لجريدة عمان:
2025-01-30@12:02:02 GMT

قدم همجيّة على عنق عصفور اسمه أحمد.

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

قدم همجيّة على عنق عصفور اسمه أحمد.

لم ينمْ أحمد وهو يفكّر في الشهيد محمد الدرّة، تقول أمّه: كان يوقظني عند الواحدة ليلاً، ويسألني أسئلة غريبة، وكنت أستمع له باهتمام، ويطير النوم من عينيّ وأنا أفكّر معه في أسئلته.

بم كان يفكّر يا ماما محمد الدرّة قبل موته بثوانٍ؟ لو كان في صفّي هل سنكون أصدقاء؟ هل تناول فطور ما قبل الرحيل؟ ما آخر الكلمات التي قالها لأُمّه على درج البيت؟ كيف أمضى زملاؤه في الصف ليلهم ليلة استشهاده؟ كيف سيتحمّل الطلاب مقعد الدرّة الفارغ؟ وماذا سيكتب مربّي صفّه في خانة السلوك؟ أين محمد الآن؟ هل يعرف أننا نحبّه ونشتاق إليه رغم أننا لم نعرفه عن قرب؟ محمد الدرة هو نحن، فلسطين والأطفال والدفاتر والمدارس والآباء، نحن نعرفه جيداً.

أمّي: ما الذي فكّر فيه قاتل محمد بعد أن قتله بثوانٍ؟ هل عاد إلى البيت أم إلى المعسكر؟ هل حدّق في السقف؟ أم نام نوماً عميقاً وضحك مع زملائه الجنود؟ هل يندم الشرّ يا أمّي؟ أم أنه مبرمج على اللا ندم؟

علّق أحمد صورة الدرة ووالده وهما يتعرّضان للقتل على جدار غرفته فوق رأسه تماماً، وكنت أصحو عليه في العتمة وهو يكلّم الشهيد: "سيكون هناك بلاد جميلة لنا، وستكون عيناك نافذتيها". في الصباح سألته: من أين أتيت بجملة البلاد والعينين والنوافذ، هذه أكبر من سنّك؟ ضحك وقال: من قصص ماجد أبو شرار.

كانت مسيرة هادئة، لا احتكاكات أو مواجهات، وحين انتهت المسيرة، توجّه أحمد إلى مقام الشهيد حمزة أبو شخيدم، الذي سقط في حارة الشيخ، لم يفعل أحد شيئاً، لم يهتف أو يرمي حجراً حتى، فقط كان يمشي. في لحظة غير مفهومة أطلق جندي النار على قدمه، سقط الطفل على الأرض، وراح يصرخ طالباً إسعافاً، وينادي على أمّه. الأطفال فقط من ينادون على أمّهاتهم وقت الخطر، ماما. في تلك اللحظة، كانت الأمّ تصنع شاياً لزوجها، سقطت صينية الشاي، وصرخت: أحمددد. كان أحمد يبعد عنها مسافة طويلة، لكن لا مسافة بين قلب أحمد وقلب أمّه، هما قلبان في قلب واحد أصلاً. سمع الطفل صرخة أمّه فهدأ دمه قليلاً.

لكن...

المشهد تمدّد إلى مشاهد أخرى، حضر جندي همجي إلى المكان، وقام بوضع قدمه على عنق الشهيد، وأطلق رصاصة على مقدّمة رأسه، وتركه ينزف، وانطلق هارباً إلى موقعه العسكري.

كالعادة، اندلعت قصص كثيرة عن الطفل الجميل، أخلاقه، دماثته، ونباهته. دلّوني على شهيد ليس نبيهاً وبلا أخلاق؟

وعلى لسان الأمّ سمعنا قصصاً طويلة عن شخصيّة الشهيد: جواربه الثمينة التي تبرّع بها لطفل فقير، الساندويشات التي كان يشتريها لصديقه حين كان الطلاب الآخرون يسرقون مصروفه، حبّه للويفر المحلّى بالشوكلاتة، أسئلته الكثيرة حول زمن تحرير فلسطين: "كيف يبدو شكل فلسطين بعد التحرّر يا أمّي؟"

تشبه طريقاً ناعماً طويلاً محاطاً بالورد والأغاني والأطفال يا بُنيّ.

