محمد بن أنور البلوشي

علم الاقتصاد يمتلك القدرة على إلقاء الضوء على القضايا العالمية وحلولها، بشرط أن يصدق الناس ويفهموا أبعاده النظرية والعملية. هذا هو الاعتقاد الذي أتبناه. واحدة من أسئلتي الأولى تتمحور حول ما إذا كان مستقبل اقتصاد عمان يعتمد على الرأسماليين العمانيين.

من الحقائق العالمية أن كل دولة تواجه تحديات اقتصادية.

فما هي هذه المشاكل الاقتصادية؛ سواء على مستوى الاقتصاد الجزئي أو الكلي؟ في حين أن الحكومة العمانية تؤدي دورها بفاعلية، ماذا عن الرأسماليين العمانيين والأفراد الأثرياء؟

يتعلق علم الاقتصاد الجزئي بدراسة الخيارات التي يتخذها الأفراد والشركات وكيفية تفاعل هذه الخيارات وتأثرها بالحكومات. تتضمن أمثلة الأسئلة الاقتصادية الجزئية اتخاذ قرار بين تلفاز ثلاثي الأبعاد أو عادي، وتوقع تأثير تخفيض سعر جهاز "نينتندو وي" على المبيعات، وتقييم تأثير خفض معدل ضريبة الدخل على ساعات العمل، وتحليل تأثير زيادة ضريبة البنزين على تفضيل السيارات الهجينة أو الصغيرة، والتفكير في تأثير خدمات "بث الموسيقى" على تحميل الأغاني.

أما علم الاقتصاد الكلي، فيتعمق في الآثار الإجمالية على الاقتصاد الوطني والعالمي الناتجة عن الخيارات التي يتخذها الأفراد والشركات والحكومات. تتضمن الأسئلة على مستوى الاقتصاد الكلي النمو البطيء للإنتاج والوظائف في جميع أنحاء العالم أثناء جائحة كوفيد-19، تفاوت معدلات نمو الدخل في الصين والهند مقارنة ببقية الدول الآسيوية، ارتفاع معدلات البطالة في أوروبا وعدة دول آسيوية، وأسباب اقتراض الأمريكيين الكبير اليومي من بقية العالم.

طرح تساؤلات حول كمية إنتاج السلع يثير تساؤلات عما إذا كان الأفراد يمكنهم تحديد احتياجاتهم ورغباتهم بأنفسهم أم أن الرأسماليين يلعبون دورًا محوريًا في هذه الديناميكية. ما الذي يشكل احتياجات الفرد كمستهلك؟ هل يأخذ الرأسماليون في الاعتبار الاقتصاد ككل، أم أن اهتمامهم الأساسي يتركز على زيادة ثرواتهم الشخصية بشكل مستمر؟ وما هي العواقب التي قد يواجهها اقتصاد البلد إذا لم يوجه الرأسماليون تفكيرهم نحو الاتجاه الصحيح لصالحه؟

يقدم كتاب "أسس الاقتصاد الجزئي" حجة مقنعة تقول إن الإجابة على سؤال "لمن يتم إنتاج السلع والخدمات؟" تعتمد على الدخل الذي يكسبه الناس والأسعار التي يدفعونها مقابل السلع والخدمات التي يشترونها.

الاعتراف بوجود تفاوت كبير في الدخل عالميًا، كما يتضح من الفروقات بين الجنسين والمستويات التعليمية والقارات، يدفع إلى إدراك أن هذه مشاكل اقتصادية تحتاج إلى حل من قبل الاقتصاد نفسه.

 

فكيف يرى الرأسماليون هذه المشاكل الاقتصادية؟ وما هي الحلول التي قد يقدمونها؟ هذه أسئلة حيوية تستحق البحث والتفكير في إطار السعي نحو نظام اقتصادي متوازن ومنصف.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الضرائب والتنمية

 

 

 

خلفان الطوقي

 

ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو ما طُرِحَ في غرفة تجارة وصناعة عُمان في الأمسية الثالثة من أمسياتها الرمضانية والتي حملت عنوان "الضرائب وأثرها على التنمية"، والتي تطرق فيها المتحدثون لتاريخ الضرائب، وآثارها الإيجابية والسلبية، وأنواعها، وما يجعل الدول اللجوء إليها، وغيرها من النقاط التي تخص هذا الملف الدسم.

وبما أن هناك ضريبة جديدة تمَّ الانتهاء منها في مجلس عُمان بغرفتيه الشورى والدولة وهي "ضريبة الدخل على الأفراد"، والتي تم رفع الملاحظات والتوصيات والتعديلات من خلالهما، والتي لم يتم التطرق إليها في الأمسية بشكل مفصل لقلة المعلومات المتوفرة عنها لعامة الناس، وقد ارتأى المتحدثون عدم الخوض في اجتهادات وفرضيات في أمر دون توفر معلومات ومعطيات كافية.

