يعتبر الاقتصاد المصرى أحد أكبر الاقتصاديات وأهمها على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث شهد زيادة فى معدلات النمو بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، رغم التحديات التى واجهته طيلة تلك الفترة، ما دفع شركاء التنمية الدوليين ومؤسسات التمويل الدولية والبنوك العالمية ومؤسسات التصنيف للإشادة بما جرى تحقيقه فى الاقتصاد، وقدرته على تجاوز الأزمات والتحديات.

وحظى الاقتصاد الوطنى بالعديد من الإشادات الدولية التى أكدت أن خطوات النمو فى مصر تسير بمعدلات ثابتة، كان آخرها ما أقره صندوق النقد الدولى بجهود مصر فى مجال الإصلاح الاقتصادى، التى أسهمت فى تحسين مؤشرات الاقتصاد، وسوق الصرف والنقد الأجنبى مع خفض معدلات التضخم، حيث توقع الصندوق فى 27 من أغسطس الماضى، تحسن مؤشرات الاقتصاد بسبب الإصلاحات المختلفة المنفذة من قبل الحكومة، لافتاً إلى أن ضبط الإنفاق الذى انتهجته الحكومة قد حافظ على سياسة مالية محكمة خلال العام المالى المنتهى 30 يونيو 2024.

وأشاد التقرير بالتحسن الواضح فى فائض الميزانية الأولى للقطاع الحكومى خلال العشرة أشهر الأولى من العام المالى (2023 - 2024)، أما بالنسبة للتضخم، فقد نوه التقرير إلى التراجع المستمر فى معدلات التضخم بمصر، متوقعاً احتواء مزيد من الضغوط التضخمية خلال الأشهر المقبلة، حتى تقترب تدريجياً من هدف التضخم المعلن من البنك المركزى.

وذكر الصندوق أن سعر صرف العملة الأجنبية فى مصر بات مستقراً نسبياً منذ إصلاحات مارس الماضى، حيث إن آليات السوق وحدها هى التى باتت تحدد سعر الصرف، وقبيل ذلك بقليل، وتحديداً فى 30 يوليو وبعد إكماله للمراجعة الثالثة فى ضوء اتفاق الصندوق الممدد مع مصر، والذى أتاح للحكومة الحصول على 820 مليون دولار فوراً، أكد الصندوق أن مؤشرات الاقتصاد الكلى فى مصر بدأت التحسن منذ الموافقة على المراجعتين الأولى والثانية للبرنامج فى مارس الماضى، كما أن الضغوط التضخمية بدأت فى التراجع تدريجياً، وحينها جرى القضاء على نقص النقد الأجنبى، مع تحقيق الأهداف المالية وأهداف التنمية المستدامة.

وأبقى البنك الدولى على توقعاته حيال نمو الاقتصاد المصرى فى العام المالى المقبل دون تغيير عند 4.2%، ليرفع توقعاته بالنمو خلال العام المالى 2023-2024 إلى 2.8%، مرجعاً رفع توقعاته لنمو الاقتصاد خلال العام المالى الحالى لنمو الاستثمار بمصر، والذى حفّزته جزئیاً الصفقة التى جرى إبرامها مع الإمارات.

«البنك الأوروبى»: الإجراءات الأخيرة عززت الاستثمار فى الطاقات المتجددة وأهّلت مصر لتكون مركزاً إقليمياً لها

وأعلن البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، أن الإجراءات التى اتخذتها مصر من أجل تعزيز مشاركة القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال كانت خطوات جيدة وكبرى، ما عزز من زيادة نسبة الاستثمار فى الطاقات الجديدة والمتجددة، وأهّل مصر لتكون مركزاً إقليمياً للطاقة المتجددة، خاصة مع إطلاق المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّــى» من قبل وزارة التعاون الدولى من قبل، والذى يعد محوراً مهماً للارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة.

وأكد البنك أن الدولة نفذت العديد من الإجراءات التى تسهم فى زيادة نسبة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة لمستوى 42%، بحلول عام 2030 بدلاً من 2035، مع إطلاق برنامج لتعزيز طموح الدولة فى هذا الصدد، عبر وقف تشغيل العديد من المحطات التى تعمل بالوقود الأحفورى، مقابل تدشين محطات جديدة تعمل بالطاقة المتجددة، ما يعد ضماناً للتحول العادل والمستدام فى ملف الطاقة الجديدة والمتجددة.

