لماذا أوروبا غير مستعدة للدفاع عن نفسها؟
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
منذ عقود من الزمن، والدول الأوروبية ذات العضوية في حلف الناتو تقلل من الإنفاق العسكري لمصلحة أولويات أخرى، مما أضعف جيوشها وجعلها غير قادرة للصمود أمام "الغزاة" إلا بدعم من الولايات المتحدة، كما يرى خبراء أمريكيون.
وثمة أسباب كثيرة، داخلية وخارجية، أسهمت في جعل أوروبا ضعيفة عسكرياً، وتعتمد اعتماداً كلياً على الجيش الأمريكي لحمايتها، إذا تعرضت لأي هجوم مباغت، وهو ما يبدو احتمالا أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية إن معظم عساكر أوروبا لا تتمتع بالخبرة في التخطيط ولا في قيادة العمليات المشتركة ذات النطاق الواسع بحيث تشمل دول عدة.
وتتكون القوات الأوروبية من جيوش وطنية منفصلٍ بعضُها عن بعض، وتعتمد على الولايات المتحدة في القيادة والتنسيق ضمن إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وعمدت الدول الأوروبية على تخفيض الإنفاق على الجيوش والمعدات العسكرية منذ نهاية الحرب الباردة، بصورة فاقت بكثير التخفيض الذي اتبعته الولايات المتحدة، وأصبحت ميزانيات الدفاع في أوروبا عبئا على دول القارة التي رأت أنه يمكن تحويل جزء من هذه الميزانيات إلى أمور أخرى ذات أولوية، مثل رعاية المسنين، وفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
لكن التقليصات لا تروي القصة كلها، إذ إن القدرة الحقيقية تعني أن تكون القوات مدربة ومسلحة تسليحاً جيداً، بينما ثمة مركبات قتالية أوروبية مدرعة سيئة الصيانة، كما أن السلاح لدى الجنود متدهور، وهناك ألوية عسكرية تفتقر للذخيرة وخطوط الإمداد اللازمة لخوض حرب طويلة، فضلا عن صواريخ لم تُختبر في ساحة المعركة، وكل هذا يستنزف الجيوش الأوروبية بعيدا عن أعين الرأي العام.
وفي المحصلة، يرى الخبراء العسكريون الأمريكيون أن جيوش الدول الأوروبية غير مستعدة لخوض حرب طويلة الأمد فأحرى أن تنتصر فيها.
Relatedمستشار في مجلس الأمن القومي الأمريكي: بوتين مخطئ إن ظن بوسعه الصمود أمام الناتو الداعم لأوكرانيابسبب "تهديد محتمل".. تعزيز الأمن في قاعدة جيلينكيرشن الجوية التابعة لحلف الناتو في ألمانيا استياء إيطالي من تعيين دبلوماسي إسباني في حلف الناتوشاهد: بمشاركة 9 آلاف جندي.. "الناتو" يطلق أكبر مناورة عسكرية في منطقة بحر البلطيق المسألة أكبر من ترامبأما في الخارج، فالمؤشرات كلها سلبية.
ويرى أوروبيون أن الخطر الأكبر يأتي من المرشح الجمهوري في الولايات المتحدة، دونالد ترامب، الذي قال في مقابلة صحفية في الآونة الأخيرة: إن "الحلفاء استغلونا أكثر من أعدائنا"، ويقصد الأوروبيين، مضيفاً أن "هذا الأمر لن يستمر للأبد".
وذهب ترامب إلى حد اقتراح أن تمتنع بلاده عن مساعدة الحلفاء في الناتو الذين لا يدفعون ما عليهم من مساهمات في ميزانية الحلف، في حال انتخابه، وهذا إن حدث، فسوف يترك الأوروبيين وحدهم في مواجهة روسيا.
وبحسب "بلومبرغ"، فإن تصريحات ترامب "الاستفزازية"، تتجاوز الانقسام السياسي في واشنطن، بمعنى أن هناك تياراً عاماً في الولايات المتحدة يتبنى الأفكار نفسها.
وهذا يعني أن على الدول الأوروبية بناء جيوشها القوية، عوضاً عن الإبقاء على ميزانيات هزيلة مخصصة للدفاع، ثم الاعتماد على الولايات المتحدة.
ومما يزيد خطورة الاعتماد على الأمريكيين: صعود الصين كقوة عسكرية، مع خططها المفترضة للسيطرة على جزيرة تايوان، ما جعل الولايات المتحدة تستعد لسيناريو حربي تضطر فيه لتحويل أسلحتها بعيدا عن شمال المحيط الأطلسي لخوض حرب في شرق آسيا.
وأظهرت حرب أوكرانيا، التي تشكل أكبر صراع دموي في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، عزم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على انتزاع نفوذ في الفضاء السوفيتي السابق، وفي حال أصبحت إحدى الدول الأعضاء في حلف الناتو هدفاً له، فسوف يضطر الحلفاء للإسراع في المساعدة.
