لجريدة عمان:
2025-04-07@05:10:52 GMT

«كيف أنتو والرحمة»؟

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

فـي زمن غير الزمان، وحين كان الناس غير الناس، والقلوب غير القلوب، كان المطر «رحمة» كما يسميه العمانيون، يسأل عنها الجميع، ويفتقدونها حين تغيب، ويصلّون لأجل أن ينزلها الله، كان المطر نعمة كبيرة، يستبشر بها المزارعون، ويحنُّ لها أهل البادية، وينتظرها أهل الساحل، ويفرح بها أهل الجبال، وكان الماء شفافًا كقمر، يسيل كنهر جارٍ، فـيسقي الزرع والحرث، وكان السؤال الذي اجتمع عليه العمانيون دائمًا بعد كل زخة مطر: «كيف أنتو والرحمة»؟.

. وفـي لهجات أخرى: «موه أنتو والرحمة»؟.. أي «ما أخبار الأمطار معكم»؟.

نعم كان المطر رحمة، ونعمة، وكانت الأرض خصبة، وخضراء، وكان المطر لا ينقطع، يفرح به الصغار، ويلعبون فـي برك الماء التي يخلفها السيل، وكان الوادي هو الآخر نعمة أخرى؛ فأصحاب المزارع ينظرون إليه باعتباره دليل الاخضرار، وفـيه ارتواء الشجر، وخصوبة التربة والطين، وكانوا يفسحون له طريقًا نحو مزارعهم، ولا يُعيقون حركته، ويتباركون بمجيئه، كان المطر حدثًا سعيدًا، وفرحة لا توصف للجميع، كان رحمة السماء للأرض، ومن عليها.

الآن.. تغيّر الحال، وأصبح المطر «حالة طوارئ» فـي طول البلاد وعرضها، تحذيرات فـي وسائل الإعلام، وإنذارات من الشرطة، وتنبيهات من الأرصاد، ورسائل من شركات الكهرباء، أصبح المطر اليوم استثنائيًا، ونادرًا، ومليئًا بالخطر، وحاصدًا للأرواح، وهادمًا للممتلكات، وبات الناس يخبئون أطفالهم عنه، ويحرصون على عدم الخروج إلا حين الانتهاء من «الحالة، وزاد المتهورون ـ الذين يتحدون الأودية ـ الطين بلة، أولئك الذين يجازفون بأرواحهم، ويقتلون الفرحة فـي قلوب أسرهم، والذين لا يعرفون ماذا تعني كلمة «الوادي»، ويستصغرون من شأنه، فتذهب فـي أعماقه حياتهم فـي لحظة طيش، أو تهور.

انقطع المطر عن المجيء، وبات يأتي على استحياء، وماتت الزروع، وهلكت المزارع، وأصبحت مناطق ومحافظات بأكملها أراضي بور، وتملّحت التربة، وغدت تلك البقع الخضراء خرابًا، وترابًا منثورًا، ولعل محافظة شمال الباطنة التي كانت ذات زمن «سلة غذاء سلطنة عُمان» أقرب مثال لهذا الوضع، فتلك الأراضي الخصيبة أمحلت، وأضحت أثرًا بعد عين، وبدلًا من وضع الحلول الناجعة لتملُّح التربة، أُهملت، وتُركت للريح تعبث بها، حتى وصل الأمر إلى ما هو عليه، فماتت النخيل، وتهاوت أشجار الليمون، والمانجو، والبيذام، وغيرها، ولم يعد الماء صالحًا للري أو الشرب، وتحولت تلك القوة الاقتصادية الهائلة إلى أكوام من التراب، لا تصلح حتى للسكنى إلا بعد معالجة التربة.

لعلنا افتقدنا «الرحمة» والتراحم فـيما بيننا، غابت عنا تلك الألفة الروحية، وتحوّل المطر إلى ناقوس خطر يدق أمام كل باب، هربنا منه، فاعتزلنا، وغادرنا، وأصبح مبعثًا للحذر، والخطر، لم نعد نحتفل به إلا ونحن نهرب منه، وأصبح عبئًا على رجال الأمن، والإسعاف، ورغم ذلك تبقى عبارة «كيف أنتو والرحمة»؟.. سؤال أزلي فـي الذاكرة العمانية، تذكّرهم بزمان مضى، ووقت ذهب، ولن يعود.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کان المطر

إقرأ أيضاً:

صنعاء تحت المطر لليوم الثاني.. سيول تغمر الشوارع ومعاناة تتفاقم

شمسان بوست / خاص:

تشهد العاصمة صنعاء، اليوم الأحد، موجة أمطار غزيرة لليوم الثاني على التوالي، ما أدى إلى غمر العديد من الشوارع بمياه الأمطار، وتسبب في اختناقات مرورية واسعة وازدحام في عدد من الأحياء السكنية.


وتعرضت معظم مديريات العاصمة منذ ساعات الصباح لتساقط كثيف للأمطار، رافقته رياح نشطة، في وقت حذّرت فيه جهات الأرصاد الجوية من استمرار حالة عدم الاستقرار الجوي خلال الساعات المقبلة.


وأفاد سكان محليون أن السيول اجتاحت عددًا من المناطق المنخفضة، متسببة بدخول المياه إلى عدد من المنازل، خصوصًا في الأحياء القديمة التي تعاني من ضعف البنية التحتية وغياب شبكات تصريف فعالة لمياه الأمطار.

وعبّر المواطنون عن استيائهم من تكرار هذه الكارثة مع كل موسم أمطار، دون وجود أي حلول عملية أو تحركات جادة من قبل السلطات المحلية، مطالبين بتدخل عاجل يضع حدًا للخسائر المادية المحتملة ويمنع وقوع ضحايا، خاصة مع استمرار التوقعات الجوية بهطول مزيد من الأمطار خلال الأيام القادمة.

وتُعد هذه الأمطار من أشد الهطولات التي تشهدها صنعاء منذ بدء الموسم الحالي، وسط دعوات من الجهات المختصة للمواطنين باتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، خاصة في المناطق القريبة من مجاري السيول وتجمعات المياه.

مقالات مشابهة

  • صاعقة تضرب رجلاً أثناء لعبه تحت المطر .. فيديو
  • صنعاء تحت المطر لليوم الثاني.. سيول تغمر الشوارع ومعاناة تتفاقم
  • أسرار مذهلة بعد تشريح بقايا حيوان منقرض منذ 130 ألف سنة.. ما الذى تم اكتشافه؟
  • البيوضي: تدخل الولايات المتحدة في ليبيا “سلبي”.. وكان أمامها فرصة لتثبت حسن نواياها
  • بعد قرار المحكمة الدستورية.. أنصار الرئيس الكوري المعزول يتحدون المطر في مسيرة حاشدة بسيول
  • السفير الروماني بجورجيا يشهد العرض المسرحي كنت وكان
  • تشريح جثة حيوان عمره 130 ألف سنة