تقف ماجدات عُمان في 17 أكتوبر من كل عام للاحتفال بيوم المرأة العمانية، وفي كل احتفال يزداد في سلطنة عمان تقدير المرأة، رسوخا وتمكينا وتعزيزا لدورها العظيم ومكانتها في بناء الوطن وتنميته إيمانا بقدراتها وإمكانياتها وأهميتها كعنصر أساسي في مكون المجتمع العماني ومنظومته الاجتماعية والعملية.
وطوال مسيرتها الحافلة بالمنجزات، أسهمت المرأة العمانية بتكوين الهوية الوطنية، وتفردها الثقافي والتاريخي والحضاري والفكري، وعزز الاهتمام والدعم الساميان لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- حضور المرأة الفاعل في مختلف الجوانب لتشق طريقها بكامل حقوقها لرسم ملامح المستقبل بفكرها وإمكانياتها جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل، لتكون مفخرة للوطن في المحافل المحلية والعالمية، الأمر الذي يدلل على مكانة المرأة المرموقة في سلطنة عمان وما تحظى به من اهتمام ودعم.
إن ما نراه اليوم من منجزات تحققها المرأة العمانية على مستويات عدة، هو نتاج لثقافة عمانية فريدة تأسست منذ عقود، فمنذ بدايات عهد النهضة العمانية الحديثة، في السبعينيات من القرن الماضي، أُسس للمرأة العمانية ثوابت ضمن مسيرة العمل الوطني، تؤمن بحقوقها وقدراتها كجزء لا يتجزأ من تكوين الشخصية العمانية، وبدونها لا يكتمل بناء المجتمع ولا المؤسسات، لذلك كان المجتمع بمؤسساته وأفراده يؤمنون بمكانة المرأة وحقوقها، وفكرها المتوقد وعطائها الذي لا ينضب لتكون ركنا أساسيا في التنمية والبناء والتعمير والعمل من أجل بناء عمان ورفعة شأنها في كافة المحافل والمجالات.
وعندما يخصص يوم المرأة العمانية لهذا العام ليكون في مجال الثقافة والأدب والمخطوطات، وتحت شعار «المرأة شريكة في التنمية»، فإننا نستذكر الإسهامات المشهودة للمرأة العمانية في هذه المجالات وما حققته في ذلك الشأن وإسهاماتها خدمة للمجتمعات والعلم والإنسانية.
لقد مكنت سلطنة عمان المرأة وحفظت لها مكانتها، وتربعت في مناصب عليا، في مجالات سياسية واقتصادية واجتماعية، ورياضية، وأثبتت في المقابل جدارتها واستحقاقها في كل منصب وضعت فيه، وأثبتت للجميع بأنها قادرة على البذل والعطاء في كل المحافل، وعلى المستويين المحلي والدولي.
ولقد حظيت المرأة العمانية بتسخير كل الإمكانات والبيئة المناسبة لتبدع في عملها، وتسجل حضورها والمواقف المشرفة على صعد عديدة حيث شاركت بشكل فعال في المنظمات الدولية الإنسانية ومثّلت سلطنة عُمان في عضوية المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» خلال الفترة من 2024م إلى 2026م، كما مثّلت في عضوية لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة للفترة من 2023م إلى 2026م، وكما أنها عضوة في لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في الأمم المتحدة للفترة من 2025م إلى 2028م، وهو ما يعكس دورها البناء وما تتمتع به من كفاءة وثقة وتمكين.
وفي مجالات الأدب والثقافة نستذكر أسماء لامعة مثل الكاتبة جوخة الحارثي وهدى حمد والدكتورة فاطمة الشيدية ومنى حبراس والدكتورة آمنة الربيع وغيرهن من الأسماء اللاتي أبدعن في عالم الكلمة والثقافة والشعر والمسرح والفنون.
والاحتفال الذي يقام اليوم بمناسبة يوم المرأة، وما يتضمنه من فقرات بينها أوبريت (حواء عمان)، يجسد مكانتها الكبيرة في المجتمع العماني، الذي يمضي بثبات نحو تحقيق مزيد من التنمية، على نهج تشاركي بين المرأة والرجل، لتمضي رحى التنمية تديرها سواعد أبناء عمان رجالا ونساء، بثقة وثبات وتطلع لمستقبل أكثر إشراقا.
سهيل النهدي محرر صحفي من أسرة تحرير عُمان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرأة العمانیة سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
الغلاء.. قاتل التنمية ومدمر الاستثمار
أكبر التحديات التى تواجه الحكومات المتعاقبة بل وتؤثر سلبًا على الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى، حيث يعتبر من العوامل التى تقضى على أمل المواطنين فى تحسين مستوى معيشتهم وتؤدى إلى تقليص قدرتهم الشرائية، ما يزيد من حالة الإحباط وعدم الرضا بين الناس.
