لجريدة عمان:
2025-03-10@08:30:26 GMT

الشرق الأوسط .. انفجار التناقضات!

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

يمكن القول إن التوتر الجيوسياسي الذي يعم الشرق الأوسط اليوم، وينذر بحرب إقليمية كبرى، هو جزء من صيرورة مؤثرات كثيرة، جيوسياسية وتاريخية، لعبت دورًا كبيرًا في البلوغ بهذه المنطقة إلى هذا الانحدار الخطير.

وفي تقديرنا، إن أبرز العوامل التي لعبت دورًا في هذا المصير الذي سيؤول إليه حال الشرق الأوسط من خلال التداعيات المرجحة لدخول المنطقة إلى مرحلة استحقاق دفع الفواتير جملة واحدة، الآن وهنا؛ يكمن في هوية «التخلف الحضاري» الذي أصاب هذه المنطقة منذ أكثر من ألف عام.

ولأن العوامل المؤثرة في بروز ظاهرة التخلف كثيرة، يأتي الاستبداد السياسي في جملتها، فإن البنية المعقدة التي أوجدت ذلك الواقع التاريخي كمأزق معاصر في منطقة الشرق الأوسط؛ تكونت من عناصر أوجدت هذا الواقع بصورة بدا من الواضح أنها اليوم تتسارع نحو التعجيل بالكارثة، أي بما يؤذن بوضوح؛ أنه قد فات الأوان لإمكانية تدارك الأمور (بعد زمن طويل كان أكثر من كافٍ لاستدراك القدرة على إصلاح الأمور) منذ البدايات الأولى للدولة العربية ما بعد الاستعمار.

إن ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط من تفسخ سياسي لكثير من دوله يعكس إلى أي مدى أصبح انفجار التناقضات في المنطقة غير قابل لأي تسوية يمكنها أن تدفع إلى سوية من شأنها استدراك الوضع نحو حال أحسن.

أحيانًا يظن البعض أن هناك إمكانية في هذا العالم الحديث لتسكين تناقضاته الجيوسياسية، دون أن يدرك أن خطورة هذا الظن تكمن في أنه ظن سيفضي بالضرورة إلى مأزق انفجار التناقضات في مرحلة قادمة، وبما لن يجدي معه سوى الاستسلام وانتظار وقوع الكارثة!

المرحلة السياسية التي يمر بها الشرق الأوسط اليوم (وعلى وجه الخصوص المنطقة العربية منه) هي مرحلة انفجار التناقضات الحادة المتسارعة، على نحو يذكّر بما كتبه ذات مرة المفكر السوري ياسين الحاج صالح وهو يتأمل مصائر الامتناعات الجيوسياسية في المنطقة العربية حين كتب مقالًا قبل 22 عامًا بعنوان : «الانحلال حلًا»!

وبالرغم من العنوان التراجيدي في مضمون المقال الجارح؛ فإنه قد يكون أنسب تعبير لتفسير طبيعة الأوضاع الجيوسياسية التي ستؤول إليها هذه المنطقة في ضوء الصراع الذي بات اليوم من الصعب منع تحويل تناقضاته إلى نتيجة حرب إقليمية في المنطقة كما يلوح ذلك في ظل التهديدات بين كل من إسرائيل وإيران.

وحين تبدو عواصم عالمية كثيرة -وعلى رأسها عاصمة القرار الاستراتيجي الدولي، واشنطن- عاجزة على منع مثل هذه الحرب في الشرق الأوسط، فليس ذلك لعدم قدرتها على الفعل، بل لأن جملة من المعطيات والتناقضات الجيوسياسية في المنطقة أصبحت غير قابلة سوى للانفجار الحاد، وهذا بطبيعة الحال وضع ليس في وسع أي قوة في العالم؛ القدرة على تلافيه، لأن الشروط الداخلية التي تعمل على انفجار تناقضاته قد بلغت مرحلة متقدمة من النضوج.

ليس غريبًا، والحال هذه، أن نرى نماذج التفسخ الجيوسياسي تتسارع وقد بلغ نضجها مرحلة القطاف!

فمن مأزق الأيديولوجيات الدينية، إلى الأوهام الإمبراطورية، إلى التعثر الدائم في استيعاب شروط الحداثة السياسية، أصبحت كثير من دول منطقة الشرق الأوسط اليوم -والعربية منها على وجه الخصوص- متروكة لتفاعلاتها السائبة، التي تؤذن بمرحلة دفع الأثمان المؤجلة على نحو عاجل!

ومنذ أن كتب الأستاذان؛ حازم صاغية والمرحوم صالح بشير كتابهما المشترك «تصدع المشرق العربي» في عام 2007 كان من الواضح جدًا أن ما هو قادم من المصائر الجيوسياسية التي تحيق بالمنطقة أكبر بكثير من القدرة على استيعابه أو احتوائه.

