جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-17@05:38:24 GMT

مشاهد الموت وأطفال غزة

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

مشاهد الموت وأطفال غزة

 

محمد بن رامس الرواس

لم أحتر كثيرًا عندما بدأت أكتب هذه المقالة، فمنذ أن بدأت أتابع الأحداث التي جرت في غزة بعد السابع من أكتوبر 2023، هالَني مستوى الأحداث المؤسفه التي جرت للأطفال والفتيان الصغار تحديدا لأنهم الفئة الأضعف، فآثرت أن أكتب عن تلك الصدمات المريعة التي ألمت بهم وتعرضوا لها جراء ما كان يحدث من قصف وتدمير منازلهم ومشاهدتهم آثار الدمار والقتل من حولهم.

أكتب اليوم عن ذلك الطفل الفلسطيني الذي يمثل شريحة الأطفال في المعاناة، يقول أحد هؤلاء الأطفال: اليوم أصبحت في سن الثانية عشرة من عمري لكن عندما تشاهدني تحسب أنني كهل لأنَّ الأحداث التي عايشتها خلال الأشهر الفائتة تراكمت بداخلي وأوجدت بنفسي كماً كبيراً من تجارب نفسية كلها صدمات ومآسٍ فأرهقتني رغم صغر سني بشكل كبير وأثرت على نفسيتي التي انعكست على وجهي وتصرفاتي ومعاملتي مع الآخرين ومع الأحداث حولي.

لقد كنت قبل عام واحد فقط فتى مثل بقية أطفال العالم لديه أحلام وأصدقاء وألعاب وأسرة يعيش بينها في سعادة وهناء، لكنه الأن أصبح يرقد منهكاً بعد أشهر دامية بأحد مخيمات رفح تراوده كوابيس وأحلام مُزعجة بين الحين والآخر وأرق يجثو على صدره دون انفكاك وكوابيس تأتيني ليلاً بشكل منتظم كان من بينها رؤية صديق عمري الذي كنت لا أفارقه في المدرسة ولا عند لعب الكرة بالحي ولا عند مشاهدة التلفاز فلم نكن نفترق إلا عند النوم.

لقد كنَّا نتشارك أحلامنا وطموحاتنا وتطلعاتنا سويًا، كنت أشاهد في المنام رفيقي يقترب من حافة هاوية ستؤدي به إلى الموت والهلاك وأنا أحاول أن أمسك به ألا يقع، لكنني عندما استيقظ أتذكر الحظات الجميلة التي كنَّا نستمتع بها سويا، فتهدأ نفسي قليلا، لكن عندما أنام ترجع تأثيرات الصدمات الكبرى في حياتي على هيئة أحلام مزعجة مرة أخرى.

أنا هذا الفتى الصغير الذي فقد مُعظم أسرته وجيرانه ممن كانوا حوله والذي تنتابه هذه الصدمات المتواصلة وهي بلا شك قد حدثت لآلاف الأطفال أمثالي بقطاع غزة فشكلت آلاماً عميقة بأنفسهم، وقلوبهم، وأجسامهم، لقد تجمعت بنفسي كافة التحولات الماساوية بدءًا من نزوحي من مدينة غزة التي كنت أسكنها بعد أن تم قصف منزلنا واستشهاد جميع أفراد أسرتي الصغيرة وجيراني ثم نزوحي إلى مدارس الأنروا بوسط القطاع ثم قصف المدرسة التي لجأنا إليها مع مئات الأطفال والأسر، والآن أصبحنا في أحد مخيمات رفح لا نعلم ماذ يحمل لنا الغد من أخبار.

إن كل خطوة كان يخطوها هذا الطفل كانت معها حكاية تتعمق بداخله فيطرح بينه وبين نفسه الكثير من الأسئلة التي لا يجد لها إجابات في مسألة التقلبات التي حدثت وتحدث له حتى هذه اللحظات التي أدون بها هذه الخاطرة.

