«هاشتاج» قبل أن تصل إلى ظفار!
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
من اللافت حقا هذا العام أن تنتبه بعض المحافظات والولايات إلى تلك القوة البشرية التي تعبر فوق أراضيها مُتجهة إلى محافظة ظفار، للتمتع بالطقس الاستثنائي للخريف، فعوض أن تتكثف المباهج بالغاية المقصودة يمكن للطريق أيضا أن يغدو بهجة مضافة.
لطالما كنا نشكو من الطريق الطويل من الشمال إلى الجنوب، والذي لا يعبئه إلا الملل والفراغ الشاسع، ولذا يستحقُ منا -انحياز هذه المحافظات والولايات لأن تُضيء نفسها- كل الانتباه والتقدير.
فقد أطلق «متحف عُمان عبر الزمان» هاشتاج «دامك واصل»، ليُذكر الناس بصورة جذابة بمحطة مهمّة في هذه الرحلة.
كما أُطلق هاشتاج «مهرجان الجبل الأخضر»، ليُعيد الناس برمجة خططهم في هذا الصيف الملتهب.
أما الهاشتاج الأكثر مدعاة للانتباه فهو: «الوسطى لا تعديها»، فهي محافظة تتمتعُ بدرجات حرارة منخفضة، ويمكن أن تكون محطة استرخاء ومكانا ساحرا في ولاياتها الأربع.
ولعلنا نجد الاشتغال على إبراز المشغولات اليدوية وتقديم العادات والتقاليد والفنون الشعبية والأزياء، أمرا مثيرا للاهتمام حقا.
إلا أنّ الذاهب والعائد، يحتاج بصورة أساسية إلى محطة مزودة ببنية أساسية رصينة، من قبيل: فنادق ومطاعم ومقاه بمواصفات جيدة ودورات مياه نظيفة!
وكما شاهدنا «الجبل الأخضر» مؤخرا -بفضل رحلات «الهايكنج والتصوير اللافت للمبدعين- يشقُ وعورة وحدته ويشتبك بالبشر القادمين للتنعم بظلاله ورفاهية برودته واخضراره وتاريخه المتوهج، وإعادة إعمار البيوت القديمة كنُزلٍ تعيدُ اتصالنا بحياة مفقودة، فنأمل أيضا أن تُفصح «الوسطى» -التي تتمتع بجو معتدل، وشواطئ آسرة، وجمال خلاب- عن ذاتها. ليس كنشاط اقتصادي وحسب، كما هو الحال في «الدقم»، بل أن تنفتح أوردتها على السياح وألا تكون معزولة عن وعينا الجمالي.. ومن يدري ربما تكون هذه المبادرة بداية الغيث.
العائدون من محافظة ظفار هذا العام أشادوا كثيرا بالتغيرات السريعة والفعاليات التي اشتغلت عليها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. أتذكر تعليق صديقتي السورية وعائلتها عند عودتهم: «ظفار رهيبة». فلقد رصد الناس زيادة في عدد المطاعم والمقاهي والجلسات وتزويد «دربات» بالقوارب والحبال المنزلقة وفرصة ركوب الأحصنة. وثمّة عدد من الناشطين العرب والخليجيين على منصات التواصل الاجتماعي، روجوا بإعجاب هائل لطبيعة الجنوب التي توازي جمال «سويسرا» على حد تعبيرهم، لاسيما أمام تغيرات الطقس والتغيرات السياسية التي تعصف بالعالم.
لكن ولأن الطلب يتجاوز العرض، سمعنا أيضا عن أناس باتوا ليلة ذهابهم في سياراتهم أو في المساجد، وقد يكون الخطأ خطأهم لأنّهم ذهبوا قبل أن يؤكدوا حجوزاتهم بدقة. إلا أنّ ذلك لا يمنع تفكرنا في قضية مهمّة وهي أنّ «الطلب» لا يزال زائدا على العرض!
من جهة أخرى، يرى البعض أنّ الأسعار ترتفع بصورة مبالغ فيها أثناء الخريف، وأحيانا بعض الشقق تكون رديئة من حيث التصنيف ولكنها بتكلفة عالية. ينطبق الأمر على الطعام والأغراض الاستهلاكية الأخرى، لذا ينبغي أن تراقب الأسعار في حيزها المنطقي.
نتطلعُ لأن ينفتح أفق خططنا، لا سيما في المناطق التي تتمتع بطقس استثنائي صيفا وشتاء، تلك التي يمكن أن تدر المال وأن تنشط السياحة طوال السنة.
سأتذكر ردة فعل الرجل الظفاري الشهم الذي غضب منا عندما اختزلنا الخريف على مفردة «صلالة» قائلا: «ظفار كلها تتحول إلى جنة»، ولذا يمكننا التوقف عن اختزالها في مكان محدود وصغير، فظفار التي تبلغ مساحتها ثلث مساحة سلطنة عمان، وتزخر بينابيع الجمال في ولاياتها العشر، تستوجب أن تمتد رقعة الخدمات عبرها لتصبح قِبلة العالم وأيقونة الجمال والاقتصاد بامتياز.
ربما يعود جزء من النشاط الذي بتنا نلمسه الآن إلى مخصصات المحافظات التي تُقدر بـ20 مليون ريال، فهذه اللامركزية دعت لتقديم خطط على مدى خمس سنوات في البعدين الاجتماعي والخدمي.
