هكذا تقرأ الأوساط الإيرانية العسكرية والسياسية تأخر الرد الإسرائيلي
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
طهران- على الرغم من تهديدات تل أبيب السابقة بقطع كل يد قد تطال أمنها القومي، وتأكيدها وضع خطط للرد الفوري على أي هجوم إيراني ثان، مضى على هجوم طهران الصاروخي أسبوعان كاملان، ومع دخول الرد الإسرائيلي المرتقب أسبوعه الثالث يتساءل الرأي العام الإيراني عن أسباب تأجيله.
فبعد ذهاب المسؤولين الإسرائيليين بعيدا في تهديداتهم بضرب المنشآت النووية الإيرانية، أظهرت نتائج استطلاع أجرته القناة الإسرائيلية الـ14 المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن 54% من الإسرائيليين يؤيدون استهداف تلك المنشآت، بيد أن الخطة أخفقت إثر معارضة البيت الأبيض.
وفي خضم المشاورات الإسرائيلية المستمرة مع الإدارة الأميركية الديمقراطية، أخرجت تل أبيب -في بادئ الأمر- المنشآت النووية الإيرانية من بنك أهدافها، ثم اضطرت لتضييق نطاق خياراتها بضرب أهداف عسكرية ومنشآت للطاقة، وفي نهاية المطاف توافق على تحديد أهداف عسكرية فقط لعدم توسيع الحرب، لكن الخلافات في "الكابينت" الإسرائيلي تحول دون التصويت على موعد الهجوم حتى الآن.
قراءة عسكريةيعتقد الخبير العسكري والعقيد المتقاعد في الحرس الثوري محمد رضا محمدي، أن تل أبيب كانت قد اتخذت قرارا بالرد قبيل اغتيال القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية، لوضع حد للهجمات الإيرانية عليها، عازيا سبب المماطلة في تنفيذ الرد الإسرائيلي إلى اعتبارات عملياتية وسياسية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح محمدي أن "رغبة الكيان الصهيوني باستغلال الفرصة لتدمير البرنامج النووي الإيراني بمساعدة حلفائه الغربيين جوبهت برفض إقليمي ودولي، كما أن تل أبيب وجدت نفسها وحيدة عند الحديث عن عزمها مهاجمة منشآت النفط والطاقة في إيران"، مؤكدا أن بُعد المسافة يجعل إسرائيل تواجه مشكلة حقيقية في تنفيذ أي هجوم داخل الأراضي الإيرانية.
ورأى أن الصواريخ الإيرانية أرسلت رسالة واضحة للجانب الغربي من خلال إلحاقها أضرارا كبيرة في المنظومات الدفاعية الإسرائيلية والأميركية وإصابة أهدافها العسكرية بدقة، مضيفا أن الجهات المعنية في إسرائيل وأميركا تفكر قبل مهاجمة إيران باليوم التالي للهجوم الذي لم يعد مضمون النتائج.
واعتبر المتحدث نفسه أن أحد أسباب تأجيل الرد الإسرائيلي يعود إلى وصول مضادات جوية أميركية وعلى رأسها نظام "ثاد" الأميركي للدفاع الصاروخي، وحاجتها لترميم المنظومات الدفاعية الأخری التي تضررت خلال الهجوم الإيراني الأخير.
كما أكد أن موضوع تزوّد المقاتلات الأميركية بالوقود جوا يشكل تحديا كبيرا أمام الهجوم الإسرائيلي المرتقب، وأن مهاجمة أهداف إيرانية بالصواريخ قد تؤدي إلى نتائج عكسية، نظرا إلى اتساع جغرافيا إيران ونشرها مضادات جوية متعددة الطبقات.
ويشكل امتلاك إيران صواريخ عابرة للقارات عاملا رادعا للولايات المتحدة -التي تمتلك قواعد عسكرية كبرى في المنطقة- أمام الانخراط في حرب ضد إيران، وفق ما يقول محمدي، موضحا أن أي مشاركة عملية أميركية في الهجوم الإسرائيلي تتطلب إبعاد أساطيلها البحرية عن مرمى الأسلحة الإيرانية، وهو أمر مرحب به في إطار إخراج القوات الأميركية من المنطقة.
