لجريدة عمان:
2024-09-18@23:39:35 GMT

الصين.. ومباراة الشطرنج الأوكرانية

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

في عطلة الأسبوع الماضي، استضافت المملكة العربية السعودية قمة عقدت في جدة على مدار يومين، مخصصة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. حضر القمة قرابة أربعين بلدا منها الولايات المتحدة والهند وعشرات من البلاد الأوروبية. لكن حضور بلد واحد لها هو الذي أثار توقعات بحدوث فتح كبير، ذلك هو الصين.

لأن الصين كانت قد رفضت لقاء مماثلا في كوبنهاجن يونيو الماضي، فسّر الكثيرون مشاركتها هذه المرة بوصفه دليلا على أن بكين مستعدة للقيام بدور أكبر.

ولكن دراسة السياق المحيط بقمة جدة يشير إلى دافع مختلف لاشتراك الصين. وذلك ببساطة هو أن السلام لم يكن شاغل الصين الأساسي.

منذ بداية حرب أوكرانيا في فبراير من عام 2022، تجتنب الصين أي شيء قد ينال من حيادها أو يرغمها صراحة على التحيز لطرف. وبسبب مبدأ الحيادية هذا، استحال على الصين حضور لقاء يونيو، في ضوء أن الدنمارك عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي.

برغم أن الناتو ليس مشتركا في الحرب مع روسيا اشتراكا مباشرا، فإن دعمه العسكري لأوكرانيا يمنح الكرملين ذخيرة للزعم بتورط الناتو. ولقد كان حضور لقاء كوبنهاجن دون مشاركة روسيا بالنسبة للصين ليلوث صورة الموضوعية الصينية.

بالمقارنة، كانت المملكة العربية السعودية ـ وهي من القوة الوسطى الرائدة في جنوب العالم ـ أكثر قبولا كمضيف للقاء من وجهة النظر الصينية.

أحدث الأخبار

صوّتت المملكة العربية السعودية لصالح العديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تدين روسيا وتطالب بإنهاء الحرب. لكنها أيضا امتنعت عن تصويت 2022 بتعليق عضوية روسيا في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وثمة مزيد من التنسيق بين البلدين في الفترة الأخيرة بشأن إنتاج خام النفط العالمي وإمداداته.

وهذا الموقف الدقيق الذي تتخذه المملكة جعلها شريكا أكثر طبيعية لبكين. لكن إذا ما نحّينا اعتبارات الصورة، ما الذي يدفع الصين إلى المشاركة الآن؟

أهمية العلاقات الصينية السعودية

ابتداء، كانت المشاركة في قمة جدة أكثر ارتباطا برغبة الصين في مواصلة تلطيف العلاقات مع المملكة العربية السعودية منها بأي نية لإدانة حضور روسيا في أوكرانيا أو إرغامها على شيء.

فالصين والسعودية لديهما علاقات ثنائية مهمة تدفعها السياسة والطاقة والتبادل التجاري. وبالتالي يعتقد القادة الصينيون أن بوسعهم تقريب أنفسهم من المملكة من خلال دعم جهود الرياض الدبلوماسية في أوكرانيا.

وحتى لو أن هذه الحسابات خاطئة، فإن حضور المحادثات لا يكلف الصين أي شيء. فما القمة إلا اتفاق على النقاش، وما هي بمعاهدة تلزم بعمل. وحتى لو تم التوصل إلى إجماع بين البلاد المشاركة ـ وهو ما لم يحدث ـ فلا السعودية ولا ضيوفها كانوا ليقدروا على فرض إرادتهم على روسيا (التي تم استبعادها من النقاش).

وبذلك المعنى، تضع قمة جدة المملكة العربية السعودية في موضع وسيط السلام لكنها لا تلحق ضررا جسيما بالخط الأساسي الذي تنتهجه الصين.

إن أي جهود «حيادية» رامية إلى تحقيق السلام والاستقرار هي بالنسبة للصين جهود واجبة الاحترام. وقد يمكن تأطير قمة الشهر الحالي باعتبارها جهودا رامية إلى تنويع المشاركة والرؤى المعروضة. والآن وقد منحت الصين دعمها للمسعى السعودي، فلن يكون مفاجئا أن تطلب بكين من الرياض المعاملة بالمثل لمبادرة السلام الخاصة بها في المستقبل.