اليوم، في ظل الهجوم الإسرائيلي المرتقب على إيران، وتهديد الأخيرة بالرد على الهجوم الإسرائيلي بهجوم مضاد، وردود الفعل الخطيرة التي ستنجر عن ذلك في دول المنطقة، سيبدو واضحًا أن هناك تغييرًا كبيرًا يلوح في الأفق، وأن هذا التغيير سيكون، على الأرجح، تغييرًا سلبيًا، لأن التناقضات الجيوسياسية التي أدت إلى هذا التغيير؛ كانت من تلك الطينة التي تعكس هويتها تخلفًا واضحًا في ممارسة أدوار السياسة.

وحين لا يستطيع العالم منع وقوع حرب محتملة في المنطقة، فإن ذلك -على الأرجح- يكمن في أن امتناع الشروط الداخلية المرجحة للحرب أقوى من أي محاولة لمنع الحرب!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشرق الأوسط فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

وزير خارجية الصين: ندعم خطة مصر لإعادة إعمار غزة والمبادرة العربية لحل الدولتين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن وزير الخارجية  الصينى وانغ يي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، دعم جمهورية الصين الشعبية لخطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة معلنا دعم الصين للمبادرة العربية للسلام بحل الدولتين من أجل إنهاء الصراع العربى الإسرائيلى وترسيخ السلام العادل والشامل مشددا على أن ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق السلم والأمن الدوليين وتحقيق التعايش المشترك فى الشرق الأوسط.

وسلط وزير الخارجية الصينى وانغ يى، الضوء على موقف الجانب الصيني ورؤيته تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المؤتمر الصحفي المنعقد على هامش الدورتين السنويتين اليوم الجمعة 7 مارس عام 2025.

غزة فلسطينية

وأكد وانغ يي أن قطاع غزة ملك للشعب الفلسطيني، وجزء لا يتجزأ من الأراضى الفلسطينية. محذرا من أي عمل لتغيير وضع غزة قسرا لا يمكن أن يأتي بالسلم، بل سيثير اضطرابات جديدة.

خطة مصر

وشدد وزير الخارجية الصينى ، على أن الصين تدعم خطة التعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة التي أطلقتها مصر وغيرها من الدول العربية بشكل مشترك. مشددا ، إن إرادة الشعب الفلسطينى ثابتة و لا تزحزح . والحق لا يدحض بالقوة أبدا .

الدول الكبرى

وأضاف، إذا كانت الدول الكبرى تهتم حقا بسكان غزة، فيجب عليها أن تدفع بوقف إطلاق النار الشامل والدائم في غزة، وتعزز المساعدات الإنسانية، وتلتزم بمبدأ "حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين"، وتساهم في إعادة إعمار قطاع غزة.

وأكد وانغ يي ، أن العالم لن ينعم بالأمن والأمان بدون تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط،  ، مؤكدا أن القضية الفلسطينية  ظلت لب قضية الشرق الأوسط.  

تحقيق السلام

وشدد  وانغ يى، على أن عدم تحقيق السلام العادل والشامل بين فلسطين وإسرائيل و عدم تحقيق "حل الدولتين" أدى إلى استمرار الصراعات بين الجانبين وزعزعة السلم والأمن الدوليين ،  قائلا إن دولة إسرائيل قد تم تأسيسها منذ  قرار التقسيم عام  ١٩٤٧، بينما دولة فلسطين ما زالت محتلة  منذ عام ٤٨ وبعيدة المنال  حتى الآن، فينبغي على المجتمع الدولي أن يبزل مزيدا من الجهود على "حل الدولتين" طبقا للمبادرة العربية للسلام في المرحلة القادمة، ويقدم الجميع مزيدا من الدعم لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. بهذه الطريقة فقط يمكن تحقيق التعايش السلمي الحقيقي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتحقيق التعايش المشترك فى إطار حل الدولتين  والتعايش الطويل الأمد بين الأمتين العربية واليهودية.

الفصائل الفلسطينية

واستطرد وزير الخارجية ، وفي هذا السبيل، ينبغي للفصائل الفلسطينية أولا أن تنفذ "إعلان بيكين" لتحقيق تقوية الذات عبر التضامن؛ وينبغي لكافة الأطراف في الشرق الأوسط أن تتجاوز الخلافات وتدعم الجانب الفلسطيني لإقامة دولته ؛ وينبغي للمجتمع الدولي أن يحشد التوافقات ويوفر الدعم للحل السلمى لإقامة دولتين فلسطين وإسرائيل.

