كيف بدأت الكتابة؟!
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد
إذا أتينا إلى سؤال: كيف بدأت الكتابة؟ فحادثةٌ واحدةٌ كان لها الأثر الكبير في أن أكون كاتبًا والاستمرار في الكتابة إلى يومنا هذا، وهذه الحادثة هي إهدائي والدي العزيز- رحمة الله عليه- كتابًا.
لكنَّ مصدر التأثير ليس الكتاب نفسه أو تقديمه لي كهدية أعتزُ بها، فطالما قدَّم لي الوالد الكثير من الهدايا، وإنِّما الكلمات المهداة التي خطَّها على أول صفحة من الكتاب والتي بدأها: "ابني العزيز.
وأكثر شغفي آنذاك كان مُركزًا على الرياضة وبالتحديد كرة القدم، وكان حُلمي في ذلك العمر المدرسي الالتحاق ضمن صفوف المنتخب الوطني لكرة القدم للمساهمة في فوزه بالمراكز الأولى في الدورات الخليجية والآسيوية.
وكانت الكلمات الوطنية المُنتقاة بعناية في وسائل الإعلام خلال مواسم المباريات ترفع من الحماس الوطني لدى الشباب، وتدفعني للسعي للمشاركة لتمثيل السلطنة ضمن المنتخب الوطني لكرة القدم. وكانت مهارتي في رياضة كرة القدم، إضافة إلى الحافز الوطني، باعثًا لتقديم الافضل بالعزيمة والاجتهاد، إذا ما شاركت معهم في المنتخب، أو هكذا كنت أعتقد. وكان بالإمكان تحقيق ذلك الحلم لو سعيت لتحقيقه. لكنني أدركت أنَّه لا يُمكن الجمع بين الدراسة النظامية والانضمام للمنتخب، لما يتطلبه ذلك من تفرغ للتدريبات المستمرة، والمشاركة في المعسكرات الداخلية والخارجية، فاخترتُ بطبيعة الحال الدراسة أولًا وأخيرًا، كي أتمكن من خدمة الوطن في مجالات أخرى.
طويتُ صفحة حلم المشاركة ضمن منتخب السلطنة لكرة القدم، وأنهيتُ الدراسة الثانوية وغادرتُ إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة الجامعية، وعند عودتي التحقتُ بوزارة الإعلام كموظف، ولم تمنحني الوظيفة- آنذاك- الرضا النفسي، ولم تُشكِّل لديَّ أي تحدٍ وظيفي يُذكر، ولم ترق إلى مستوى توقعاتي، وذلك لحجم العمل الضئيل في الوظيفة، وعدم توظيف إمكانياتي الذهنية كشخص نشط طموح تلقى دراسة جامعية جيدة في الخارج وأتى قادمًا للعطاء وخدمة الوطن كأي مواطن صالح يُحب وطنه.
وخوفًا من التبلد الفكري اقتنيت دفترًا وكتبتُ في الصفحة الأولى "بدلًا من أن تلعن الظلام أشعل شمعة". وبدأتُ- بالفعل- أُشغل العقل بالكتابات الأدبية والاطلاع والمزيد من الاطلاع.
ثم أردت أن أعرض هذه الكتابات على أحد الصحفيين في الشأن الثقافي ليُعطيني رأيه في مستوى هذه الكتابات وملاحظاته عليها من أجل تطويرها والبناء عليها للاستفادة الشخصية لا أكثر. وبدلًا أن يعطيني الصحفي تقييمه لهذه الكتابات اختار من بينها عددًا من النصوص، وقال سأنشرها في الصحيفة ولم أتوقع أن ينفذ الصحفي ما قاله، وإذا بي أرى كتاباتي بين ليلة وضحاها في الملحق الثقافي لصحيفة عُمان ويعلو اسمي هذه الكتابات.
لم يخطر على بالي حينها النشر والذي ما زلتُ أتهيَّبُهُ إلى يومنا هذا؛ لإدراكي لمسؤوليته الكبيرة. وازدادت أهميته في وقتنا الحالي لسهولة إعادة النشر؛ ليصل إلى وسائل التواصل الاجتماعي فورًا، ويزداد الاهتمام بالمتابعة، خاصة إذا كان صاحب الكتابات شخصية مُتحققة ثقافيًا؛ فاسمُ الكاتب مُهم بأهمية كتاباته أو يفوقها.
