خداع استخباراتي و6 جرامات متفجرات.. تفاصيل جديدة عن "فخ البيجرات" مع "حزب الله"
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
بيروت- رويترز
كانت بطاريات أجهزة الاتصال (بيجر) المفخخة التي وصلت إلى لبنان في بداية هذا العام جزءا من مخطط إسرائيلي لتدمير حزب الله اللبناني، عبر سماتها الخادعة رغم نقطة ضعف واحدة.
ووفقا لمصدر لبناني لديه معرفة مباشرة بأجهزة البيجر وصور لتحليل مفصل للبطاريات اطلعت عليه رويترز، صمم العملاء الذين صنعوا الأجهزة غلافًا للبطارية يخفي كمية صغيرة لكنها قوية من المتفجرات البلاستيكية وأداة تفجير جديدة لا تكشفها الأشعة السينية.
وللتغلب على نقطة الضعف التي تتمثل في عدم وجود معلومات متوفرة عن المنتج الجديد، فقد أنشأوا متاجر إلكترونية وصفحات وهمية وكتبوا منشورات مضللة على الإنترنت لخداع حزب الله عندما يحاول التحقق من الأجهزة، وفقا لمراجعة أجرتها رويترز لصفحات أرشيفية على الإنترنت.
ويكشف هذا التقرير للمرة الأولى عن التلاعب بتصميم أجهزة البيجر المفخخة والقصة التي تم نسجها بعناية للتمويه على خصائص البطارية، بغية تنفيذ عملية استغرق إعدادها سنوات وجهت ضربات غير مسبوقة للحزب اللبناني المدعوم من إيران ودفعت الشرق الأوسط نحو شفا حرب إقليمية.
ووفقا للمصدر اللبناني والصور، تم زرع ورقة مربعة رقيقة تحتوي على 6 جرامات من مادة بلاستيكية متفجرة بيضاء بين خليتين مستطيلتين في البطارية.
وأضاف المصدر أن المساحة المتبقية بين خلايا البطارية لم تظهر في الصور بل كانت مملوءة بشريط من مادة شديدة الاشتعال تؤدي دور المفجر.
وأظهرت الصور أن هذه الشطيرة ذات الثلاث طبقات تم إدخالها في غلاف بلاستيكي أسود، وزرعها داخل غلاف معدني بحجم علبة الثقاب تقريبا.
وقال المصدر واثنان من خبراء المتفجرات إن عملية التجميع كانت غير عادية لأنها لم تعتمد على جهاز التفجير الصغير المعتاد، والذي يكون عادة أسطوانة معدنية. وتحدث الثلاثة شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
وبسبب عدم وجود أي مكونات معدنية، كانت المادة المستخدمة في إحداث التفجير ذات ميزة.. فمثلها مثل المتفجرات البلاستيكية، لم يتم اكتشافها بالأشعة السينية.
وقال مصدران مطلعان إن حزب الله أجرى عمليات تفتيش لكشف أي متفجرات عند استلام أجهزة البيجر في فبراير؛ إذ تم تمريرها عبر أجهزة المسح الأمني بالمطارات لرؤية ما إذا كانت ستطلق الإنذارات. ولم يتم تسجيل أي شيء مريب.
وقال خبيرا المتفجرات -اللذان أطلعتهما رويترز على تصميم أجهزة البيجر المفخخة- إن الأجهزة كانت معدة على الأرجح لتوليد شرارة داخل غلاف البطارية كافية لإشعال المادة المتفجرة.
وذكر خبيران في البطاريات أن المتفجرات والتغليف شكلا نحو ثلث الحجم، وبالتالي فإن البطارية كانت تحمل جزءا ضئيلا من الطاقة بما يتفق مع وزنها الذي يبلغ 35 جراما.
وقال بول كريستنسن خبير بطاريات الليثيوم بجامعة نيوكاسل البريطانية "هناك جزء كبير من الكتلة غير محسوب".