صديق مخلص

وأشار وانغ يي ، إلى أن الصين كشريك استراتيجي لدول الشرق الأوسط وصديق مخلص للأخوة العرب، ستواصل الوقوف إلى جانب شعوب الشرق الأوسط بكل ثبات لكسب العدل والسلم والتنمية، وتدعم دول الشرق الأوسط للتحكم في مستقبلها ومصيرها واستكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة، بما يحقق السلم والنهضة اللتين تحلم بهما.

الدبلوماسية الصينية

وأكد وانغ يي ، على أن الدبلوماسية على مستوى القمة هي أعلى مستوى للدبلوماسية الصينية.  متابعا ، في العام المنصرم، بذل الرئيس شي جينبينغ جهودا شخصية لتخطيط وتطبيق الدبلوماسية على مستوى القمة، مما أحرز إنجازات مثمرة، وتزال لحظاتها الرائعة حية أمام أعيننا. من مؤتمر إحياء الذكرى السنوية الـ 70لإصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، مشيرا  إلى أن قمة بيكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، وأيضا منتدى التعاون الصيني العربي، نصبتا الفعاليات الدبلوماسية الكبيرة التى  استضافتها الصين  لتكون نموذجا جديدا لتقدم الجنوب العالمي يدا بيد إلى الامام.

وتابع وزير الخارجية خلال كلمته بالمؤتمر الصحفي ، من أوروبا إلى آسيا الوسطى، ومن البريكس إلى أمريكا اللتينية، حشدت الجولات الأربع المهمة لتكون قوة دافعة جديدة للتضامن والتعاون في العالم. كما استقبل الرئيس شي جينبينغ عددا كبيرا من كبار الشخصيات السياسية والأصدقاء الأجانب ،وأجرى معهم أكثر من 130 لقاء ومحادثة، مما كتب قصصا جديدة ذائعة الصيت للصداقة بين الصين وسائر دول العالم.

رؤية عالمية

وقال وانغ يي، إن الرئيس شي جينبينغ كزعيم دولة كبيرة وحزب كبير، قاد الدبلوماسية الصينية للمضي قدما إلى الأمام بخطوات متزنة، مع الحفاظ على الأصالة الصينية والسعي إلى الابتكار، برؤيته العالمية وإحساسه بمسؤولية العصر، مما أحدث التغيرات الإيجابية والعميقة للعلاقات بين الصين والعالم ، كما ازداد الترحيب والدعم لدى المجتمع الدولي للسياسات والأراء الدبلوماسية الصينية، ولاسيما المفاهيم والمبادرات الهامة التي طرحها الرئيس شي جينبينغ؛ كذلك ازدادت التطلعات لدى دول العالم للدور الإيجابي الذي تلعبه الصين في مواجهة مختلف التحديات العالمية وحل القضايا الساخنة والمستعصية؛ فضلا أنه ازداد عدد الدول التي تتفق وتستفيد من الخبرات والالهامات الناجحة لطريق التحديث الصيني النمط.

مقاومة الشعب الصينى

وأشار وانغ يي ، إلى أن عام 2025 عام مهم بالنسبة إلى الصين والعالم برمته،ومستقبل الدبلوماسية على مستوى القمة على لحظات بارزة جديدة. كما حضر الرئيس شيجينبينغ في الشهر الماضي حفل افتتاح الألعاب الآسيوية الشتوية، وهذه الفعاليات الدبلوماسية التي ستستضيفها الصين في العام الجاري. كذلك سنحتفل بشكل مهيب بالذكرى الـ80 لانتصار حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، وسنقيم سلسلة من الفعاليات الكبرى بما فيها قمة منظمة شانغهاي للتعاون. ومن المتوقع أن يقوم الرئيس شي جينبينغ بجولات عديدة مهمة إلى الخارج. ستكتب الدبلوماسية على مستوى القمة فصل جديدا للعمل المشترك وتبادل النجاح بين الصين والعالم.

مقالات مشابهة

  • فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط
  • قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس
  • الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل
  • أوزغور أوزيل: نقف إلى جانب القضية الفلسطينية
  • مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها
  • لأول مرة في الشرق الأوسط.. أبوظبي تستضيف المؤتمر العالمي لسياحة الحوافز
  • غزة تنتمي للشعب الفلسطيني| موقف مفاجئ من الصين وأمريكا حول خطة مصر
  • خطة مصر بشأن غزة تعزز مكانتها في المنطقة
  • وزير خارجية الصين: ندعم خطة مصر لإعادة إعمار غزة والمبادرة العربية لحل الدولتين
  • وزير الخارجية الصيني: غزة للفلسطينيين