بالرغم من ذلك، ما زال الحماس متوقدًا لدي للكتابة حول موضوع ضريبة الدخل على الأفراد، وأرى من المناسب أن الوقت ما زال يسمح بالمشاركة في رفع مقترحات ورؤى حول هذا الموضوع المعقد، ومن منطلق ضرورة المشاركة المجتمعية، والواجب الوطني للأفراد في تحمل المسؤولية، وتكملة للمقالات السابقة التي كتبتها حول هذا الملف على وجه الخصوص، والمقابلات الإذاعية والتلفزيونية العديدة، وفي هذا التوقيت الحساس، فإنني اقترح الآتي:

- دراسات الجدوى: ولأن الموضوع موضوع مصيري، فيمكن للحكومة التريث، وطلب دراسات جدوى مستقلة ومتخصصة وتفصيلية ومن جهات مختلفة، كغرفة تجارة وصناعة وعُمان، ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وهيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووزارة الاقتصاد، وجهاز الاستثمار العُماني، ووزارة التنمية، والأكاديمية السلطانية للإدارة، وجامعة السلطان قابوس، والجمعية الاقتصادية العُمانية، والأجهزة الأمنية، وأي جهة ذات علاقة بموضوع هذه الضريبة بشكل مباشر أو غير مباشر، والمبرر للدراسات التفصيلية ومن جهات مختلفة هو أن هذا الموضوع له أبعاد اجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية، وعواقبه قد تكون وخيمة إن لم يتم تفنيد انعكاساته بشكل تفصيلي ودقيق وعميق.

- إيجاد البدائل: بعد دراسات الجدوى المستقلة والمنوعة والتخصصية، وعدم الاكتفاء برأي أحادي، يمكن إيجاد بدائل أجدى للحكومة، خاصة إن دعمت هذه الدراسات وأثبتت أن أضرار هذه الضريبة أكثر بكثير من فوائدها، وبذلك يمكن للحكومة الإعلان عنها، وتعزيز الثقة بينها وبين المستهدفين من هذه الضريبة، خاصة من فئة الطبقة الوسطى في المجتمع، والتي تعتبر صمام الأمان لأي مجتمع.

- الإعلان البديل: بما أن مشروع قانون ضريبة الدخل على الأفراد في دورته التشريعية، فلا ضير في تعليقه إلى أجل غير مسمى، ووضعه في الأدراج، والإعلان عن بدائل أخرى أجدى، مثل تعزيز مبادرة الدفع الإلكتروني التي سوف تجلب أضعافًا مضاعفة من الإيرادات لخزينة الدولة، وتقوية منظومة ضريبة الدخل على الشركات، وضبط المُهدر من إيرادات عقود الإيجار السكنية والتجارية وغيرها، وخاصة في محافظات السلطنة المختلفة، وهذا الإعلان الحكومي سوف يعوض بأكثر من المستهدف من ضريبة الدخل على الأفراد هذا من ناحية، وسوف يجعل الحكومة أكثر تركيزا ونجاحا في مبادراتها المعلنة سابقًا، أضف إلى ذلك إزالة الانعكاسات الاجتماعية والنفسية عن كاهل الجميع من عامل ومتقاعد ومُقيم ومستثمر وزائر.

خلاصة هذه المقالة والمقالات السابقة التي كتبتها حول هذا الموضوع بعينه، هو عدم التركيز على جانب وحيد وهو الجانب المالي فقط، وإنما النظر واستحضار الجوانب الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية والنفسية، وعدم الاكتفاء بالنظر إلى الأثر المالي القصير والمحدود فقط، وإنما إعطاء هذا الموضوع المصيري حقه ومنحه الجدية والوقت والجهد والنظرة العميقة والشمولية والبعيدة المدى، وذلك بسبب حساسية هذا الموضوع، وهذه الضريبة على وجه الخصوص.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تفاصيل اجتماع للّجنة الخاصة بمتابعة تنفيذ مشروع طريق التنمية برئاسة السوداني
  • «الاقتصاد»: استدعاء 235 ألف سلعة ومنتج في 2024
  • الفنان مينا أبو الدهب لـ"البوابة نيوز": ولاد الشمس فجَّر موهبتي التمثيلية.. ونجاح شخصية "عبيد" قد يسهم في إعادة النظر للممثلين قصار القامة
  • النفط: ارتفاع أعداد المركبات التي تعمل بوقود الغاز ‏
  • خبراء: الضرائب أداة فعَّالة لتحقيق التنمية الاقتصادية وتمويل المشاريع الوطنية
  • مدبولي: مصر من أوائل الدول التي وقعت على أهداف التنمية المستدامة عام 2015
  • عبد الباقي لـ سانا: شملت الإجراءات إلغاء عقود مُبرمة بشكل غير قانوني وثبت تورطها في فساد مالي، إلى جانب تخفيض أسعار مواد من متعهدين استغلوا العقوبات الاقتصادية التي جلبها النظام البائد لسوريا، وتسبب بفرض أسعار مُبالغ فيها على الجهات الحكومية
  • الضرائب والتنمية
  • حين يُشعل الفشل شرارة الابتكار
  • المشاط غي مجلس الشيوخ: إعداد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية كل 3 سنوات بدءًا من العام المالي 2027/2026