لجريدة عمان:
2025-03-15@23:20:50 GMT

ما بين حرق القرآن والتوراة

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

نجح الكيان الصهيوني في منع حرق نسخة من التوراة في السويد، حسبما كان مخططًا له يوم الجمعة الثامن والعشرين من يوليو 2023، بعد أن تحدّث إيلي كوهين وزير خارجية الكيان مع توبياس بيلستروم وزير الخارجية السويدي، وأوضح له أنّ إسرائيل تأخذ على محمل الجد استخدام التهديدات لحرق التوراة في السويد، وأنّ «الحرق يمكن أن يضر بالعلاقات بين البلدين»، فيما أعلنت الخارجية الإسرائيلية عن «نشاط دبلوماسي كبير» لمنع وقوع حادثة حرق التوراة.

اتخذت إسرائيل خطوات استباقية للحؤول دون وقوع الأمر؛ فكان من نتيجة ذلك تراجع الشرطة السويدية عن «سماحها» بتنظيم المظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم التي كان مزمعًا أن تجري فيها حادثة الحرق؛ ولم تكتف بهذا التراجع بل انبرت المتحدثة باسم الشرطة السويدية للتوضيح لوكالة «فرانس برس» أنّ الشرطة «لا تصدر تصاريح بحرق نصوص دينية ، وإنما تصدر تصاريح لعقد اجتماعات عامة والتعبير عن الآراء، وهذا فرق مهم». ولم يكن تحرك الخارجية الإسرائيلية هو الوحيد، فقد استبق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خطوة السلطات السويدية بتلبية طلب التجمع بأن أدانه بشدة، فيما وجّه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ انتقادات حادة، لهذه الخطوة، ووصفها بأنها «تحريض على الكراهية.. وليست إبداء لحرية التعبير».

وإن كانت السويد قد استجابت للضغوطات الإسرائيلية، إلا أنها أثبتت أنها تتعامل بالازدواجية؛ ففي الوقت الذي تدعي فيه أنها تسمح بحرية التعبير لكلّ من يريد أن يعبّر عن رأيه، حتى لو كان الأمر يتعلق بحرق كتاب مقدس، ولكن لما يكون هذا الكتاب هو التوراة تختفي حرية التعبير، وينبغي أن أوضح أولًا أننا لسنا مع حرق أيّ كتاب مقدس، بل لسنا مع حرق أيّ كتاب كان؛ لكن المقارنة بين الموقف الإسرائيلي من حرق نسخة من التوراة، والمواقف العربية والإسلامية من حرق القرآن الكريم - الذي حصل فعلا في السويد وبعد ذلك في الدنمارك - يدل بوضوح على مكانة الطرفين في العالم؛ إذ أنّ القوة تفرض نفسها، وتهاب الدولُ دائمًا الطرف القوي في المعادلة؛ ومن هنا نتعامل مع نجاح الكيان في تحذير السويد من مغبة حرق التوراة، ونُرجِع ذلك إلى قوة إسرائيل وتأثيرها وقدرتها على التحرك السريع لوقف أيّ خطوة تعتبرها «عدوانية»، في وقت يغيب فيه التحرك العربي الإسلامي الرسمي، ويُترَك الأمر للعواطف أن تشتعل في قلوب الجماهير، ولعل في ذلك خدمة للأنظمة؛ إذ يجد الناس ما يشغلهم عن الهموم الوطنية اليومية، كالمعاش والفقر والبطالة والفساد، والمطالبة بحياة أفضل وغيرها من الأمور. ولنا أن نتخيل لو كان العرب والمسلمون من القوة بمكان، هل كانت السلطات الغربية - عامة - تتجرأ على الإساءة للمسلمين، وللنبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم، وللقرآن الكريم، مثلما يحدث دائمًا ؟

أصبح معلومًا اليوم أنّ نفسية العرب والمسلمين هشّة، تعتمد فقط على العاطفة؛ فمع كلّ حدث يهان فيه الإسلام ونبيّه عليه الصلاة والسلام وكتاب المسلمين، تنطلق دعوات عاطفية علنًا هنا وهناك، تطالب بمقاطعة الدولة الفلانية أو الشركة الفلانية، ثم تخرج بيانات غير موثقة عن خسائر تلك الدول، ثم يعود كلّ شيء إلى ما كان عليه، ولكن النقاش الجاد عن الاستغناء عن تلك الدول وما تصدّره لنا، والتوجه إلى الإنتاج الصناعي والزراعي والعمل على الاكتفاء الذاتي، والاهتمام بالعلم، لا أحد يتطرق إليه أبدًا، وكأننا رضينا أن نكون مجرد مستهلكين فقط، نعيش تحت رحمة ما يحلو لكثير منا تسميتها «الدول الكافرة»، التي سخرّها الله لنا، كوننا «مسلمين أو مؤمنين» فقط، حسب شهادات الميلاد.