وأشار التقرير إلى أن إقرار وثيقة سياسة ملكية الدولة جاءت بهدف زيادة دور القطاع الخاص ونسبة مساهمته فى الاقتصاد، حتى أصبحت النسبة 65% خلال 3 سنوات، مشيداً بإعلان الحكومة خطة لبيع حصص عدد من الشركات الحكومية المملوكة للدولة، ما حسّن من مناخ بيئة الأعمال وعزز تكافؤ الفرص، بالتماشى مع وثيقة سياسة ملكية الدولة، واتخاذ إجراءات لتعزيز العدالة فى المنافسة، وجاء على رأسها تعديل قانون حماية المنافسة لتمكين جهاز حماية المنافسة وتنظيم عمليات الاندماج والاستحواذ لمواجهة الممارسات الاحتكارية.

وفى 20 سبتمبر الجارى، شهدت فعاليات بعثة طرق الأبواب التى تنظمها الجمعية المصرية البريطانية للأعمال BEBA فى العاصمة البريطانية لندن، عقد مائدة مستديرة بمقر بنك أوف نيويورك ميلون «بى إن واى ميلون»، وبحضور السفير البريطانى فى مصر، جاريث بايلى، ووزراء المالية الدكتور أحمد كجوك، وحسن الخطيب وزير الاستثمار، والدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية.

وأشاد «بنك أوف نيويورك» بالتنسيق الإيجابى واللغة المشتركة الداعمة للقطاع الخاص، والتى تتبناها المجموعة الاقتصادية الجديدة بمصر خلال الفترة الأخيرة، لافتاً إلى أن التنسيق والشفافية والعمل لخدمة القطاع الخاص أكثر ما يضاعف من جاذبية السوق المصرية والاستثمار فيها، كما أنه من المتوقع أن ينعكس بشكل إيجابى على مؤشرات الاقتصاد المصرى.

وأثنى عدد من فريق المحللين الاقتصاديين ببنك HSBC البريطانى، على وضع الاقتصاد المصرى وتحسن مؤشراته بصورة إيجابية خلال الفترات الأخيرة، مضيفين أن حزمة الإجراءات المنفذة من قبل الدولة أسهمت فى استيعاب العديد من التحديات الاقتصادية، والتغلب عليها فى فترة وجيزة، ما انعكس بصورة إيجابية على تحسن المؤشرات الاقتصادية مع زيادة التوقعات بمواصلة تحقيق معدلات النمو القوية.

وقال السفير البريطانى لدى مصر، جاريث بايلى، إن ما تشهده مصر هو بداية لمرحلة جديدة بتمثيل مميز داعم لمسيرة نمو حجم الاقتصاد المصرى فى المرحلة المقبلة، حيث يشهد الاقتصاد تناغماً وتجانساً كبيراً خلال المرحلة الحالية على صعيد السياسات النقدية والمالية، ما انعكس سريعاً على تحسّن جميع المؤشرات الاقتصادية والسيطرة على معدلات التضخم بصورة ناجحة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاستثمار التنمية الاقتصادية اقتصاد مصر السوق المصرية الحكومة الضرائب الاقتصاد المصرى مؤشرات الاقتصاد معدلات التضخم العام المالى فى مصر من قبل

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد يدفع ثمن الحرب في المنطقة| مصر.. التحديات تتزايد وجهود لمواجهة الأزمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تزايدت الضغوط الاقتصادية على مصر مع تزايد حدة التوترات السياسية فى منطقة الشرق الأوسط ومع تزايد حدة التصعيد العسكرى نتيجة العدوان الصهيونى على لبنان فى ٢٧ سبتمبر الماضى والذى استهدف الضاحية الجنوبية، وهو ما أكده تحذير البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية منذ أيام من المخاطر الاقتصادية للتصعيد العسكري، وقالت بياتا يافورشيك كبيرة الخبراء الاقتصاديين فى البنك، إن الأزمة المتصاعدة فى منطقة الشرق الأوسط، مع قصف إسرائيل لمواقع حزب الله، من شأنها أن تفاقم الأزمتين السياسية والاقتصادية فى لبنان وتضر بدول مجاورة مثل الأردن ومصر.
كما قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائى أن إيرادات قطاع السياحة وقناة السويس قد تتراجع بنحو ٣.٧ مليار دولار خلال العامين الماليين ٢٠٢٣-٢٠٢٤ و٢٠٢٤-٢٠٢٥. وأشار إلى أنه فى حال تصاعد الصراع أو توسعت الحرب فى المنطقة، قد تصل الخسائر المحتملة إلى ١٣.٧ مليار دولار، مما يعكس التأثير الكبير الذى قد يتعرض له الاقتصاد المصرى نتيجة العدوان الصهيونى على غزة ولبنان . 