ثانيا، مشاركة الصين في محادثات السلام تمت بسبب ذوبان الجليد أخيرا في العلاقات الأمريكية الصينية. فمن المتوقع أن يقوم الرئيس الصيني شي جينبنج بزيارة سان فرانسيسكو في نوفمبر، وستكون هذه من أهم أنشطته في السياسة الخارجية على مدار العام، كما يحاول البلدان إعادة بناء العلاقات الثنائية قبل اضطرابات 2024 المتوقعة إذ تقام الانتخابات الرئاسية في كل من تايوان والولايات المتحدة.

وأخيرا، كانت الصين أكثر تعاونا بقدر ضئيل مع جهود الغرب للضغط على روسيا بسبب أدائها في أوكرانيا. والخطوات الأخيرة في هذا الاتجاه بالغة الدقة لكنها واضحة، ففي يوليو، فرضت بكين إجراءات جديدة للسيطرة على الصادرات من الطائرات المسيرة الصينية، وقطع الغيار، والتقنيات، والإمدادات مزدوجة الاستعمالات التي كانت روسيا تتلقاها من الصين مباشرة أو عبر شركات تابعة في إيران.

وفي نقد غير خفي تماما لروسيا، حثت الصين على استئناف صادرات الغلال من أوكرانيا بعد أن تراجعت موسكو عن اتفاقية حبوب البحر الأسود التي سمحت من قبل لأوكرانيا بتصدير القمح والشعير وغيرهما من المواد الغذائية الأساسية.

والأحدث على الإطلاق، في إظهار علني نادر للاستياء، أن السفارة الصينية في موسكو انتقدت سلطات محلية بسبب سوء معاملة مواطنين صينيين.

والسؤال المحوري في هذا كله هو ما إذا كانت الصين قد غيرت موقفها من الحرب تغييرا جوهريا. والإجابة حتى الآن هي لا. فليس من أفعال الصين في الشهور الأخيرة ما أحدث ضررا كبيرا بقدرة روسيا الحربية أو أحدث تغييرات ذات معنى في سلوك روسيا.

وواقع الأمر، في ضوء طبيعة التنافس الأمريكي الصيني بعيد المدى، هو أنه ليس محتملا من بكين أن تتخلى عن موسكو بوصفها شريكا استراتيجيا، حتى في حال ضعف روسيا في أوكرانيا. فأوكرانيا ـ بل والمملكة العربية السعودية ـ بالنسبة للصين جزء من مباراة شطرنج سياسية لا تنوي بكين أن تخسرها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المملکة العربیة السعودیة فی أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

وزير الحرس الوطني يستقبل سفير الصين لدى المملكة

استقبل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني في مكتبه بالوزارة اليوم، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة تشانغ هوا والوفد المرافق له.
وجرى خلال الاستقبال تبادل الأحاديث الودية والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

مقالات مشابهة

  • رئيس البرلمان العربي يهنئ المملكة العربية السعودية لحصولها على المركز الأول إقليميًا والرابع عالميًا في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية، ويؤكد: ثمار مباشرة للرؤية الطموحة “2030”
  • ترامب: كان من الممكن أن نصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن أوكرانيا
  • السفارة الصينية تحتفل بذكرى العلاقات بين الصين واليمن
  • إن تي تي داتا تعلن تعيين رامي بيدس مديراً عاماً لأعمالها في المملكة العربية السعودية
  • وزير السياحة والآثار: أزور المملكة العربية السعودية قريبا.. وما بيننا ليس فقط رحلات للحج والعمرة
  • روسيا: استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية التابعة لنظام كييف
  • «القاهرة الإخبارية»: الاستخبارات الأوكرانية تتبنى الهجوم على مطار إنجلز في روسيا
  • عمار عوض: نعتقد أن المملكة العربية السعودية هي الأجدر بالوساطة في الملف السوداني
  • وزير الحرس الوطني يستقبل سفير الصين لدى المملكة
  • وزير خارجية روسيا: موقف مصر مدروس ومتوازن تجاه الأزمة الأوكرانية