وإذا كنتُ أرى أنّ الشعوب العربية عاطفية - كما ذكرتُ غير مرة - إلا أنّ الكاتب محمد هنيد يرى أنّ «مقولة الشعوب العاطفية تصنيفٌ خارجي، يحدّد أصنافًا من الشعوب باعتبارها أقرب إلى العاطفة في سلوكها وردود أفعالها وحتى في وعيها الباطن أو السطحي، وهو ضمنيّا يصنّف شعوبًا أخرى باعتبارها شعوبًا عقلانية أقلّ عاطفية، تعتمد على المنطق وعلى الأحكام الموضوعية في سلوكاتها اليومية، وفي بناء شخصيتها وتحديد ردود فعلها»، ولكنه مع ذلك يذكر في مقال كتبه لموقع «عربي21»: «لا يمكن بأيّ حال من الأحوال إقصاء البعد النفسي الوجداني أو العاطفي من ثورات «الربيع العربي» سواء تعلّق ذلك بالفرد أو بالجماعة»، ويصل إلى أنّ «الشعوب العربية تعيش اليوم منعرجًا حاسمًا على مستوى وعيها بنفسها وبمحيطها، وهو الوعي القادر على إحداث تغيير جذري في واقعها بشكل لا يجعل منها شعوبًا عاطفية أو عقلانية؛ بل شعوبًا مدركة واعية، مهما كانت طبيعة المدخل إلى هذا الوعي السليم: العاطفة أو العقل أو كلاهما».

وإذا ما غضضنا النظر عن الجانب العاطفي في الشعوب العربية وتفاؤل الكاتب محمد هنيد، وعُدنا إلى الاحتجاجات العربية والإسلامية، فقد كانت هناك حركة استدعاء سفراء السويد في أكثر من بلد - وهي ظاهرة جيدة - كما أنّ بيانات رسمية صدرت في أكثر من عاصمة تندد بحرق القرآن الكريم، وكانت بيانات أقرب إلى أن تكون لذر الرماد في العيون، إلا أنّ تصريح حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، كان الأفضل والأقوى في وصف الحالة العربية والإسلامية، إذ وصف أعضاء منظمة التعاون الإسلامي بأنهم «أموات» جراء «مواقفها الضعيفة» تجاه حوادث حرق المصحف، مشيرًا إلى أنّ هذا «ليس مفاجئًا على الإطلاق»، وقال إنّ «إعادة الاعتداء على القرآن الكريم من قبل شخص ملعون هو إهانة لمليار مسلم في العالم»، ودعا شباب المسلمين إلى معاقبة من وصفهم بـ«المسيئين» إلى القرآن، قائلا: «لم يعد هناك أيّ معنى لتنتظروا أحدا.. لا جامعة عربية.. ولا منظمة تعاون إسلامي، أنتم يجب أن تنصروا مصحفكم ومقدساتكم.. وتعاقبوا هؤلاء المجرمين المسيئين الملعونين أشد العقاب». وما ذهب إليه حسن نصر الله لمعاقبة المسيئين، هو ما ذهبت إليه أيضًا وزارة الخارجية الروسية، الذي ذكرت في بيان لها أنّ «إفلات المشاركين في هذا الحادث من العقاب، قد يؤدي إلى عواقب كارثية لا يمكن التنبؤ بها، وأنه يجب على المجتمع الدولي مقاومة مثل هذه الأعمال غير القانونية».

وإذا كانت بعض الدول إسلامية قد عبّرت عن احتجاجها على هذه الحوادث باستدعاء السفير السويدي، وبإصدار بيانات إنشائية لا تسمن ولا تغني من جوع، دون أن يلحق ذلك قرارات حاسمة، فإنّ تصرف الكيان الصهيوني في خطوة استباقية تجاه السويد لمنع حرق التوراة، هو تصرف يُحسب لها، ودلالته أنه يعبّر عن إخلاص قادة الكيان لكتابهم المقدس، فلا مجال للمقارنة بيننا وبينهم، وهذا ما تعلمه جيِّدا السويد وغيرها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حرق التوراة شعوب ا

إقرأ أيضاً:

أكبر إفلاس في السويد

السويد – أعلنت شركة “نورث فولت” السويدية لصناعة البطاريات إفلاسها بعد مواجهة صعوبات مالية وعملية إعادة هيكلة داخلية.

وذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” أنه تم تقديم طلب الإفلاس إلى المحكمة المحلية في ستوكهولم، وفقا لما أعلنته الشركة أمس الأربعاء.