وها قد مرّت سنة أينعت فيها بعض التغيرات وإن تبدى لنا بطؤها. فنحن ما زلنا بحاجة إلى جرعة من الجرأة والمغامرة لتمثيل الثقة التي مُنحت إياها المحافظات، جوار تقليص البيروقراطية أمام المستثمرين العُماني والأجنبي على حد سواء.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
جهود بحثية وميدانية لمكافحة نبتة البارثنيوم الضارة في محافظة ظفار
أظهرت نتائج توصيات الدراسة البحثية حول تأثير انتشار نبتة البارثنيوم على المراعي الطبيعية في محافظة ظفار أن متوسط إنتاجية المراعي الطبيعية في منطقة الخريف بلغ 3935 كيلوجراما للهكتار الواحد، فيما كشفت النتائج أن الهكتارات المصابة بكثافة نبتة البارثنيوم تشهد انخفاضًا حادًا في الكتلة الجافة تصل إلى الصفر أحيانا، مما يُهدد استدامة هذه الموارد الحيوية.
وتشير إحصاءات الدراسة العلمية لجامعة ظفار إلى أن متوسط الإنتاجية الرعوية للأعشاب الجافة في الأنظمة البيئية المختلفة مثل الهضاب الجافة والجبال والسهول يُقدر بـ208 آلاف طن سنويًّا، إذ تُعد هذه الكمية مصدرًا رئيسًا لتغذية الثروة الحيوانية في المنطقة، لكنها مهددة بالاختفاء نتيجة انتشار نبتة البارثنيوم والرعي المبكر. ولمواجهة هذه التحديات، قال سعادة الدكتور أحمد بن محسن الغساني رئيس بلدية ظفار رئيس اللجنة التوجيهيّة للتعامل مع نبتة البارثنيوم لوكالة الأنباء العُمانية: إنّ اللجنة نفّذت سلسلة من المبادرات المهمة من بينها نثر أكثر من 40 مليار بذرة من الأعشاب الرعوية المعمّرة خلال الموسم الماضي، إلى جانب غرس ونثر أكثر من 68 مليون بذرة من الأشجار والشجيرات المحلية بالإضافة إلى نثر 3 ملايين كرة بذور إضافية، مبينا أن اللجنة تستعد لنثر 10 ملايين كرة بذور أخرى في الفترة القادمة.
وأضاف سعادته إن اللجنة قامت بإزالة أكثر من 2700 طن من نبتة البارثنيوم من جبال ظفار خلال عام 2024، مما أسهم في تخفيف كثافة البارثنيوم في العديد من المواقع، حيث انخفضت الكثافة من 120 نبتة لكل متر مربع في عام 2022 إلى 15 نبتة فقط لكل متر مربع في عام 2024 إلا أن هذه الكثافة تظل مرتفعة في بعض البؤر المنتشرة في شرق وغرب ظفار، إذ حددت اللجنة 50 بؤرة مركزية سيتم التعامل معها بشكل مكثف خلال حملة عام 2025. ووضح سعادتُه أن اللجنة تخطط لتوسيع استخدام المبيدات الكيميائية النباتية في مكافحة نبتة البارثنيوم ضمن البؤر شديدة الكثافة مع تطبيق هذه الإجراءات بحذر لضمان عدم التأثير السلبي على البيئة والحيوانات، نظرا لقدرتها على تعطيل عملية البناء الضوئي للنبات دون تأثير مباشر على الحيوانات، خاصةً وأن الكمية المستخدمة من المبيدات صغيرة وموجهة ومحدودة وجرت تقييم فعالية المبيدات وآثارها الجانبية في المسوّرات التجريبية، ثم طُبقت في عدد من المواقع البرية بعد تحليل النتائج الأوليّة التي أظهرت فعالية كبيرة جدًّا مقارنة بطرق المكافحة الفيزيائية (القلع، القطع).
وفي مجال دراسة متطلبات المكافحة البيولوجية للنبتة، استضافت اللجنة خبراء من أستراليا لدراسة أساليب المكافحة البيولوجية ومتطلباتها مع إجراء مسوحات أوليّة للحشرات في محافظة ظفار، ولوحظت أنواع تتغذى على نبتة البارثنيوم إذ ما تزال هذه الجهود في مراحلها الأولى التي تتطلب إجراء اختبارات موسّعة في بيئات مخبرية مغلقة لمدة قد تصل إلى خمس سنوات.
أما مستجدات الدراسة البحثية حول وظائف كيمياء وفسيولوجية نبتة البارثنيوم التي أجرتها جامعة نزوى فإنها بيّنت أن مستخلصات الأعشاب المحلية في محافظة ظفار "آليي" (Themeda quadrivalvis) و"شبضاف" (Apluda mutica) أثبتت تأثيرها على نمو ساق وجذور نبتة البارثنيوم كون أن صبغة الكلورفيل تدنت في هذه النبتة عند إضافة مستخلصات هذه الأعشاب المحلية، وهذا مؤشر على إجهاد نبتة البارثنيوم.
من جانبه، قال محمد بن مبارك عكعاك نائب رئيس الفريق الميداني باللجنة التوجيهية: إنّ الفريق قام بزيارات عمل لمتابعة مواقع تشكيل كرات البذور، التي تجاوز عددها حتى الآن 4 ملايين كرة بذور فيما زار الفريق مواقع المكافحة الكيميائية التي أظهرت نجاحًا كبيرًا، بعد اختفاء أكثر من 99% من نباتات البارثنيوم المعالجة، بينما أظهرت المكافحة بواسطة القطع كفاءة أقل، بنسبة تتراوح بين 10 إلى 20%، إذ اختتم الفريق زيارته الميدانية للاطلاع على التجارب الحالية في مسوّرات التجارب في منطقتي طيطام وسهل جرزيز بولاية صلالة.