تداعيات 

قال مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالمنعم السيد، إن من أبرز هذه التداعيات السلبية، للتوترات السياسية فى المنطقة على الاقتصاد المصرى “ ارتفاع أسعار الطاقة” ، حيث تعتبر مصر من الدول المستوردة للنفط والغاز، فهى تتأثر مباشرة بأى تغيرات فى الأسعار العالمية للطاقة التى ستنعكس سلباً على معدلات التضخم، وتزيد الضغوط على الميزانية المصرية نظراً لاعتمادها على استيراد جزء من احتياجاتها من الطاقة ولم يسلم قطاع "السياحة المصري" الذى يعد من الركائز الأساسية للموارد المصرية من العملة الأجنبية، حيث قد يتردد السياح فى زيارة دول المنطقة ومنها مصر فى ظل تصاعد العمليات العسكرية فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما قد يؤثر سلباً على عائدات السياحة فى البلاد. 

الدكتور عبدالمنعم السيد


وكانت مصر حقّقت أعلى معدل فى أعداد السائحين الوافدين خلال النصف الأول من العام الجارى وبلغ ٧.٠٦٩ مليون سائح، وتحقيق إيرادات قياسية ٦.٦ مليار دولار، وفق بيانات وزارة السياحة المصرية.
ويرى السيد أن التصعيد العسكرى بين إيران وإسرائيل، سيمثل تهديداً لحركة الملاحة فى البحر الأحمر وبالتالى على إيرادات قناة السويس التى تعتبر مصدراً حيوياً للدولار بالنسبة للاقتصاد المصرى موضحا أن جماعة “الحوثى اليمنية ” تعد أهم الأذرع المسلحة فى منطقة الشرق الأوسط التى يتوقع أن تصعد هجماتها على السفن المارة فى البحر الأحمر، مما سيؤدى إلى تراجع عدد السفن التى تعبر القناة ويزيد من خسائرها موضحا أن "مصر“ خسرت نحو ٦ مليارات دولار بسبب الحرب بين إسرائيل وغزة وتداعياتها على دول المنطقة، وفقًا لما أعلنه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى فى تصريحاته منذ أيام خلال احتفالية تخرج دفعة جديدة من ضباط الشرطة. وقال الرئيس السيسي، «قناة السويس» فقدت ما بين ٥٠٪ و٦٠٪ من إيراداتها. أى أكثر من ٦ مليارات دولار، بسبب التوترات فى المنطقة خلال الأشهر الثمانية الماضية» فالإيرادات تراجعت ٢٣.٤٪ إلى ٧.٢ مليارات دولار خلال العام المالى ٢٠٢٣-٢٠٢٤، مقابل ٩.٤ مليار خلال العام المالى ٢٠٢٢-٢٠٢٣ مع تحول بعض شركات الشحن إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب هجمات الحوثيين فى اليمن على السفن المارة فى البحر الأحمر.
وحذر السيد من اتساع نطاق الحرب فى المنطقة، والذى يجعل المستثمرين الأجانب يفكرون كثيرا فى ضخ استثمارات جديدة، لأن عدم استقرار الأوضاع الأمنية غالباً ما يؤثر سلباً على مناخ الاستثمار، وفى حال تصاعد العمليات العسكرية، قد يؤثر ذلك على خطط بعض المستثمرين الذين يفكرون فى دخول السوق المصرية.
وأضاف الدكتور عبد المنعم السيد من ضمن تداعيات اندلاع حرب شاملة فى المنطقة على مصر، هو خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة أو ما يعرف بـ"الأموال الساخنة" التى تستثمر فى أدوات الدين الرسمية، والتى دخلت البلاد منذ قرار تحرير سعر الصرف فى ٦ مارس الماضي، وتقدر بـ ٣٧.٥ مليار دولار.
وشدد السيد فى تصريحاته لـ"البوابة" على أنه يجب على الحكومة المصرية أن تسعى لتنويع شراكاتها التجارية الدولية، لأن تعزيز العلاقات مع دول أخرى خارج منطقة الشرق الأوسط مما قد يساعد فى تقليل الاعتماد على الأسواق المتأثرة بالنزاعات.