وهكذا.. منذُ أن رأتْ كتاباتي النور أصبحتْ ركنًا أساسيًا في حياتي، ومتعة من متع الحياة الراقية، البعيدة عن خيلاء مظاهر الحياة المادية المزيفة؛ فالكتابة الأدبية تُلامس الروح وتضيء الجوهر؛ ليشرق النور الكتابي مُشعًا، ويبقى إلى ما شاء الله.
أما عن الوظيفة الحكومية، فقد تغير وضعي الوظيفي إلى الأفضل، وتدرجتُ في العمل من موظف إلى رئيس قسم، ثم مدير، ثم مدير عام لإحدى المديريات المُهمة في وزارة الإعلام، والتي تتعامل مع الكُتَّاب والمُثقفين والصحفيين والمؤسسات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية. وكذلك حصلتُ على شهادة الماجستير من جامعة السلطان قابوس في مجال الدراسات الاستراتيجية الوطنية، بتقدير جيد جدًا، بعدما كنتُ حاصلًا على شهادة البكالوريوس في مجال العلوم السياسية من الولايات المتحدة الأمريكية.
والآن بعد كل هذه السنوات.. ماذا أعطتني الثقافة بشكل عام؟ أعطتني العقلانية في الحياة، وفي تدبير الأمور والقناعة والرضا، وأنشأتني- الانسان الذي أنا عليه- ومنحتني الحكمة، قال تعالى "وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا" (البقرة/ 269).
وأدين بالشيء الكثير للثقافة وفكر القلم، الذي وجهني ببصيرة إلى مسار الربح لا الخسارة في كافة المجالات. وها أنا ذا أعيشُ أفضل أيام حياتي.. فاللَّهُم أدمها من نعمة، واحفظها من الزوال.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إطلاق “جائزة المقال الإماراتي” لدعم الكتابة الإبداعية والتميز الصحفي
استضاف نادي دبي للصحافة اليوم “الخميس” المؤتمر الصحفي الخاص بالإعلان عن إطلاق مبادرة جديدة تخدم في دعم المشهد الفكري والثقافي والإبداعي في دولة الإمارات، وتعزيز مجال العمل الصحفي في دولة الإمارات عبر الاحتفاء بالإبداع والتميز في واحد من أهم فنونه وهو فن “كتابة المقال”.
وتم خلال المؤتمر الصحفي إعلان إطلاق “جائزة المقال الإماراتي” حيث كشف مجلس أمناء الجائزة عن تفاصيلها والأهداف المرجوة من إطلاق هذه المبادرة الجديدة، وذلك بحضور سعادة منى غانم المرّي نائب الرئيس والعضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام رئيسة نادي دبي للصحافة وأعضاء مجلس أمناء الجائزة، ولفيف من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية.
وأعرب سعادة عبدالغفار حسين مؤسس جائزة المقال الإماراتي عن شكره وتقديره العميقين لتعاون نادي دبي للصحافة مع الأمانة العامة للجائزة وحسن تنظيم المؤتمر للإعلان عن انطلاقة الجائزة وفتح باب التسجيل لتبدأ نشاطها بشكل رسمي، مؤكداً أن الجائزة مرشحة لمزيد من التطوير في دوراتها المقبلة، ومرحباً بكل الأفكار التي من شأنها دعم أهداف الجائزة وتمكينها من تحقيق ما هو مرجو من ورائها في اكتشاف المزيد من الأقلام القادرة على تقديم قيمة مضافة حقيقية لصفحة الإعلام الإماراتي.
كما تحدث الدكتور عبدالخالق عبدالله، رئيس مجلس أمناء جائزة المقال الإماراتي؛ وقال إن المقال فن صحفي رفيع يستحق كل الاهتمام والتشجيع في دولة الإمارات والاحتفاء بالمتميزين فيه، في وقت تتعالى فيه الدعوات إلى اكتشاف المزيد من كُتّاب المقال المبدعين من أبناء وبنات الإمارات، وتقديم الحوافز اللازمة لهم لكي يسطع نجمهم في عالم المقال والكتابة الصحافية.
وأوضح الدكتور عبدالخالق عبدالله أن الهدف من الجائزة هو الارتقاء بفن المقال الإماراتي، معرباً عن أمل مجلس أمناء الجائزة في أن تكون سبباً في الوصول بالمقال الإماراتي إلى العالمية ليكون مواكباً للمكانة الكبيرة والمرموقة التي تتمتع بها دولة الإمارات على الساحة الدولية.