فعندما ترتفع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مبرر، يصبح من الصعب على الأفراد تلبية احتياجاتهم الأساسية، ما يؤثر بشكل مباشر على جودة حياتهم ويضعف قدرتهم على تحقيق طموحاتهم المستقبلية، الغلاء له تأثيرات واسعة النطاق تتجاوز الجوانب الاقتصادية لتشمل العلاقات الاجتماعية والترابط بين الأفراد فى المجتمع، فعندما ترتفع تكلفة المعيشة وتصبح القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية تحديًا حقيقيًا، ينتج عن ذلك ضغوط نفسية واجتماعية تؤثر على طبيعة العلاقات بين الأفراد، وتؤدى فى كثير من الأحيان إلى تدهور الروابط الاجتماعية.
الغلاء يؤثر تأثيراً مباشر على الترابط الاجتماعى، ويزيد من التوتر بين أفراد الأسرة، حيث يعانى كثيرون من ضغوط مالية تؤدى إلى توتر العلاقات الزوجية وتفاقم الخلافات الأسرية بسبب الأعباء المالية. ومع انخفاض مستوى المعيشة، قد يضطر أفراد الأسرة إلى العمل لساعات أطول أو فى أكثر من وظيفة، ما يقلل من الوقت الذى يقضونه معًا ويضعف الروابط الأسرية.
على مستوى المجتمع، يؤدى الغلاء إلى زيادة الفجوة بين طبقات المجتمع، حيث يجد الأشخاص ذوو الدخل المحدود أنفسهم فى مواجهة صعوبات مالية أكبر من غيرهم، مما قد يشعرهم بالغبن ويؤدى إلى الشعور بالاستياء والانقسام الاجتماعى. ويمكن أن تتفاقم هذه المشاعر لتؤدى إلى تقليل الثقة بين فئات المجتمع المختلفة، حيث يشعر البعض بأن هناك فئات معينة تحتكر الرفاهية وتستفيد من الأزمات.
كما يدفع الغلاء بعض الأفراد إلى البحث عن طرق غير قانونية أو غير أخلاقية لكسب المال لتلبية احتياجاتهم، مثل اللجوء إلى السرقة أو الاحتيال أو غيرها من التصرفات التى تضر بالنسيج الاجتماعى وتزعزع الاستقرار.
ومن جانب آخر، يمثل الغلاء تهديدًا كبيرًا للاستثمار، حيث إن ارتفاع تكاليف الإنتاج والمواد الخام يؤدى إلى زيادة تكاليف الاستثمار، ما يجعل البيئة الاستثمارية أقل جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب، فعندما يجد المستثمرون أن العائدات المحتملة لا تتناسب مع التكاليف المرتفعة، فإنهم يفضلون البحث عن أسواق أكثر استقرارًا وبتكاليف معقولة، ما يؤثر سلبًا على معدلات النمو الاقتصادى ويقلل من فرص العمل.
للتصدى لهذه المشكلة، يجب على الحكومات العمل على وضع سياسات اقتصادية تعزز استقرار الأسعار، كتشجيع الإنتاج المحلى لتقليل الاعتماد على الاستيراد الذى يزيد من التكاليف، وضبط الأسواق لمنع الاحتكار والمضاربات.
لمواجهة تأثيرات الغلاء على الترابط الاجتماعى، يجب أن تتبنى المجتمعات والحكومات سياسات لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، وتعزز من فرص العمل، وتشجيع مشاريع تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادى، ما يسهم فى تخفيف الضغوط المالية على الأسر ويحافظ على تماسك المجتمع.
دور الحكومة فى مواجهة الغلاء يعتبر حاسمًا لضمان استقرار الاقتصاد والحفاظ على مستوى معيشة المواطنين.
وعلى الحكومات اتخاذ العديد من التدابير للتخفيف من آثار الغلاء والسيطرة على ارتفاع الأسعار والغلاء، ومنها دعم الإنتاج المحلى من خلال تقديم حوافز للشركات والمزارعين والمصنعين المحليين، ما يساهم فى تقليل الاعتماد على الواردات ويقلل من تكاليف النقل والشحن، مكافحة الاحتكار بتطبيق قوانين صارمة لمنع الاحتكار وضبط أسعار السلع الأساسية، من خلال الرقابة على الأسواق والممارسات التجارية، تحفيز التجارة ودعم المشاريع الصغيرة بتقديم تسهيلات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتسهيل الإجراءات التجارية، مما يزيد من الإنتاجية ويوفر فرص عمل، مراقبة التضخم والسيطرة على السياسات النقدية وذلك باتخاذ إجراءات للسيطرة على معدلات التضخم.
بتطبيق هذه السياسات، يمكن للحكومة أن تلعب دورًا فعالًا فى الحد من الغلاء، وتحقيق استقرار اقتصادى واجتماعى يعزز من رفاهية المواطنين ويساهم فى تحسين جودة حياتهم.
[email protected]