لجريدة عمان:
2024-10-16@20:53:07 GMT

اختطاف الإمبراطورية وسخرية التاريخ

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

لربما ليس في الأمر سابقة خطيرة أن تنجح نخبة أو أسرة أو أقلية معينة أو أفراد من المتنفذين والمغامرين سواء كتجار أو قادة عسكريين أو سياسيين أو حتى دجالين من فرض تأثيرهم وسطوتهم على نظام سياسي معين، ويذكرنا التاريخ بأمثلة متعددة تعكس هذه الظاهرة في أكثر من حقبة مثل عائلة «ميديشي» (في فلورنسا إبان عصر النهضة) الإيطالية خلال الفترة من القرن الخامس إلى أوائل القرن السابع عشر وفي روسيا القيصرية نجد شخصية مثيرة للجدل مثل «راسبوتين» وتأثيره على عائلة «رومانوف» الملكية وفي فرنسا ظهر «نابليون بونابرت» تاركا بصمته على التاريخ الأوروبي إلى جانب «الانكشاريين» في حقبة تركيا العثمانية وغيرها وليس ما فعله هتلر ببعيد.

ومع ذلك، ما نراه الآن من هيمنة الأقلية اليهودية التي لا تمثل أكثر من 2% من الشعب الأمريكي، ونفوذها العجيب على امبراطورية بحجم الولايات المتحدة وسطوتها على القرار السياسي في عموم أوروبا الغربية «خاصة ألمانيا التي تصهين قرارها وتماهت مع الأجندة والسردية الإسرائيلية»، لأمر يصعب تفهمه خاصة ونحن نشاهد كيف يستقتل كلا طرفي السباق الرئاسي الأمريكي في تقديم كل أشكال الدعم والتنازل والتزلف حد التذلل لإرضاء اللوبي الصهيوني (وحتى على حساب مصالح الولايات المتحدة نفسها أحيانًا) بل إن «ترمب» مثلا يطالب الحكومة الإسرائيلية باستكمال إبادة الفلسطينيين ويعدهم بالنظر في توسعة حدود إسرائيل وفي الوقت نفسه يتوعد بأنه سينهي الحرب الروسية/ الأوكرانية في غضون أربع وعشرين ساعة! إذا ما انتخب رئيسا للبلاد ولا تخفي منافسته «كمالا هاريس» ذات التزلف والوعود.

ولعل الأغرب من ذلك أن المؤسسة السياسية الأمريكية والأوروبية «باستثناء حكومات بعض الدول النابضة بحيوية المبادئ مثل أيرلندا وأسبانيا» لا تلقي بالا ولا يهمها كل هذا السقوط المريع لحكومة مجرمي الحرب في تل أبيب، وتشجعهم على المضي في استكمال مسيرة آلة القتل الإسرائيلية وسحقها لكل معايير الإنسانية والأخلاق وقوانين الحرب والصراعات المسلحة وسحقًا بطبيعة الحال لكل دعوة للعودة إلى عروة الإنسانية والمشتركات البشرية ووصلت إلى حد قصف المستشفيات وخيام النازحين وحرق الأطفال الفلسطينيين وهم أحياء في معسكر جباليا وغيرها.

لا أستطيع أن أتفهم لِمَ يكره ساسة الإمبراطورية الأمريكية وأتباعهم على الضفة الأوروبية عالمنا العربي إلى هذا الحد! وهل حفظ أمن إسرائيل ونفط العرب يستوجب كل هذا الدم والخراب ولِمَ كل هذه البشاعة والفجور والبطش والطغيان ضد هذا الجزء من العالم؟ وكيف شنت خمس حروب كبرى والعشرات من العمليات العسكرية في ظرف عشرين عامًا على دول المنطقة العربية وإسقاط العديد من أنظمتها وتدمير كل أسباب سيادتها وبقائها وبنيتها السياسية والاقتصادية التي ستحتاج قرونًا لاستعادة سلامها ورخائها، ولم لا نراها تفعل ذلك في آسيا أو في أمريكا اللاتينية بعد الحرب العالمية الثانية؟