وجاء في بيان الشركة: “مثل العديد من الشركات في قطاع تصنيع البطاريات، واجهت “نورث فولت” في الأشهر الأخيرة سلسلة من التحديات المعقدة التي أثرت على وضعها المالي. ومن بين هذه التحديات التي لم تتمكن الشركة من التغلب عليها: ارتفاع تكاليف رأس المال، عدم الاستقرار الجيوسياسي، اضطرابات في سلاسل التوريد، وتغيرات في الطلب السوقي”.

وكانت “نورث فولت” قد قدمت في نوفمبر الماضي طلب إفلاس في الولايات المتحدة. وفي فبراير الماضي، باعت الشركة مصنعها للبطاريات في مدينة غدانسك البولندية لصالح عميلها الرئيسي، شركة تصنيع الشاحنات “سكانيا”.

ووفقا لصحيفة “داغنس نيهتر”، يعد إفلاس “نورث فولت” أكبر إفلاس في السويد في العصر الحديث. حيث جذبت الشركة استثمارات وقروضا ومنحا بقيمة 13.5 مليار يورو، وكانت ديونها تبلغ 5.8 مليار دولار عند بدء عملية إعادة الهيكلة.

تأثير الإفلاس على أوروبا

وأشارت صحيفة “فاينانشال تايمز” إلى أن إفلاس الشركة السويدية يعد ضربة قوية لمحاولات أوروبا لمنافسة الصين في صناعة البطاريات، حيث أن الشركات الصينية لديها وجود قوي في أوروبا.

وتقوم شركة “كاتل” الصينية، التي أصبحت رائدة عالميًا في هذا المجال، ببناء مصانع في ألمانيا وهنغاريا (المجر) وإسبانيا.

وسيؤدي إفلاس الشركة إلى فقدان حوالي 1000 موظف في مصنعها الرئيسي في مدينة شيلفتيو شمال السويد لوظائفهم. ويضم المصنع أكثر من 6000 موظف.

وتأسست “نورث فولت” في السويد عام 2015، وكانت تهدف إلى أن تصبح أكبر منتج لبطاريات السيارات في أوروبا. ومع ذلك، واجهت الشركة مشاكل منذ بدء الإنتاج. وكان من المقرر أن تصل الطاقة الإنتاجية للمصنع في شيلفتيو إلى 16 غيغاواط/ساعة بحلول عام 2023، لكنها لم تعمل إلا بقدرة محدودة.

كما فشلت الشركة في تصنيع المواد الخام اللازمة لإنتاج البطاريات محليا، واضطرت إلى استيرادها من الصين. بالإضافة إلى ذلك، شهد المصنع عددا من الحوادث الصناعية، وفي سبتمبر الماضي أعلنت الشركة عن تسريح خمس قوتها العاملة.

وكان قادة الاتحاد الأوروبي قد حذروا في عام 2023 من أن الاتحاد قد يصبح معتمدا على البطاريات الصينية.

المصدر: “داغنس نيهتر” + “فاينانشال تايمز”

Previous قادربوه يتفقد مشروع مبنى الهيئة بالفرناج ويؤكد الالتزام بالجودة والجدول الزمني Related Posts سوريا.. وصول ناقلة تحمل أكثر من 30 ألف طن من مادة المازوت (صور) إقتصاد 13 مارس، 2025 استقرار الذهب مع متابعة الأسواق للتوترات التجارية إقتصاد 12 مارس، 2025 أحدث المقالات أكبر إفلاس في السويد قادربوه يتفقد مشروع مبنى الهيئة بالفرناج ويؤكد الالتزام بالجودة والجدول الزمني السويح: تعديل الإعلان الدستوري ممكن إذا حققت اللجنة الاستشارية التوافق أول تعليق مصري رسمي على “تراجع” ترامب عن خطته بشأن غزة البعثة الأممية: 29 شابًا وشابة يطالبون بإصلاحات اقتصادية حقيقية في ليبيا

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • طريق البخور في العُلا .. شريان التجارة والتاريخ في الجزيرة العربية
  • موقع صهيوني يؤكد فشل الكيان والتحالف الدولي في مواجهة التهديد اليمني
  • وضع الأوطان مرآة لحكامها وليس لشعوبها!!!
  • وزير الرياضة يشهد إطلاق الكيان الشبابي في أسوان
  • من مقر الأمم المتحدة بنيويورك: الرابطة تُسمع العالم صوت الشعوب المسلمة في يوم مكافحة “الإسلاموفوبيا”
  • وزير الخارجية اللبناني يؤكد أن موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني غير مطروح نهائيًا
  • مجدداً.. الكيان الإسرائيلي في مواجهة الحصار اليمني
  • تحقيق أممي: الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة في غزة عبر تدمير قطاع الصحة الإنجابية
  • نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
  • أكبر إفلاس في السويد