وذكر المصدر اللبناني أن حزب الله لاحظ في مرحلة ما أن البطارية تنفد بشكل أسرع من المتوقع. ومع ذلك، لم يُثر هذا مخاوف أمنية كبيرة على ما يبدو وظل الحزب يُسلم أعضاءه أجهزة البيجر حتى قبل ساعات من الانفجار.
وفي 17 سبتمبر انفجرت الآلاف من أجهزة البيجر في وقت واحد في الضاحية الجنوبية لبيروت ومعاقل أخرى لحزب الله، وسبق الانفجار في معظم الحالات صوت ينبه إلى رسالة واردة.
وكان كثير من المصابين الذين تم نقلهم إلى المستشفى يعانون من إصابات في العين أو البطن أو بترت أصابعهم، مما يشير إلى أنهم كانوا قرب الأجهزة وقت التفجير، وفقا لشهود من رويترز.
وأدى الهجوم إلى جانب هجوم ثان في اليوم التالي شمل تفجير أجهزة اتصال لاسلكية (ووكي توكي) إلى مقتل 39 شخصا وإصابة أكثر من 3400.
وقال مصدران أمنيان غربيان إن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) يقف وراء الهجومين. ولم يتسن لرويترز تحديد مكان تصنيع هذه الأجهزة. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يشرف على الموساد، على طلب للتعليق. وأحجمت وزارة الإعلام اللبنانية والمتحدث باسم حزب الله عن التعليق على هذا التقرير.
ولم تنف إسرائيل أو تؤكد وقوفها وراء الهجومين. وبعد وقوعهما بيوم واحد أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بالنتائج "المذهلة للغاية" التي حققها الموساد في تعليقات تم تفسيرها على نطاق واسع في إسرائيل على أنها اعتراف ضمني بضلوع الجهاز في الهجومين.
وقال مسؤولون أمريكيون إنه لم يتم إبلاغهم بالعملية مسبقا.
الحلقة الضعيفة
ظاهريًا، بدا أن مصدر الطاقة لجهاز البيجر هو بطارية ليثيوم أيون عادية تستخدم في آلاف السلع الإلكترونية الاستهلاكية. ومع ذلك، عانت البطارية، التي تحمل رمز إل.آي-بي.تي783، من مشكلة: مثل البيجر، لم تكن موجودة في السوق. لذا، اختلق عملاء إسرائيل معلومات عن المنتج من الصفر.
وقال ضابط مخابرات إسرائيلي سابق، لم يكن مشاركا في عملية البيجر، لرويترز إن حزب الله يتبع إجراءات صارمة للتحقق مما يشتريه. وأوضح الضابط السابق، الذي طلب عدم نشر اسمه، "يجب التأكد من أنهم إذا بحثوا، فسيجدون شيئا... عدم العثور على أي شيء (عن المنتج) ليس بالأمر الجيد".
واختلاق قصص التمويه أو "الأساطير"، مهارة أساسية يتمتع بها العملاء السريون لأجهزة المخابرات. لكن ما جعل مخطط البيجر أمر غير عادي هو أن هذه المهارات يبدو أنها استخدمت مع منتجات إلكترونية واسعة الانتشار.
وبالنسبة لأجهزة البيجر، خدع العملاء حزب الله ببيع النموذج المصمم خصيصا، إيه.آر-924، تحت علامة تجارية تايوانية موجودة ومشهورة هي جولد أبوللو.
وقال رئيس شركة جولد أبوللو، هسو تشينج كوانج، للصحفيين بعد يوم من هجوم البيجر إنه جرى التواصل معه قبل حوالي ثلاث سنوات من قبل تيريزا وو وهي موظفة سابقة و"رئيسها الكبير واسمه توم" لمناقشة الحصول على ترخيص.
وذكر هسو أنه كان لديه معلومات ضئيلة عن رئيس وو، لكنه منحهم الحق في تصميم منتجاتهم الخاصة وتسويقها تحت العلامة التجارية جولد أبوللو واسعة الانتشار.
ولم تتمكن رويترز من تحديد هوية المدير، ولا ما إذا كان هو أو وو يعملان مع المخابرات الإسرائيلية.
