جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-16@18:47:36 GMT

ثراء عُمان بأدوار نسائها

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

ثراء عُمان بأدوار نسائها

 

زكريا الحسني

المرأة هي نواة الأمم وثراؤها، ولا تحلو الحياة من غير المرأة.

الإسلام كرَّم المرأة وجعل لها دورا محوريا في تكوين المجتمع، فالمرأة بجانب الرجل في مشروع الحياة والأسرة.

ويكفينا أن نتذكر المرأة المجيدة التي ساهمت في نمو شجرة الإسلام، بأن وقفت إلى جوار النبي الأكرم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وقفة مساندة في كل مجال أمكن، حتى جاء في تفسير قوله تعالى: "وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى" (الضحى:8)، أي بمال السيدة خديجة رضي الله عنها، ففي تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي قال المباركفوري: "قوله تعالى (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) أي بمال خديجة رضي الله عنها على ما قاله المفسرون".

لقد ساندت رسولنا في مشروعه المتمثل بالرسالة الإلهية بالحال والمال، وكانت سنده المتين والناصح الأمين، وكانت من سادة القوم ومن أكبر تجار مكة، تقدم لها كثير من سادة قريش يطلبون الزواج بها إلّا إنها كانت تأبى الزواج، لأنَّ مشيئة الله شاءت أن تكون هذه المرأة العظيمة لسيد الخلق، وكان النبي الكريم قد قال عنها: "آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدا إذ حرمني أولاد النساء" (رواه أحمد وحسنه الهيثمي في المجمع). وقد أنجبت للنبي صلى الله عليه وسلم بنتًا صارت سيدة نساء أهل الجنة، فقد قال النبي لفاطمة يومًا: "ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين". (متفق عليه).

لقد أدرك السلطان قابوس- طيب الله ثراه- باستشرافه للمستقبل أن الأمم لا تتحضر إلا بمشاركة حقيقية من جانب المرأة في بناء الحضارة، لهذا قال رحمه الله: "لقد أولينا، منذ بداية هذا العهد اهتمامنا الكامل لمشاركة المرأة العُمانية، في مسيرة النهضة المباركة فوفرنا لها فرص التعليم والتدريب والتوظيف ودعمنا دورها ومكانتها في المجتمع، وأكدنا على ضرورة إسهامها في شتى مجالات التنمية، ويسرنا ذلك من خلال النظم والقوانين التي تضمن حقوقها وتبين واجباتها، وتجعلها قادرة على تحقيق الارتقاء بذاتها وخبراتها ومهاراتها من أجل بناء وطنها، وإعلاء شأنه. ونحن ماضون في هذا النهج، - إن شاء الله - لقناعتنا بأن الوطن في مسيرته المباركة، يحتاج إلى كل من الرجل والمرأة فهو بلا ريب، كالطائر الذي يعتمد على جناحيه في التحليق إلى آفاق السماوات، فكيف تكون حاله إذا كان أحد هذين الجناحين مهيضا منكسرا؟ هل يقوى على هذا التحليق". (الخطاب السامي خلال دور الانعقاد السنوي لمجلس عُمان بتاريخ 16 نوفمبر 2009).

وقرر السلطان الراحل تخصيص يوم للمرأة العُمانية بتاريخ السابع عشر من أكتوبر من كل عام احتفالًا بها وتقديرًا لما قدمته وتقدمه وستقدمه من بذل وعطاء في خدمة مجتمعها.

إنَّ ذلك الاهتمام الفريد في جعل المرأة تساهم في منجزات النهضة العُمانية أفرز تواجدها في سائر المهن الإدارية والقيادية والتنفيذية والأجهزة العسكرية والأمنية، فقد تبوأت العديد من المناصب المرموقة، فضلا عن المهن المختلفة من طب وهندسة وجيولوجيا والطقس وتربية وتعليم وصحافة واعلام، وحقول الأدب والشعر والتأليف، وما إلى ذلك من المهن. وبكلمة جامعة: العُمانية اليوم في كل حقل تنموي.  