قد تبدو الصورة مرعبة ومؤلمة لمثل هذا الفتى الصغير وأمثاله لكن في المقابل هناك شعب بأكمله ينتفض رويدًا رويدًا بإذن الله ليقول للعالم إنني هنا أريد أن استردَّ أرضي وحريتي وإن كان الثمن باهظاً ومؤلماً، قد تبدو الصورة قاتمة بمشاهدها، البيوت التي قصفت والأسر المنكوبه، والنازحون والقتلى والمرضى مناظر شنيعة، قصف، وإجرام، وإبادة لكن هذه المأساة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته خاصة الأطفال والفتيان الصغار منهم هي بمثابة ولادة جديدة لشعب يريد الانفصال، الانفصال التام عن الذل والهوان ليكون حرا يصنع قراره بنفسه.

لا لتخيلات الموت بعد الآن قالها الفتي الصغير لنفسه، نعم إنه انفصال تأثرت به كافة مكونات المجتمع الغزاوي ودفعوا ثمنه أنفسهم، وشتات أفكارهم، وحزن مشاعرهم، كبيرهم.وصغيرهم من أجل أن تتبلور وتتشكل صورة جديدة لوضع جديد في فلسطين القادمة بحول الله تعالى وقوته.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مختار جمعة: الدين فن صناعة الحياة لا الموت

قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق إن منع انتشار الأسلحة غير المرخصة ضرورة لحماية الفرد والمجتمع ، وأن كل جهد يبذل في ذلك يمنع جريمة قتل أو سطو أو تخريب ، وأن القائمين على ذلك مرابطون على ثغر من ثغور الوطن.

 

جاء ذلك خلال مؤتمر الإدارة العامة لمكافحة انتشار الأسلحة والذخائر غير المرخصة، حيث أكد استخدام السلاح على المجتمع وترويع أبنائه من أبشع الجرائم ، وأن من حمل السلاح  على المجتمع فليس منا ويجب ردعه .


وبين أن الدين فن صناعة الحياة لا صناعة الموت ، وكل ما يؤدي إلى حفظ النفس البشرية هو أحد أهم مقاصد الشرع الشريف ، وهو مما أجمعت عليه الشرائع السماوية، و لم يؤكد الإسلام على حرمة شيء تأكيده على حرمة الدماء و عصمتها , فقد استهل نبينا (صلى الله عليه وسلم) خطبته الجامعة في حجة الوداع بقوله (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا – أَوْ ضُلَّالًا – يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ” (رواه مسلم) , وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” لَا يَزَالُ الْمَرْءُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا” (المستدرك على الصحيحين) , وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ ، وَيَقُولُ : “مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ ، مَالِهِ وَدَمِهِ ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا” (سنن ابن ماجه) , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ” ( رواه ابن ماجه) ، وعن‏َ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏‏(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أن النَّبِيِّ ‏(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ‏‏قَالَ : “‏‏مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) (رواهُ البخاري) . 

 


وقد أجمع العلماء والفقهاء على أن قتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر المهلكة لصاحبها ، عظيمة الإثم والحرم، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ" أخرجه البخاري. 

مقالات مشابهة

  • بعد فستان الزفاف.. الموت يفجع ملك قورة
  • رجل يتحدث عن زوجته التي قتلت أطفالهما الثلاثة
  • أمريكا: من المروّع رؤية أشخاص يحترقون حتى الموت في غزة
  • الموت يفجع الفنان أحمد زاهر في خالته
  • الأمم المتحدة: قتلى الغارات الإسرائيلية في لبنان أغلبهم نساء وأطفال
  • مفاضلة الموت.. كيف يختار سكان شمال غزة مصيرهم؟
  • مختار جمعة: الدين فن صناعة الحياة لا الموت
  • باكو أراوخو يرفض مغادرة لبنان رغم الحرب ويواصل تدريب الأطفال.. صور
  • وصال، الفتاة القاصر التي حاولت العبور سباحة إلى سبتة: "واجهت الموت"