وبعد عقود من الانشغال بعمليات مكافحة التمرد في الأراضي النائية، يفكر أعضاء الناتو الأوروبيون في سيناريو لم يتم تصوره بجدية منذ سقوط الاتحاد السوفييتي - ويتعلق الأمر باحتمال اندلاع حرب برية كاملة النطاق في أراضيهم.
وقد يكون من الضروري خوض مثل هذه الحملة بدون القوة النارية الكاملة للولايات المتحدة، الحليف الذي لا غنى عنه والذي استطاع أن يضمن أمن المنطقة منذ الحرب الباردة حتى الآن.
منذ وصوله إلى السلطة في فرنسا عام 2017، والرئيس إيمانويل ماكرون يكرر الدعوة لتعزيز الدفاعات الأوروبية، وحتى بناء جيش أوروبي.
ويقول ماكرون إن هذا الجيش سيمكن أوروبا من الدفاع عن نفسها، ولن يتركها رهينة للإرادة الأمريكية.
لكن العديد من الحلفاء في أوروبا يرفضون هذه الفكرة، على اعتبار أن حلف الناتو موجود ويعمل منذ عقود، ولا يمكن استبداله بمجرد أفكار نظرية لا وجود لها على الأرض.
ومع أن فكرة ماكرون ليست جديدة، فإنه كان أول رئيس أوروبي يتبناها.
المصادر الإضافية • وكالة "بلومبرغ" الأمريكية
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تحديات الهجرة في أوروبا: بين الحدود المغلقة وحقوق الإنسان المهددة رغم الحرب والعقوبات.. روسيا تحتفظ بمكانتها كثاني أكبر مورد للغاز إلى أوروبا لافروف: الغرب يخادع برغبته تجنب التصعيد في أوكرانيا.. وإذا قامت حرب عالمية ثالثة ستعم كوارثها أوروبا روسيا الولايات المتحدة الأمريكية أنظمة الدفاع الجوي أوروباالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 غزة لبنان إسرائيل حروب السياسة الإسرائيلية الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 غزة لبنان إسرائيل حروب السياسة الإسرائيلية روسيا الولايات المتحدة الأمريكية أنظمة الدفاع الجوي أوروبا الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 غزة لبنان إسرائيل حروب السياسة الإسرائيلية حزب الله ضحايا فيضانات سيول جنوب لبنان فولوديمير زيلينسكي السياسة الأوروبية الولایات المتحدة الدول الأوروبیة یعرض الآن Next حلف الناتو فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
القمة الأوروبية في لندن: تشديد على أهمية إعادة تسليح أوروبا وتوحيد الصف الغربي ودعم أوكرانيا
انطلقت في لندن، اليوم الأحد، قمة استثنائية بمشاركة قادة أوروبيين لمناقشة الأمن ودعم أوكرانيا، بعد يومين فقط من المواجهة الحادة بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
استضاف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أكثر من عشرة قادة أوروبيين، إضافة إلى ممثلين عن كندا وتركيا، في قصر لانكستر هاوس بوسط لندن، حيث جرت مناقشات حاسمة حول مستقبل أوكرانيا والتحديات الأمنية التي تواجه أوروبا.
وشملت قائمة الحاضرين قادة كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا والنرويج والدنمارك وفنلندا والسويد وبولندا ورومانيا وجمهورية التشيك، إلى جانب وزير الخارجية التركي. كما شاركت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته.
وانضم زيلينسكي إلى القمة، وسط تكهنات حول نتائج المحادثات الأوروبية في ظل الغياب الأمريكي، حيث تحاول العواصم الأوروبية تنسيق موقف مشترك بشأن مستقبل الصراع في أوكرانيا.
ستارمر: لحظة حاسمة لأوروباوفي مستهل القمة، وصف ستارمر الاجتماع بأنه "لحظة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل"، مشددًا على ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة بشأن مستقبل القارة.
وكان ستارمر قد أكد، أن المملكة المتحدة وفرنسا تعملان على صياغة خطة مقترحة لوقف إطلاق النار في أوكرانيا سيتم تقديمها لاحقًا إلى إدارة ترامب.
Relatedصدمة عالمية من مشادة ترامب وزيلينسكي.. وتضامن أوروبي مع الرئيس الأوكراني إلا أوربان"فشل سياسي لأوكرانيا".. هكذا علّقت روسيا على المشادة الكلامية بين ترامب وزيلينسكيستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامبكما أعرب في وقت سابق عن استعداده لإرسال قوات بريطانية كجزء من بعثة حفظ السلام في أوكرانيا، لكنه شدد على ضرورة وجود دعم عسكري أمريكي لضمان استقرار أي اتفاق محتمل. ومع ذلك، لم يتمكن ستارمر من الحصول على ضمانات من واشنطن خلال زيارته الأخيرة للبيت الأبيض.