والملاحظ اليوم أن السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- تؤدي دورًا بارزًا في دعم المرأة العُمانية وتشجيعها ودفعها إلى الإمام في تقديم مساهماتها لدفع عجلة التنمية إلى الأمام، ولا شك فإن لهذا التشجيع والدعم دور بارز في تحفيز العُمانية وجعلها تمارس دورًا حيويًا في تحقيق عُمان لرؤيتها حول مستقبل التنمية كما سجلته رؤية "عُمان 2040".

وما أجمل ما مدح به المفكر علي الهويريني، المرأة عندما قال:

"هي الشمس أصل النور إن هي أشرقت..

‏كأم يوسف جاءت في التأويل.

‏هي الشمس وما البعل إلا صورة من ضيائها..

‏ كما ترى في المرايا نفسها النفس".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المرأة العٌمانية ودورها في ترسيخ الهُوية الوطنية

الهوية الوطنية من الموضوعات المهمة في عصرنا الحالي، في خضم التسارع في استحداث التقنيات وتضخم المعلومات وسهولة إتاحتها للجميع، والتطورات الهائلة في عالم التكنولوجيا والاتصال، وظهور منصات التواصل الاجتماعي التي سهلت وسرعت من تدفق المعلومات والأفكار المستوردة.

إنها ثورة عصرية بلا شك نشهدها منذ فترة، ومحاولات مستمرة لذوبان الهويات، وخلق قوالب موحدة لهويات عالمية.