وقال هسو إنه لم ينبهر بجهاز إيه.آر-924 عندما رآه، لكنه أضاف صورا ووصفا للمنتج إلى موقع شركته على الإنترنت، مما ساعد في منحه مساحة للعرض ومصداقية. لم تكن هناك طريقة لشراء إيه.آر-924 مباشرة من موقعه على الإنترنت.
وأضاف هسو أنه لا يعرف شيئا عن القدرات القاتلة للبيجر أو العملية الأوسع لمهاجمة حزب الله. ووصف شركته بأنها ضحية للمؤامرة.
وأحجمت شركة جولد أبوللو عن تقديم المزيد من التفاصيل. ولم تتلق رويترز ردا على المكالمات والرسائل المرسلة إلى وو. ولم تدل بتصريحات لوسائل الإعلام منذ الهجمات.
"أعرف هذا المنتج"
في سبتمبر 2023، تمت إضافة صفحات وصور على الإنترنت تظهر أجهزة البيجر إيه آر-924 وبطاريتها إلى موقع أبوللوسيستمز إتش.كيه دوت كوم apollosystemshk.com، وهو موقع إلكتروني قال إن لديه ترخيصا لتوزيع منتجات شركة جولد أبوللو، إضافة إلى جهاز البيجر وجهاز شحنه الضخم، بحسب مراجعة رويترز لسجلات الإنترنت وبيانات وصفية.
وذكر الموقع عنوانا في هونج كونج لشركة تسمى أبوللو سيستمز إتش.كيه. ولا توجد شركة بهذا الاسم في العنوان أو في سجلات الشركات بهونج كونج.
ومع ذلك، أدرجت سيدة الأعمال التايوانية وو الموقع على صفحتها على فيسبوك وكذلك في سجلات التأسيس عندما سجلت شركة تسمى أبوللو سيستمز في تايبه في وقت سابق من هذا العام.
ويركز قسم من موقع أبوللوسيستمز إتش.كيه دوت كوم على الأداء المتميز للبطارية. فعلى عكس البطاريات التي تُستخدم في تشغيل أجهزة الجيل الأقدم، تباهت الشركة بأن بطاريتها تعمل 85 يوما ويمكن إعادة شحنها عبر كابل يو.إس.بي، وفقا لموقع الشركة وفيديو ترويجي مدته 90 ثانية على يوتيوب.
ووجدت رويترز أنه في أواخر عام 2023، ظهر متجران للبطاريات على الإنترنت يبيعان تلك البطاريات الجديدة. وفي منتديين عبر الإنترنت مخصصين للبطاريات، ناقش المشاركون مصدر الطاقة، وعلى الرغم من أنه غير متاح تجاريا، كتب مستخدم باسم لميكيفوج في أبريل 2023 "أعرف هذا المنتج... لديه قائمة بيانات رائعة وأداء رائع". ولم تتمكن رويترز من تحديد هوية ميكيفوج.
وقال ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق وضابطا أمن غربيان لرويترز إن الموقع والمتجرين الإلكترونيين ومناقشات المنتديين تحمل السمة المميزة لمحاولات الخداع. وتم حذف المواقع من شبكة الإنترنت منذ تفجير أجهزة البيجر في لبنان، لكن لا يزال من الممكن مطالعة النسخ المحفوظة والمؤرشفة.
وقال قادة حزب الله، في أعقاب تفجير أجهزة البيجر، إنهم بدأوا تحقيقات داخلية لفهم كيف حدث الخرق الأمني وما إذا كان هناك جواسيس.
وكان الحزب قد تحول إلى استخدام أجهزة البيجر في بداية العام بعد أن أدرك أن اتصالات الهاتف المحمول عرضة للخطر بسبب التنصت الإسرائيلي، حسبما ذكرت رويترز في وقت سابق.
وقال أحد المطلعين على الأمر إن تحقيقات حزب الله ساعدت في كشف كيف استخدم عملاء إسرائيليون تكتيكات مبيعات قوية للتأكد من اختيار مدير المشتريات في حزب الله لأجهزة إيه.آر-924. وأضاف الشخص المطلع أن مندوب المبيعات الذي نقل العرض قدم سعرا منخفضا للغاية لأجهزة البيجر، "واستمر في خفض السعر حتى تم قبوله".