وأكد المتحدثون أهمية “المقال” كونه يتطلب مهارات متعددة، منها القدرة على التحليل والتفكير النقدي، والتمكن من اللغة، وتقديم الحجة بشكل مقنع ومنطقي، فيما يُسهم المقال في تنوير العقول، وفتح آفاق الحوار، ويُعزز من وعي المجتمع حول المواضيع المختلفة لاسيما تلك التي تمس حياته اليومية وتطورات مجتمعه، كجسر يربط بين الكاتب والقارئ، فيما يبقى فن كتابة المقال أداة حيوية لمواجهة التحديات الفكرية والثقافية، ولعب دور أساسي في تشكيل الوعي الجمعي، وتحفيز المجتمعات على التفكير العميق والتغيير الإيجابي.
وتم خلال المؤتمر الصحفي الكشف عن تفاصيل الجائزة التي سيتم تنظيمها سنوياً، حيث سيتولى مجلس أمناء الجائزة الإشراف على أعمالها وأنشطتها، بالتعاون مع لجنة تحكيم من أصحاب الكفاءة لتقييم الأعمال المرشحة للجائزة، لاختيار الفائزين ضمن فئات الجائزة المختلفة.
ويضم مجلس أمناء جائزة المقال الإماراتي نخبة من الكُتّاب والإعلاميين النابهين وتشمل: سعادة عبدالغفار حسين، مؤسس الجائزة، والدكتور عبدالخالق عبدالله، رئيس مجلس الأمناء، والأعضاء د. مريم الهاشمي، ود. سليمان الجاسم، وميرة الجناحي، وجمال الشحي، وريم الكمالي.
وتتكون جائزة المقال الإماراتي من ست فئات، تبلغ جائزة كل منها 10 آلاف درهم، وتشمل: المقال الأدبي والمقال الفكري والمقال الاقتصادي، والمقال الاجتماعي، والمقال السياسي، والمقال العلمي.
وتمنح جائزة المقال الأدبي للمقال الذي يقدم قضية في الأدب وفروعه أو قراءة نقدية لأي لون من الألوان الأدبية المنتمية لأقلام إبداعية إمارتية.
وتمنح جائزة المقال الفكري، للمقال الذي يناقش قضية فكرية أو فلسفية مرتبطة بالواقع الفكري والثقافي لدولة الإمارات، فيما تقدم جائزة المقال الاقتصادي للمقال المرتبط باقتصاد دولة الإمارات في أي من قطاعاته المختلفة.
وتمنح جائزة المقال الاجتماعي للمقال الذي يقدم موضوعاً متميزاً مرتبطاً بالمجتمع الإماراتي، فيما تذهب جائزة المقال السياسي إلى المقال الذي يطرح موضوعاً متميزاً حول سياسات دولة الإمارات، فيما يفوز بجائزة المقال العلمي المقال الذي يتناول الثورة المعرفية ويتطرق إلى تطلعات دولة الإمارات في مجال استخدامات الذكاء الاصطناعي.
وتم خلال المؤتمر الصحفي الكشف عن شروط الترشح للجائزة، حيث يجب أن يكون المرشح من مواطني دولة الإمارات، وأن يكون المقال يمس موضوعا إماراتيا معاصرا، ويتمتع بالأصالة والإبداع والعمق في التناول، وألا يكون منشوراً أو مقدماً لجائزة أخرى، كذلك يشترط في المقال أن يكون مكتوباً بلغة عربية سليمة، وألا تقل عدد كلماته عن 1000 كلمة ولا تزيد على 2000 كلمة، كما يحق للمرشّح التقدم بنص واحد في فرع واحد من فروع الجائزة، وفي حال الاستعانة بتقنية الذكاء الاصطناعي في كتابة المقال، يكون الكاتب ملزماً بتوضيح ذلك.
ومع فتح الباب للترشح للجائزة اعتباراً من اليوم (الخميس) سيكون الموعد النهائي لاستقبال المقالات المشاركة 16 مارس 2025، على أن يكون الكشف عن المقالات الفائزة وتكريم الفائزين في خلال شهر مايو 2025. ويمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات حول الجائزة، من خلال موقعها الإلكتروني www.articleaward.ae .