ويبقى التحدي في كيفية التمسك بالأصالة والقيم والسمت في المجتمعات، والتكيف مع التطورات، وتوظيف الأدوات والتقنيات الحديثة بطرق إيجابية تخدمنا جميعًا، لا أن ننجرف نحو تيارات تنسف هويتنا الأصلية. وفي دراسة سابقة قمت بها لتحليل مفردات أولوية رؤية عُمان 2040 «الهوية والمواطنة والتراث والثقافة الوطنية»، لربط هذه المفردات ببعضها البعض، ومحاولة إيجاد الترابط الجوهري فيما بينها، وإيجاد تعريفات للهوية الثقافية العُمانية والسمات والسلوكيات المتوارثة التي جعلت من المجتمع العُماني مختلفًا عن باقي الشعوب، وجدت أن معرفة الهوية الوطنية والثقافية لعُمان مطلب أساسي، لرفع درجة وعي المواطن بهويته الوطنية، والاعتزاز والتمسك بها. وإن معرفة تاريخه وأمجاد العمانيين عبر الزمن، يفسح المجال لمعرفة مدى عمق التاريخ العُماني، وأثره على المستويات: المحلية، والإقليمية، والدولية، حتى بزوغ حضارة عُمان من فجر التاريخ الإنساني، وكشف عما قدموه من خير وأثر وفضل للبشرية، وفي نشر الإسلام أيضًا. وعن ما غرسوه في مواطنيهم من هوية متكاملة، تميزت بها سلطنة عُمان عن سائر البلدان. كما أوصلني ذلك، أن معرفة مفهوم المواطنة والمواطنة المسؤولة يسهم في تعزيز الهوية الوطنية للأفراد والانتماء للأرض، ومعرفة المساحة المتاحة للمشاركة الفاعلة لبناء المجتمع، وأمثلتها النموذجية. كما أن الأسرة هي شريك أساسي يساند المدرسة في تربية وتأهيل الناشئة لمعرفة وتأصيل الهوية الوطنية والثقافية ومعرفة ما يميزنا عن باقي الشعوب. وإن تغيرت بعض من ملامح الهوية مع التحديثات والمتغيرات ومتطلبات العالم المعاصر، إلا أنها تبقى أصيلة الجوهر، ويصعب الانسلاخ كليًا عنها. وبذلك تكون درجة الولاء متجذرة أكثر عند الأفراد الذين يرفضون عمليات التغيير ومقاومتهم عالية للتحديث والانفتاح. كما أن الولاء للوطن عبارة عن مجموعة من الممارسات والسلوكيات الإيجابية التي يحملها الفرد تجاه وطنه، وتترجم في العطاء المستمر، والمسؤولية تجاه الأرض، والتضحية من أجل رفعة الوطن وبنائه، والعمل الدؤوب لخدمته، وهذه المشاعر قد تكون بالفطرة وقد تكون مكتسبة من المحيط والبيئة، والتنشئة الصحيحة، فالشعور بالولاء والانتماء للوطن يعني وجود شعور بالطمأنينة والاستقرار وأنه جزء لا يتجزأ من هذه الرقعة الجغرافية، وهذا الشعور لا يتحقق إلا بالمعرفة الكافية حول قيمة الوطن وبناء معتقدات وقيم متجذرة في العمق، لذلك ولكل ما ذكرت ولإيماني التام بضرورة نشر الوعي حول الهوية الوطنية ومعرفة هويتنا الثقافية، أرى أن الدراسات حول موضوع الهوية من الضروريات الحتمية لتحقيق أهداف رؤية عُمان 2040 ولتحقيق ممارسات أولويتها، ولترسيخ الهوية، وإذا ما تحدثنا عن أهمية نشر الوعي حول الهوية، فإن المرأة العُمانية تلعب دورًا محوريًا منذ القدم في توارث ونقل ثقافة المجتمع، فهي الأم والمربية والمعلمة والقدوة لتنشئة أجيال متمسكين بالقيم والسمت الأصيل، مقدرين لتاريخهم وأمجادهم، ومفتخرين بهويتهم وثقافتهم بين الشعوب، وبحكم أن الأم لها نسبة تأثير أكبر على الأبناء في غرس القيم والعادات والتقاليد في مرحلة الطفولة والتنشئة، وأن هذه المرحلة تعتبر من أهم المراحل التي تسبق المدرسة لمعرفة ماهيتنا، وبناء معتقدات وروابط اجتماعية وعلاقات وممارسات تحدد مستوى انتماءاتهم، والتي تتكون وفق عمليات اجتماعية متراكمة يمر بها الفرد منذ النشأة، ويندمج من خلالها إلى جماعات مختلفة، تبدأ من الأسرة، ثم المدرسة، والمنطقة..إلخ، وطوال هذه الفترة تكون الأم هي الأكثر ملازمة لأطفالها حتى يتمتع بالشخصية الاجتماعية، وهذه الشخصية تبدأ في الانغماس مع الآخرين، وممارسة السلوكيات التي تعلم عليها، مما يؤدي إلى انتمائه بلا وعي للمكان والمعتقدات والقيم ويتحلى بالسمت الأصيل. إن المرأة العُمانية تقوم بأدوار عظيمة شملت التربية والتعليم وتنشئة الفرد فكريًا وعاطفيًا وأخلاقيًا، لبناء مجتمع سليم يستمد قوته من قوة أفراده، فالنمو وتنشئة الفرد بقدر ما هو أساسي للتربية، فهو غاية من غايات تطور المجتمعات القائمة على شبابه المعتز بثقافة وطنه ومقدر هويته الوطنية وبتفاخر بها بين الشعوب في العالم.

د. حنان بنت محمود أحمد / باحثة في الهُوية الوطنية والدراسات الإعلامية

مقالات مشابهة

  • المرأة العُمانية.. سندٌ للإنسانية
  • المرأة العُمانية .. وطنٌ بأكمله
  • المرأة العُمانية.. تمكين وعطاء وريادة
  • يوم المرأة العُمانية.. إشراقة في سماء الإنسانية
  • المرأة العُمانية.. رمز القوة والعطاء
  • العُمانية تفوح ألقًا
  • التقاعد المبكر.. والحماية الاجتماعية للمرأة العُمانية
  • المرأة العٌمانية ودورها في ترسيخ الهُوية الوطنية
  • تحقيق مكسب للمرأة العُمانية في كل عام