وتابع القيادي السابق في الحرس الثوري، أنه رغم التعتيم الإعلامي والأمني الإسرائيلي، فإن صور الأقمار الصناعية الإيرانية تظهر دمارا كبيرا في القواعد العسكرية الإسرائيلية، وعلى رأسها قاعدة "نيفاتيم" السرية، جراء القصف الصاروخي الأخير.
وقال إن ذلك "يجعل المحور الصهيوأميركي الذي عجز عن صد الصواريخ الإيرانية يفكر مرات عديدة بالأسلحة النوعية التي لم تكشف عنها طهران بعد، ناهيك عن احتمال تلقيه ردا مفاجئا من فصائل المقاومة، التي أثبتت قدرتها على استهداف العمق الإسرائيلي".
وكان الأمين السابق للجنة التطوير والتجهيز في الحرس الثوري الجنرال إبراهيم رستمي، قال بأن الرد الإيراني سيكون على مستوى التهديد لمنشآته النووية، مستذكرا أن بلاده أجرت مناورات تحاكي ضرب مفاعل "ديمونا" الإسرائيلي، وكشف أن إيران تمتلك أسلحة أقوى من السلاح النووي وأن ما يعرفه العالم عن قدرات طهران العسكرية إنما "يوازي قمة جبل الثلج".
قراءة سياسيةيعتقد الباحث السياسي صلاح الدين خديو، أنه لا يمكن التفكير بهجوم إسرائيلي "كبير وقوي" على إيران سوى بحصول تل أبيب على ضوء أخضر من الولايات المتحدة وقرارا بحمايتها في اليوم التالي، مضيفا أن أحد أسباب تأجيل الرد الإسرائيلي يعود إلى عدم ثقة إسرائيل من نجاعة خططها لمنع طهران من مهاجمتها من جديد.
وفي حديثه للجزيرة نت، لا يستبعد خديو أن تكون إسرائيل تتعمد تأجيل الرد عدة مرات، لإرهاق القوات المسلحة الإيرانية الموضوعة على أهبة الاستعداد تحسبا لأي هجوم، مضيفا أن ثمة ضغوطا غربية وإقليمية تمارس على إسرائيل، ليكون ردها مدروسا لا يؤدي إلى توسيع التوتر بالمنطقة، ولا يبرر لإيران القيام برد كبير قد يشعل حربا شاملة.
ولدى إشارته إلى قرب رئاسيات أميركا المقررة في الخامس من الشهر المقبل، يرى الباحث السياسي أن أي تصعيد للتوتر في الشرق الأوسط قد يؤثر بشكل مباشر على نتائج السباق الرئاسي في الولايات المتحدة، وأمن مصالحها في المنطقة، مما يرفع من حساسية الإدارة الديمقراطية حيال الهجوم الإسرائيلي المرتقب ومدى المشاركة فيه، أو التوقف عند الدفاع عن حليفها الإسرائيلي.
ووفق الباحث السياسي، فإن واشنطن نجحت في إخراج بعض الأهداف الإيرانية من الرد الإسرائيلي المرتقب، مقابل تقديمها حزم مساعدات دبلوماسية وعسكرية لتل أبيب، لكنه عبر عن خشيته من مؤامرة دولية ضد بلاده تعمل عليها الولايات المتحدة وإسرائيل وعدد آخر من حلفائهما الأوروبيين.
ولا يصعب على خديو ملاحظة ملامح تلك المؤامرة في الإعلام الأميركي، "الذي بدأ بنشر تقارير هادفة تسعى لفبركة ملفات خطيرة، لتدويل الملف الإيراني أولا، ثم تشكيل تحالف موسع لمواجهة الجمهورية الإسلامية"، موضحا أن السياسة الإعلامية الغربية حيال إيران تشبه تلك التي سبقت غزو العراق عام 2003.