وأدانت السلطات اللبنانية الهجمات ووصفتها بأنها انتهاك خطير لسيادة لبنان. وفي 19 سبتمبر، في آخر خطاب علني له قبل أن تغتاله إسرائيل، قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إن تفجير الأجهزة "إعلان حرب" وتعهد بمعاقبة إسرائيل.
وفي أعقاب هجمات أجهزة البيجر، شنت إسرائيل حربا شاملة على حزب الله، بما في ذلك غزو بري لجنوب لبنان وضربات جوية قتلت معظم القيادات العليا للحزب.
وتعرض التحقيق الداخلي لحزب الله في هجوم أجهزة البيجر، والذي لا يزال جاريا، لانتكاسة في 28 سبتمبر بعد 11 يوما من انفجار الأجهزة، إذ اغتيل المسؤول الكبير في الحزب المكلف برئاسة تحقيق المشتريات، نبيل قاووق، في غارة جوية إسرائيلية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الكشف عن مصادر وحجم ثروة عائلة بشار الأسد في أحدث تقرير استخباراتي!
كشفت تقارير تفاصيل مثيرة عن ثروة عائلة الأسد من مصادر الدخل المتنوعة بين المخدرات والشاي والتبغ وغسيل الأموال.
المخدرات
وحسب مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، وهي منظمة بحثية عربية تتعقب تجارة الكبتاغون، فإن عائدات المخدرات ساعدت النظام السوري لسنوات لتعويض خسائره من العقوبات الاقتصادية الغربية، حيث حققت متوسط ربح سنوي يبلغ حوالي 2.4 مليار دولار بين عامي 2020 و2022. بعضها في منشآت يسيطر عليها ماهر.
مزرعة شاي في الأرجنتين
وبحسب تقرير استخباراتي ومصدر أوروبي ومستشار سابق للنظام السوري، بدأ ماهر الاستثمار في الخارج قبل الحرب، وشملت أصوله مزرعة شاي في الأرجنتين.
قطاع البناء المزدهر
وبحسب التقارير فإن صهر حافظ الأسد محمد مخلوف، الذي كان مسؤولا عن احتكار استيراد التبغ في البلاد، كان يحصل على عمولات كبيرة في قطاع البناء المزدهر، وعندما خلف بشار والده كرئيس عام 2000، سلم مخلوف إمبراطورية الأعمال إلى ابنه رامي.
وفي وقت لاحق أصبح رامي مخلوف الممول الرئيسي للنظام بأصول في البنوك والإعلام والمتاجر المعفاة من الرسوم الجمركية وشركات الطيران والاتصالات، حيث بلغت ثروته ما يصل إلى 10 مليارات دولار، وفقا للخارجية الأميركية.
وقال رامي مخلوف في طلب للحصول على الجنسية النمساوية إن عائلته اشترت فنادق “بوتيك” بقيمة 20 مليون يورو في فيينا، وامتيازا مرتبطا بملهى راقٍ في باريس.
وبحسب تحقيق أجرته منظمة مكافحة الفساد جلوبال ويتنس عام 2019، فإن أفراد عائلة مخلوف يمتلكون أيضا عقارات بقيمة 40 مليون دولار تقريبا في ناطحات سحاب فاخرة في موسكو.
ثروات عائلة الأسد
وبينما تشير تقديرات أن ثروات عائلة الأسد تتراوح بين مليار و12 مليار دولار، تم اكتسابها غالبا من خلال احتكارات الدولة وعمليات غسيل الأموال وشبكات الاتجار بالمخدرات وخاصة الأمفيتامين والكبتاغون. وتضم ممتلكات العائلة عقارات فاخرة في روسيا، وفنادق في فيينا. وفقا لمسؤولين أميركيين سابقين ومحامين ومنظمات بحثية حققت في ثروات عائلة الأسد.
المرصد
إنضم لقناة النيلين على واتساب