أليس ثمة «طريق ثالث» يمكن للجميع أن يعيش فيه بسلام يقتسمون رحلة المستقبل وأمل الإنسانية ومشتركاتها ويستمعون لصوت عقلائها؟ وهل هذه هي سردية إسرائيل للعالم بأننا دولة منبوذة يحكمها مجموعة من القتلة وتقف خلفنا امبراطورية لا يمكنها أن تخالفنا وتتبعنا كظلنا في مسيرة الدم والخراب.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الامبراطورية فإن الأمر مقبل على سيناريوهات صعبة لربما ليست من مصلحة العرب إن كان قد تبقت لهم مصالح أصلا بعد كل هذا التجريف السياسي والعسكري والاقتصادي الذي يدبر لهم بليل، ويشارك فيه بعضهم وإضعاف معظم عناصر قوتهم، إذ يبدو أن «التطبيع» و«فرض الأجندة الإسرائيلية» ستكونان في مقدمة هذه الإرهاصات بعدما تم تحييد معظم مفاصل التأثير العربية، ولا يستبعد أن يكون العدو مستقبلًا هو «من لا يركب حافلة التطبيع نحو هاوية المجهول» والملفت أن النموذج الإسرائيلي في بطشه وعدوانيته وانعدام مبادئه، بدأ يصبح نموذجًا لبعض القوى الصاعدة، وبطبيعة الحال من يلومها بعد انكشاف المساحيق الرخيصة التي تبخرت من الوجه القبيح لما يسمى بالنظام العالمي وأكذوبة الدول الديمقراطية والسقوط المروع لمحاضرات الغرب السمجة حول حقوق الإنسان والحريات.

يعلمنا التاريخ دروسه بالحكمة تارة لمن يعتبر وبقسوته وسخريته لمن يستكبر، فأسرة «مديشي» انقرضت تماما عام 1737، بعد وفاة آخر أسلافهم من الذكور فيما تم تسميم «راسبوتين» وقتله ورميه في نهر متجمد في روسيا عام 1916 بينما تم القضاء على «الانكشاريين» الأتراك في واقعة «الخيرية» عام 1826 وانتهى نابليون وحيدًا منفيًا في جزيرة سانت هيلانة عام 1815م.

ولعله، بعدما انتهت الحرب الأهلية الأمريكية بين قوات الشمال والجنوب عام 1865 بقيادة الجنرال «روبرت إيه ليه» ونجاح توحيد البلاد على يد الرئيس «ابراهام لنكولن» وآخرون، لم يتخيلوا حتى في كوابيسهم أن الإمبراطورية الأمريكية التي حلموا بتأسيسها هربًا من أوروبا وفظائعها وبعد مضي 248 عامًا، سيختطفها ثلة من المهاجرين العابرين من «سفر» التاريخ، وتصبح رهينة لحفنة من المتنفذين اليهود الأثرياء الذين يصولون ويجولون بالإمبراطورية شرقًا وغربًا لمآربهم وتل أبيبهم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

منظمة التعاون الإسلامي تدين استمرار تصاعد وتيرة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في شمال قطاع غزة

المناطق_واس

أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها الشديدة لاستمرار تصاعد وتيرة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين خصوصًا في شمال قطاع غزة، عادةً ذلك في إطار محاولات التهجير القسري والتطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

 

أخبار قد تهمك قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 50 فلسطينيًا في الضفة الغربية 14 أكتوبر 2024 - 1:21 مساءً قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة عنبتا شرق طولكرم 14 أكتوبر 2024 - 6:46 صباحًا

وحملت المنظمة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن استمرار هذا العدوان والإرهاب المنظم الذي تمارسه ضد الشعب الفلسطيني، الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 42,654 مواطنًا، وإصابة أكثر من 100.000 آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلًا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض، داعية إلى ضرورة فرض عقوبات على إسرائيل قوة الاحتلال، ومساءلتها عن جميع الجرائم والانتهاكات المستمرة.

 

 

كما جددت المنظمة، في الوقت نفسه، دعوتها مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته وإنفاذ قراراته وفرض الوقف الفوري والشامل لإطلاق النار، ووضع حد نهائي لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

مقالات مشابهة

  • الانتخابات الرئاسية الأمريكية وأسطورة إظهار القوة
  • عامر حسن: الخطة الأمريكية (ب) في السودان
  • إيران تعتبر نشر منظومة الدفاع الأمريكية "ثاد" في إسرائيل جزءًا من الحرب النفسية
  • وزير دفاع إيران: نشر منظومة ثاد الأمريكية في إسرائيل جزء من الحرب النفسية
  • حمدان: خطة الجنرالات شمال غزة من أقذر الخطط العسكرية التي عرفها التاريخ الحديث
  • التعاون الإسلامي تدين تصعيد جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال شمال غزة
  • منظمة التعاون الإسلامي تدين استمرار تصاعد وتيرة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في شمال قطاع غزة
  • الحسيني يكشف عن توقعه للنتيجة التي ستنتهي إليها الحرب بين حزب الله وإسرائيل
  • بينهم نساءوأطفال.. اختطاف أسرة في نقطة حوثية أثناء ذهابها لحضور حفل زفاف ابنها