ميلوني وستارمر: وحدة الصف الغربي ضرورةوقبيل انعقاد القمة، التقت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني بنظيرها البريطاني، حيث أكدت على أهمية منع أي انقسام غربي، محذرة من أن أي تفكك في الموقف الأوروبي سيضعف الجميع.
وقالت ميلوني: "أعتقد أنه من الضروري تجنب خطر الانقسام داخل الغرب، وأرى أن المملكة المتحدة وإيطاليا يمكنهما لعب دور محوري في هذا المجال".
ودعت ميلوني إلى عقد اجتماع بين القادة الأوروبيين والأمريكيين لتعزيز وحدة الصف، مؤكدة أن التعاون في مجالات الأمن والدفاع والطاقة ومكافحة الهجرة غير النظامية يجب أن يكون أولوية مشتركة.
من جانبه، شدد ستارمر على مدى التقارب بين سياسات بلاده وإيطاليا، مشيرًا إلى أن الدولتين تتبنيان نهجًا مشتركًا في التعامل مع القضايا العالمية.
سانشيز يؤكد دعم إسبانيا لأوكرانيامن جانبه، أعرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن دعمه القوي لأوكرانيا، حيث احتضن زيلينسكي بحرارة بعد التقاط صورة جماعية خلال القمة. وأكد سانشيز، أن إسبانيا ستفعل كل ما في وسعها لضمان أمن وحرية أوروبا.
وكان سانشيز قد زار كييف في الذكرى السنوية الثالثة للحرب، حيث أعلن عن حزمة دعم جديدة تشمل مساعدات عسكرية ومالية وإنسانية بقيمة مليار يورو.
كما شدد على موقف بلاده الثابت إلى جانب أوكرانيا، قائلًا: "إسبانيا تقف إلى جانبكم"، في تصريح حصد تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي.
زيلينسكي يعزز تحركاته الدبلوماسيةهذا والتقى زيلينسكي بميلوني، واصفًا الاجتماع بـ"المثمر"، حيث ناقش الزعيمان سبل وضع خطة سلام عادلة ودائمة لإنهاء الحرب. وقال زيلينسكي في منشور على موقع X إن "بوتين وحده من يريد استمرار الحرب"، مشددًا على أهمية تعزيز موقف أوكرانيا بالتعاون مع الحلفاء الأوروبيين والولايات المتحدة.
وبعد القمة، توجه زيلينسكي بمروحية إلى نورفولك في شرق إنجلترا، حيث كان من المقرر أن يلتقي بالملك تشارلز في منزله بساندرينجهام، في خطوة تؤكد على استمرار دعمه الدبلوماسي من المملكة المتحدة.
وفي سياق متصل، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التزام الاتحاد الأوروبي بدعم أوكرانيا وتعزيز الدفاع الأوروبي، مشيرة إلى ضرورة وضع "ضمانات أمنية قوية" تجعل أوكرانيا "حصنًا منيعًا" ضد أي تهديدات مستقبلية.
كما دعت إلى إعادة تسليح الاتحاد الأوروبي على وجه السرعة وزيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة التحديات الجيوسياسية الجديدة. وقالت إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى "طفرة" في الإنفاق العسكري تتناسب مع الوضع الأمني الحالي، مشددة على ضرورة أن يكون الاتحاد أكثر استعدادًا لمواجهة التهديدات المحتملة.
الناتو: على أوروبا تقديم المزيد من الدعموأكد الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، أن الدول الأوروبية بحاجة إلى زيادة مساهماتها لدعم أوكرانيا، مشيرًا إلى أن القارة تتحرك بالفعل نحو تعزيز قدراتها الدفاعية.
وأضاف روته: "نريد جميعًا اتفاق سلام، لكن يجب أن يستمر دعمنا العسكري"، مضيفًا أن تعزيز قوة الناتو يتطلب زيادة الاستثمار في الدفاع الأوروبي.
وفي أول تعليق أمريكي على القمة، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إنه سأل نظراءه الأوروبيين عن خطتهم لإنهاء الحرب، لكنه لم يسمع أي أفكار واضحة منهم.
وكان روبيو قد صرح بأن ترامب هو الوحيد القادر على إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وتعكس قمة لندن محاولة القادة الأوروبيين إعادة ضبط مسار العلاقات عبر الأطلسي، في ظل مخاوف متزايدة من تقارب أمريكي-روسي قد يؤثر على مستقبل أوكرانيا وأمن القارة الأوروبية، بينما تسعى العواصم الأوروبية إلى توحيد موقفها بشأن دعم كييف.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامب رئيس المفوضية الأوروبية السابق ليورونيوز: لاعضوية كاملة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي أوروبا على حافة الهاوية: الخلاف بين أمريكا وأوكرانيا يضع القارة العجوز في دائرة الضوء كير ستارمرروسياأوكرانياالولايات المتحدة الأمريكيةأوروبابريطانيا