وخلص إلى أن الخارجية الإيرانية تعمل بكامل طاقاتها لإفشال مثل هذه المخططات وبمساعدة الدبلوماسية البرلمانية، مؤكدا أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يقود حملة سياسية مؤثرة جدا على الصعيد الدولي، لإقناع نظرائه بالضغط على إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار وخفض التوتر في الشرق الأوسط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإسرائیلی المرتقب الرد الإسرائیلی تل أبیب
إقرأ أيضاً:
إعلام عبري: نتنياهو يقودنا للهاوية.. وكاتب: النار التي تشعلها إسرائيل ستعود لتحرقها
#سواليف
تناولت #صحف و #مواقع_إسرائيلية وأجنبية تداعيات #الحرب_الإسرائيلية على #غزة، مشيرة إلى أنها لم تعد تحظى بالإجماع داخل إسرائيل، في ظل تصاعد التحذيرات من #مخاطر استمرارها على الإسرائيليين أنفسهم.
وأكدت تقارير على أن تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل #كاتس باحتلال #غزة يهدف للضغط على حركة المقاومة الإسلامية ( #حماس )، في حين حذّر كتاب إسرائيليون من أن المجتمع بات مهووسا بالانتقام، مما يضع مستقبل الإسرائيليين في #خطر.
ووفق صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن تهديد كاتس باجتياح غزة ليس سوى وسيلة ضغط على #حماس لإطلاق سراح #الرهائن، وذكرت أن إسرائيل استخدمت أساليب ضغط متزايدة، من بينها منع دخول المساعدات وقطع الكهرباء عن القطاع.
مقالات ذات صلة ديفيد هيرست :اسرائيل تتصرف ك “مافيا” / فيديو 2025/03/22لكن محللين أمنيين إسرائيليين يرون أن هذا التهديد تكتيكي، وليس بالضرورة مقدمة لعملية عسكرية واسعة.
أكدت “الغارديان” أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تسببت في سقوط أعداد كبيرة من المدنيين في غزة، محملة الدول الغربية -بما فيها بريطانيا- مسؤولية التواطؤ في استمرار الحربأما صحيفة “لوموند” الفرنسية، فقد نقلت عن كاتب إسرائيلي تحذيره من أن المجتمع الإسرائيلي بات مهووسا بالانتقام، مشددا على أن استئناف الحرب يعني تهديدا مباشرا لحياة الرهائن.
واعتبر الكاتب أن مستقبل الإسرائيليين مرتبط بوقف الحرب وتمكين الفلسطينيين من استعادة حياتهم الطبيعية، محذرا من أن استمرار القتال سيضع الجيل القادم من الإسرائيليين في خطر، إذ إن “النار التي تشعلها إسرائيل ستعود لتحرقها”، وفق تعبيره.
أما صحيفة “الغارديان” البريطانية، فقد انتقدت موقف المجتمع الدولي من الحرب، متسائلة عن أسباب “التسامح مع الفظائع التي تُرتكب في غزة”.
وأكدت الصحيفة أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تسببت في سقوط أعداد كبيرة من المدنيين، محملة الدول الغربية -بما فيها بريطانيا- مسؤولية التواطؤ في استمرار الحرب، ومشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات لوقف التصعيد ووقف المأساة الإنسانية في القطاع.
إعلام إسرائيلي يحذر
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد #الأزمة_السياسية والقضائية في إسرائيل، وسط تحذيرات من #انزلاق البلاد نحو مواجهة داخلية قد تصل إلى حد #الحرب_الأهلية، مع تصاعد الصدام بين الحكومة والمؤسسات القضائية.
واعتبر محللون أن المواجهة الحاسمة ستدور حول قرار المحكمة العليا بشأن إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، مما يزيد من حالة الانقسام داخل إسرائيل.
وأصدرت القاضية غيلا شتاينتس أمرا مؤقتا بتجميد قرار الإقالة حتى النظر في الطعون المقدمة ضدها، في خطوة وصفتها القناة الـ13 الإسرائيلية بأنها “دراما قضائية” قد تعمّق الأزمة.