الدكتور أشرف غراب


من جانبه، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن مصر تضطر إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة تداعيات الحرب الإسرائيلية فى المنطقة وهو ما يجعلها تضطر إلى اتباع “اقتصاد الحرب” والذى يعنى فرض مجموعة من الإجراءات الاستثنائية فى الاقتصاد المصرى بشكل عام وذلك بتنفيذ مجموعة من الإجراءات الطارئة لتعبئة الاقتصاد خلال فترة الحرب وذلك فى حالة اتساع الحرب الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط والتى ستؤدى لنقص شديد فى سلاسل الإمدادات وتأثير ذلك على نقص السلع وهنا لابد وأن تضع الدولة خطة شاملة لتوفير هذه السلع والاحتياجات الضرورية والأساسية للمواطنين لمواجهة أى تداعيات سلبية لهذه الحرب .
وأكد غراب، أنه منذ الحرب الروسية الأوكرانية وتقوم الحكومة بالفعل بتوفير مخزون احتياطى استراتيجى كبير ليكفى شهورا طويلة وحتى اليوم وذلك استعدادا لأى توترات جيوسياسية أو تصاعد الحرب بمنطقة الشرق الأوسط موضحا أنه فى حالة اتساع دائرة هذه الحرب لابد من وضع العديد من الإجراءات الهامة والضرورية والتى منها ترشيد استهلاك السلع وضبط الإنفاق العام للدولة والتركيز والاهتمام على استيراد السلع الرئيسية الضرورية، إضافة لعدم إنفاق أى عملة صعبة على أى رفاهيات أو سلع غير ضرورية .
تابع غراب، أن اقتصاد الحرب يستلزم ترشيد الإنفاق الاستهلاكى وتقليل الاستيراد والإنفاق العام الحكومى وتوجيه الإنفاق للمجالات الأكثر أهمية ووضع القيود على كثير من الأنشطة غير الضرورية وبعض الأساسية وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة، مع تقليل الهدر مضيفا أن تطبيق اقتصاد الحرب لا يعنى بالضرورة أن تكون مصر طرفا فى هذه الحرب لكن مع اتساع دائرة الصراع فى الدول المحيطة بمصر يؤثر بشدة على الاقتصاد المصري، خاصة وأن الاقتصاد المصرى يعانى من أثار اقتصادية منذ جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية ثم الحرب على غزة ولبنان واتساع دائرة الصراع بالشرق الأوسط وقد تسبب هذا كله فى تراجع إيرادات قناة السويس وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.

sadgsadg

مقالات مشابهة

  • بعد تصريحات رئيس الحكومة.. أسباب ارتفاع معدلات التضخم في مصر
  • خاص| اقتصادية النواب تكشف خطة الدولة لخفض نسبة التضخم
  • من خلال هذه الشهادة.. احصل على 45 ألف جنيه من البنك الأهلي
  • «اقتصاديون»: زيادة مرتقبة في معدلات الاستثمار والقضاء على البيروقراطية
  • المشاط: استخدام سياسات مالية انكماشية لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي
  • وزير الري يشارك فى اجتماع اللجنة التوجيهية للمجلس الاستشارى المصرى الهولندى
  • سعر صرف الدرهم الإماراتي والعملات العربية اليوم 14-10-2024 في البنك المركزي المصري
  • الاقتصاد يدفع ثمن الحرب في المنطقة| مصر.. التحديات تتزايد وجهود لمواجهة الأزمة
  • وزير المالية: الإصلاح المالى والاقتصادي عملية ممتدة ومستدامة