموعة النقابات المكونة للجبهة النقابية، وديباجة تشكل رؤية الجبهة النقابية، وتحليها للواقع الراهن، اضافة الى الاعلان السياسي الذي يشكل محور المواضيع والحدود الدنيا، وعبرها يمكن توسيع الجبهة النقابية، والاتصال مع المجموعات والأجسام الأخرى، والأحزاب، وهي منفتحة علي الجميع.
أضاف الأمين في الوقت الراهن علي قوى الثورة الاتفاق علي المصلحة الوطنية، والسياسية والفئوية، والنقابية تتمثل في الاتفاق علي توحيد الرسالة الإعلامية، في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية.
تقرير : حسن اسحق
ishaghassan13@gmail.com