من جانبه، رأى مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ14، موتي كاستل، أن قرار المحكمة يعكس ما وصفه بـ”محاولة لتعزيز سلطة الدولة العميقة”، مشيرا إلى أن الحكومة مصممة على المضي قدما في إقالة بار رغم التعقيدات القانونية.
في المقابل، هاجم وزير الاتصالات شلومو كرعي قرار المحكمة، مؤكدا أن رئيس الشاباك سينهي مهامه في العاشر من أبريل/نيسان، أو قبل ذلك في حال تعيين خليفة له، مضيفا أن “المحكمة لا تملك الصلاحية للتدخل في قرارات الحكومة”.
وبالتزامن مع هذه التطورات، تتجه الحكومة إلى اتخاذ خطوة أخرى مثيرة للجدل عبر الدفع باتجاه إقالة المستشارة القضائية للحكومة، حيث تسلم الوزراء رسميا أوراق الجلسة الخاصة بذلك.
ومن المتوقع أن تشهد الجلسة، المقررة الأحد المقبل، نقاشات حادة وهجمات من الوزراء على المستشارة القضائية قبل صدور القرار النهائي، الذي سيصل في نهاية المطاف إلى المحكمة العليا.
وفي ظل هذا المشهد المتأزم، حذّر رئيس المحكمة العليا السابق، أهارون براك، من خطورة الأوضاع، قائلا للقناة الـ12 الإسرائيلية: “نحن قريبون جدا من الحرب الأهلية، وربما من الحرب الثامنة لدولة إسرائيل.. التصعيد في الشارع ينذر بعنف متزايد، واليوم تم دهس أحد المتظاهرين، وغدا قد يكون هناك إطلاق نار، وإذا لم يتم التوصل إلى تسوية، فإننا سنصل إلى الهاوية”.
من جانبه، أشار عاموس يلدين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، إلى أن الانقسامات الداخلية قد تضعف قدرة إسرائيل على مواجهة التهديدات الخارجية، قائلا: “بعد السابع من أكتوبر كنا في حالة اكتئاب، لكن هناك من يعيش نشوة سياسية اليوم، ويعتقد أن وضعه مستقر (في إشارة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو)، إلا أن ذلك قد يقود إلى انقسام حاد يضر بالأمن القومي الإسرائيلي”.
وخلال مقابلة مع القناة الـ12، أعاد نائب رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، يائير جولان، التأكيد على موقفه بأن “نتنياهو يسعى للتخلص من آخر حراس البوابة”، في إشارة إلى استهدافه لرئيس الشاباك والمستشارة القضائية، وصولا إلى محكمة عليا ضعيفة، وهو ما قد يفتح الباب أمام “انتخابات غير حرة”.
أشار عاموس يلدين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، إلى أن الانقسامات الداخلية قد تضعف قدرة إسرائيل على مواجهة التهديدات الخارجيةوأضاف جولان أن نتنياهو يدرك جيدا أن فرص فوزه بالانتخابات المقبلة معدومة في ظل النظام الحالي، ولهذا يعمل على تقويض أسس الديمقراطية الإسرائيلية بالكامل، لضمان بقائه في السلطة، محذرا من أن استمرار هذا النهج قد يدفع إسرائيل نحو “نقطة اللاعودة”.
من جانبها، أشارت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إلى أن الحرب لم توحد الإسرائيليين كما كان الحال في بدايتها، بل عززت الانقسامات الداخلية، خاصة مع استمرار القتال.
وأوضحت الصحيفة أن الوحدة التي شهدتها إسرائيل في أعقاب هجوم حماس تلاشت بشكل كبير، حيث تواجه الحكومة تحديات كبيرة في الحفاظ على دعم الرأي العام للحرب، رغم تفوقها العسكري.
بدورها رأت صحيفة “هآرتس” أن نتنياهو يواصل سياسته التي تزعزع أسس الديمقراطية في إسرائيل، مشيرة إلى أنه ينشر الفوضى في الداخل بدافع الخوف من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو يسعى لإرضاء ترامب، لأنه يدرك أن الأخير يحتقر القادة الضعفاء، ولذلك يحاول إثبات قوته عبر التصعيد العسكري والسياسي.