على شباك البيت، ما زالت الأمّ تنتظر أحمداً، وهو عائد من المدرسة حين يقترب من البيت، كان ينحني على ورد الجدار، يقطف وردة، ويصعد ليهديها لي، وهو يقول: "أهديك يا وردة أمّي، قبل أن تموت أمّي". وحين كنت أسأله من أين يأتي بهذه الجمل الأدبيّة، ولماذا يتحدّث عن موتي؟ كان يقول: "أستاذ الكتابة يدرّبنا على الإصغاء إلى داخلنا، وهو يا أمّي كان يحبّ أمّه جداً، لكنه لم يكن يهديها ورداً، كسلاً أو جهلاً كما يقول، وهو يقول إنّه نادم لذلك، وأحسّ بذنب قاتل حين ماتت، ويطلب منّا أن نفعل ما كان يجب أن يفعله هو حتى لا نذوق مرارة الندم". وقال لنا مرّة: "إن كل وردة في العالم هي أمّ متحوّلة بعد موتها، فالأمّهات لا يمُتن تماماً، بل يتحوّلن إلى ورود، بلا صوت بل برائحة رهيبة حلوة، وأحيانا إلى إشارات مرور على مفترق طرق رباعي ليراقبن الأبناء من كل الزوايا ويُضئن لهم الطريق".

الطفل أحمد القواسمه استشهد في الخليل بتاريخ 11-12-2000، وكان يبلغ من الورد 14 عاماً.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

اللجنة العليا للانتخابات تنظم فعالية بذكرى الشهيد القائد

صنعاء – يمانيون

نظمّت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء اليوم فعالية خطابية بالذكرى السنوية للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.

وفي الفعالية اعتبر رئيس اللجنة القاضي محمد السالمي، إحياء هذه الذكرى إحياء لمعاني وقيم البذل والعطاء والحرية والعزة والكرامة والتضحية التي جسدها الشهيد القائد برؤية قرآنية ضمن مشروعه العظيم لاستنهاض الأمة.

وأفاد بأن السيد حسين الحوثي، الذي تحرك لمواجهة أمريكا وإسرائيل ونصرة القضية الفلسطينية، انطلق بوعي وبصيرة وإحساس بالمسؤولية الدينية.

وفي الفعالية التي حضرها نائب رئيس اللجنة القاضي محمد العزير وأعضاء اللجنة، أكد أمين عام اللجنة العليا للانتخابات محمد الجلال أن المشروع القرآني الذي أسسه الشهيد القائد لمواجهة المشروع الصهيوني والأمريكي وتحصين الأمة من المخاطر والهيمنة والتبعية والوصاية للخارج، توسع وانتصر رغم تكالب الأعداء عليه ومحاولتهم الحثيثة القضاء على المشروع عبر العدوان والحصار والحرب الناعمة.

ولفت إلى أن المسيرة القرآنية كانت سبباً في صمود وثبات الشعب اليمني وتحقيق الإنجازات العسكرية وفرض المعادلات في المنطقة وإسقاط موازين الردع الصهيونية الأمريكية، ويُعد في الوقت ذاته ثمرة من ثمار ارتباط الشعب اليمني بهذا المشروع العظيم.

واعتبر الجلال موقف الشعب اليمني في معركة “طوفان الأقصى” التي فضحت المنافقين، دليلًا وشاهدًا على عظمة المشروع والقيادة والمنهج الإيماني المتكامل لهذه المسيرة التي أسسها وأرسى قواعدها الشهيد القائد.

بدوره أكد رئيس قطاع العلاقات الخارجية باللجنة القاضي محمد بازي، أن المشروع القرآني الوحيد الذي استطاع أن يقف في وجه المشروع الأمريكي والصهيوني الذي هدفه تدمير الأمة العربية والإسلامية سياسيًا واقتصاديًا وأخلاقيًا وعسكريًا في ظل خضوع معظم الأنظمة.

وأوضح أن المشروع القرآني وقف مع الشعب الفلسطيني في غزة بصورة مشرفة حتى النصر، مبينًا أن الشعب اليمني ثابت مع قيادته في نصرة الأشقاء في غزة وكل فلسطين.

تخللت الفعالية التي حضرها مديرو عموم وموظفو اللجنة العليا للانتخابات، ريبورتاج عن الشهيد القائد ومسيرة حياته.

مقالات مشابهة

  • ليلة مقتل "طفل الخصوص".. راح ضحية حلمه فى شراء حذاء كرة قدم
  • آل جابر يقول بأن موقف بلاده ثابت بشأن دعم السلام في اليمن 
  • اللجنة العليا للانتخابات تنظم فعالية بذكرى الشهيد القائد
  • ماذا كان يقول الرسول مع استقبال أول أيام شعبان ؟
  • السبت.. نادي السينما الأفريقية يعرض فيلم "عصفور جنة" بالهناجر
  • من أسيوط إلى القاهرة.. رحلة المبتهل محمد الكحكي في محبة آل البيت
  • مديرية سنحان بصنعاء تشهد فعالية خطابية مركزية بذكرى سنوية الشهيد القائد
  • فعالية ثقافية بتعز احياءً لذكرى الشهيد القائد
  • الركراكي يقول إن مباريات المغرب ستكون صعبة في دور المجموعات ويتمنى أن يكون لاعبوه مستعدين لها
  • توزيع جوائز مسابقة فاطمة المعدول بمعرض الكتاب